بدا الماراثون الانتخابي وبدأت الصراعات. مصر تضج الآن استعدادا للمعركة الانتخابية المتوقع انطلاقها قبل مارس المقبل، ما من شارع إلا ارتفعت فيه اللافتات الملونة تحمل خطوطها العريضة أسماء وألقابا وما من شارع إلا تردد فيه هتاف لهذا أو ذاك من المرشحين وما من مقهي إلا سمعت فيه المناقشات الحاده أو الباردة عن الأصوات.. كل هذا يحدث الآن في كل مدينة وكل قرية في مصر، في وقت بدأ فيه الانتشار القوي داخل الدوائر الانتخابية لمرشحي الفلول، بينما اختارت جماعة "الإخوان" الإرهابية الانطلاق ببرلمان مواز من اسطنبول للفت الأنظار. وكل هذا رائع ومثير ولكن تبقي الحقيقة في الانتخابات أن المعركة الحالية ستكون شرسة خاصة في ظل وجود أحزاب ضعيفة وانتشار واسع لنواب الوطني المنحل أعضاء البرلمان لدورات متتالية وأيضا المحاولات الإخوانية التي تتم من أجل التسلل الي البرلمان. وتأتي أهمية مجلس النواب المقبل وأهمية التدقيق في اختيار نوابه من توسيع سلطاته في الدستور الجديد الذي أعدته لجنة الخمسين برئاسة عمرو موسي، وخاصة فيما يتعلق بضرورة موافقة مجلس النواب علي تشكيل الحكومة، وفي حالة الرفض تأتي الحكومة الجديدة من الحزب الذي يحتل أكبر عدد من المقاعد، كما أنه لا يحق لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا عند الضرورة وبعد استفتاء الشعب، يجعل الرئيس عبد الفتاح السيسي في تخوف من البرلمان القادم، ومحاولته وصول غالبية المقاعد إلي مؤيديه، وحرمان المعارضة منها. ومن أبرز المواد التي تضمنها الدستور الحالي فيما يتعلق بصلاحيات الرئيس تجاه مجلس النواب "جعل الدستور الحالي الذي أعدته لجنة الخمسين ووافق عليه الشعب المصري البرلمان شريكا في الحكم، فيتدخل المجلس بموجب المادة 146 في اختيار الحكومة، فيعرض أسماء الوزراء وبرنامجهم، علي المجلس، فإذا لم تحصل حكومته علي ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوما علي الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز علي أكثرية مقاعد مجلس النواب". وبموجب صلاحيات البرلمان الدستورية، لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا عند الضرورة، وبقرار مسبب، وبعد استفتاء الشعب، ولا يجوز حل المجلس لنفس السبب الذي أدي إلي حل سابقه حسب المادة 137. كما أنه لا يحق لرئيس الجمهورية إعفاء الحكومة من أداء عملها إلا بعد موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب، ولا يتم اجراء تعديل وزاري إلا بموافقة المجلس بالأغلبية المطلقة للحاضرين، وبما لا يقل عن ثلث أعضائه حسبما نصت المادة 147 من الدستور الجديد. ولا يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ إلا بعد موافقة البرلمان، ومنح الدستور الجديد المجلس أحقية سحب الثقة من رئيس الجمهورية، بناء علي طلب مسبب وبموافقة أغلبية المجلس، كما يجوز للبرلمان اتهام الرئيس بالخيانة العظمي ومخالفة أحكام الدستور أو أي جناية أخري بعد طلب مسبب وبموافقة أغلبية المجلس، ويوقفه عن العمل ويحاكمه أمام محكمة خاصة، بناء علي المواد"159»، «161». ويقر الدستور الحالي، بعكس السابق، قيودا علي اختصاص الرئيس في العفو عن العقوبة، فأوجب الدستور علي الرئيس أخذ رأي مجلس الوزراء في حالة العفو عن العقوبة، أو تخفيفها، علي عكس الدستور السابق الذي جعل سلطة العفو في يد الرئيس منفردا بها حسب نص المادة 149 من دستور 2012. دخول نواب من البرلمانات السابقة سواء من الحزب الوطني المنحل أو تسلل البعض من الصفوف الخلفية من الجماعه الإرهابية أمر ليس بصعب ويوضح الدكتور رامي حسن خبير الشئون البرلمانية "أن هناك عددا كبيرا من الأسباب قد تساعد أعضاء الحزب الوطني وأعضاء الإخوان للوصول إلي البرلمان أبرزها ضعف الأحزاب المدنية وعدم الوضوح في خريطة التحالفات الانتخابية التي لم تظهر بشكل واضح إلي الآن ويشير إلي أن ضعف الأحزاب المدنية يرجع لعدة أسباب أهمها أنها غير مرتبطة بالجماهير، بل إن معظم مقراتهم في القاهرة وانتشار أعضائهم داخل العاصمة ولا يتواجدون بشكل مكثف في الأقاليم. وأن هذه الأحزاب غير مرتبطة بمشاكل المواطنين، وليس لديهم أموال، كما أن الإخوان وأعضاء الحزب الوطني المنحل لديهم أموال تمكنهم