رغم مرور ما يقرب من قرن علي اكتشاف العالم الأثري، هوارد كارتر، مقبرة توت عنخ أمون، إلا أن حالة الغموض في رحلة البحث وراء الحضارة المصرية القديمة، مازالت تُشكل مادة خصبة لعلماء المصريات الأجانب.. مؤخراً، ظهر البريطاني نيكولاس ريفز، بدراسته التي تؤكد وجود مومياء نفرتيتي داخل مقبرة توت عنخ أمون، ما دفع وزارة الآثار إلي دعوة الرجل للوقوف علي تفاصيل دراسته ومناقشته حول الأسباب التي دفعته لإعلان هذه التصريحات. ورئيس قطاع الآثار: كلامه منطقي .. وعلماء مصريون ناقشوه الصباحي: ليسوا علماء وإنما موظفون الغريب، أن ممدوح الدماطي وزير الآثار، اعتنق وآمن بنظرية ريفز في اعتقاده وجود حجرات إضافية ربما تحوي مقبرة خاصة بإحدي سيدات القصر الملكي، ليبقي السؤال لماذا اعتنق الوزير نظرية ريفز دون سند علمي لها؟، ومن هم العلماء المصريون الذين ناقشوا ريفز حول نظريته؟. الدماطي، قال: إن ما تقدم به العالم البريطاني من أدلة وبراهين اعتمد عليها في الخروج بنظريته الأثرية الجديدة قد يؤدي بنا إلي كشف أثري ضخم يضاهي في أهميته الكشف عن مقبرة الملك توت عنخ آمون ذاتها، ما يجعل من هذا الفرعون الصغير رجل القرنين العشرين والحادي والعشرين، حيث باح بسر مقبرته للعالم البريطاني "هيوارد كارتر" في القرن العشرين ليعود ويبوح بالمزيد من أسراره في القرن الحادي والعشرين، جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الآثار في الهيئة العامة للاستعلامات - بدلا من أن يستغل الحدث ليعقده في وادي الملوك بالأقصر لدعم السياحة - بحضور عالم الآثار البريطاني نيكولاس ريفز، والسفير صلاح عبدالصادق رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، وعدد من علماء وخبراء الآثار المصرية، وسط تغطية إعلامية محلية وعالمية واسعة النطاق. وأشار الوزير إلي أنه يتفق مع العالم ريفز في اعتقاده بوجود حجرات إضافية ربما تحوي مقبرة خاصة بإحدي سيدات القصر الملكي قد تكون "كيا" أم الملك "توت عنخ آمون" أو "مريت آتون" زوجة "سمنخ كارع" أخو الملك "إخناتون" وخليفته علي العرش. كما أعرب الوزير عن تمنياته أن يكشف الجدار الخلفي لمقبرة الملك "توت عنخ آمون" عن مقبرة جميلة الجميلات، الملكة" نفرتيتي" كما هو متوقع من العالم ريفز، مؤكداً أن وزارة الآثار تتعامل مع ما قدمه ريفز من دلائل بجدية تامة وتعمل علي اتخاذ خطوات واسعة لسرعة إنجاز هذه المهمة، لافتاً إلي أنه سيتم عرض هذا الملف في أولي جلسات اللجنة الدائمة للآثار المصرية القادمة. وأضاف الوزير أنه من المتوقع أن تستغرق الإجراءات المطلوبة لبدء العمل الفعلي داخل المقبرة من شهر إلي ثلاثة أشهر، متمنياً أن يبدأ العمل خلال شهر نوفمبر وهو الشهر الذي تم الكشف خلاله عن مقبرة الملك الفرعون الذهبي "توت عنخ آمون" عام 2291. كما أكد الوزير، أنه سيتم دراسة أنسب التقنيات والآليات المتاحة لإجراء الأعمال الاختبارية داخل المقبرة دون المساس بالمقبرة للتأكد مما إذا كانت المقبرة لا تزال تحوي المزيد من غرف الدفن الإضافية، ثم يبدأ العمل علي اختيار أنسب الآليات المتاحة للوصول الي هذه الغرف إن وجدت. من جانبه، استعرض العالم البريطاني نيكولاس ريفز، تفاصيل نظريته الأثرية وما اعتمد عليه من أدلة وبراهين علي الحضور، مؤكدا أنه لولا اهتمام وزارة الآثار المصرية لما كان يقف علي أرض مصر اليوم ليستعرض ما عمل عليه من أبحاث ودراسات علي مدار 18 شهراً، مشيراً إلي أنه قد عرض