ربما تتعجب حين تُصادفها تمر بجوار سيارتك وأنت علي أحد الطرق السريعة، يلفت نظرك شكلها الغريب وتكوينها غير المألوف، وقدرتها علي حمل أطنان البضائع، بينما تسير بسرعةٍ هائلة. وربما تندهش أكثر إذا عرفت أن هذه النوعية من سيارات نصف النقل تُصنع يدوياً "تحت بير السلم" بتجميع قطع من سيارات قديمة داخل ورشٍ بدائية تنتشر في محافظات الدلتا، لتنطلق منها إلي جميع محافظات الجمهورية. الظاهرة التي تنم في جوهرها عن عبقرية العقل المصري الذي يطوع أقل الإمكانيات لخلق اختراعات جديدة، تنطوي أيضاً علي مخالفة فادحة للقانون كون هذه السيارات التي أصبحت تغزو الطرق السريعة غير مرخصة ولا يخضع تصنيعها للرقابة والتفتيش الصناعي، ولا تنطبق عليها المواصفات القياسية واشتراطات الأمن والسلامة المرورية. ما يجعلها خطراً حقيقياً علي الطريق والمارة وصولاً إلي إمكانية استخدامها في تنفيذ أعمال إجرامية. وتعد هذه الظاهرة امتداداً للسيارة الريفية التي انحصر استخدامها منذ فترة طويلة داخل الأرياف والقري، وكان يعتمد تصنيعها علي استخدام موتور ماكينة الري كمحرك للسيارة ولأداء وظيفة مزدوجة تساعد الفلاح في ري الأرض الزراعية واستخدامها كآلة جر. لكن صُناع هذه السيارات البدائية التي لم تكن تتعدي سرعتها 60 كيلومترا في الساعة، بدأوا تطويرها مؤخراً من خلال تزويدها بمحركات لسيارات عادية بدلاً من محرك ماكينة الري البدائي، لتصل سرعتها إلي 150 كيلومترا في الساعة. تفاقم الظاهرة دفع "آخر ساعة" للتوجه إلي أكثر الطرق التي تزدحم بهذه النوعية من السيارات لرصد مدي انتشارها. وأنت علي طريق "مصر- الإسكندرية" الزراعي، لن تستطيع أن تحصي أعداد السيارات اليدوية التي تمر بجوارك محملة بكميات هائلة من البضائع، واسطوانات الغاز وأكوام الرمل والزلط، ما يعكس التوسع في استخدامها في مختلف الأعمال تصنيعها يستغرق أسبوعين .. وسعرها لا يتجاوز 15 ألف جنيه لواء صلاح: الدولة بحاجة إلي حلول أمنية وقانونية غير تقليدية خبراء: قنابل موقوتة علي الطريق.. وتهدد الأمن القومي الظاهرة التي تنم في جوهرها عن عبقرية العقل المصري الذي يطوع أقل الإمكانيات لخلق اختراعات جديدة، تنطوي أيضاً علي مخالفة فادحة للقانون كون هذه السيارات التي أصبحت تغزو الطرق السريعة غير مرخصة ولا يخضع تصنيعها للرقابة والتفتيش الصناعي، ولا تنطبق عليها المواصفات القياسية واشتراطات الأمن والسلامة المرورية. ما يجعلها خطراً حقيقياً علي الطريق والمارة وصولاً إلي إمكانية استخدامها في تنفيذ أعمال إجرامية. وتعد هذه الظاهرة امتداداً للسيارة الريفية التي انحصر استخدامها منذ فترة طويلة داخل الأرياف والقري، وكان يعتمد تصنيعها علي استخدام موتور ماكينة الري كمحرك للسيارة ولأداء وظيفة مزدوجة تساعد الفلاح في ري الأرض الزراعية واستخدامها كآلة جر. لكن صُناع هذه السيارات البدائية التي لم تكن تتعدي سرعتها 60 كيلومترا في الساعة، بدأوا تطويرها مؤخراً من خلال تزويدها بمحركات لسيارات عادية بدلاً من محرك ماكينة الري البدائي، لتصل سرعتها إلي 150 كيلومترا في الساعة. تفاقم الظاهرة دفع "آخر ساعة" للتوجه إلي أكثر الطرق التي تزدحم بهذه النوعية من السيارات لرصد مدي انتشارها. وأنت علي طريق "مصر- الإسكندرية" الزراعي، لن تستطيع أن تحصي أعداد السيارات اليدوية التي تمر بجوارك محملة بكميات هائلة من البضائع، واسطوانات الغاز وأكوام الرمل والزلط، ما يعكس التوسع في استخدامها في مختلف الأعمال التجارية، والغياب التام للدور الذي يفترض أن تمارسه أجهزة الأمن ورجال المرور. لم يكن لدينا وجهةٌ محددة نقصدها حتي قابلنا محمد عبدالعال وهو يقف بجوار سيارته