أشهر من الانتخابات التمهيدية لانتخابات الرئاسة الأمريكية، بدأ السباق نحو البيت الأبيض لخلافة الرئيس باراك أوباما. حتي الآن ظهر من الحزب الديموقراطي هيلاري كلينتون التي تطرح نفسها بقوة، وجو بايدن نائب الرئيس الذي يحظي ترشيحه بتأييد أوباما نفسه، ومن الحزب الجمهوري المثير للجدل دونالد ترامب ومنافسه الشرس بن كاريسون، وجيب بوش، وسكوت والكر، وأخيرا ماركو روبيو. رئيس أمريكا القادم: لاأعرق شيئاً عن حماس وحزب الله وداعش والنصرة چيب بوش ارتكب حماقة الدفاع عن أخيه دونالد ترامب هو الظاهرة التي تلفت نظر كل وسائل الإعلام في تلك المرحلة من الماراثون الرئاسي، إذ إن إعلان الرجل، في السادس عشر من يونيو الماضي، عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية، كان مثيرا لكل أنواع السخرية علي مواقع التواصل الاجتماعي وعلي شاشات التلفاز، ولم يكن أي من المرشحين يعبأ بهذا الخمسيني الذي يتمتع بصحة هائلة تجعله يعمل 02 ساعة يوميا بحسب تأكيدات الصحف الأمريكية. ويبدو أن الصعود الصاروخي لشعبية ترامب في استطلاعات الرأي، (هو الأول في كل الاستطلاعات ويليه بن كاريسون)، ونسب المشاهدة العالية لأي برنامج يشارك فيه، يرجع إلي ما يقدمه أمام الكاميرات من حركات بهلوانية، فضلا عن أنه يتجاهل الحقائق ويلجأ لخطب بعيدة كل البعد عن الواقع السياسي. غير أن المناظرة التلفزيونية الثانية، التي أجريت في إطار انتخابات تمهيدية، للفوز ببطاقة الترشح عن الحزب الجمهوري، أظهرت ذلك الملياردير إمبراطور العقارات، في وضع حرج، حيث كان هناك ما يشبه الاتفاق بين المرشحين الآخرين علي تركيز هجماتهم عليه، وجميعهم من أصحاب الخبرات السياسية (محافظون، ومحافظون سابقون، ونواب في الكونجرس)، فكان ذلك سبباً في إرباكه بعض الشيء والحد من قدرته علي استخدام ألفاظ بذيئة ضد منافسيه كما ظهر أيضاً ضعفه في ملفات السياسة الخارجية. وكان من الواضح أيضا أن مرشحين آخرين فضلوا الابتعاد عن الاشتباك مع ترامب، ومنهم هيلاري كلينتون التي ترفض الإجابة علي أي سؤال يوجه لها بخصوص ترامب، كما أن صحيفة هافنجتون بوست قررت اتخاذ موقف فريد من نوعه، وعدم نشر أي أخبار جادة عنه والتعامل معه علي أنه مهرج فقط لا غير. وكان دونالد ترامب كشف عن جهل مطبق في الشئون الخارجية بقوله إنه لا يعلم أسماء من يتزعم أبرز مجموعات إرهابية في العالم مثل حزب الله وجبهة النصرة وحركة حماس وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام أو ما يُعرف ب"داعش". جاء ذلك في مقابلة إذاعية أجراها مع هيو هيويت، حيث قال ردا علي سؤال عن هوية من يتزعم هذه المنظمات الإرهابية: "هذا سخيف.. علي مستوي اللاعبين الفرديين، بالطبع أنا لا أعلمهم، فلم أقابلهم من قبل ولم أكن في وضع يخولني للقائهم، وإذا كانوا لا يزالون هناك وهو أمر غير محتمل في العديد من الأوجه، ولكن إن كانوا لا يزالون هناك فسأعلم من هم". وعلي ما يبدو فقد تعثر ترامب في المقابلة ذاتها عندما وجه إليه سؤال عن الجنرال قاسم سليماني، رئيس قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، الذي كان له دور أساسي في سير العمليات علي الأرض العراقية، حيث قال: "أهو ذاك الرجل الذي كان يتردد علي روسيا ويجتمع مع الرئيس بوتين؟ قرأت شيئا عن الأمر في السابق". وكان لترامب تصريحات غريبة ومتشنجة، أثارت ضجة شديدة علي مواقع التواصل الاجتماعي، إذ غرد الكثيرون برسم جديد يحمل اسم "الإنجيل" علي طريقة ترامب، يشير إلي ما قد يكون محتوي الإنجيل إذا كتبه ترامب بنفسه. حيث بدل بعض المغردين آيات من الإنجيل باسم ترامب، ساخرين منه ومن حبه لنفسه مقارنة بآيات الإنجيل الأصلية التي تحض علي التواضع والمحبة. بوش البعيد المحافظ السابق لفلوريدا جيب بوش، والبعيد في استطلاعات الرأي رغم شهرته وأمواله الطائلة، بدا الأكثر شراسة في الهجوم علي ترامب، وكان من بين الوقائع التي لجأ إليها جيب، الشقيق الأصغر للرئيس السابق جورج دبليو بوش، هو أنه، حينما كان محافظا لفلوريدا، قاوم بشدة