بحثه الذي يحمل عنوان "دفنة نفرتيتي" علي مجموعة من العلماء والمتخصصين الذين لم يبدوا أي معارضة علي ما يتضمنه البحث. وجاء من بين ما استعرضه ريفز، من أدلة وجود ثقب بأذن القناع الذهبي للملك "توت عنخ آمون" الشهير والموجود بالمتحف المصري بالتحرير وهو ملمح غير معهود لملوك الفراعنة بل كان مخصصاً للنساء دون غيرهم، الأمر الذي يدفعه للاعتقاد بأن القناع يخص الملكة "نفرتيتي"، إضافة إلي امتلاك نفرتيتي 80٪ من الأثاث الجنائزي لمقبرة الملك توت، لافتاً إلي أنه كان من المعتقد أن تكون نفرتيتي قد توفيت قبل الملك إخناتون، حيث دفنت بتل العمارنة، لكن يبدو أن هذا الاعتقاد غير سليم حيث يعتقد ريفز أنها اختفت من السجلات ليس بسبب الوفاة وإنما نظرا لأنها غيرت اسمها لتكون حاكما ثانويا بجوار زوجها إخناتون. أضاف ريفز، إن مقبرة توت عنخ أمون اعدت في الأساس لتكون مقبرة لنفرتيتي نفسها ثم تغيرت الخطة خاصة بعد الوفاة غير المتوقعة للملك توت عنخ آمون حيث أعيد تهيئة الأجزاء الخارجية لمقبرتها حتي يتم استخدامها كمقبرة للملك توت عنخ آمون، لافتا إلي أن كافة الدلائل تدفعه إلي الاعتقاد في أن دفنة نفرتيتي تقع خلف الجدار الشمالي لحجرة دفن الملك توت عنخ أمون. في المقابل، اعترض كثير من الأثريين علي نظرية ريفز، وقالوا إنه شطح بأفكار لا تمت لعلم الآثار بصلة وتثبت أننا نتعامل مع نظريات وهمية، فهو يقول إن آثار الملك توت هي لنفرتيتي بل وصل به الأمر بقوله إن القناع لنفرتيتي وليس لتوت، مؤكدين أن هذا الكلام غريب، ويقوله في حضور أثريين بمن فيهم وزير الآثار، ولم يتكلم أحد أو يواجهه، وكأن كلامه موثق بأدلة. وقال خبراء الآثار، إن العالم البريطاني يقول إن معظم آثار الملك توت كانت لنفرتيتي، وهذا غير طبيعي وغير منطقي فمعظم القطع مكتوب عليها الملك توت حتي اللعب الخاصة به واضحة جدا أنها لملك كذلك التماثيل الصغيرة التي تناسب صبياً وكرسي العرش الذي يمثل الملك مع زوجته، ولا يوجد في المقبرة سوي بعض الآثار التي لا تخص الملك مثل تابوت صغير للملكة تي جدة الملك توت الذي يحتوي علي جزء من شعرها، وكذلك توابيت أبناء الملك توت، وبعض القطع للملك أمنحتب الثالث جد الملك توت فكل آثار المقبرة تخص الملك ولا يوجد أي إشارة للملكة نفرتيتي فكان علي الأقل سيتم العثور علي أحد التماثيل بشكلها المعروف، كما هو معروض في متحف برلين، وكذلك القناع يقول إنه ليس للملك توت لأن به ثقبا في الأذن، ولم يصل إلينا أي أقنعة ذهبية مثل قناع الملك توت لملوك الأسرة 18 فكيف نتأكد من ذلك. كما أشار العلماء، إلي أنه لا يوجد بديل مماثل لقناع الملك توت حتي نحكم ونقارن، كما أن شكل القناع نفسة مثل شكل التماثيل الخاصة بالتابوت، وليس مثل شكل تماثيل نفرتيتي، مؤكدين أن كل ذلك جاء من شخص غير موثوق به خصوصا لتاريخه السابق فقد ادعي قبل ذلك وجود 9 مقابر في وادي الملوك في سنة 2000 وقامت وزارة الآثار بعمل حفائر ولم تجد شيئا. الدكتور زاهي حواس، خرج عن صمته وصرخ مُحذراً من العبث في مقبرة توت عنخ آمون، وقال ل"آخرساعة"، أنا أتحدث للمصلحة العامة وأنا كتبت وقلت إن نظرية ريفز ليست حقيقية هناك ناس كثيرون تحدثوا عن خرافات وهذه ليست أول مرة. ريفز غاوي شهرة، وبيضحك علينا لعدة أسباب أبرزها أنه يؤكد وجود مقبرة من خلال مشاهدة فيلم ثري دي لمقبرة توت عنخ أمون ومعروف أن الصور المجسمة تظهر خيالات لأي شخص، أيضا هوارد كارتر قام بعمل خمس فتحات وكان يوجد خلف الفتحات الطوب السحري فأزال البلاستر من عليها حتي يري ما وراءها لكنه اكتشف حيطة خلفها. توت عنخ أمون لا يمكن أن يسمح بأن تدفن نفرتيتي هناك لأن عبدة أمون لن يسمحوا بذلك لأنها تتبع الإله خاتون، وأيضا لا يمكن لتوت عنخ أمون أن يدفن في مقبرة زوجة أبيه، أما قصة أن تكون هناك مقبرة داخل مقبرة فهذا ليس من طراز الأسرة ال18 بل يوجد في الأسرة ال19 والعشرين. "ولماذا أتي ريفز بالرادار الياباني معه؟