ماذا يحدث في ليبيا.. وفي بنغازي بالتحديد؟ لماذا اشتعلت النيران التي هدأت منذ حين.. ولماذا عادت المواجهات الدموية بين قوات الميليشيات الجهادية المسلحة.. وجيش ليبيا المنشق تحت قيادة قائد الأركان السابق «حفتر»؟! أسئلة عديدة وإجابات قليلة حول حقيقة ما يحدث في ليبيا.. وهل هو انقلاب تم إخماده.. قبل أن يبدأ؟ أم صراع ميليشيات.. ومصالح ليبية وإقليمية ودولية.. علي من: يأكل أكبر نصيب من كعكة النفط الكبري! والحكاية أن وزارة الصحة الليبية أعلنت وبصورة مفاجئة.. عن ارتفاع عدد القتلي إلي 24 شخصا.. واعتقد الجميع أنها حكاية كل يوم.. من صراعات بين ميليشيات ليبية في بنغازي.. وغيرها من المدن الليبية.. ولكن بيان الوزارة قال إن القتلي كانوا حصيلة اشتباكات جرت بين قوات ليبية غير نظامية.. وإسلاميين متشددين.. في بنغازي شرق البلاد. ٭ ولم يهدأ الأمر.. كثيرا.. حتي أطل اللواء الليبي المتقاعد المثير للجدل «خليفة حفتر».. ليعلن عبر قناة محلية تابعة له.. عن استمرار حملة ما يسمي ب«كرامة ليبيا».. وحتي تطهير مدينة بنغازي من.. «التكفيريين»! ولم يكتف بذلك.. بل أعلن حالة النفير العام.. لكل القوات التابعة له.. ودعاهم للعودة لمعسكراتهم فورا!.. ٭ هل هي دولة داخل دولة.. اسمها «ميليشيات حفتر»؟ والإجابة.. أن الرجل ظهر منذ شهور قليلة.. وكان في السابق قائدا لهيئة الأركان الليبية.. في عهد القذافي.. وله صولات وجولات وانتصارات وانكسارات كان أبرزها.. الذهاب بقواته لتشاد.. للحرب هناك ومؤازرة طرف ضد آخر.. وفي البداية حقق الرجل انتصارات باهرة.. ولكن المقربين من القذافي.. قالوا له إن انتصارات الرجل.. قد تغريه.. عند عودته لليبيا.. أن يطمع في السلطة.. ويطيح بالقذافي شخصيا! وهنا.. اختار القذافي أن يورط حفتر في المستنقع التشادي.. فلم يستجب لنداءاته المتكررة.. بإرسال التعزيزات العسكرية له هناك.. وبالفعل واجه الرجل صعوبات.. أدت إلي إلحاق الهزيمة بقواته في النهاية.. وهنا طلب منه القذافي العودة لليبيا.. وشعر حفتر.. بالغدر من ناحية العقيد.. في حال عودته.. فاختار الهجرة لأمريكا وتكوين جبهة مسلحة معارضة للنظام الليبي كله. ٭ وعند الإطاحة بالقذافي.. كانت لحفتر.. مساهماته.. خاصة في عمليات تحرير بنغازي.. والشرق الليبي كله.. ومساعدة قوات «الناتو».. في النزول للأراضي التي كان يستولي عليها النظام. ٭ ويبدو.. أن الرجل.. يريد أن يكون له دور في ليبيا الجديدة.. ومن هنا فهو يظهر بين وقت وآخر.. معلنا.. الانقلاب علي السلطة القائمة.. التي تعارضه أحيانا.. وتؤيده في السر.. أحيانا أخري.. للقضاء علي الميليشيات الجهادية المعارضة.. خاصة في الشرق الليبي. وهذه المرة.. يبدو أن الأمر اتخذ طريقا مسدودا لا رجعة منه.. فقد تم إغلاق مطار بنغازي.. وإغلاق حقل الفيل البترولي.. وتوقف إنتاج حقل الشرارة.. وبالتالي تصدير البترول الليبي للخارج. وانضمت لقوات حفتر.. ولأول مرة.. قوات من سلاح الجو الليبي.. وقامت بقصف عدة معسكرات لكتيبة 17فبراير.. وهي ميليشيات جهادية. وأعلن حفتر أن قواته ليست متمردة.. ولكنها قوات الجيش الوطني الليبي.. وأنها تقوم بعمليات مسلحة واسعة لتطهير الشرق كله.. من الإرهاب. ٭ ماذا يعني هذا؟ يعني وببساطة.. أن هناك ميليشيات بدأت في التحكم فعليا.. في المسار الليبي.. بعد أن كانت مجرد ميليشيات جهادية غير محترفة بالمعني العسكري وأن قوات حفتر.. تضع نفسها بديلا للجيش الليبي النظامي.. وأنها طامعة في حكم ليبيا كلها.. ربما بانقلاب عسكري توافقي.. قد ينضم إليه معظم أفراد الجيش الليبي في النهاية ولهدف واحد: هو توحيد ليبيا.. والقضاء علي الإرهاب.. المتمثل في الميليشيات الجهادية المسلحة. ولكن.. المسئولين الليبيين علقوا علي ذلك كله بأنهم لم ولن يسمحوا بأي عمل عسكري دون تفويض من رئاسة الأركان الرسمية.. وأن من انضموا لحفتر من سلاح الجو الليبي هم «منشقون».. وأن هذا خروج علي «الشرعية».. والأخطر قولهم: إن عهد الانقلابات العسكرية قد مضي.. ولن يعود أبدا.. وأنه لا مكان مع ذلك للإرهابيين.. وأن الحل هو في التمسك بالشرعية.. مع عدم الاعتراف بقوات حفتر.. التي وصفوها ب«الخارجة عن شرعية الدولة الليبية.