[email protected] بين الحلم والواقع مسافة عليها يتوقف قدر مانعاني منه من ألم. وما أبعد المسافة التي فصلت حلمي عن واقعي . هي أقرب لتلك التي تفصل السماء عن الأرض. لم يكن حلمي مبالغا فيه . علي العكس كان بسيطا ويبدو ساذجا مقارنة بأحلام من هم مثلي في ذلك الوقت . في العشرينات كنت عندما نسجت أول خيوطه. كان أبرز مافيه صورة لقلب كبير يسعني ويحتويني ويحتضن آمالي. لم يكن يهمني تطلعات مادية شغلت حيزا كبيرا من أحلام صديقاتي . حلمن بشقق فخمة وعربات علي أحدث طراز ورحلات يجبن خلالها العالم. تزوجت من رجل أحببته ولم تحل ظروفه الصعبة واعتراضات أهلي في البداية عليه دون إتمام زواجنا . رضيت بحياة متواضعة لكن زوجي فضل السفر والبعاد أملا في تحسين أحوالنا المادية. كرهت سنوات الهجرة والبعاد التي حالت بيننا وباعدت بيني وبين حلمي في الحياة المستقرة مع زوج أشعر بالأمان معه. بعد عامين من تلك العذابات تمكن زوجي من تدبير أموره وسافرت للحياة معه وقتها شعرت أنني علي وشك تحقيق الحلم . لم أكن أعلم أنها أضغاث أحلام . أعوام مرت علي غربتي يزداد فيها حنيني لبلدي. كانت رغبتي في الرجوع إلي بلدي تزداد خاصة بعدما شعرت بأن أشياء كثيرة تبعدني عن زوجي الذي كان يقضي ساعات طويلة في عمله . زادت المسافات بيننا وهومادفعني للهروب من حياتي واللجوء إلي العالم الافتراضي كما يطلقون عليه . ساعات أقضيها في غرف الدردشة أنسج بخيالي حياتي التي كنت أريدها لا التي أحياها . أشعر أن حياتي مع زوجي تنهار بينما تتوثق علاقتي مع الرجل الذي تعرفت عليه من خلال الشات لاأدري أي مصير تقودني إليه تلك العلاقة التي لاأستطيع أن أمنع نفسي من الإستمرار فيها والتي أصبحت كالرئة الي أستمد منها الهواء الذي بدونه تكون نهايتي .لكني أشعر بتأنيب الضمير ولاأعرف نهاية لتلك الحيرة التي أنا عليها ؟ لصاحبة هذه الرسالة أقول : أحيانا يكون الهواء الذي نتنفسه ملوثا فاسدا والعاقل وقتها من يحجب أنفاسه حتي تنتهي هبة الهواء التي فيها ضرر أكثر مافيها من حياة . لاأستطيع أن ألومك علي الحلم فمن حق كل منا أن يحلم لكن عليه أيضا أن يسعي لتحقيقه لويحوله لواقع لاخيالا يأسره بأوهامه. للأسف أشعر أنك أصبحت أسيرة لوهم وليس حلما . رسمت حياة خيالية وعشت فيها فزادت الهوة بينك وبين واقعك . لم تبذلي جهدا للحفاظ علي مشاعر الحب التي ربطتك بزوجك وهربت لعالم افتراضي كان أسهل وأعذب في وهمه. فما أسهل الكلمات المنمقة والصور المفتعلة والحكايات المختلقة التي يستطيع أي منا نسجها حول نفسه ليبهر بها الآخر خاصة اذا كانت العلاقة محمية بذلك الحاجز الذي يمنع الاستغراق في تفاصيل الحياة فيكشف معالم البشر الحقيقية وللأسف بهرك الزيف ولهثت وراء الوهم ولم تحاولي بذل أي جهد في التأقلم مع حياتك الحقيقية . ولم تحاولي حتي مواجهة مشاكلك بصدق وصراحة لتتغلبي عليها. لم تحاولي تغيير واقعك لكنك استسلمت لوهم الحلم . فضلت كيل الإتهامات إلي زوجك وشكوت من إهماله ولم تسألي نفسك ماذا فعلت لجذب اهتمامه . تتهمينه باللهاث وراء الأرقام ولم تسألي نفسك لماذا يفعل كل ذلك أليس هناك احتمال أنه يفعل ذلك لتوفير حياة أفضل لك وإذا لم يكن الأمر كذلك لماذا لم تواجهيه لماذا استسلمت لتغيرات هددت حياتك. أشعر أنك استمرأت الشكوي وغرك بريق الحلم الزائف فوقعت في المحظور . عليك أن تعيدي حساباتك وتقييمك لحياتك وتكوني أكثر حسما في مواجهة مشاكلك وبشكل أكثر واقعية. فإذا ما تبين لك أن حياتك مع زوجك وصلت إلي طريق مسدود فعليك بالانفصال. فأنصاف الحلول في مثل حالتك مرفوضة لأنها ستقود حتما إلي الخيانة وما أبشعها من نهاية. تردد لكل منا نقطة ضعف يغفلها البعض ويتجاهلها آخرون ويتأقلم معها ثالث . ومشكلتي أنني مدركة لنقطة ضعفي منذ صغري ومع ذلك لاأستطيع التكيف معها أو التغلب عليها إلا أن كل مامر بحياتي لايقارن بتلك المعاناة التي أعيشها الآن. فقد خطبت لشاب بعد أن تعرفت عليه بشكل تقليدي. وافقت بعدما شعرت بميل وقبول وعدم نفور منه لكني الآن مترددة وحائرة أحيانا أشعر برغبة في الانفصال عنه وأعترف أن هذا الشعور سببه صديقاتي. بعضهن يمتدحن خطيبي مما يجعلني أشعر برغبة في الإستمرار معه ثم تأتي أخريات ويبدين تحفظات عليه لاأعرف إلي أي الرأيين أميل ؟ لصاحبة هذه الرسالة اقول : هي بالفعل مشكلة معقدة وصعوبتها لاتكمن في الاختيار وإنما في تلك الحالة المرضية من التردد التي وصلت إليها وأعتقد أن طريقة تربيتك لعبت دورا كبيرا في وصولك لهذه الحالة . كان لزاما علي والدتك التنبه لها ومعالجتها بتدريبك علي حسم موقفك بداية من اختيارك لأشيائك البسيطة . عموما علاج ذلك ليس بالأمر المستحيل فقط الأمر يحتاج منك للتدريب علي مواجهة النفس وتعويدها علي اتخاذ قرار. عملية قد تبدو في نظرك صعبة لأنك لم تتعودي عليها . لكن مع الوقت لن يكون الأمر صعبا . وعليك أن تبدئي من الآن حاولي الابتعاد عن صديقاتك وامنحي نفسك فرصة ووقتا للتفكير وتقييم علاقتك بخطيبك ومواجهة نفسك بصراحة لتحديد شعورك الحقيقي نحوه. دربي نفسك علي الحسم واتركي لها حرية الاختيار وتحرري من قيودك وخوفك وتحملي نتائج اختياراتك بدون أي ندم. كوني أكثر ثقة في نفسك لتزداد قدرتك علي مواجهة الحياة.