لحظات من هجوم بنغازى احتدم جدل عنيف داخل أروقة السياسة الأمريكية بعد أن نشرت اللجنة المتخصصة بالرقابة علي الشؤون القضائية في الولاياتالمتحدة وثائق تظهر تمسك البيت الأبيض بروايته حول أحداث بنغازي ومقتل السفير كريستوفر ستيفنز وثلاثة آخرين عام 2012رغم الأدلة القاطعة التي قدمتها أجهزة الأمن، والتي تدل علي تعرض القنصلية لهجوم منظم وليس مظاهرة احتجاجية علي فيلم مسيء للمسلمين. ولم تكن هذه المرة الأولي التي تكشف عن مثل هذه المعلومات، بل كان هناك عشرات التقارير التي تؤكد تورط جماعات تابعة للقاعدة في الهجوم، وأن وكالة الاستخبارات المركزية ووزيرة الخارجية وقتها كانت علي علم بها. وفي إحدي رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بأعضاء البيت الأبيض عقب أيام من الإعتداء، طلب "بن رودس" نائب مستشار الأمن القومي من "سوزان رايس" السفيرة الأمريكية لدي الأممالمتحدة آنذاك أن تقول إن أعمال العنف نجمت بشكل تلقائي من حشود غاضبة من الفيلم المسيء للرسول الذي تم بثه علي الإنترنت، ولم تكن من تدبير متشددين إسلاميين. وتبين بعد ذلك أن الإعتداء كان مخططاً له من قبل مسلحين. وحين ثبت أن رواية رايس غير صحيحة، اتهمها أعضاء الكونجرس من الجمهوريين بأنها تحاول حماية أوباما خلال حملته الانتخابية الثانية آنذاك والتي كانت تقوم علي أنه وجه ضربات قاسية لتنظيم القاعدة، وأن التنظيم انتقل إلي مرحلة الدفاع والفرار. وكان نواب الحزب الجمهوري قد أكدوا طوال الأشهر الماضية أن إدارة أوباما سعت إلي طمس الطابع الإرهابي لهذا الهجوم. واتهم النائب الأمريكي تيري جاودي، إدارة أوباما وهيلاري العام الماضي، بالتضليل المتعمد عن الهجوم، أثناء تقديم الأخيرة بشهادتها أمام لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيخ. فيما أكد السيناتور راند بول أن لديه ما يفيد تورطها في تهريب أسلحة إلي سوريا من ليبيا عبر تركيا، كما تحدث عن تعمد وكالة الاستخبارات المركزية تدمير موقع الأحداث وطمس الأدلة، حتي لا تتمكن اللجنة من فحصه بحيادية. ومن بين الاتهامات الموجهة لأوباما وإدارته، والتي قدمت حولها هيلاري إفادتها أمام لجنة الكونجرس، أن الإدارة الأمريكية كانت تعلم بتوقيت الهجوم، ومن هم المهاجمون، وأن الخطة كانت تتمثل في خطف السفير وعدد من الرهائن بهدف الضغط علي البيت الأبيض، لإطلاق سراح عمر عبدالرحمن، "الشيخ الكفيف"، الذي تم اعتقاله في الولاياتالمتحدة خلال تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993. ووفقاً للمحلل الأمريكي ريموند إبراهيم، فإن صمت أوباما عن الهجوم كان بهدف الضغط علي الكونجرس من أجل إطلاق سراح الشيخ، حيث كانت هيلاري قد وعدت المعزول محمد مرسي عند وصوله إلي السلطة بالإفراج عنه، لكن أوباما وجد رد فعل سلبي قوي من الشعب الأمريكي، جعله يتراجع عن هذا الوعد، خاصة أنه كان يقود معركة انتخابية شرسة أمام منافسه الجمهوري ميت رومني. هذا بالإضافة إلي استغلال واشنطن لليبيا في تهريب أسلحة إلي سوريا، لدعم الجماعات الإرهابية، بهدف تسريع الإطاحة بنظام بشار الأسد. وكان ستيفنز الرجل المسئول عن وضع الخطط النهائية لعزل معمر القذافي، وأنه بعد تنفيذ المهمة نقل إلي بنغازي، حيث بدأ في تجميع الأسلحة الموجودة في ليبيا لشحنها إلي الجماعات الجهادية في سوريا. وهذا ما أكده تقرير سابق نشره موقع WND الأمريكي للصحفي والكاتب آرون كلاين، حول الهجوم علي القنصلية الأمريكية في