متى تصل السلع المدعومة إلى مستحقيها؟! "الدعم" كلمة ترسم في أذهاننا صورة للمواطن البسيط الواقف في طابور طويل للحصول علي رغيف خبز أو سلعة تموينية، أو أسطوانة بوتاجاز.. إلخ، هذا هو واقع حياة المواطن المصري المستحق للدعم، وفي المقابل مازالت تتمتع بمعظم مخصصات الدعم الفئات العليا من الطبقة المتوسطة والأثرياء، لأنهم الأكثر استهلاكا للوقود والكهرباء. تتنوع صور الخدمات التي تدعمها الحكومة، ومنها السلع الغذائية التي تُصرف علي بطاقات التموين التي وصلت لنحو 20 مليون بطاقة مقيد بها 67 مليون مواطن يترددون علي 1600 مكتب تموين علي مستوي الجمهورية لصرف مستحقاتهم من السلع والخبز، حيث يحصل كل فرد علي 2 كيلو سكر و2 كيلو أرز و2/1 لتر زيت و150 رغيفاً شهريا بسعر خمسة قروش للرغيف. الغريب أن الواقع يؤكد أن السلع الغذائية التي تُصرف علي بطاقات التموين يستفيد منها المستحقون للدعم وأيضا غير المستحقين، فهناك آلاف بل ملايين المواطنين لا يستحقون الدعم، لكنهم يحصلون عليه لامتلاكهم بطاقات تموينية، إضافة إلي وجود مواطنين متوفين مقيدين ببطاقات تموين تصرف لهم مقررات تموينية، وهؤلاء يصل عددهم – بحسب الخبراء - إلي نحو 300 ألف مواطن متوفي، فضلا عن تلاعب بعض الأسر في تكرار الحصول علي السلع مرتين. في المقابل يوجد الملايين من المواطنين يستحقون دعم السلع التموينية، لكنهم محرومون من هذه السلع لعدم امتلاكهم بطاقات تموين أو أنهم غير مقيدين بهذه البطاقات، ويوجد نحو 12 مليون طفل خارج البطاقة التموينية يحتاجون إلي إضافة، وتكلف بطاقات التموين الدولة نحو 38 مليار جنيه سنويا، يستفيد منها الأغنياء أكثر من الفقراء ومحدودي الدخل، فبحسب بعض الخبراء فإن تنقية البطاقات من الأعداد الزائدة يوفر للدولة مليارات الجنيهات، ما يتطلب إعادة النظر في طرق وأساليب الدعم. ووفقا لبعض المواطنين الذين التقينا بهم توجد بعض المشاكل تتمثل في تعديل البيانات الخاصة بالبطاقة الذكية، بإضافة أحد الأفراد أو شراء الخبز المدعم أو المشكلة الخاصة بإصدار بطاقة ذكية بدل تالف أو مشاكل أخري. محمد سيد، موظف بسيط مقيم في منشأة ناصر، قال إن الفقير لا مكان له في هذا البلد، فأنا منذ سنة أتردد علي مكتب التموين لإصدار بطاقة جديدة بدل تالف ولا أسمع من الموظفين إلا عبارة "فوت علينا بكرة" رافضين إعطائي أي تفاصيل عن موعد إصدار البطاقة. فيما تقول آمال محمد، من منطقة "باب الشعرية": هناك موظفون يبيعون بطاقات تموين الفقراء للمخابز الخاصة والتجار للاستفادة بالسلع المدعمة، وعندما سألناها عن سبب عدم إبلاغها عن الواقعة والتقدم بعمل محضر، قالت إنها ذهبت إلي إدارة التفتيش بوزارة الداخلية ووزارة التموين إلا أنه لم يستجب أحد للشكوي. أما نبيل سيد، فيقول: حاولت أن أضيف فردا من الأسرة للبطاقة بعد استكمالي جميع الأوراق المطلوبة، إلا أنني فوجئت بالموظف يقول لي إن الأوراق ضاعت وعليك إعادة الأوراق والإجراءات مرة ثانية وبالفعل عملت ورقا وإجراءات، لكنني حتي الآن لم أحصل علي البطاقة. بينما يقول فتحي السويفي، إن منظومة البطاقة التموينية تحتاج الي مراجعة وتدقيق في البيانات، فعلي سبيل المثال بطاقة لأسرة مكونة من 6 أفراد خرج منها بعض الأفراد سواء بسبب الاستقلال عن الأسرة واستخراج بطاقة تموينية خاصة بهم أو بسبب الوفاة، فالمفروض يتم إسقاطهم من البطاقة، لكننا نلاحظ أن صاحب البطاقة يقوم بصرف مستحقات ال 6 افراد دون قيامه بحذف من استقل أو تُوفي لذلك يجب تنقية البطاقات ومراجعتها، مضيفاً: هناك فئات لا تستحق دعم السلع التموينية ولكنها تصرف هذا الدعم، فعلي الحكومة معرفة من يستحق ومن لا يستحق الحصول علي الدعم. ويقول وليد الشيخ رئيس نقابة البقالين قامت النقابة بإرسال مذكرة في صورة مبادرة إلي وزير التموين بتسوية العدالة الاجتماعية وصرف المقررات التموينية للمواطنين علي النحوالتالي بالنسبة للمواطن الموظف الذي يحصل علي راتب يزيد علي ال "2000" جنية يحصل علي دعم في حدود "10 "جنيهات لكل فرد بدلامن ال"15" جنيها، أما من يحصل علي راتب يقل عن ال "2000 " جنية فيحصل علي دعم يبلغ" 20" جنيها لكل فرد، لافتا إلي وجود تلاعب ببطاقات