، ومن سمح له بذلك؟، ولماذا جاء بالتليفزيون الياباني معه فقط؟"، وتمني زاهي من ممدوح الدماطي وزير الآثار أن ينظر لمصلحة مصر. محمود عفيفي رئيس قطاع الآثار المصرية، قال إنه من الممكن أن يكون كلامه منطقيا وهي فكرة تحتمل النجاح ولن نمس المقبرة، أبلغنا كل المعاهد العلمية سواء الفرنسية والألمانية والبولندية لحضور المناقشة مع العالم البريطاني ريفز. وقال "العلماء المصريون الذين قابلوا العالم البريطاني، هم الوزير، والدكتور محمد صالح، والدكتور خالد عناني، وأنا بصفتي المسئول عن الآثار المصرية، وهم ناس يفهمون جيدا في الآثار". الدكتور عبدالفتاح الصباحي، أستاذ التاريخ المصري القديم، قال "أشك في كلام هذا الرجل، وهو كلام هزلي واستهلاك للوقت، يمثل كارثة خطيرة جداً إذا تم العبث بمقبرة توت عنخ أمون، وريفز لا يفهم في علم المصريات المفروض يجيب علي أسئلتنا ما مصادره العلمية، وما هي شهادته العلمية الحاصل عليها؟". وعن وجود علماء مصريات مصريين كانوا يرافقون ريفز، داخل مقبرة توت عنخ أمون، منهم الدكتور أحمد صالح، ومحمود عفيفي رئيس قطاع الآثار المصرية، ومصطفي الوزير، رد غاضباً "أنا لا أعترف بهؤلاء علماء مصريات فهم مجرد موظفين في وزارة الآثار". نظرة سريعة لتاريخ ريفز هذا الأثري لنعلم مع من نتعامل هو أثري أمريكي عمل من قبل موسما واحدا فقط بوادي الملوك وتم إيقاف بعثته بعد ذلك، ومعروف عنه إثارة مثل هذا النوع من الأخبار، فقد قام بنشر أعمال مسح راداري قام به عام 2000 بوادي الملوك في المنطقة الممتدة منKV.55 وحتي KV.63، ومقبرة توت عنخ آمون وحتي استراحة الزوار، مستخدما جهاز مسح راداري 400 ميجا هرتز custom built 400 MHZ system، ونشر النتائج علي الموقع الإلكتروني الخاص به مدعما بخريطة مُوقع عليها بعض النقاط الهامة التي يجزم أنها تشير إلي وجود مداخل مقابر في تلك النقاط، التي وصل عددها إلي تسع نقاط.ادعي نيكولاس أن كل نقطة منها تشير إلي مقبرة، ثم قام باختيار إحدي هذه النقاط وادعي انها مقبرة أعطاها رقم KV.64 في المنطقة الملاصقة مباشرة لسور مقبرة توت عنخ أمون من الناحية الجنوبية الغربية أمام مدخل مقبرة رمسيس السادس، وقد اعتمد في هذا علي نتائج المسح الراداري سابقة الذكر، وقد قامت وزارة الآثار بالرد عمليا علي تلك المزاعم من خلال حفائر الوزارة في منطقة وادي الملوك التي كانت برئاسة زاهي حواس حينها وتحت إشراف عفيفي رحيم غنيم مدير عام بوزارة الآثار وتم عمل حفائر في كامل مساحة المنطقة التي ادعي أنها تحتوي علي تسع مقابر، وأثبتت الحفائر كذب هذا الادعاء، حيث إن الإشارات التي وردت في تقريره اتضح أنها عبارة عن بقايا أكواخ عمال قديمة وبعض الشروخ الصخرية التي أشار إليها الجهاز علي أنها مقابر. أما عن إعلانه عن مقبرة نفرتيتي داخل توت بناء فقد تم بطريقة غير علمية من أثري غير متخصص في المسح الجيوفيزيقي فتاريخ هذا الرجل مع اهتمام وزير الآثار به يثير ألف علامة استفهام؟.