منذ ظهور المقال المطول لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية, في28 ديسمبر الماضي, والذي حاول عبر سبعة آلاف, كلمة تبرئة إدارة اوباما ومعه وزيرة خارجيته السابقة هيلاري كلينتون, مما عرف بفضيحة هجوم بنغازي, والذي أفضي إلي مقتل السفير الأمريكي في ليبيا وأربعة آخرين,احتدم جدل عنيف داخل أروقة السياسة الأمريكية, حول مدي مصداقية الصحيفة, وعن نيتها الواضحة لحملة موسعة تحاول من خلالها أن تنأي بالإدارة الأمريكية عن تهمة تحويل ليبيا وتحديدا بنغازي إلي محور لنشر الإرهاب وتهريب الأسلحة في المنطقة, وأيضا دعم الجماعات الإرهابية في سوريا, وفي سبيل ذلك ضحت بدماء باردة برجالها في بنغازي. كانت صحيفة واشنطن تايمز, قد نشرت مقالا للرأي علي صفحتها الأولي منذ عدة أيام, تنتقد فيه التناقض الحاد الذي وقعت فيه صحيفة النيويورك تايمز, احد ابرز الصحف الأمريكية, عندما نشرت عبر مراسلها ديفيد كيرك باتريك, وهو مدير مكتب الصحيفة في القاهرة, من أن القاعدة لم تشارك في هجوم بنغازي, وان الإدارة الأمريكية لم تكن علي علم به, وانه جاء بشكل عفوي, نتيجة للغضب من قبل إسلاميين متطرفين حيال الفيلم المسيء للإسلام الذي تم تداوله علي موقع اليوتيوب, في سبتمبر من عام2011, والذي أنتج في الولاياتالمتحدة. كيرك باتريك, المسئول عن نشر عشرات التقاريرالملونة عن مصر, خلال الآونة الأخيرة, منذ سقوط مرسي, حاول أن يظهر أيضا عبر مقاله المفصل, أن تنظيم القاعدة لم يتورط في الهجوم, وهو ما جاءا متعارضا مع تقارير الصحيفة السابقة, والتي كانت قد نشرت عشرات التقارير التي تؤكد تورط جماعات تابعة للقاعدة في الهجوم, وان وكالة الاستخبارات المركزية ووزيرة الخارجية, وقتها كانت علي علم بها. كان بيت هوكسترا, الرئيس السابق للجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأمريكي, قد انتقد في مقال له بمجلة ناشيونال ريفيو, فشل إدارة اوباما الخارجية, وكيف أنها فقدت الأصدقاء القدامي في الشرق الأوسط, لتضع يدها في يد أصدقاء آخرين, هم الجماعات الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة, وكيف أنها أسقطت نظام القذافي, لتحول ليبيا إلي دولة تديرها المليشيات الإرهابية. كان النائب الأمريكي, تيري جاودي قد اتهم كلينتون وإدارة اوباما في2 أغسطس من العام الماضي, بالتضليل المتعمد عن الهجوم, ونقل الشهود لاماكن غير معلومة وهو ما أعرب عنه أيضا السيناتور راند بول, الذي قال انه لم يتم الاستدلال علي الشهود المطلوبين للإدلاء بشهادتهم أمام لجان مجلس الشيوخ والنواب حول الهجوم, متهما بصفة خاصة هيلاري بتورطها في هذا التعتيم, أثناء تقديم شهادتها أمام لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيخ في23 من يناير الماضي, وقد أكد بول أن لديه ما يفيد تورطها في تهريب أسلحة إلي سوريا من ليبيا عبر تركيا, كما تحدث عن تعمد وكالة الاستخبارات المركزية تدمير موقع الأحداث وطمس الأدلة, حتي لا تتمكن اللجنة من فحصه بحيادية. ومن بين الاتهامات الموجهة للإدارة الأمريكية, والتي قدمت حولها هيلاري كلينتون إفادتها أمام لجنة الكونجرس, أن الإدارة الأمريكية كانت تعلم بتوقيت الهجوم, ومن هم المهاجمين, وأن الخطة كانت تتمثل في خطف السفير وعدد من الرهائن بهدف الضغط علي البيت الأبيض, لإطلاق سراح الشيخ الضرير عمر عبد الرحمن الموجود حاليا في سجن الولاياتالمتحدة لمسؤوليته عن تفجير مركز التجارة العالمي في1993, ووفقا لبعض التقارير الصحفية, وللمحلل الأمريكي ريموند إبراهيم وغيره, فان الكثير من علامات الاستفهام كانت تحوم حول صمت الرئيس الأمريكي بارك أوباما عن الهجوم, وأكدت بعض التحليلات انه كان بهدف الضغط علي الكونجرس من اجل إطلاق سراح الشيخ, حيث كانت هيلاري قد وعد محمد مرسي عند وصوله إلي السلطة بالإفراج عنه, لكن اوباما وجد رد فعل سلبي قوي من الشعب الأمريكي, جعله يتراجع عن هذا الوعد, خاصة انه كان في غمار الأسابيع الأخيرة من حملته الانتخابية لولاية ثانية. وهذا يفسر وفق بعض المراقبين التأخر المتعمد من قبل وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في إرسال تعزيزات أمنية إلي القنصلية, في حين أن السفن الأمريكية العسكرية في البحر المتوسط, علي بعد20 دقيقة من مكان الهجوم. ثم هناك ما وصفته بعض الصحف الأمريكية, بسر واشنطن الصغير القذر في ليبيا, وهو الخاص بأكبر فضيحة تهريب أسلحة من ليبيا إلي سوريا, لدعم الجماعات الإرهابية, المنتشرة في سوريا, بهدف تسريع الإطاحة بنظام بشار الأسد. فكما كتب المحللة السياسية كاتي كيفير من معهد الديمقراطية الامنية, فإن هيلاري ومدير وكالة الاستخبارات المركزية آنذاك ديفيد بترايوس, كانا وراء ما يمكن تسميته ببنغازي كونترا, علي غرار فضيحة إيران كونترا, وفق هذا السيناريو, كان قد تم تعيين ستيفنز للتعامل مع الخدمات اللوجستية لعملية سرية, في مارس2011, وقد شهد خبراء عسكريين أمريكيين سابقين أمام لجنة الكونجرس, ان ستيفنز كان الرجل المسئول عن وضع الخطط النهائية لعزل معمر القذافي, وانه بعد تنفيذ المهمة نقل إلي بنغازي, حيث بدأ في تكديس ترسانة الأسلحة المتقدمة روسية الصنع التي كان يمتلكها القذافي, لشحنها إلي الجماعات الجهادية في سوريا, وانه في2 سبتمبر2012 التقي بترايوس برئيس الوزراء التركي, رجب طيب اردوغان, للاتفاق علي أن تكون بلاده قناة للوصول إلي الجهاديين في سوريا, وفي بنغازي استكمل ستيفنز الترتيبات الأخيرة مع القنصل التركي هناك علي سيت اكين.