التموين وتكرار للصرف حيث نلاحظ وجود أفراد يقومون بصرف السلع التموينية مرتين بدلا من مرة واحدة، وهذا الخطا ناتج عن عدم قيام شركة البطاقة الذكية بعمل مراجعة لقاعدة بيانات للمواطنين المقيدين بالبطاقة فيما يتعلق بالحذف أوالإضافة. يتابع: قمنا كنقابة بطرح مبادرة نطالب فيها المواطن القادر غير المستحق للسلع التموينية بتسليم بطاقته لأقرب مكتب تموين تابع له وفي حالة عدم تسليمه البطاقة يطبق علية القانون، مشيرا إلي ضرورة العمل علي تحقيق العدالة الاجتماعية في التوزيع بأن يتم الغاء الشوائب غير المستحقة لدعم السلع التموينية كالمتوفي والمسافر خارج البلاد. يضيف: يوجد 12 مليون مولود يحتاجون إضافتهم علي بطاقات التموين، وقد قامت الحكومة مؤخرا بإضافة 2 مليون مولود منهم للبطاقة وال10 ملايين الباقون لم يتم إضافتهم حتي الآن وفي انتظار قيدهم ببطاقة التموين، فضلا عن وجود ناس تستحق دعم السلع التموينية لكنها لاتمتلك بطاقة تموين. ويشير وليد الشيخ إلي وجود بعض المشاكل التي تحتاج إلي حلول ومنها ضبط قاعدة البيانات وهذا الأمر سهل عن طريق الرقم القومي يتم التحكم في البيانات إضافة إلي الرقابة علي شركة البطاقات الذكية، وهذه كارثة فالشركة لا توجد رقابة عليها لأنها تابعة لوزارة التنمية الإدارية والمفترض أن تنتقل تبعيتها لوزارة التموين، مطالبا بعمل معدّل إنفاق يشمل التعليم والصحة والمواد الغذائية. ويقول ماجد نادي المتحدث الرسمي باسم العاملين التموينيين إن من يقومون بصرف السلع التموينية بغير وجه حق كثيرون، فقد حصل تلاعب ببطاقة التموين، وقد رأيت منذ فترة - عندما أسند لهيئة البريد مسئولية الإضافة والخصم فيما يتعلق بالبطاقة - قيام موظف البريد بالحصول علي رشوة نظير إضافة أفراد جدد علي كل بطاقة تموينية، لذلك أري أن البطاقات التموينية تحتاج إلي مراجعة حقيقية وأن تكون البيانات الخاصة بالأسرة ببطاقة التموين صحيحة حتي لا يحدث تلاعب. يتابع: يجب أن تقوم مصلحة الأحوال المدنية بحذف الأفراد المتوفين والأفراد المسافرين للخارج من بطاقات التموين، وأن تكون هناك مراجعة شاملة للبيانات في كل بطاقة، فهناك من يحصل علي سلع تموينية غيرمستحق لها كالمقاولين وغيرهم، حيث نلاحظ مقاولا كبيرا صاحب عقارات يمتلك بطاقة ويصرف سلعا تموينية، ومن هنا يجب الرجوع إلي استهلاك هذا الشخص للكهرباء والمياه والغاز لمعرفة من يقوم بدفعه من فواتيركل شهر، فإذا وُجِد أن إجمالي الفواتير مثلا في حدود ال "1400 "جنيه في الشهر فهذا الشخص لايستحق بطاقة تموين، لذلك يجب عمل مراجعة للبطاقات التموينية من جديد، مشيرا إلي أن شركة البطاقة التموينية غيرمؤهلة لإدارة منظومة البطاقة، مطالبا بإسناد الشركة للقوات المسلحة لإدارتها بطريقة صحيحة وعمل نظام جديد للبطاقة التموينية. مصدر بشركة البطاقات الذكية أكد أن هناك معاناة للمواطنين وأن شكاواهم لاتنتهي منذ العمل بالبطاقة الذكية، لافتا إلي وجود سرقة للسلعة التموينية من مكاتب التموين، وهناك اتفاق بين البعض من الموظفين مع التجار وأصحاب المخابز الخاصة علي بيع البطاقات التموينية للمواطنين نظير مبلغ من المال. أما محمود دياب المتحدث الرسمي باسم وزارة التموين والتجارة الداخلية فأكد ل "آخرساعة" أن الوزارة تعاقدت مع ثلاث شركات من بينها شركات تابعه لوزارة الإنتاح الحربي ووزارة التنمية الإدارية لاستخراج البطاقات الذكية ولتطوير المنظومة التموينية وخلال شهرين سيتم استخراح كافة البطاقات وتحويلها من ورقي إلي ذكي. يضيف: يجري حاليا حذف ثلاث فئات، حيث يتم حذف المتوفين وأيضا المكررين الأكثر من البطاقة كل 3 شهور، إضافة إلي المهاجرين للخارح، لافتا إلي عمل قاعدة بيانات جديدة للبطاقات بالتعاون مع مصلحة الأحوال المدنية وكافة الوزارات المعنية ويوضح دياب أن وزارة التموين فتحت الباب لإضافة مواليد جدد من 2006 إلي 2013 حيث سيتم إضافة 7 ملايين مولود، تم حتي الآن مراجعة ل 3 ملايين و800 ألف يقومون بصرف مستحقاتهم التموينية والباقي يتم مراجعتهم وسيصرفون مستحقاتهم التموينية قريبا، مشيرا إلي أن عدد البطاقات التموينية وصل حاليا إلي 20 مليون بطاقة يستفيد منها 80 مليون مواطن.