دائما ما يأخذه الحنين إلي عشقه الأول المسرح، فبين الحين والآخر يطل علينا بعرض مسرحي جديد يناقش من خلاله هموم الوطن، يرفض أن يكون في معزل عنه ويسعي للبحث عن نصوص مسرحية قوية تعيده لخشبة المسرح مرة أخري، الفنان محمد رياض ينتظر عرض مسرحيته الجديدة "باب الفتوح" للكاتب محمود دياب ويشارك فيها نخبة كبيرة من النجوم علي رأسهم الفنان القدير يوسف شعبان والفنان سامي مغاوري ومن إخراج فهمي الخولي. وعن العرض الذي يكشف العلاقة بين الشعب ورئيس البلاد وعن ابتعاده عن الدراما التليفزيونية كان لنا معه هذا الحوار.. "باب الفتوح" جرس إنذار من بطانة السوء المسرح يحتاج وقوف الفنانين بجواره ليستعيد ريادته ٭٭ تعد من الفنانين القلائل الحريصين علي التواجد علي خشبة المسرح؟ بعيدا عن دراستي بمعهد الفنون المسرحية تربطني علاقة قوية بخشبة المسرح يأتي في مقدمتها عشقي الشديد له ، لأنه البوابة الحقيقية لاكتشاف موهبة وقدرة الممثل، ومن لم يتعامل مع المسرح مازال تنقصه الموهبة الفنية الحقيقية ، فهو أبو الفنون وصانع نجومية كبار الفنانين، فعندما يعرض عليّ أي عمل مسرحي لا أتردد في قبوله وأحرص علي المشاركة فيه ، كما أن المسرح المدرسي ساعد علي نشأتي الفنية المسرحية . ٭٭ لكن المسرح المدرسي شبه مختف خلال السنوات الماضية؟ بالفعل لم يكن في السابق اهتمام بالمسرح المدرسي بسبب بعض المنظومات والسياسات التعليمية، وحاليا يتم عمل دراسة جادة من قبل وزارة التربية والتعليم لمسرحة المناهج الدراسية والاهتمام بالمنظومة التعليمية وإعادة تطوير مسارح المدارس لتربية النشء الجديد علي حب الفن ، خاصة أن عمالقة التمثيل ساهم بشكل قوي في صقل موهبتهم في البداية المسرح المدرسي والجامعي . ٭٭ كيف نعيد للمسرح ريادته؟ للمسرح دور تنويري وثقافي وهو في حاجة ماسة وشديدة لكل فنان أن يقف بجانبه، فمن المحزن أن تري بعض المسارح أغلقت أو تم تحويلها إلي دور عرض سينمائي وأخري تم هدمها وشيدت مكانها بعض الأبراج السكنية ، كل ذلك سببه الهروب الجماعي من خشبة المسرح سواء من الفنانين أو الجمهور ، فمثلا بعض المسارح الخاصة مغلقة والقليل منها مضاء ببعض العروض البسيطة قليلة التكلفة الإنتاجية من طلبة الجامعات للتنفيس عن أحلامهم وأفكارهم ، أما فيما يخص القطاع العام فالبيت الفني للمسرح يحرص علي إنتاج مجموعة من الأعمال المسرحية المتميزة كل عام لمختلف الفرق المسرحية ، كما أنه حريص علي التجديد والتطوير لقاعاته حتي تتناسب مع كافة العروض. ٭٭ لكن يظل الهروب الجماعي هو آفة المسرح المصري؟ هذا صحيح ومن الصعب أن تجبر فنانا علي المشاركة في عرض مسرحي رغم أنفه ، فهي علاقة حب بين الطرفين والمسرح يتطلب جهدا مضاعفا ، وهو الأمر الذي يصعب علي كثير من الفنانين لأنه يستنفذ طاقته خلال فترة زمنية قد تتجاوز الخمسة شهور وهي فترة التحضير والبروفات والعرض وكل ذلك دون مقابل مادي مجز مما يجعل الفنان يفضل المشاركة في أية أعمال فنية أخري ويسقط المسرح من حساباته. ٭٭ وماذا عن صعوبة إيجاد نص مسرحي جيد؟ من ضمن المشكلات التي تواجه المسرح هو صعوبة إيجاد نصوص مسرحية جيدة ، علي الرغم من وجود كتاب عباقرة في الكتابة للمسرح ، لكن بعض القطاعات اعتمدت مؤخرا علي نصوص ذات صلة بالواقع المعاش وأقرب إلي الحياة العامة والتي تنقل نبض الشارع ومشاكل الشباب وابتعدت عن النص الروائي الذي يجذب الجمهور إليه. ٭٭ باب الفتوح من النصوص المسرحية التي سبق تقديمها علي مدار السنوات الماضية فلماذا يعاد إنتاجها مرة أخري؟ باب الفتوح من روائع الكاتب محمود دياب وتصلح لكل زمان ومكان وتم تناولها بأكثر من شكل خلال السنوات الماضية ، ولأنها مكتوبة بحرفية شديدة فهي تناسب كل الفترات ، فأحداثها تدور حول علاقة الحاكم بالمحكوم من خلال النص المسرحي وشخصية أسامة بن منصور التي أجسدها ضمن الأحداث ، فالنص يطرح كل أفكار وطموحات وأحلام ومشاكل الشعب لتوصيلها إلي الحاكم ، فالعمل رسالة هامة وجادة للحاكم وهي أن يشعر بالشعب بعيدا عن بلاط حكمة . ٭٭ وكيف تري البطانة التي تحيط بالحاكم؟ البطانة هي أساس فساد الحكم وقد تعيق العديد من الرسائل الهامة وقد تنقل صورا مغلوطة ومزيفة للحاكم. ٭٭ هل الكتاب الذي يحمله أسامة بن منصور وما يحتويه من مشاكل ورسائل هي رسالة أخري للحاكم الحالي ؟ النص المسرحي نقدمه بشكل مطلق وليس موجها لحاكم بعينه ، وما يميز هذا النص أنه يناسب جميع الفترات والرسائل موجهة لكل رئيس وعليه أن يستوعبها بشكل جيد ، وألا تكون هناك حواجز بينه وبين شعبه . ٭٭ وهل تتوقع وجود حواجز تمنع وصول هذه الرسائل التي تقدمونها خلال العرض لرئيس البلاد الحالي ؟ حاليا الوضع اختلف وأعتقد أنه تم إزالة مثل هذه الحواجز والرسالة المسرحية قد تصل بكل سهولة لأن الحاكم لديه استعداد تام لذلك ، وحريص علي أن تصله المعلومة كاملة ، والدليل الإنجازات التي تشهدها البلاد حاليا والروح الطيبة التي تجمع الشعب بالحاكم من خلال الاستثمارات الضخمة والمشاريع التي بدأت البلاد في إنجازها لصالح الطرفين والتي سوف تجني ثمارها في أقرب فرصة. ٭٭ النص يدور في إطار سياسي حول العلاقة الطردية بين الحاكم والمحكوم فكيف يتم هذا التوازن والعرض من خلال الكوميديا التي تحدثت عنها من قبل؟ بالفعل العرض يحمل العديد من الألوان الفنية بداية من الإطار السياسي المغلف بكوميديا الموقف ، إلي جانب الاستعراضات الغنائية التي تقدمها المطربة حنان عطية أثناء العرض وقد تصل هذه الأغاني إلي ما يقرب من 15 أغنية استعراضية نابعة من أساس الحدث الذي نقدمه وهنا يظهر هذا التوازن والهدف منه الإمتاع الفني حتي لايشعر الجمهور بالملل . ٭٭ ألا تري أن 15 أغنية واستعراضا كثيرة علي عرض مدته ثلاث ساعات؟ مدة الأغنية والاستعراض لاتزيد عن الثلاثين ثانية فهي مجرد تدعيم سريع للموقف و المشهد وموظفة دراميا ، فنحن لا نقدم أوبريت أو مسرحا استعراضيا ولكن الهدف الأساسي التنوع في الإمتاع الفني حتي لايمل الجمهور العرض خاصة أن مدته قد تصل إلي 3 ساعات بعكس الأعمال المسرحية الأخري التي بدأت تقدم حاليا في وقت عرض أقل . ٭٭ هل التغييرات الكثيرة وانسحاب بعض الفنانين من العرض تسبب في عدم خروجه للنور طيلة هذا الوقت حيث كان من المقرر افتتاحه منذ 3 شهور مضت ؟ الانسحاب وارد في أي عمل فني وتتعدد أسبابه كل حسب ظروف الفنانين المشاركين ولكن هذه الانسحابات الكثيرة لم تتسبب في تعطيل العرض ، والسبب الأساسي في تأخيره كل هذه الفترة أنه ليس من النصوص المسرحية السهلة لذا فهو يتطلب بروفات كثيرة سواء بروفات " ترابيزة " أو حركة . ٭٭ بالنسبة للدراما التليفزيونية، فأنت غائب عنها منذ عدة سنوات، ألا يحزنك هذا؟ أنا حزين علي الأعمال المقدمة التي خرجت من نطاق الدراما العربية المصرية وأصبح المشاهد يتلقي أعمالا مستحدثة علي الواقع المصري فمنهم من يرفضها وآخر متابع جيد لها ، وبالنسبة لي أختار أعمالي الفنية بعناية شديدة أرفض التواجد علي الساحة بأعمال دون المستوي أخجل منها بعد ذلك، فرصيدي الفني حافل بالأعمال الدرامية التي حققت من خلالها الجوائز والشهادات التقديرية وليس لدي استعداد لأن أضيع هذا التاريخ لمجرد التواجد علي الساحة أو أسعي إلي الإغراءات المادية . ٭٭ لكن التنازلات أصبحت تتصدر المشهد حاليا نظير التواجد الفني والخضوع للإغراءات المادية ؟ حرية خاصة لكل فنان لكن بالنسبة لي فهي ليست في حساباتي الفنية ، كما أنني أسير علي خط فني هو في الأساس الإنسان المصري الذي يتواجد في كل بيت فأنا أقدم الأعمال التي تشبهنا كمصريين ولن أقدم أعمالا أخجل منها أو تخجل منها أسرتي .