من دخول البرلمان ولكن الشعب يعي ذلك جيدا، مطالبا الأحزاب بأن تهتم بمشاكل المواطن وتنزل إلي الشارع. حالة من الهذيان انتابت أعضاء من برلمان الإخوان المنحل في محاولة للفت الأنظار إليهم قبل الإنتخابات في تركيا حيث قام 30 من نواب الإخوان السابقين بعقد اجتماع ومنحوا أنفسهم حق التشريع بعد أن أجروا انتخابات داخلية، لتشكيل الهيئة الداخلية للمجلس، أسفرت عن تنصيب ثروت نافع القيادي السابق بحزب غد الثورة، والمقيم في سويسرا رئيسا، بالإضافة إلي كل من جمال حشمت، وحاتم عزام، في منصب الوكيل، وحدد جمال حشمت القيادي بجماعة الإخوان في بيان صحفي، مهام تجمع النواب السابقين، حيث أكد أنهم في انعقاد مستمر، وأنهم سيسعون لتفنيد التشريعات، التي صدرت منذ عزل محمد مرسي." صراع الانتخابات علي الأرض دخل مرحلة الجد فحزب الوفد ينافس علي 420 مقعدا فرديا والجبهة المصرية تدفع ب25 مرشحا علي قائمة الجنزوري وحزب والنور يستهدف 75% والمصريين الأحرار ينافس علي 50 مقعدا. وبشكل مبدئي أعلنت كل الأحزاب والتحالفات خوض الانتخابات فيما عدا جماعة الإخوان الإرهابية. الدكتور السيد البدوي، رئيس حزب الوفد، أعلن في تصريحات له مشاركة تحالف الوفد المصري في الانتخابات البرلمانية المقبلة، مؤكدا أن التحالف سيخوض الانتخابات بقائمة وطنية منفردة تضم أحزاب الوفد والمصري الديمقراطي والمحافظين والوعي والكتلة الوطنية وعددا من الشخصيات العامة. وعن تحالف الجبهة المصرية، أكد ماجد موسي، نائب رئيس حزب مصر الحديثة، عضو لجنة الانتخابات بائتلاف الجبهة المصرية، أن الجبهة ستنافس علي كافة مقاعد الجمهورية في النظام الفردي والبالغ عددها 420 مقعدا، في كافة الدوائرة بمحافظات الجمهورية. وأضاف موسي، في تصريحات له أن المشاركة في مقاعد القائمة ترجع لموقف الجبهة من الدكتور كمال الجنزوري وقائمته الوطنية، حيث يشارك الائتلاف ب25 مرشحا ضمن قائمة رئيس الوزراء الأسبق، وفي حال ظهور طارئ ستدفع الجبهة بمرشحين علي القوائم الأربع بعدد 120 مقعدًا. من جهته، قال المهندس ياسر قورة، عضو لجنة الانتخابات بالجبهة، إن المجلس الرئاسي هو الذي يضع أسماء المرشحين علي مقاعد القائمة وله الرأي النهائي في اختيارات لجنة الانتخابات في مقاعد الفردي. وأوضح ياسر قورة، أن قائمة الدكتور كمال الجنزوري الوطنية، تعبر عن الإيمان بدولة القانون، ولذلك تشارك الجبهة فيها ب25 مرشحا، بالإضافة إلي منافسة الجبهة علي جميع المقاعد في النظام الفردي، وذلك وفق معايير واضحة يتم فيها اختيار ممثلي الائتلاف في الدوائر أهمها القدرة التنظيمية والحشد الجماهيري والشعبية والسمعة الطيبة. أما حزب المصريين الأحرار فأعلن مشاركته في الانتخابات البرلمانية المقبلة حيث يدفع بعدد من نوابه علي القائمة التي يعدها الدكتور كمال الجنزوري لخوض الانتخابات البرلمانية فيما ينافس بعدد من نوابه علي المقاعد الفردية بنسبة 50% وليس علي كل المقاعد. بدوره قال الدكتور شعبان عبد العليم، عضو المكتب الرئاسي لحزب النور، إن حزب النور قرر عدم الدفع بأعضائه في جميع مقاعد الفردي، ولكن سندفع في أغلب المراكز بشأن المقاعد الفردي، فيما سننافس بالقوائم الانتخابية وجاهزة بأسماء المرشحين في القائمة . وأضاف عبد العليم أن الحزب لم يحدد عددا بعينه بشأن المقاعد الفردية التي ستنافس عليها لاسيما أنها ستسمح بتنسيق جزئي مع شخصيات عامة في عدد كبير من المقاعد. فيما قالت مصادر بحزب "النور" السلفي إن الحزب سيدفع بنسبة 75 % من المقاعد الفردي في البرلمان المقبل، وذلك بعد انتهاء المجمع الانتخابي المركزي من اجتماعه لحسم أسماء المرشحين الأسبوع المقبل. وقالت مصادر داخل جماعة الإخوان إن الموقف الذي أعلنه قيادة جماعة الإخوان هو عدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية، فيما وضعت الجماعة خطة من أجل وجود عدد من أعضائها والمؤيدين لها داخل قبة مجلس النواب القادم. ورجحت المصادر أن يصل عدد من ستقوم الجماعة بالدفع بهم في مجلس النواب القادم في المقاعد الفردي إلي 300 عضو أو أقل بقليل من الأسماء غير المعروفة بجانب أسماء المؤيدين لجماعة الإخوان وغير المنتمين لها تنظيميا وهذا ما تدرسه الجماعة في الوقت الحالي.