جون كينيدي.. الرئيس الخامس والثلاثون في تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية.. وصاحب الشعبية الأولي بين كل الرؤساء الذين سبقوه والذين جاءوا بعده.. كان جون كينيدي الابن «الثاني» لجوزيف كينيدي المليونير الأمريكي ذي الأصل الأيرلندي.. حصل كينيدي في طفولته علي كل ما يحصل عليه أولاد الأغنياء.. تخرج في جامعة هارفارد عام 1940.. بعدها بثلاث سنوات تطوع في الأسطول الأمريكي، ومنح وسام الشجاعة في الحرب العالمية الثانية، وقد خدم خلال الحرب العالمية الثانية كقائد لطوربيد، وكان مقاتلا عرف بالشجاعة خلال الحرب.. بعد أن وضعت الحرب أوزارها عمل مراسلا صحفيا. عاش جون كينيدي 46 عاما، فقد ولد في 29 مايو 1917 في بوسطن، وتم اغتياله بعدة رصاصات في 22 نوفمبر عام 1963 في مدينة دالاس بولاية تكساس الأمريكية. والمتابع لمسيرة التاريخ سوف يكتشف علي الفور أن قصة جون كينيدي وعائلته كانت إعادة في العصر الحديث لقصص عائلة (بورجيا) في أواخر القرون الوسطي في إيطاليا وهي أسرة مجنونة بجمع الذهب وتكديس الثروة طلبا للمُلك، وكان بين أفرادها بابا في الفاتيكان ارتكب الخطيئة مع ابنته «لوكريتشيا»، وهذه الأميرة دست السم لعشاقها من القواد والكرادلة، وكان لذات البابا ابن غير شرعي «سيزار» تآمر علي أبيه وخلفه علي عرش «سان بيتر». إن نفس المشاهد تقريبا تكررت مع عائلة كينيدي، فالعائلة جمعت ثروة طائلة من المضاربة والتهريب والتعامل خفية مع عصابات المافيا، ثم كانت الثروة التي تركزت في يد الأب «جوزيف كينيدي» سبيله إلي شراء التأثير السياسي (وغير السياسي أيضا) وكانت أمواله هي التي حملت ابنه إلي البيت الأبيض.. وقد دخل «جون» إلي البيت الأبيض وفي يده زوجته الجميلة «جاكلين»، ولكن غرائزه كانت مسكونة بامرأة أخري هي نجمة الإغراء الأشهر في القرن كله «مارلين مونرو»، وبنزوة نجمة راحت مارلين مونرو تلح علي كينيدي أن يعترف بعلاقته بها وتهدده بإذاعة سره، ولم يتورع كينيدي عن إصدار الأمر بقتلها، والغريب أن الذي تولي تدبير القتل مستعينا بعناصر من المافيا شقيقه «روبرت» وهو وقتها المدعي العام أي وزير العدل لكن روبرت قبل أن ينفذ أمر القتل، لم يتورع عن غواية المرأة التي كلف بتصفيتها وأقام علاقة معها، وبعدها وليس قبلها حضر بنفسه عملية حقنها بإبرة تحمل سما لضمان صمتها وبحيث يكون الصمت أبديا. (تقرير لمكتب التحقيقات الفيدرالي مقدم إلي مدير المكتب «إدجار هوفر» قدمه إليه مساعده «كورتني إيفانز» الذي شارك في متابعة جريمة انتحار قتل مارلين مونرو.. وقد روي الواقعة أيضا «سيمور هيرش» الصحفي الكبير الذي اشتهر بتحقيقاته الدقيقة في عدد من الموضوعات الحساسة «بما فيها تسليح إسرائيل النووي»). والغريب أن سجلات البيت الأبيض الرسمية تشير إلي الحفلات الحمراء الصاخبة التي كان الرئيس كينيدي يدعو إليها حول حمام السباحة في البيت الأبيض وتتوافق مواعيدها دون مصادفة مع أوقات لا تكون فيها زوجته جاكلين موجودة في واشنطن. ولكن جاكلين بدورها، وإن اعتبرت نموذجا لجمال عصرها وأناقته لم تكن تمثالا للصلاح والكمال في أي عصر.. والشاهد أن المؤرخ المعتمد لكتابة قصة حياتها هو «دافيد هايمان» الذي ألف عنها كتابه المشهور «امرأة اسمها جاكي» أذاع لأول مرة وجود علاقة بينها وبين روبرت كينيدي شقيق زوجها، وكان توصل هايمان إلي معرفة هذه الحقيقة هو الذي دفعه بعد ذلك إلي تقصي السر أكثر بكتاب عن حياة روبرت كينيدي مع بداية الألفية الثالثة، وفيه اهتم بنشأة العلاقة بين روبرت وجاكلين أرملة أخيه وكيف تطورت، كما روي في فصل مهم عنوانه «من صداقة إلي علاقة».. وحسب روايته فقد كانا يلتقيان كل ليلة في بيتها في «جورج تاون»، ثم بدأ الناس يتهامسون، وكان أن انتقلت جاكلين إلي شقة في عمارة بالشارع الخامس في نيويورك لتلتقي ب«روبرت» وسط زحام مدينة صاخبة بدلا من واشنطن وهي شبه ضاحية هادئة يعرف فيها كل الناس كل صباح ماذا فعل الآخرون فيها طوال الليل.. ويري دافيدهايمان أن اغتيال روبرت كينيدي بعد قصة علاقته ب جاكلين أرملة شقيقه الذي اغتيل قبله جون كينيدي كان واحدا من الدوافع التي جعلت جاكلين تبيع نفسها بعد شهور ب«عقد مسجل» للمليونير اليوناني «أوناسيس». إن فضائح عائلة «بورجيا» ظلت مخبأة ومكتومة في عصرها، في حين أن فضائح عائلة كينيدي كانت معروفة في زمانها، لكن نفوذ الأسرة وصداقة الرئيس الشخصية بعدد من الرجال المهمين في مجال الإعلام، وبينهم «برادلي» رئيس تحرير ال«واشنطن بوست» و«سكوت رستون» رئيس تحرير ال«نيوريورك تيمس»، إلي جانب مهارة «بييرسالنجر» سكرتيره الصحفي، تكفلت بدرجة من حصر الفضيحة وتطويقها. وكان ذلك كله قبل أيام «بيل كلينتون» و«مونيكا لوينسكي». والفارق بين الأيام السابقة والأيام اللاحقة أن عصر الصور، أو عصر التليفزيون كان في طفولته أيام كينيدي وجاكلين، وأما أيام كلينتون ولوينسكي فإن عصر الصور أو عصر التليفزيون، بلغ عنفوان سطوته ولم تعد مفاتيحه في يد رجلين أو ثلاثة.. ثم إن كل شاشة فضية أصبحت نافذة يندفع منها مائة قمر صناعي في أقل من ثانية بمجرد لمسة علي زر.. وبعد الفضائح.. من أين نبدأ قصة الرئيس جون كينيدي؟.. وإلي الحلقة القادمة بإذن الله