صراع التحالفات يشتعل مع اقتراب موعد الانتخابات أيام قليلة تفصلنا عن الانتهاء من قانون تقسيم الدوائر والبدء في إجراءات انتخابات مجلس النواب - الاستحقاق الثالث في خارطة الطريق - ومن المتوقع أن يتم فتح باب الترشح للانتخابات نهاية الشهر الجاري. المجال الآن أصبح لا وقت فيه للانقسام وحالة التشرذم التي عاشتها الأحزاب والقوي السياسية طيلة الأشهر الماضية. فاللجنة العليا للانتخابات البرلمانية من جانبها بدأت بالفعل في اتخاذ إجراءات من شأنها التأكيد أن الانتخابات اقترب موعد انطلاقها وكان آخرها تشكيل لجنة انتخابية بكل محافظة تكون برئاسة رئيس المحكمة الابتدائية وعضوية قاضٍ بمحاكم الاستئناف ومستشار بمجلس الدولة وأحد نواب رئيس هيئة قضايا الدولة وأحد نواب رئيس هيئة النيابة الإدارية تختارهم المجالس الخاصة لهذه الجهات والهيئات القضائية. معالم الخريطة الانتخابية بدأت تتضح أكثر فالانتخابات المرتقبة ستشهد تنافسا بين أحزاب قديمة تعرف اللعبة الانتخابية اعتادت خوض الانتخابات من قبل مثل الوفد والتجمع والناصري ونواب سابقين من الحزب الوطني، وأخري تنافس فيها للمرة الأولي أو الثانية مثل حزب المصريين الأحرار والمصري الديمقراطي وحزب الكرامة وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي وحزب الدستور والمؤتمر وحزب مصر القوية وحزب الحركة الوطنية وحزب مصر بلدي وحزب تمرد "تحت التأسيس"، وحزب مصر العروبة "تحت التأسيس" الذي يسعي الفريق سامي عنان رئيس الأركان الأسبق لتأسيسه، وكذلك حزب مستقبل وطن. حيث بدأ عدد من الأحزاب السياسية التي تخوض تجربتها البرلمانية للمرة الأولي الاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة وسط مخاوف عديدة وتنافسات شديدة يحكمها رأس المال الضخم للأحزاب العتيقة وأصحاب الخبرة.. ورغم عدم ظهور ملامح للقوائم التي تعتبر من أسهل الطرق للحصول علي مقعد في البرلمان فالترشح علي رأس القوائم في انتخابات 2011 كان طريقا سهلا للوصول للبرلمان وكان العديد من الأحزاب يحصل علي تبرعات ضخمة من راغبي الترشح علي رأس القائمة، ولكن الحال تغير في المنافسة علي مقاعد مجلس النواب المقبل، واتجه معظم قيادات الأحزاب للترشح علي المقاعد الفردية. وحددت المادة (3) من قانون مجلس النواب انتخاب المجلس بواقع 420 مقعدا بالنظام الفردي و120 مقعدا بنظام القوائم المغلقة المطلقة، ويحق للأحزاب والمستقلين الترشح في كل منهما. وأكد عدد من الخبراء والشخصيات الحزبية، أن القانون الذي ستجري عليه انتخابات مجلس النواب القادم، يدفع قيادات الأحزاب للبعد عن الترشح بمقاعد القوائم، والاتجاه إلي خوض المنافسة علي مقاعد الفردي، علي عكس قوائم انتخابات برلمان 2011. وقال الخبراء، إن القائمة المطلقة واشتراطها النجاح بالكامل، جعل الترشح عليها غير مضمون النجاح، وما زاد من نفور القيادات منها تخصيص معظم مقاعد القوائم في شكل "كوتة" لبعض الفئات، مثل المرأة والأقباط والشباب والمصريين بالخارج. وهناك بعض الأحزاب مثل المصريين الأحرار يركز اهتمامه الآن علي المقاعد الفردية وأكد المتحدث باسم الحزب شهاب وجيه أن الحزب يركز خلال الفترة الحالية علي المقاعد الفردية بالانتخابات البرلمانية القادمة، وأن الحزب الآن يمكن أن ينسق مع الأحزاب علي القوائم إلا أن خوض الانتخابات منفردا مازال الاتجاه الأقرب للحزب. فيما قرر حزب التحالف الشعبي خوض الانتخابات علي عدد من المقاعد الفردي بالإضافة إلي قائمة انتخابية تحمل الطابع الاجتماعي، لافتًا إلي أن لجنة الانتخابات بالتيار الديمقراطي مستمرة في تلقي طلبات الراغبين بالترشح علي قوائم التيارات الانتخابية، حيث يمكن توحيد التحالفات تحت مظلة ائتلاف وطني يتولي التنسيق في الانتخابات. وأكد عبد الغفار شكر رئيس الحزب أن هناك مفاوضات مع التيار الديمقراطي