بنغازي، يؤكد تورط الإخوان المسلمين في هذا الحادث وخاصة الرئيس المعزول محمد مرسي. حيث كشف "توماس بيكرينج" دبلوماسي بارز وسفير الولاياتالمتحدة السابق في موسكو، في إحدي جلسات لجنة المراقبة والإصلاح الأمريكية، عن وجود أدلة تؤكد ضلوع الجماعة المحظورة في الهجوم علي مقر البعثة الأمريكية التي قتل فيها السفير ستيفنز وثلاثة آخرون. وأضاف أنه كان هناك خطة لخطف ستيفنز. ووفقاً للموقع، فإن المنظمة التي ورد اسمها في تقرير "مجلس مراجعة المساءلة" هي منظمة الشيخ عمر عبد الرحمن. والتقرير غير المصنف، ذكر اسم الجماعة المحظورة في هجمات سابقة في بنغازي في الفترة التي تسبق 11 سبتمبر 2012 أي قبل مقتل السفير الأمريكي. إلا أن كلاين أشار إلي وجود أدلة تربط بين حادث القنصلية ببنغازي وحملة مرسي لإطلاق سراح الشيخ. حيث أن الإفراج عنه كان إحدي القضايا السياسة الخارجية الرئيسية التي اهتم بها مرسي. فمسألة إطلاق سراح عبدالرحمن كانت أساسية لمرسي فقبل أسبوع واحد من الهجوم الذي وقع في بنغازي، دعا مرسي مرة أخري الولاياتالمتحدة للإفراج عن عبد الرحمن. وفي يوليو الماضي، نشرت العديد من الصحف العربية الكبري القصة، وكانت الرأي الكويتية أولها، فذكرت نقلاً عن تقرير للمخابرات الليبية بشأن الهجوم في بنغازي أن يذكر ضلوع مرسي وآخرين معه في هذه القضية. ويستند التقرير، الذي أعده محمود إبراهيم شريف، مدير الأمن الوطني في ليبيا، علي اعترافات من بعض الجهاديين الذين تم القبض عليهم في تفجير السفارة الأمريكية. ويذكر التقرير أن من أبرز الشخصيات التي جاءت أسماؤهم باعترافات أعضاء الخلية هم مرسي والداعية صفوت حجازي؛ رجل الأعمال السعودي منصور بن كدسه صاحب قناه الناس الفضائية والشيخ محمد حسان والمرشح الرئاسي السابق حازم صلاح أبو اسماعيل. ومن جانبها، علقت "بيرناديت ميهان" الناطقة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، قائلة إن محتوي تلك الوثيقة يعكس ما كانت تقوله الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت بناء علي ما فهمته من المعطيات المتوفرة. ومن ناحية أخري تتكثف المساعي التي تهدف للاقتصاص من المخربين الذين تسببوا بمقتل السفير الأمريكي وآخرين. حيث يسعي نواب أمريكيون إلي تمرير قانون جديد يعطي الولاياتالمتحدة الحق في ملاحقة وقتل الليبيين الذين اغتالوا ستيفنز في بنغازي. اقترح النائب "دونكان هنتر" من كاليفورنيا تشريعات جديدة من شأنها أن تمهد الطريق للقوات الأمريكية لاستهداف مهاجمي بنغازي مباشرة، مستنداً إلي التفويض في استخدام القوة العسكرية الذي تم توقيعه ليصبح قانوناً في عهد الرئيس جورج بوش في أعقاب هجمات سبتمبر التي سمحت باستهداف الدول والمنظمات والأشخاص الذين قاموا بدور مباشر في الهجمات علي الولاياتالمتحدة. واستخدم هذا القانون لتبرير الضربات الأمريكية في العراق وباكستان وأفغانستان واليمن والصومال. وسوف يتم دراسة هذه التشريعات الجديدة خلال الأسبوع الحالي عندما تدرس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب مشروع قانون المالية للعام 2015.w وكما أصدرت لجنة الرقابة في مجلس النواب الأمريكي، مذكرة استدعاء لوزير الخارجية "جون كيري" للإدلاء بإفادة في جلسة عامة للجنة يوم 21 مايو بشأن الهجوم علي القنصلية الأمريكية. وقال رئيس اللجنة "داريل عيسي" إن اللجنة تريد أن يجيب كيري عن أسئلة بخصوص رد وزارة الخارجية علي تحقيق أجراه الكونجرس في الهجوم.