إبراهيم محلب: فضلت «المصري اليوم» منذ بدايتها وتقبلت نقدها الموضوعي عندما كنت مسؤولا    سوهاج ترفع درجة الاستعداد القصوى لعيد الأضحى المبارك    «الزراعة» توافق على استيراد 145 ألف رأس عجول للذبيح الفوري والتربية والتسمين    «بن غفير» يطالب بتفجير غزة وتنفيذ اغتيالات مركزة (تفاصيل)    خمس سنوات عنوانها الصراع بعد صعود اليمين الأوروبي!    اختفاء طائرة على متنها نائب رئيس مالاوي برفقة 9 آخرين    فتح: استقالة قائد العمليات الإسرائيلية في غزة يشكل ضغطا على نتنياهو وحكومته    ظهور نادي مصري منافس.. مصدر يكشف لمصراوي آخر تطورات صفقة الأهلي المرتقبة    تأخر وإصابة قوية ل مصطفى محمد.. ملخص الشوط الأول من مباراة مصر وغينيا بيساو (فيديو)    مختل عقلي ينهي حياة والدته طعنا بسكين في الفيوم    بث مباشر .. كيف تشاهد مؤتمر أبل WWDC 2024 اليوم    لميس الحديدى تتصدر التريند بعد إعلان إصابتها بالسرطان.. هذه أبرز تصريحاتها    ملك الأردن يؤكد ضرورة التوصل لوقف فورى ودائم لإطلاق النار فى غزة    ياسمين صبري تنشر جلسة تصوير جديدة من أثينا والجمهور يعلق (صور)    هل على الغني الذى لا يضحي عقوبة؟.. أمين الفتوى يجيب    للتهنئة بعيد الأضحى.. رئيس جامعة بنها يستقبل وفد الكنيسة الأرثوذكسية    «المصريين الأحرار» يُشارك احتفالات الكنيسة بعيد الأنبا أبرآم بحضور البابا تواضروس    موعد محاكمة ميكانيكي متهم بقتل ابن لاعب سابق شهير بالزمالك    نائب رئيس غينيا الاستوائية يشيد بحجم إنجازات مصر في زمن قياسي    10 صور ترصد استطلاع محافظ الجيزة أراء المواطنين بالتخطيط المروري لمحور المريوطية فيصل    «الصحة» تنظم برنامج تدريبي للإعلاميين حول تغطية الشؤون الصحية والعلمية    وسط حراسة مشددة، بدء التحضيرات لانطلاق العرض الخاص ل "أهل الكهف"    بالفيديو| كريم قاسم يروج لفيلم "ولاد رزق 3": "لازم الصغير يكبر"    ختام الموسم الثاني من مبادرة «طبلية مصر» بالمتحف القومي للحضارة المصرية    يعقبه ندوة نقاشية.. عرض ثان لفيلم "جحر الفئران" لمحمد السمان    مصر تتربع على عرش جدول ميداليات البطولة الأفريقية للسلاح للكبار    رشا كمال عن حكم صلاة المرأة العيد بالمساجد والساحات: يجوز والأولى بالمنزل    زيادة سعر دواء شهير لعلاج الجرب والهرش من 27 إلى 55 جنيها    غدًا.. ولي عهد الكويت يتوجه إلى السعودية في زيارة رسمية    سفر آخر أفواج حُجاج النقابة العامة للمهندسين    المرصد المصري للصحافة والإعلام يُطلق حملة تدوين في "يوم الصحفي المصري"    الرئيس الأوكراني يكشف حقيقة استيلاء روسيا على بلدة ريجيفكا    قافلة جامعة قناة السويس الطبية تفحص 115 مريضًا ب "أبو زنيمة"    "بايونيرز للتنمية" تحقق أرباح 1.17 مليار جنيه خلال الربع الأول من العام    جمع مليون جنيه في ساعتين.. إخلاء سبيل مدرس الجيولوجيا صاحب فيديو الدرس الخصوصي بصالة حسن مصطفى    ليونيل ميسي يشارك في فوز الأرجنتين على الإكوادور    وزارة الأوقاف: أحكام وصيغ التكبير في عيد الأضحى    مستشفيات جامعة أسوان يعلن