في الوقت الذي فشلت فيه مصر في الاستفادة من آثارها الفرعونية لجذب السياحة التي تشهد أسوأ فتراتها التاريخية منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011، تفتق العقل الصيني عن فكرة عبقرية وهي استنساخ نموذج لتمثال أبو الهول، في محاولة لجذب عشاق الحضارة والتاريخ الفرعوني إلي بلادهم.. في المقابل، يشهد «أبوالهول» الأصلي حالة من الخمول ويقبع في مكانه حزينا بمنطقة أهرامات الجيزة، وسط محاولات حكومية لإعادة البريق وهالة الضوء إلي المكان الذي غاب عنه الزائرون وتحولوا من دول كثيرة حول العالم إلي متابعة آثار مصر في نسخ مقلدة بدول أخري مثل الصينوأمريكا التي تحظي هي الأخري بنسخة مماثلة في ولاية لاس فيجاس. أبو الهول.. صناعة صينية .. لم أندهش من ظهور أبو الهول في الصين.. حيث قامت بعض الدول الكبري باستنساخ حضارة مصر الفرعونية فقبل الصين قامت أمريكا باستنساخ ثلاث مقابر في وادي الملوك وكان أهمها مقبرة الملك توت عنخ آمون.. بل الأغرب استنساخ مدينة الأقصر في لاس فيجاس.. أيضا فرنسا أرسلت لنا نسخة مقلدة من مقبرة الملك «توت عنخ آمون» وافتتحها وزير الآثار من أسابيع في مدينة الأقصر رغم امتلاكنا لأصل الحضارة. ولم تقم الدنيا علي المقابر المستنسخة في أمريكا أو أي دولة.. لكن ما أثار غضبي من استنساخ أبو الهول في الصين هو الصناعة الصينية نفسها التي أصبحت مادة للسخرية لأنها صناعة مضروبة.. عموما أصبح الآن لدينا اثنان من أبو الهول واحد أصلي في مصر والآخر مضروب في الصين.. والسؤال ما الفرق بين التمثالين وأيهما أجمل بالصور وهل ما يحدث للحضارة الفرعونية من إهمال وتدمير وسرقة يجعلنا نفرح لاستنساخها في الخارج ؟ خصوصا ما يتعرض له أبو الهول يوميا من إهانة وتدمير أمام أعين وزير الآثار وشرطة السياحة ..وسبوبات الباعة الجائلين حتي يبقي الوضع علي هو عليه . وهل أبو الهول سيكون سببا في بوادر أزمة مصرية صينية، باعتبار أن هذا يلحق الضرر بصورة مباشرة علي التراث الثقافي المصري مما يوقع عليه الضرر. في الوقت الذي تهان فيه الحضارة المصرية بأيدي المصريين وتسرق وتدمر قامت الصين التي لاتعرف المستحيل حتي ولو تعلق الأمر بمعجزة نتباهي نحن المصريين بإنجازها واسمها "أبوالهول"، حيث انتهت من بناء نسخة طبق الأصل منه، في أجواء مشابهة لمنطقة الأهرامات بالجيزة. أبوالهول الصيني، بُني في مدينة شيجياتشوانج بمقاطعة هيبي، ويبلغ طوله حوالي 60 متراً، وارتفاعه 20 متراً، ويعد التمثال الثاني من نوعه، حيث توجد نسخة أخري بمدينة «لاس فيجاس» الأمريكية. صحيفة "ديلي ميل" البريطانية سلطت الضوء علي "أبوالهول" الصيني مشيرة إلي أنه مصنوع من الخرسانة عكس التمثال الأصلي المنحوت من الحجر الجيري قبل 2500 عام قبل الميلاد، ناقلة عن مصمميه قولهم إنه سيستخدم كأحذ عوامل جذب السائحين إلي بلاد «النمر الآسيوي»، فضلا عن الاستفادة منه كموقع لتصوير الأعمال الفنية. وتشير وكالة الأنباء الرسمية إلي أنه من المعروف أن مصر كانت طالبت منذ سنوات طويلة من خلال قوانين محلية أو مطالبة لمنظمة اليونسكو، بعدم استغلال دول العالم لآثار مصر دون الرجوع لوزارة الآثار المصرية أو الحصول علي تصريح لاستغلال الدعاية بالآثار المصرية، لحفظ حقوق الملكية الفكرية وحماية التراث الإنساني. منذ أسابيع قام المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء بزيارة منطقة الأهرامات وذلك لحرص الدولة علي حماية والحفاظ علي ما تمتلكة مصر من إرث حضاري يمثل ضمير هذه الأمة، وتوفير الدعم الكامل لتطوير المناطق الاثرية كأحد الروافد السياحية الجاذبة لمصر.. رئيس الوزراء طالب خلال الجولة