٫ رصد «آخر ساعة» أبرز 8 سقطات وقع فيها مقدمو برامج ال«توك شو» خلال العام الحالي، والتي أثارت جدلاً واسعاً داخل المجتمع، وكاد بعضها يتسبب في قطع العلاقات مع دول شقيقة، كما تسبب بعضها في إنهاء تعاقد بعض القنوات مع مذيعين تسببوا في حرج بالغ لإدارتها. ذات مرة، أخطأ الإذاعي الكبير، جلال معوض، دون قصد، في بداية تولي الرئيس السادات الحكم، فبدلاً من أن يقول: «الرئيس السادات»، في إشارة إلي دخوله قاعة مجلس الشعب، حيث كان مقرراً أن يلقي خطاباً مهماً، قال مذيع الثورة بكل حماس، الآن يدخل القاعة «الرئيس جمال عبدالناصر»، وحاول تدارك الأمر، ولكن كان السيف قد سبق العذل، وسمع العالم كله زلة اللسان التي لم يغفرها له الرئيس فعاقبه بالفصل والإحالة إلي التقاعد. جدل كبير أثار حفيظة الأزهر الشريف عندما قال الإعلامي إبراهيم عيسي، إنه لا يوجد شيء في الدين يسمي «عذاب القبر» أو «الثعبان الأقرع» وأن «الغرض من ذلك هو تهديد وتخويف الناس، ومفيش لا ثعبان أقرع ولا بشعر». كادت المذيعة أماني الخياط أن تتسبب في أزمة دبلوماسية وقدمت وزارة الخارجية المصرية اعتذارا رسميا لإحدي الدول الشقيقة بسبب تصريحها بأن هذه الدولة اقتصادها مبني علي الدعارة وان نسبة عالية من الإيدز في البلد». الإعلامية رانيا بدوي أيضا كادت تسبب في أزمة دبلوماسية عندما تطاولت علي السفير الأثيوبي في مداخلة هاتفية وأغلقت الهاتف في وجهه علي الهواء. أما مذيعه «ماسبيرو» «رشا مجدي» كما يطلق عليها تسببت في أزمة طائفية كبري، ووجه إليها اتهامات ب«إثارة الفتنة» و«نقل أخبار كاذبة» في أحداث «ماسبيرو» التي وقعت بين أفراد الشرطة وعدد من المتظاهرين الأقباط، وأسفرت عن مقتل 27 شخصاً وإصابة عشرات آخرين. أما الإعلامية رولا خرسا فطالبت بعودة الرئيس المخلوع حسني مبارك، واللواء حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، وفتح مقرات الحزب الوطني من جديد، وعودة قيادات الوطني المنحل للحياة السياسية. طالبت الإعلامية هالة سرحان ب«إخصاء» المتحرشين بالفتيات وعدم الاكتفاء بعقوبة سجنهم، في معرض تعليقها علي واقعة التحرش بميدان التحرير، وقالت هالة سرحان «الإخصاء لا الإقصاء للمتحرشين، كل مسعور نجس عندك أم وأخت وابنة، لازم العقوبة تكون صارمة». مها بهنسي والتي توقفت عن العمل بقناة التحرير، قالت علي الهواء في إحدي حلقاتها معلقة علي واقعة فتاة التحرير « الشعب مبسوطين.. هيص بقي.. هيهيهيه». أوقف أحمد موسي أحد ضيوفه علي الهواء قائلا: «من فضلك ما تقولش علي مبارك مخلوع.. مبارك تنحي ولم يخلع.. ومعنديش حد في برنامجي يقول مخلوع» وذلك أثناء حديثه عن ثورة 25 يناير مما دفع الضيف للانسحاب في الفاصل. وفي مرة أخري، قال الفنان سمير صبري، لواحدة من الراقصات الشهيرات، إبان فترة السبعينيات، بينما كان يقدم برنامج «النادي الدولي»، مداعباً إياها، «إنتِ من بلد الرئيس؟»، الجملة قيلت بعفوية شديدة ولكنها لم تؤخذ علي المحمل الحسن ودفع ضريبتها صبري، بإلغاء برنامجه، وتم التعتيم الإعلامي عليه، وظل بلا عمل لفترة طويلة. تلك الأخطاء الإعلامية، رغم شهرتها إلا أنها كانت نادرة الحدوث، في زمن كان فيه المذيع ذا مواصفات خاصة من حيث الثقافة واللباقة وحسن المظهر والتصرف، أما اليوم ووسط كل هذا الكم من القنوات الفضائية الخاصة، التي يمتلك أغلبها رجال أعمال يديرونها لتحقيق مصالحهم الشخصية، انتشرت ظاهرة ما يمكن تسميته ببرامج «المصطبة»، التي تعتمد علي مذيعين عديمي الخبرة، يفتعلون الأزمات والمشكلات ويثيرون الرأي العام، وأحياناً تصل مشكلاتهم لحد الإساءة للعلاقات بين مصر ودول أخري. في السطور التالية.. تناقش «آخرساعة»، عددا من الخبراء حول انتشار ظاهرة أخطاء المذيعين وفوضي برامج الفضائيات في محاولة للوصول لوضع لائحة حقيقية تضبط إيقاع العمل الإعلامي. د.