خطة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى    اسكواش - مصطفى عسل يصعد للمركز الثاني عالميا.. ونور الطيب تتقدم ثلاثة مراكز    المنيا تعلن استمرار فتح باب التقدم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    توفير فرص عمل ووحدات سكنية ل12 أسرة من الأولى بالرعاية في الشرقية    «القومي للبحوث» يوضح أهم النصائح للتغذية السليمة في عيد الأضحى    أفيجدرو لبيرمان يرفض الانضمام إلى حكومة نتنياهو    مفاجأة مثيرة في تحقيقات سفاح التجمع: مصدر ثقة وينظم حفلات مدرسية    الأوقاف: افتتاح 27 مسجدًا الجمعة القادمة| صور    تشكيل الحكومة الجديد.. 4 نواب في الوزارة الجديدة    مطلب برلماني بإعداد قانون خاص ينظم آليات استخدام الذكاء الاصطناعي    تاريخ فرض الحج: مقاربات فقهية وآراء متباينة    ضياء رشوان: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسحقنا    سرقا هاتفه وتعديا عليه بالضرب.. المشدد 3 سنوات لسائقين تسببا في إصابة شخص بالقليوبية    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي مهدد بالإيقاف لأربع سنوات حال إثبات مخالفته للقواعد    مناسك (4).. يوم التروية والاستعداد لأداء ركن الحج الأعظم    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    محمد عبدالجليل يقيّم أداء منتخب مصر ويتوقع تعادله مع غينيا بيساو    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    عمر جابر يكشف كواليس حديثه مع لاعبي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو ذر وأبو هريرة في زقاق القناديل
نشر في آخر ساعة يوم 01 - 04 - 2014


فى شوارع الفسطاط ودارت الأيام (666 سنة)
لم يبق من شارع القناديل أكبر وأشهر أسواق الفسطاط ولا حتي لافتة صغيرة علي بيت قديم في زقاق صغير باسم (زقاق القناديل)، علي يسار نفق الملك الصالح في الاتجاه للفسطاط كما وجدت في مقالات بعضها لمختصين وسألت في منطقة الجيارة (شمال- جنوبذ شرقذ غرب- شيوخ- شباب- أصحاب محلات ومقاهي- وسيارة نجدة- ومهندس الحي وموزعي أنابيب البوتاجاز وجامعي القمامة) جميعهم دهشوا فلم يسمعوا بالاسم ومع نجاح تجربتي مقولة محمد رمزي في القاموس الجغرافي أن الأماكن في مصر تندثر بسبب أوبئة وحرائق أو هجرة أهلها، لكنها تترك اسمها علي حائط أو معبد أو كنيسة أو ضريح أو حوض زراعي أو جزء من قرية فلم أر إلا الاستثناء الذي لا ينفي القاعدة، مع خلفية أن أسماء شوارعنا ظهرت في عهد محمد علي 1235ه بعد 566 سنة من اندثار الشارع في عهد الملك العادل أيوب 769ه بسبب وباء الكوليرا الذي أهلك غالية السكان وشح الفيضان والمجاعة وهجرة الباقين بعد 750 سنة من ازدهار الشارع وانتقل دوره للقاهرة فقد كانت الأحياء تعرف بأسماء قبائلها أو حرفها أو بصاحب منصب أو قصر أو مسجد، فسميت الشوارع بلافتات ولاحظت أن المنفذ في الفسطاط علي دراية بتاريخ المدينة وشخصياتها من الصحابة والولاة فتجد شوارع عمرو بن العاص المغيرة قيس بن عبادة وردان الرومي سعد بن أبي وقاص عبادة بن الصامت الزبير بن العوام مسلمه بن مخلد سعد عقبة أهل الراية دار الإمارة.
