منذ أيام قليلة نجحت حملات البحرية الإيطالية في إنقاذ 6 آلاف من المهاجرين من الغرق بالقرب من سواحل صقلية غالبيتهم من السوريين والمصريين ، الخبر ليس جديدا بل يتكرر نشره مثل أحوال الطقس وحوادث الطرق، الجديد هو في انقاذ هذا العدد من ضحايا الهجرة غير المشروعة ممن يسافرون بقوارب الموت أما فيما سبق فكانت أخبار انتشال عشرات الجثث الطافية بالقرب من الساحل الإيطالي، العامل المشترك بين هؤلاء الضحايا هو النزاعات والصراعات ومناخ الحرية في بلدانهم وقلة فرص العمل مما يدفعهم لخوض تجربة محفوفة بالمخاطر التي تمتد بعد الوصول للشاطيء الآخر في ظروف العمل السيئة والأجور المتدنية وملاحقة السلطات لهم! أما في الداخل فقد تخلت الدولة منذ سنوات طويلة عن دورها في توظيف الشباب وتكليفهم من خلال القوي العاملة باستثناء بعض الفئات وتركهم فريسة البحث بأنفسهم أو بالوساطة والمحسوبية للحاق بقطار الوظيفة (الميري) أو الهجرة للخارج، وفي السنوات الأخيرة لوحظ أن الشباب بدأ ينحي شهادته الدراسية جانبا واتجه للعمل في خدمة توصيل الطلبات للمنازل والحراسة وأعمال النظافة في الفنادق أو كباعة جائلين ومندوبي دعاية ومبيعات أو قيادة السيارات بأنواعها للغير وما يترتب علي ذلك من مشاكل اجتماعية ونفسية إذا فكر الشاب في تكوين أسرة، ومن لايجد فرصة وتستمر أسرته في الإنفاق عليه فمكانه المقاهي والمولات ثم دخول دائرة الإحباط والإدمان!! دولة خليجية أعلنت منذ أيام عن حاجتها لمزارعين، وتبين أن معظم من تقدموا للعمل كانوا من خريجي الجامعات، أرقام البطالة التي وصلت إلي 3.6 مليون من العاطلين العام الماضي دفعت بعضهم لتدشين حملة علي موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك بعنوان "هجرة شباب مصر" هدفها جمع مليون شاب والتخطيط للسفر للخارج لتحقيق حلمهم خارج البلاد لعجزهم عن تحقيقه بالداخل وأكد منظموها علي عدم الانتماء لأي تيار أو فصيل سياسي وأنهم يشعرون بالإحباط الشديد وفقدان حلم التغيير بعد ثورة يناير والتهميش وانتشار الفساد وفقدان الأمان! مثل هذه الحملة وغيرها من الظواهر أجراس إنذار لكل مسئولي الدولة في المرحلة القادمة بأن يلتفتوا للشباب ولايجعلوهم مجرد أرقام ينظر إليها عابرا ، إضافة لاستبعادهم من المشاركة السياسية سواء في الأحزاب أو الحكومات السابقة والحلول الأمنية التي تزيد المشكلة تعقيدا، فلابد من استيعاب الشباب وإزالة أسباب الاحتقان والغضب لديهم فلا يستقيم وجود واستمرار أمة من الأمم ينحي فيها نصف حاضرها وكل مستقبلها.