منذ انطلاق ال"فيس بوك" عام 2007بات من أهم وأشهر الشبكات الاجتماعية كوسيلة للدفاع عن الحريات ونافذة للتعبير عن الرأي... تنبذ الكراهية وتحارب الفساد... كما أنه أصبح أداة الساسة، مثل الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لمخاطبة الشعوب وحشد الأصوات وتبادل وجهات النظر والاتجاهات والإعلان عن القرارات العاجلة... والآن لعب الموقع دوراً هاماً وساعد شباب الثورات العربية للإطاحة بأنظمتهم القمعية، ونجحت التظاهرات الشعبية في تونس ومصر وأسقطت النظام، إلا أنه يبقي ويحافظ علي غيرها من الحكومات التي ترتكب جرائم وحشية ضد الإنسانية مثلما دعم إسرائيل وسلب حق الفلسطينيين في مناهضة الكيان الصهيوني بإغلاقه لصفحة تدعو إلي "انتفاضة فلسطينية ثالثة". وكان الشباب الفلسطيني قد دعا إلي انتفاضة ثالثة ضد الاحتلال الإسرائيلي، في الضفة الغربية وقطاع غزة، تنطلق في 15مايو المقبل، متزامنة مع إحياء الفلسطينيين كل عام ذكري النكبة ال 63 من خلال صفحة أطلقوها علي الموقع في 6مارس الماضي، بعد أن حققت الانتفاضة التونسية والانتفاضة المصرية نجاحاً والانتفاضة الليبية حشدت الدعم الدولي بجانبها، فرأوا أن الوقت قد حان للانتفاضة الفلسطينية. فخطط الناشطون علي الموقع لتنظيم اللاجئين لمسيرات زحف من الخارج والداخل نحو فلسطين وأن تتجاوز الصفحة مليون مشترك، واقترحوا علي المنضمين إليهم، دعوة آخرين، وكتابة تاريخ الانتفاضة علي أوراق العملة النقدية. إلا أن القلق داهم إسرائيل هذه المرة خوفاً من هذه الدعوة لتصبح حقيقة وينتفض الفلسطينيون للمرة الثالثة، بعد الانتفاضة الأولي في ديسمبر عام 1987حتي اتفاقات الحكم الذاتي الفلسطيني التي وقعت في أوسلو عام 1993 واندلاع الانتفاضة الثانية في عام 2000 قبل أن تتوقف تدريجياً بعد خمس سنوات. لذا سارعت الحكومة الإسرائيلية وناقشت الدعوة الناجحة إلي إطلاق انتفاضة ثالثة بعدما وصل عدد مشتركيها إلي نحو 350 ألفا في أقل من شهر واحد. وبعث وزير الإعلام الإسرائيلي "يولي أدلشتاين"، برسالة احتجاجية إلي مؤسس "فيس بوك" مارك زوكربيرج، يحثه فيها علي غلق هذه الصفحة التي اتهمها بالتحريض علي العنف بقتل إسرائيليين ويهود وكذلك إلي تحرير القدسوفلسطين من خلال العنف. كما مارست مجموعات الضغط اليهودية ضغوطاً لغلق الصفحة. وبالفعل رضخت إدارة الموقع وحجبت الصفحة مرتين في غضون 4 أيام، حيث أغلقت الصفحة الأولي، بعدما وصل عدد مشتركيها إلي 350 ألفا في أقل من شهر واحد، وأغلقت الثانية بعدما وصل عدد مشتركيها إلي 30ألفا في ساعات. استجابة لضغوط إسرائيلية رغم عدم اعترافه بذلك. مما يعكس ثلاث حقائق، الأولي: أن نفوذ مجموعات الضغط اليهودية طال موقع التواصل الاجتماعي الشهير الفيس بوك وأرغمه علي الانحياز لصف إسرائيل في صراعها غير العادل مع الشعب الفلسطيني. كما أن الشبكة الاجتماعية تنكرت لمبادئها التي دعت إليها منذ انطلاقها. والحقيقة الأخيرة تجاهل إدارة الموقع لصفحات المستوطنات اليهودية التي تنضح بالكراهية لكل ما هو فلسطيني ولكل ما هو عربي. وقبل أن تغلق الصفحة كان هناك تضييق الخناق علي المشتركين فيها حتي أن مؤسسيها اتهموا إدارة الفيس بوك بالتلاعب في أعداد المشتركين بجانب صعوبة تحميل الصور. ولكن مؤسسي الصفحة لم يستسلموا لقرار الفيس بوك، وأنشئت صفحة جديدة بنفس العنوان، استقطبت إليها ما يقرب من 30ألفا في غضون ساعات فقط. ومن ناحية أخري، قال المتحدث باسم الموقع أندرو نويس إن الشبكة مازالت علي اقتناع بحق الأعضاء في التعبير عن آرائهم.. ولا يمكن إزالة تعليقات تتحدث ضد دول أو كيانات سياسية أو أفكار. ولكنه في الوقت ذاته أكد أن الفيس بوك سيزيل أي صفحات تدعو مباشرة للعنف أو الكراهية، مشيرا إلي أن صفحة الانتفاضة الثالثة كانت في أول الأمر احتجاجا سلميا، بالرغم من استخدامها كلمة "انتفاضة" التي توحي بالعنف، إلا أن بعد اتساع شهرة الصفحة، أخذت بعض الدعوات والتعليقات طريقها إلي الصفحة، التي تحرض علي العنف، ولهذا حجبت وليس استجابة كما يبدو للطلب والضغوط الإسرائيلية. وبالرغم من غلق الصفحة إلا أن "لاري كلايمان" وهو محام يهودي أمريكي قام برفع دعوي قضائية في الولاياتالمتحدة، ضد الشبكة الاجتماعية فيس بوك، مطالبا بتعويض مالي مقداره مليار دولار، يتهم فيها إدارة الموقع بالإهمال والتأخر في التعامل مع "صفحة الانتفاضة الفلسطينية الثالثة"، التي لم يغلقها الموقع إلا يوم الخميس الماضي، وبعد تدخل من الحكومة الإسرائيلية. ويري كلايمان محام وناشط مقرب من حزب الشاي الأمريكي أن القضية التي رفعها ضد فيس بوك لإنه كيهودي شعر بأنه مهدد بهذه الدعوة إلي قتل يهود عبر صفحات منشورة علي موقع التواصل الاجتماعي الذي رفض الموقع في البداية إغلاقها. وطالب كلايمان أيضا العدالة بمنع فيس بوك من نشر صفحات مماثلة لصفحة "الانتفاضة الثالثة" في المستقبل.