لوبي ترامب الذي كان يريد افتتاح ملاهي ليلية في الولاية، وهو ما نفاه ترامب جملة وتفصيلا وبنبرة رجل يثق بنفسه قائلا: «هذا غير صحيح.. ولو أردت ذلك لفعلته رغم أنفك».. جيب بوش الذي ظهر يتحدث في مناظرة تلفزيونية سياسية وكأنه معلم يتحدث إلي تلاميذ في فصل دراسي، لم يستطع النيل من منافسه بل ظهرت عليه علامات التعب والإعياء بعد ثلاث ساعات من النقاش، بينما ظهر ترامب أكثر حركة وحيوية وتمتعا بلياقة بدنية عالية. «أخوك هو السبب في أن يكون أوباما رئيساً» هكذا صرخ ترامب في وجه جيب، ولكن الأخير أجابه «بل هو سبب في الأمن الذي نعيشه حاليا» وكان ذلك رداً غبيا في نظر الكثيرين حيث إن هجمات سبتمبر وقعت في عهد جورج بوش، وطالب جيب منافسه ترامب بالاعتذار عن الكلمات التي قال فيها إن المكسيكيين تجار مخدرات ولصوص ومغتصبو نساء، وهو ما رفضه ترامب الذي أصر علي كلماته، فبدا وكأن جيب مدفوعا بكلمات من زوجته مكسيكية الأصل. في مواجهة مرشحين كلاسيكيين تولوا مناصب في السابق علي غرار جيب بوش، كان هناك ثلاثة مرشحين قادمين من المجتمع المدني، هم: ترامب وجراح الأعصاب بن كاريسون، وكارلي فيورينا الرئيسة السابقة لشركة HP لأجهزة الكمبيوتر، وهؤلاء انتقدوا «من هم جزء من النظام منذ زمن وعاجزون عن تغييره». تراشقات صبيانية ترامب تراجع حينما سُئل عن تصريحات حملت إهانات لكارلي فيورينا.. تصريحات قال فيها: «انظروا إلي هذه الرأس.. من سيصوت لهذه»؟ وأجادت فيورينا استخدام تلك الإهانة ضد ترامب علي أكمل وجه بقولها «أعتقد أن كل النساء في الولاياتالمتحدة سمعوا ما قاله السيد ترامب»؟ وهي بذلك تريد وضعه في عداوة مع كل النساء الأمريكيات. وهنا تجاهل ترامب الرد علي هذه الكلمات بشكل مباشر، وذهب لمهاجمة سياسات فيورينا حينما كانت رئيسة ل HP ولكن فيورينا أكدت أنها حققت نجاحات لم يسبقها إليها أحد، فوجد كريس كريستي حاكم ولاية نيوجيرسي في الأمر فرصة للمزايدة علي أصحاب الدخل المتوسط، فصرخ فيهما قائلا: «كلاكما حققا نجاحات باهرة.. برافو.. هل تعلمان من فشل في تحقيق ذلك؟ إنهم أبناء الطبقة المتوسطة.. توقفا عن هذا الجدب الصبياني». المناقشة الجمهورية أظهرت تباينا بين المرشحين فيما يخص السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وفي هذا الملف ظهر التقارب بين ترامب والمرشح راند بول، ومحافظ أوهايو جون كاسيتش، حيث يفضلون جميعا حوارا عقلانيا مع القوي الكبري المنافسة لواشنطن مثل الصينوروسيا وإيران. فيما آخرون مثل السيناتور ماركو روبيو والمرشح تيد كروز، ومحافظ ويسكنسون سكوت واكر، أبدوا رغبة في الصدام وخصوصا مع روسيا. ثروات وكشفت صحيفة هافنجتون بوست الأمريكية عن ثروات مرشحي انتخابات الرئاسة القادمة وفقا لإقرارات الذمة المالية التي تقدموا بها إلي السلطات، وقالت إن دونالد ترامب الذي يسعي إلي الفوز بترشيح الحزب الجمهوري يعتبر أغني المرشحين جميعا حيث يقدر صافي ثروته بنحو 9.2 مليار دولار، بينما يعتبر المرشح الجمهوري حاكم ولاية ويسكنسون سكوت وولكر الأقل ثروة حيث تقدر بنحو 07 ألف دولار فقط.. ومن ناحية أخري، يختار بعض المرشحين الإعلان عن ثروات أزواجهم بينما يرفض البعض الآخر - وعلي سبيل المثال - أعلنت كارلي فيورينا السيدة الوحيدة التي تسعي للفوز بترشيح الحزب الجمهوري أن ثرواتها تقدر بنحو 95 مليون دولار تشمل ثروة زوجها، بينما تجنبت مرشحة الحزب الديموقراطي الرئيسية هيلاري كلينتون الإعلان عن ممتلكاتها المشتركة مع زوجها الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون والتي يقدرها البعض بأكثر من 05 مليون دولار.. وتقول الصحيفة إنه علي الرغم من أن السيناتور بيرني ساندرز أحد منافسي هيلاري كلينتون الرئيسيين للفوز بترشيح الحزب الديموقراطي يعتبر أقل مرشحي الرئاسة من حيث الثروة غير أن حملته الانتخابية استطاعت جمع 4.61 مليون دولار حتي الآن، في حين جمعت حملة حاكم فلوريدا السابق جيب بوش نحو 21 مليون دولار فقط، إلا أنه يُقدر أن تبلغ قيمة حملته ضعف هذا المبلغ.