لمحاولة إقناعه بعودة المشاورات مع تحالف الوفد المصري بشأن التحالف بينهما، مشيرًا إلي أن التطورات السياسية الأخيرة والعمليات الإرهابية التي وقعت مؤخرًا أشعرت الجميع بضرورة التوحد قبل الانتخابات البرلمانية. ومازال تحالف الدكتور كمال الجنزوري هو الأقوي حتي الآن علي خريطة المنافسة للفوز بنصيب الأسد من مقاعد البرلمان في نظام القائمة وسط كل التحالفات الموجودة علي الساحة، وذلك علي الرغم من المواجهة الشرسة من جانب تحالف عمرو موسي وبقية الأحزاب. وكان المستشار أحمد الفضالي رئيس تيار الاستقلال ورئيس حزب السلام الديمقراطي أعلن أن هناك 42 حزبا و28 ائتلافا ثوريا وسياسيا يؤيدون الانضمام لتحالف الجنزوري لخوض الانتخابات البرلمانية ومن ضمنها الأحزاب المكونة لتيار الاستقلال. وقال الفضالي، إن تيار الاستقلال، الذي يضم 36 حزبا و18 ائتلافا أعلن بالإجماع تأييده ودعمه لتحالف الجنزوري، منتقدا ما وصفه ب "افتراءات لا أساس لها" ضد الدكتور الجنزوري لدرجة جعلته يقسم أن الرئيس عبدالفتاح السيسي لا صلة له بقائمته. وكشف الفضالي عن أسماء الدفعة الأولي من الأحزاب الداعمة والمنضمة لقائمة الجنزوري وعددها 32 حزبا في مقدمتها حزب السلام الديمقراطي، الناصري، الأحرار، مصر العربي الاشتراكي، مصر بلادي، التكافل الاجتماعي والأحرار الثورة والمستقلين الجدد والاتحادي الديمقراطي، مصر الثورة، النصر الصوفي، مصر الخضراء، مصر 2000، المساواة والتنمية، الدستوري الاجتماعي، نهضة مصر ومصر القومي. وقال إنه سيتم الإعلان عن الدفعة الثانية المنضمة لقائمة الجنزوري خلال الأيام القليلة المقبلة. ومن جانبه قال الدكتور جمال الزيني عضو مجلس الشعب السابق إن قائمة الدكتور كمال الجنزوري في حال اكتمالها ستكون الأكثر حظا بالفوز بالقوائم الانتخابية، وقال إن فكرة القائمة الوطنية التي دعا لها الجنزوري ستساعد علي توحد القوي الوطنية خاصة أنها تهدف إلي وجود تمثيل حقيقي لجميع التيارات الموجودة علي الساحة السياسية. وعن قائمة الدكتور كمال الجنزوري قال الكاتب الصحفي أسامة هيكل وزير الإعلام الأسبق إن هذه القائمة فكرة الغرض منها أن يكون هناك كتلة من الشخصيات العامة الواعية في أمور الدولة داخل البرلمان لأن هذا المجلس أهم برلمان في تاريخ مصر سواء بحكم الدستور أو بحكم كونه شريكا في الحكم. وأشار في تصريحات ل"آخرساعة" إلي أن القوائم تمثل 20% من مقاعد البرلمان القادم أي أن هناك 80% سيكون بالنظام الفردي وبالتالي لابد أن تكون الأحزاب في ملعبها الرئيسي والطبيعي وهي المقاعد الفردية التي تمثل ال 80%.. وأضاف هيكل: ما يؤسفني أن الأحزاب تركت المقاعد التي يجب أن تلعب عليها وما نراه في الإعلام يعكس صراعا بين القوي السياسية علي القوائم التي لا تمثل سوي 20%، معتبرا ذلك تخلياً واضحاً عن الدور الطبيعي للأحزاب بما يعيد لنا نفس أخطاء القوي المدنية التي قفزت بالإخوان للحكم، مشيراً في الوقت ذاته إلي أن الأحزاب الحالية تهرول وراء نواب وأعضاء من الحزب "الوطني" المنحل. وأشار إلي أن الهجوم المبالغ فيه علي قائمة الجنزوري سببه ممارسة بعض الضغط للدخول في هذه القائمة لأن الأسماء المتداولة شخصيات عامة كبيرة ولم تستطع أي قوة سياسية أخري تدشين قائمة مثلها. بموازاة ذلك، تردد أن قائمة عمرو موسي الدبلوماسي المخضرم سيشكلها الدكتور عبدالجليل مصطفي المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، يقوم حاليا بتشكيل قائمة قومية غير حزبية، تضم 120 شخصية من مختلف كيانات المجتمع المدني والنقابات واتحاد الجمعيات الأهلية والتعاونيات العام والزراعية والغرف التجارية والصناعية والسياحية والمدارس القومية المختلفة، لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، ويعد هذا التحالف هو الأبرز في مواجهة تحالف الجنزوري.