هل تتحول ليبيا.. لصومال ثانية؟ السؤال لصحيفة «الجارديان» البريطانية، التي أشارت إلي أنه مع بوادر فشل المبادرات السلمية الدولية لحل الأزمة الليبية فإنه من المؤكد أن يتحقق السؤال في بلد كان الأول أفريقيا في تقارير التنمية البشرية التي تصدرها الأممالمتحدة كل عام، وكان ترتيبه العاشر عالميا في احتياطيات البترول، والرابع عشر في صادراته، ووعاء للباحثين عن فرصة عمل شريفة في بلد لا يضم إلا 6.5مليون ليبي.. مقابل 5 ملايين أجنبي.. وعلي مساحة شاسعة واعدة.. تبلغ أكثر من مليون و800 ألف كيلومتر مربع. ماذا حدث لليبيا التي أصبحت بؤرة لكل إرهابيي العالم، وذهبت معها آمال من صنعوا ثورة فبراير.. التي أكلت ومازالت تأكل أولادها؟!. - ولكن كيف أصبحت داعش نجم الشباك في الصراع الليبي الليبي؟ والإجابة، لصحيفة «التليجراف البريطانية» التي قالت إن الأمر يعود لأكتوبر الماضي، حينما ذهب قادة من داعش، لطرابلس في الغرب الليبي.. وكان الغرض من الزيارة هو توحيد الميليشيات الجهادية.. تحت شعار واحد وهو «الجهاد» ومنذ هذه الزيارة عاد قادة داعش للشرق الليبي، ليعلنوا ولاية برقة في الشرق كولاية إسلامية.. أعلنت مبايعتها لأبوبكر البغدادي بجانب ولاية طرابلس في الغرب، وفزان في الجنوب.. ورغم أن الصحيفة تقول إن التوسع المبالغ فيه لهذه الجماعات مؤخرا، لا يعرف أحد بالضبط.. كيف حدث؟ وإن كان البعض يؤكدون أنه جاء بعد مساعدات واتصالات مالية واقتصادية، بقادتهم في كل من سوريا والعراق، فيما يؤكد آخرون ومنهم ليبيون أن السبب جاء من التجارة غير المشروعة، لبراميل النفط في المناطق التي تسيطر عليها داعش، وحلفاؤها في الشرق والغرب الليبي، بالإضافة لمساعدات من قطر وتركيا لم تعد خافية،، عن الأنظار؟! وبهذا. أصبحت ليبيا نهبا ما بين حكومتين وبرلمانين.. وتعترف أوروبا وبعض البلدان العربية.. بأحدهما دون الآخر.. وتمده بالمال والسلاح أحيانا.. وإن كان الأمر مازال سريا؟! أما علي الأرض فكلتا الحكومتين والبرلمانين.. لهما أتباع وميليشيات، بل وأجهزة حكومية وأمنية تدير مناطقها وشئون السكان التابعين لهما، بما في ذلك العاملين الأجانب في ليبيا، وتفرض الضرائب، وهنا تجد لهم وجودا واضحا في مدن رئيسية مثل: طرابلسوبنغازي وسرت ومصراتة، والمهم هنا كما تقول «التليجراف» أن هؤلاء لم يعودوا خطرا علي البلدان المجاورة لهم فقط، بل أصبحوا علي مرمي حجر من الشواطئ الأوربية خاصة إيطاليا، بعد أن هدد بعض زعمائهم، وبعد الغارات الجوية المصرية علي درنة باتباع سياسة البواخر الملغومة» لغزوة أوروبا كما أسموها؟! والأرض الليبية حاليا، كما تقول صحف بريطانية وأمريكية ومنها «الجارديان».. أصبحت نهبا لجماعات ليست داعش وحدها، بل أصبح هناك مئات الجماعات المتطرفة تنتشر من طرابلس في الغرب مرورا.بسرت ومصراتة، ودرنة وحتي بنغازي وطبرق في الشرق، ولها معسكراتها، وجماعاتها ذات المسميات المتعددة وأبرزها: أنصار الشريعة وغرفة عمليات فجر ليبيا التي تدين بالولاء لإخوان ليبيا وثوار الزنتان ومصراتة وثوار سرت.. وقوات درع ليبيا، والقوات التابعة للواء خليفة حفتر التي تتركز حاليا علي معظم مساحة بنغازي والمنطقة الشرقية الليبية. في الداخل.. هناك الحكومة التي تعترف بها معظم بلدان العالم ومنها مصر في الشرق الليبي، وتتركز في طبرق وبنغازي وتسيطر حاليا علي 80٪ من هذه المنطقة وترتكز علي الدعم الدولي والإقليمي والمساعدات الاقتصادية المعلنة، والعسكرية غير المعلنة بعد قرار الأممالمتحدة، بمنع تصدير السلاح لكل أطراف الأزمة الليبية، كما تعتمد علي تصدير كميات محدودة جدا من النفط الليبي، خاصة بعد تدمير الموانئ المصدرة، وتدمير البنية الأساسية لمناطقها، وهذه المنطقة تسيطر عليها قوات خليفة حفتر، وما يسمي بالجيش الليبي وقيادة عملية الكرامة ولديها قوات جوية، وإن كانت تعتمد أساسا علي الطائرات الروسية القديمة، من طرازات الميج. وفي المقابل.. تسيطر حكومة وبرلمان آخران علي العاصمة طرابلس، مدعمة بثوار فمن قاموا بثورة فبراير وبعض الفصائل الإسلامية وأبرزها الإخوان المسلمين.. وهناك الإسلاميون أو الجهاديون.. كما تصفهم الصحيفة.. ومنهم داعش وأنصار الشريعة، وقوات فجر ليبيا، وكلهم يحاربون حفتر وقواته ويسيطرون علي مناطقهم. ومن الخارج تواجه ليبيا «قطر» وبدأ دورها مبكرا في مساعدة الثوار، بالإطاحة بالقذافي، وبمساعدات عسكرية علي الأرض، وبهجمات جوية شاركت في غارات حلف الناتو علي كتائب القذافي، ومن خلف ظهرها هناك الحليف التركي الذي يمد الميليشيات الإسلامية بالسلاح، وهناك بالطبع بعض الحلفاء الأوربيين خاصة لحفتر، وأبرزهم: أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا التي تري أن ليبيا هي العمق الاستراتيجي لها، وأن أنصار داعش ومن علي شاكلتهم، قد يتوجهون لأوربا، لتنفيذ عدة عمليات إرهابية بها، بعد تضييق الخناق عليهم بعد الغارات الجوية المصرية وأن إيطاليا ستكون الباب الخلفي للدخول للقارة العجوز ونشر الرعب فيها. وهناك فوق كل ذلك، وفي الخلفية، لاعبون آخرون في الملعب الليبي أبرزهم: القبائل التي تسيطر علي مناطق شاسعة ومنها مناطق غنية بالبترول الصخري خاصة في فزان بالجنوب، وبعضها مازال يدين بالولاء لعائلة القذافي خاصة في سرت في الشمال، وبعضها قبائل تنحدر من أصول أفريقية في الوسط الليبي.. والعائلات مثل: «جلود» و«السنوسي» و«القذاذفة».