ولم أجد يقينا بموقعه إلا نهايته الجنوبية في مسجد ابن العاص (حيث بيته الذي ضم للمسجد علي يسار المنبر) ومساره في شارع أهل الراية خلف عمارات شمال الجامع، وحتي شرق الجيارة كبداية علي مرسي ضفة النيل تمتد بعد الإطماء الكبير للنهر ليضيف المسافة حتي كوبري الملك الصالح غرباً وقد بدأ بقنديل بيت ابن العاص واحتذي به جيرانه من الصحابة فسمي شارع القناديل وتحول إلي شارع عالمي مع ازدهار المدينة كرابع عاصمة إسلامية وأكبر ميناء تبادلي عالمي ببضائع من أقصي الشرق من الصين والهند والسند وفارس (إيران) علي طريق الحرير الذي كانت صناعته من أسرار الصين حتي نقله التجار المسلمون المقيمون هناك والأواني الفخارية الراقية الصيني والسجاد الإيراني مع بهارات الهند وبضائع الغرب من الأندلس (إسبانيا وإيطاليا) والمغرب العربي ومن أفريقيا العاج والمواشي والعبيد والسيوف والبهارات من موانئ الإسكندرية وعبر النيل للفسطاط والقلزم (السويس) بريا ومن ميناء سواكن علي البحر الأحمر وبريا إلي قوص ومنها بالنيل للفسطاط فضلا عن المحاصيل والصناعات المصرية للوجهين البحري والقبلي ومنتجات النسيج والأخشاب والمعادن والخزف تنقلها 36 ألف مركب شراعي وتحمل علي ظهور الحمالين من استحالة نقلها بالدواب في زحامه الذي كان يخفض الأسعار بمكسب قليل وبيع غزير فكان يستدل علي الأزمات الاقتصادية بارتفاع أسعاره فاستمر عامراً بإنشاء مدن العسكر والقطائع والقاهرة.
وامتلأ بجنسيات العالم ولغاته ونقوده وعبيده في حوانيت ومحلات صرافة وفنادق للغرباء ومطاعم وحمامات ومستشفيات وبيوت وصلت 8 أدوار وورش ومحلات مكتظة فلا يجد المشتري مكاناً لجلوسه وكان مسقوفاً فلا يصله نور النهار فوضعوا قناديل لمحلاته تتضاعف في المواسم والأعياد و50 ألف جمل لنقل قرب مياه النيل للبيوت و50 ألف حمار للتنقلات الداخلية يتوسط كل ذلك أول مسجد في أفريقيا ألقي فيه كبار الصحابة ما تشرَّبوه من فقه الدين من النبي ونقلوه للمصريين في حلقات علم حول أعمدة المسجد فتكونت جامعة دينية وثقافية تضاهي مدارس المدينة المنورة وبغداد والبصرة ودمشق تخرج فيها الفقهاء ووفد إليها طلاب العلم من أفريقيا والمغرب العربي والأندلس فازدحم مدخله الشمالي بأول أسواق بيع الكتب المنسوخة باليد والمترجمة وأدوات الكتابة من أوراق البردي والكتان وأحبار وأقلام وتحول كل منها إلي منتدي ثقافي للعلماء ومساجلات دينية وأدبية وثقافية.
في هذا الشارع أقام صحابة منهم:
أبوذر الغفاري
قبر بسيط وغريب في ركن بين جدارين لمدافن قرافة الإمام الشافعي في الشارع الموازي لمسجد الإمام الليث (مات ودفن في الربذة- 200 كم شرق المدينة المنورة 32ه) عبارة عن سور حجري لمترين في متر وبارتفاع متر به قبر أسطواني بكتابة حجرية بارزة بسطرين (من صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم) مكشوف للسماء مطلي والسور بلون أخضر فسفوري زاهي حديث ولم نعرفه إلا من صاحبة محل بقالة صغير أمامه فلا يميزه إلا لافتتان رخاميتان إحداهما بالعرض والأخري علي الجانب الصغير الأيمن تسجلان (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون هذا مقام العارف بالله سيدي أبو زر الغفاري- رضي الله عنه وأرضاه من صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم) واختلفت الجانبية بالاسم- أبوذر- وأضيف سطر جديد- جدده إبراهيم عبد الحليم) وتوقفت أمام تبديل الذال والزين فوجدت أن أبا ذر تعني المتعقل بعد حمق وأبو زر تعني أخذ الشيء ونثره وينطبقان عليه في إسلامه وروايته للحديث.
