ما حدث يوم الأربعاء المشئوم في سيناء، كان متوقعا، فالإخوان وأنصارهم لم يتحملوا أن يروا فرحة المصريين بعيد ثورة 30يونيو دون أن يعكروا عليهم صفو فرحتهم وينكدوا عليهم، ويثأروا منهم لأنهم أسقطوهم في هذا اليوم المجيد، فاغتالوا النائب العام الشهيد هشام بركات، وبعدها بيومين شنوا هجمات علي جنودنا البواسل في سيناء. كلنا كنا نتوقع مثل هذه الأحداث الانتقامية من الإخوان المحتلين وأنصارهم الداعشيين، ولكن اللافت للنظر هو الطريقة التي نفذ بها المجرمون العمليتين.. اغتيال النائب العام والهجوم علي جنودنا في سيناء، في الأولي تم استخدام كمية متفجرات تجاوزت خمسة أضعاف الكمية التي استخدموها من قبل في محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم، ونجا منها. أما استراتيجية تنفيذ عملية سيناء فهي ليست كالهجمات السابقة التي كانت تتم من بعيد بصواريخ أو دانات مدافع، أو انتحاري أو عربة مفخخة أو استخدام أسلوب الكر والفر، ولكنهم هذه المرة أرادوها أن تكون حربا ومواجهة للاستيلاء علي أرض. وهذه هي الأزمة الحقيقية، فلقد أصبحنا أمام إرهابيين لا يقتلون فقط ولكنهم يريدون احتلال أرض، ولولا يقظة جنودنا البواسل وقوتهم وصلابتهم وتدريبهم لنال الإرهابيون غرضهم. لقد ظن هؤلاء إخوانا كانوا أو داعشيين أو أعضاء بيت المقدس أيا كان اسمهم فكلهم إرهابيون، أن مصر «عراق»، وأن سيناء «أنبار» يمكنهم أن يستولوا عليها.. وأن يحولوها كما يحلمون إلي «إمارة سيناء». ومخطئ من يظن أن الهزيمة النكراء للإرهابيين في معركة الأربعاء وعشرات القتلي الذين سقطوا منهم، والمعدات التي فقدوها سوف تثنيهم عن حلمهم، أو عن إعادة المحاولة مرة واثنتين وثلاثا.. فقتل الجنود لم يعد بغيتهم، ولا هدفهم لأنهم أيقنوا أن كل المصريين جنود، وكل المصريين يرحبون بالاستشهاد فداء للوطن ولتراب مصر الغالية، فسيحاولون جاهدين تحقيق حلمهم الذي ضاع بإسقاط المصريين للإخوان، وإفشال وعد مرسي الاستبن لهم بأن يعطيهم سيناء لتكون «إمارة لهم» مثلما فعل بلفور مع اليهود في فلسطين، ولافرق بين وعد مرسي ووعد بلفور فالاثنان وعدا بما لايملكان من لايستحق. وسيعمل الإرهابيون جاهدين في تنفيذ مافشل فيه وعد مرسي وجماعته.
الكل عينه علي سيناء، الإسرائيليون مازالوا يحلمون بها، وحماس والداعشيون يريدونها إمارة، والإخوان يريدونها نقطة انطلاق للانقضاض من جديد علي مصر لاحتلالها مرة ثانية، والولايات المتحدة تريد أن تسترد المليارات التي دفعها أوباما للشاطر مقابل بيع سيناء لتصبح وطنا بديلا للفلسطينيين وإخلاء فلسطين للإسرائيليين. إذن نحن أمام منطقة تمتلكها مصر ودفعت فيها أغلي ما تملك، دم شهدائها في 73 ورفعت رأسها في حرب أكتوبر المجيدة بعد انتصارها الساحق علي إسرائيل واسترداد أرضنا الغالية.. وظلت سنوات طويلة مهملة، دون تنمية فأصبحت بيئة خصبة لكل ما يحدث، ثم استغلها الإخوان خلال فترة احتلالهم لمصر وفتحوها علي البحري للإرهابيين من كل الدنيا، وأنفاق اخترقت سيادة مصر علي حدودها، وأفقدتنا السيطرة عليها لسنوات، تحت شعار أنها لخدمة الفلسطينيين أثناء حصار الإسرائيليين.