محمود علم الدين، وكيل كلية الإعلام بجامعة القاهرة، يري أن المسألة مرتبطة بنوعية الموضوع، ومهارة الإعلامي وقدراته، فهناك نوعية برامج يقدم مذيعوها آراء تتعلق بالقضايا التي تطرح ويقدمون رؤي وتحليلا، مثل إبراهيم عيسي، وأحمد موسي، وهناك نوع ثان من البرامج، وهي التي تعتمد علي استضافة الخبراء والمسئولين وتوجه إليهم الأسئلة، وهنا تكون مساحة الرأي محدودة للمذيع، وكذلك التعليق، والاعتماد يكون علي رأي الضيف، ولكن البعض لا يفهم الحدود بين النوعين، فبعض المذيعين يستضيفون الخبراء، ويتحدثون هم ويعلقون علي القضايا، وهم غير مؤهلين وغير مثقفين وليس لديهم خبرة كاملة لإبداء الآراء الصحيحة، وهنا تحدث المقاطعات والتعليقات وتكون الآراء غير الكافية وغير الناضجة هي المسيطرة علي البرنامج، والمفترض أن المذيع هنا مجرد مدير للحوار في البرنامج، ويكون الاعتماد الكلي علي الضيوف والتقارير. وعن السقطات التي تصدر من بعض الإعلاميين، وما يحدثونه من أزمات، قال إنها نتيجة طبيعية لتطوع المذيع بتقديم تعليقات علي موضوعات ليس له خلفية كاملة عنها، وقد تكون نتيجة الوطنية والحماسة الزائدة، ونحن نفترض حسن النية في ذلك، ولكن هناك شيء غير مقبول، وهو تعمد إحراج الضيف والتحدث بشكل غير لائق فهذه أخطاء إعلامية، والمفترض أن ما يحدث في أي برنامج أن يكون هناك حسن اختيار الضيوف والإعداد الجيد وتحديد نوعية البرنامج لأن تحديد النوع يميز أشياء كثيرة حتي لا يقع في الخطأ. ويؤكد علم الدين، أن المشكلة الكبري في عالم الفضائيات هي دخول مجموعة من الأفراد الذين قفزوا علي الشاشة دون أن يكون لديهم أي خبرة سابقة سواء في الصحافة أو الإعلام ولا ماضي لهم في هذه المهنة علي الإطلاق. وطالب، بإنشاء نقابة للإعلاميين تتولي وضع المعايير والضوابط وتمنح بطاقة معتمدة للإعلامي، بالإضافة للمحاسبة والمساءلة ومعاقبة الخارجين. وقال: «نحن نحتاج لمعايير للمساءلة وضوابط لمن يعمل في الإعلام، وكذلك ضوابط لمن يستثمر أيضاً في الفضائيات، وتحديد من يديرها، ويجب إعادة تنظيم الإعلام المصري في إطار مجموعة من القوانين والتشريعات». وتوافقه في الرأي الإذاعية الكبيرة، آمال فهمي، والتي تؤكد أن المذيعين نوعان أحدهما يستطيع الإدلاء برأيه، ويقدمه للمستمع أو المشاهد، وهناك نوع آخر يجب أن يكون محايداً ولا يعبر عن نفسه، وهناك نوع ثالث دخيل علي المهنة، وهم مجموعة من الصحفيين الذين يتولون مهنة تقديم البرامج ولا يعرفون أسرارها، وأحياناً لا يجيدون نطق اللغة العربية الصحيحة، وبعيدون كل البعد عن متطلبات مهنة المذيع، ويستخدمون كلمات ولغة غير مطلوبة، وألفاظا لا تتفق مع أصول العمل الإعلامي. وتقول الإعلامية الكبيرة: «الكثيرون يسألونني عن سر بقاء برنامج علي الناصية الذي امتد عمره لأكثر من خمسين عاماً حتي الآن، فأرد بأن ذلك سببه أنني أجيد أصول المهنة، ولا أنحاز لجهة دون أخري، ولا أفرض رأيي علي أحد، وحتي ميولي الشخصية لا تظهر في عملي أو تقديمي». تضيف: «المذيعة التي تتحدث عن نفسها كثيراً نسميها مذيعة «نص كم»، ولا تترك علامة في قلب المستمع أو المشاهد»، فالمذيع يجب أن يكون علي مستوي عال من الثقافة والتفكير، ولكن للأسف ما يحدث غير ذلك فكل مقوماتهم الشكل والماكياج دون الكفاءة. أما د.عفاف إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث، فتري أن الفضائيات الخاصة تعتمد علي آراء المذيعين، ووجهة نظرهم، ويحرصون علي فرضها علي الموجودين، وهنا يكون الخلاف فإذا كان المذيع مؤهلا بشكل جيد، ولديه قدرة علي تقديم أفكار وحقائق، فلا مانع، أما إذا كان غير مؤهل لذلك تكون مشكلة حقيقية. وتطرقت د.عفاف لمشكلة أخري وهي الضيوف، فكيف يطلب المذيع من الضيف حل المشكلات في عدة دقائق وهو جالس علي الشاشة، وهي المشكلات التي تؤرق المواطنين ربما لسنوات طويلة، والتي يحتاج حلها لعمل بحوث ودراسات حتي نصل للحقيقة. تضيف قائلة: «من المفترض أن يخاطب الإعلام جميع المستويات الثقافية المتعددة فيأتي بكل مستويات الشارع المصري، وكل الطبقات، ونطرح المشكلة للنقاش من جميع الزوايا، ولا نضع مجرد حلول علي الورق أو شفاهية فقط لا يمكن تطبيقها، ولكن يجب أن تكون تلك الحلول واقعية لأن لكل شيء علما، يحتاج لبحث ومناقشة وتطبيق صحيح وليس مجرد كلام».