المحملة بأطنان الخشب قرب إحدي محطات الغاز. ينظر إليها باحتفاء كونها تشكل مصدر رزقه الوحيد كما يقول محمد. يخبرنا أن الحاجة هي ما دفعته إلي المجازفة باقتناء هذه السيارة والسفر بها علي الطرق السريعة لنقل الأخشاب التي يعمل في تجارتها، رغم أنها مخالفة ولا تحمل رخصةً للسير، وذلك لرخص سعرها الذي لا يتجاوز 15 ألف جنيه ومتانتها الفائقة التي لا تقارن بأي سيارة نصف نقل أخري. يتابع: الورش التي تُصّنع هذه السيارات تتركز في مدينة زفتي بمحافظة الغربية، اشتريت هذه السيارة حوالي سنة، أستخدمها للسفر إلي جميع المحافظات، ولحسن حظي لم أتعرض لمضايقات من رجال المرور حتي الآن، فالأكمنة التي أصادفها في طريقي قليلة. ألتقط منه عنوان ورش تصنيع السيارات اليدوية وأنطلق صوب مدينة زفتي بمحافظة الغربية. وفي العنوان المحدد تستقبلني مجموعة ورش بدائية تتراص حولها أعداد كبيرة من هذه السيارات بينما ينهمك العمّال في تصنيعها. يعطيك المشهد انطباعاً عن مدي ارتباط المدينة بهذه الصناعة البدائية. أتوجه صوب ورشة "الحاج محمد العزب" يستقبلني أحمد العزب صاحب الورشة وهو يخبرني بفخر أن والده يعد أول من صنّع هذه السيارات، حتي ذاع صيتها لتجذب الزبائن من أقاصي الصعيد ومن جميع المحافظات. يتابع: رغم أن نشاط الورشة الأساسي كان ينحصر في السمكرة وصيانة مواتير السيارات والآلات الزراعية، بدأنا في التفكير بمساعدة الفلاحين عندما لمسنا معاناتهم في جر ماكينات الري من المنازل إلي الغيطان عبر عربات الكارو، من خلال تصميم سيارة تعمل بواسطة موتور هذه الماكينة، وتؤدي جميع الأغراض التي يحتاجها من الري و الجر إلي نقل المحصول. يتابع وهو يُشير إلي ماكينات اللحام والخرط التي تتوسط الورشة بينما تتناثر في أرجائها قطع غيار السيارات: جميع مراحل التصنيع نقوم بها يدوياً وتُصنع السيارة من قطع وأجزاء مجمّعة من سياراتٍ أخري غير بعض الأجزاء التي قمنا باستيرادها مؤخراً قبل أن نقوم بتطويرها. وتتكون السيارة التي يستغرق صنعها 15 يوماً، من مقصورة أمامية تكفي لثلاثة أشخاص إضافة إلي صندوق خلفي تتراوح حمولته مابين الاثنين ونصف الطن إلي ثلاثة أطنان، ماجعل الإقبال عليها كبيراً جداً خاصة أن سعر القديمة منها 10 آلاف جنيه، بينما تصل المطوّرة إلي 15 ألف جنيه. فأغلب من يقبلون عليها هم من محدودي الدخل الذين لا يستطيعون شراء سيارة نصف نقل، وكان البديل الوحيد أمامهم "التروسيكل" الذي يتجاوز سعره 25 ألف جنيه في حين أنه لا يحمل أكثر من 300 كيلو. لذا لجأوا إلي هذه النوعية من السيارات يدوية الصنع. يبدي محمد انزعاجه من تعامل الحكومة معهم علي أنهم مخالفون وخارجون عن القانون." الدولة لا تعترف بنا وتعتبر صناعتنا بدائية لأن إمكانيات التصنيع لدينا محدودة. ولم تلتفت إلي تجربتنا في تطوير السيارات التي ننتجها ذاتياً ودون أي رسومات نتبعها،فبعد عدة مراحل للتجريب وصلنا إلي الشكل النهائي للسيارة التي لم يعد استخدامها مقصورا علي الفلاحين في الري ونقل حصاد المحاصيل، بل تشعبت الفئات التي تستخدمها بحيث أصبحت تستخدم كسيارة نصف نقل تحمل مختلف أنواع البضائع من وإلي الأسواق، كما قمنا بتطوير الصندوق الخلفي ليصبح "قلاب" يصلح استخدامه لمواد البناء من الإسمنت والرمل والزلط. فسلبيات سيارة ماكينة الري والمتمثلة في ارتفاع صوت المُحرّك ومحدودية سرعته، دفعتنا إلي تحديثها مؤخراً بمواتير سيارات عادية لتصل سرعتها إلي 150 كيلومتر/ الساعة، وتتراوح سعتها مابين 1600 2000 سنتيمتر مكعب، كما حوّلنا تبريد المحرك إلي تبريد بالهواء واستحدثنا دائرة مياه داخلية بالمحرك حيث أصبحت بالتطوير الأخير مؤهلة تماماً للسفر