اليوم آن الأوان لاتخاذ قرار جريء بإخلاء أكبر مناطق ممكنة من السكان في سيناء وتهجيرهم إلي محافظات أخري مؤقتا، واعتبارها منطقة وميدان حرب لأن القوات المسلحة يدها مغلولة في ملاحقة الإرهابيين، في وجود مدنيين، ولأن المدرسة العسكرية المصرية الشريفة ترفع شعار نموت ويحيا المدنيون، ويتعاملون ب«الشوكة والسكينة» في مسألة لاتحتمل إلا التعامل بأسلوب الإبادة للإرهابيين كما تفعل كل دول العالم.. وبعد انتهاء الحرب مع الإرهابيين يعود أهالينا في سيناء مرة أخري معززين مكرمين آمنين وطبعا سيخرج علينا المدعون ويقولون لا لتهجير أهل سيناء، ويصف الأمر علي أنه انتقاص من حقهم، أو أن الدولة تجور عليهم. والحقيقة لأنه لا بديل لهذا الحل إلا إطالة زمن المواجهة مع الإرهابيين، وإعطاؤهم فرصة للاحتماء بالمدنيين، والإرهابيون يعلمون جيدا أنهم يتعاملون مع جيش يخاف الله ويحترم شرف العسكرية، ولن يقوم بأي عملية طالما يوجد مدنيون. ولابد أن توفر الدولة لهؤلاء الذين سيتركون منازلهم أماكن بديلة لائقة وليست مساكن إيواء، ويعوضوهم ماليا عن ترك أعمالهم. وكله يهون من أجل مصر، ولا أظن أن أهالينا في سيناء سيترددون في الموافقة لأنهم وطنيون، ولأن ترك المنزل ليس أغلي من ترك الحياة.
ولأن الرئيس السيسي استشعر الخطر في سيناء هذه المرة، ارتدي الزي العسكري لأول مرة بعد توليه الرئاسة - بصفته القائد الأعلي للقوات المسلحة، وذهب إلي ميدان القتال ليشد من أزر جنودنا البواسل وليضرب المثل الحقيقي للقائد الذي لايهاب الموت ويمكن أن يضحي بحياته فداء للوطن.
عجلوا بمحاكمة قيادات الإخوان، ونفذوا فيهم أحكام الإعدام، واقطعوا رؤوس الأفاعي التي تنفث سمومها من وراء القضبان، ولاتنسوا أنهم هددوا المصريين بكل مايحدث، وتوعدوهم بالقتل والحرق. فرّغوا سيناء من المدنيين والسكان، وأبيدوا الإرهابيين. حاكموا كل المحرضين والمتآمرين علي الوطن. أغلقوا كل مواقع الإنترنت والفضائيات التي تبث روح اليأس وتروّج لشائعات من شأنها المساس بالجيش وجنودنا البواسل خير أجناد الأرض. اقطعوا العلاقات مع كل من يسيء لنا، أو يحاول التدخل في شئوننا الداخلية. ارفعوا دعاوي قضائية ضد وسائل الإعلام الأجنبية التي تعتمد في تغطيتها لمثل هذه الأحداث علي بيانات داعش والإرهابيين وتتجاهل البيانات الموثقة للقوات المسلحة. إذا كان قد مات 17 شهيدا في أحداث الأربعاء الأسود، فإن كل مصري مشروع شهيد مستعد للموت فداء لتراب هذا الوطن. تحية لجنودنا الأبطال البواسل الذين ماتوا لكي نعيش، والذين يسهرون لكي ننام قريري الأعين. تحية لكل أم أنجبت جنديا شجاعا وربته لكي يصبح بطلا. تحية لقواتنا المسلحة التي تحمل بيد السلاح وتبني باليد الأخري. آخر كلمة «وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ» صدق الله العظيم «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد» صدق رسول الله[ اللهم بلغنا الشهادة