بضرورة تضافر جهود كافة الوزارات والجهات المعنية بالشأن الأثري. وطالب وزير الآثار بسرعة نقل الباعة الجائلين الذين احتلوا مداخل ومخارج أبوالهول وأيضا الخيالة إلي الأماكن المخصصة لهم بالمنطقة الأثرية مع مراعاة البعد الاجتماعي لهم، المهم أن الصور المنشورة لأبوالهول المصري التقطت الأسبوع الماضي والصور توضح العبث والإهمال الذي يتعرض له حيث حوّل الباعة الجائلون الحجارة الأثرية لأبي الهول إلي ما يشبه الأرفف يعلقون عليها بضاعتهم أمام السياح، وعلمت أن هناك من يدفع ليظل الوضع علي ما هو عليه. ٭ والسؤال ماهو رد وزير الآثار علي المهزلة الصينية؟ - اكتفي الدكتور محمد إبراهيم وزير الآثار بالتنديد بما يحدث من كوارث الآثار التي حلت بالحضارة المصرية وأرسل فاكسا إلي الصحفيين جاء فيه: «صرح بأنه سوف يخاطب مندوب مصر الدائم لدي اليونسكو د. محمد سامح عمرو لاتخاذ الإجراءات اللازمة نحو اطلاع مدير عام منظمة اليونسكو د.إيرينا بوكوفا والأعضاء الدائمين بالمنظمة علي حجم الضرر الواقع علي التراث الإنساني المصري المتمثل فيما فعلته إحدي الجهات الصينية بتشييد تمثال محاك لتمثال أبوالهول بمنطقة الأهرامات الأثرية وبصورة مشوهة لمقاييس وسمات التمثال الأصلي ومطالبة أعضاء المنظمة العالمية بتطبيق ماجاء بالفقرة الثالثة من المادة السادسة لاتفاقية اليونسكو الموقعة عام 1972 لحماية التراث العالمي والثقافي والطبيعي ضد هذا الإجراء، التي تنص علي "تعهد كل من الدول الأطراف في هذه الاتفاقية، ألا تتخذ متعمدة، أي إجراء من شأنه إلحاق الضرر بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بالتراث الثقافي والطبيعي، الواقع في أقاليم الدول الأخري الموقعة علي هذه الاتفاقية". والتأكيد علي منع أي دولة من إعادة إنتاج التراث الثقافي لأي دولة أخري حفاظا علي القيمة الاستثنائية لميراث الشعوب الذي لا يمكن ان يسمح بإعادة إنتاجه دون قيود ودون الرجوع للدولة المالكة لهذا التراث. كما أشار وزير الآثار إلي أنه سوف يتم التنسيق مع وزارة الخارجية لمخاطبة سفارة الصين بالقاهرة وحثها علي الالتزام بما نصت عليه اتفاقية اليونسكو الموقعة في عام 1972». في السياق أصدر شباب الأثريين بيانا يندد ويشجب وهذا نص الخطاب الموجه للسفارة الصينية ولمنظمة اليونسكو بالقاهرة: تعلن النقابة المستقلة للعاملين بالآثار واتحاد شباب الثورة عن اعتراضهم علي إقدام السلطات الصينية علي تصميم تمثال لأبو الهول في الصين وهو ما يعتبر انتهاكا لحقوق الملكية الفكريه والحضارية المصرية وهو ما لا ترتضيه دولة الصين وشعبها علي حضارتها القديمة التي نشأت مع الحضارة المصرية كما لا تقبله العلاقات المصرية الصينية الطيبة. لذلك يتقدم مجلس إدارة الأثريين المستقلين بطلب للسلطات الصينية لإيقاف هذا الأمر حفاظا علي الاحترام المتبادل بين حضارة وتاريخ وعراقة البلدين الذي يتفوق في أصالته علي تاريخ غالبية دول العالم. وعدم السماح بتكرار ذلك علي أراضيها مرة أخري والعمل علي إيجاد صيغة مشتركة للخروج بقانون دولي لحماية الملكية الفكرية والحضارية للآثار بتعاون مصر والصين وكل الدول ذات الحضارات العريقة والتبادل الثقافي والاقتصادي امتدادا للتاريخ بين البلدين. وفي النهاية يبقي السؤال: هل ستظل حضارة مصر مستباحة لكل دول الغرب فقبل الصين استنسخت أمريكا مقبرة توت عنخ آمون وسيتي الأول ونفرتاري.. وقبلها مدينة الأقصر بلاس فيجاس.. واليوم الصين؟ فمن المتسبب فيما تتعرض له حضارة مصر.. أمريكا أدخلت معدات حديثة لمقبرة توت عنخ آمون لمدة شهر وهذا يعني أن هناك تواطؤا من العاملين في الآثار لأن الاستنساخ صورة طبق الأصل.