وللسير علي الطرق السريعة. وعن مراحل الإنتاج يشرح محمد: تبدأ الخطوة الأولي بتثبيت المُحرك علي "الكارونا" أي آلة الجر التي تحمل العجلات، من خلال وصلات نصنعها يدوياً نوصلها أيضا بناقل الحركة والسرعات "الفتيس" الذي نأخذه من أي سيارة قديمة، بالإضافة إلي عداد السرعة والمقود "الدركسيون" الذي يثبت في مكانه، قبل البدء بخطوة صنع "الشاسيه" أي هيكل السيارة الذي يصنع من الحديد والصاج ونقوم بلحامه يدوياً. تختلف أبعاد هذا الهيكل ومساحته بناء علي رغبة الزبون وغرضه من استخدام السيارة، التي يتراوح طولها مابين الاثنين ونصف المتر إلي ثلاثة أمتار بينما لا يزيد عرضها عن 180 سنتيمتراً. وفي المرحلة الأخيرة نقوم بتشطيب السيارة بمعالجة الصاج وسنفرته ثم طلائه عدة طبقات باللون الذي يطلبه الزبون. أخرج من المكان لأضع الظاهرة علي مكاتب الخبراء والمسؤولين. يحذر الدكتور محمد يوسف أستاذ هندسة السيارات بكلية الهندسة جامعة المنيا من هذه النوعية من السيارات التي تُصنع "تحت بير السلم" بطرق بدائية في ورش غير مرخصة وغير خاضعة للرقابة والإشراف الصناعي، لكونها فاقدة للمواصفات القياسية ونظم الجودة الواجب اتباعها في تصنيع السيارات، مايجعلها غير مؤهلة للسير علي الطرق لما تشكله من خطورةً كبيرة علي الطريق وقائدي السيارات الأخري وقائد المركبة نفسها وتعرض حياة المارة للخطر. ويشير إلي أن المشكلة الرئيسية في هذه السيارات البدائية افتقادها لاشتراطات الأمان والتوازن علي الطريق. فطرق التصنيع العشوائية لا تخضع لأي اختبارات لقياس مركز الثقل في السيارة وانحرافات الزوايا وتوزيع الأوزان بها، ومدي ملاءمة قوة المحرك لهيكل السيارة والحد الأقصي لحمولتها، مايزيد من إمكانية انحرافها علي الطريق. كما أن تصنيعها البدائي يتم غالباً بتجميع قطع من سيارات قديمة أعمارها غير متكافئة تُثبت بصورة عشوائية بواسطة اللحام الذي لايُضمن مدي كفاءته في إحكام تثبيت الأجزاء بعضها ببعض، لعدم اتباع طرق الكشف عن اللحام كما هو معمول به في المصانع الكبيرة. غير أن هذه السيارات تُصنع دون اتباع نماذج التصنيع التي تحدد بدقة حجم وأبعاد وتكوين كل قطعة داخل السيارة، وصولاً إلي المسامير التي تستخدم لربط هذه القطع وقوة هذا الربط. ويؤكد اللواء أكمل الشربيني مساعد مدير الإدارة العامة للمرور أن السيارات البدائية التي كانت تنحصر داخل الأرياف والقري، بدأت تنتشر بكثافة علي الطرق السريعة بمحافظات الدلتا وبخاصة طريق (مصر- الإسكندرية الزراعي)، مشكلةً ظاهرة خطيرة نسعي بشكلٍ جاد لمواجهتها والحد منها من خلال الأكمنة والحملات المرورية التي نشكلها بصورةٍ دورية لضبط هذه السيارات كونها مخالفة ولا تحمل أي ترخيص من المرور. ويؤكد اللواء الشربيني أن مثل هذه المركبات غير المطابقة لاشتراطات السلامة المرورية لها علاقة مباشرة بالحوادث التي تفاقمت بشكل كبير الفترة الأخيرة. بينما يري اللواء فادي الحبشي الخبير الأمني ومساعد وزير الداخلية الأسبق أن هذه الظاهرة تمثل أيضاً خطورة كبيرة علي الأمن القومي، خاصة في الظروف الأمنية الصعبة التي تواجهها البلاد. فلا يمكن أن نستبعد إمكانية استغلالها في ارتكاب الجرائم باختلافها، كما يمكن أن تستغل من قبل الإرهابيين لتنفيذ أعمال إرهابية تستهدف قوات الأمن أو المواطنين، خاصة أنها سيارات مجهولة الهوية لا تحمل أي وصف لدي الدولة، ما يُصعب مهمة أجهزة البحث الجنائي ويجعل هذه السيارات وسيلة آمنة للخارجين علي القانون. ولا يجب أن يقتصر دور الأجهزة الأمنية علي ضبط هذه المركبات المخالفة علي الطرق ولكن ينبغي التعامل بحسم مع أماكن تصنيعها حتي نقضي علي الظاهرة من منبعها.