لم تقنعني فكرة تحركه يوميا من شارع القناديل لمسافة 2 كم لمجلس علم أو رواية حديث، فالمنطقي أن يكون في الجامع اللهم إلا أن المصريين قد تحرجوا في البدايات من تجمع الجنود في المدينة والمسجد فخرج ليجذبهم مع ملاحظة أن مقامات ومساجد الصحابة وعلماء السنة أنشئت مع صلاح الدين الأيوبي بعد 500 سنة لمواجهة فكر الفاطميين الشيعي وأتساءل كيف تذكرت الأجيال هذه الأماكن ولماذا هذا القبر الغريب ومن نفذه ولماذا في أسئلة بلا إجابة لكنك تقف أمام تاريخ هذا الصحابي في مصر الذي زار مناطق الفتح في بابليون والإسكندرية وبني منزلاً بجوار المسجد العمري وزار الدلتا فتساءلت لماذا لم يزر الصعيد.

اختلف ابنا شرحبيل بن حسنة (عبدالرحمن وربيعة) حول موضع لبنة (منزل يبنيانه) فخرج أبو ذر الغفاري من مصر تنفيذاً لوصية الرسول له "إذا ما اختلف علي موضع لبنة فاخرج منها"، وترك منزله "دار العمدة.. ذات الحمام".. والأمر ليس جديداً، علي جندب بن جنادة، (أبو ذر الغفاري) أحد أول خمسة دخلوا الإسلام، فهو متشدد في الحق وفيما يعتقد فقد ترك موطنه غفار لأن أهلها يستحلون الشهر الحرام وأخذ أمه وشقيقه إلي خاله، وكان يصلي لله بقلبه ليلاً للفجر، يركع ويسجد في اتجاه يهديه إليه قلبه.. لمدة 3 سنوات فسمع بالنبي وأرسل شقيقه إلي مكة وكان شاعراً فاستمع للنبي وقال إنه سمع كلاما ليس من كلام الكهان ولا الشعراء وأن الرجل لصادق.. فذهب أبوذر وبحث عن النبي دون سؤال أحد. ومكث في الكعبة شهراً بلا زاد، إلا ماء زمزم. حتي سمن ولم يشعر بجوع، واستلفت يوماً نظر عليَّ بن أبي طالب وسأله عن أمره فسأله عن الرسول فصحبه إليه وأسلم.. وأمره النبي بالعودة لغفار، يدعوهم للإسلام وإذا ما سمع بهجرته فليلحق به، فإذا أبو ذر يقول: والله لا أذهب حتي أعلنهم ووقف في الكعبة ينادي قريش، ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.. فضربوه بقسوة لولا حماية العباس عم النبي، بأن تجارتهم وطرقهم تمر بغفار لكنه كررها في اليوم التالي وينقذه العباس أيضاً. وأسلمت والدته وشقيقه وذهبوا إلي غفار، فأسلم نصفها، وقال أجل النصف الآخر حتي يروا النبي فأسلموا جميعا.. وصاحب النبي في حياته ما عدا غزوة بدر التي لم يلحق بها وقد تخلف قليلا عن غزوة تبوك، لمرض بعيره، ولما تأخر شفاؤها حمل متاعه علي كتفيه وسار وراء النبي الذي انتظره في الطريق ولما رآه قال: أبوذر يمشي وحيداً، ويموت وحيداً، ويبعث وحده. كان مثالاً للزهد والصدق والعلم والعمل، لا تأخذه في الله لومة لائم، هو أحد أربعة أمر الرسول بحبهم، مع علي وسلمان الفارسي والمقداد وكان النبي لا يبدأ الحديث إلا في حضوره وإذا غاب سأل عنه. كان يخدم النبي طوال يومه، ثم يذهب للمسجد، يصلي وينام، فسأله النبي عن موقفه إذا ما أخرجوه من المسجد.. قال أذهب إلي الشام فهي أرض الأنبياء وأكون من أهلها.. فسأله وإن أخرجوك من الشام، قال: أعود للمسجد، فسأله وإن أخرجوك ثانية؟ قال: أقاتل بسيفي حتي الموت. فقال له النبي: بل تنقادهم حيث قادوك، حتي تلقاني وأنت علي ذلك. وأوصاه. أن اسمع وأطع ولو لعبد حبشي. وطلب أبو ذر من النبي يوماً "الإمارة" فرفضه لأن به ضعفاً، وأن الإمارة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدي الذي عليه فيها. فقد كان أبو ذر لا يميل إلي المهادنة أو السياسة فلا يصلح لمعاملة الرعية، وينفق أمواله في سبيل الله، فأمره النبي ألا يأتمر علي مال يتيم، حتي لا يضيعه (بصرفها علي المساكين) وفي أواخر أيامه كان عنده 30 فرساً يرسل نصفها للجهاد ويرعي الباقي وبعودة لمجموعة الأولي يخرج الثانية فليس غريبا علي من كان في شبابه يمتلك عنزة، يوزع من لبنها علي جيرانه وضيوفه قبل أن يتناوله وكان عطاؤه من بيت المال 4 آلاف دينار سنويا يعطي "خادمه" كفايته لعام ويصرف الباقي في سبيل الله وأرسل له معاوية يوما ألف دينار في وقت متأخر من الليل، ثم أرسل له صباحاً إنه قصد رجل آخر فرد لقد أنفقتها ولو أرادها معاوية فلينتظر ثلاثة أيام حتي أجمعها.. فعرف معاوية أنه لا يصلح له مقام لأبوذر في الشام.. فقد كان يهدف إلي أنه يجد الأموال عنده فيشيع أنه يكنز الذهب والفضة، لأن الناس كانت تلتف حوله فيؤلبهم ضد رفاهية الحكام فأرسل إلي عثمان أن أباذر يؤلب أهل الشام فأمر بحضوره ليبقي بجواره بالمدينة فطلب الإقامة في الربذة- 200 كم شرق المدينة وعليها أمير "عبد حبشي" فكان يقدمه للصلاة بالناس احتراماً وفي ذي الحجة 32ه مرض فبكت زوجته.. فليس لديها ما تكفنه به.. فقال لها ضعيني علي الطريق، فإذا مر العائدون من الحج، فقولي لهم أباذر، فقالت: وقد انقضي موسم الحج، وانقطع المسافرون، فقال لها: سترين. وإذا قافلة عليها عبدالرحمن بن مسعود.. كفنه ودفنه وبكي كثيرا عليه.. ترك أبوذر خلفه بنتاً صغيرة ضمها عثمان لبناته ليتولاها ومات أبوذر وحيداً.. ودفن وحيداً.

ابنا عمر بن الخطاب (عبدالله.. وعبدالرحمن)
لم يجد ابن العاص، أمام غضبة ابن الخطاب، إلا أن يكتب له كتابا يوضح فيه ما حدث ويسلمه إلي عبدالله بن عمر بن الخطاب، الابن الأكبر، ليصحب أخاه الأوسط عبدالرحمن مقيداً علي بغلة، ليلقي جزاءه من جديد كما يعرف من الأصل.. وهو الذي كان يمكنه تفادي ذلك وقد دخل يوماً علي ابن العاص ومعه صديقه أبو سروعة.. يبلغانه أنه يجب إقامة حد الخمر عليهما، فقد تناولا شراباً بالأمس وسكرا.. ورغم أن عمر بن الخطاب نفسه يري أن ما ستره الله، يجب ألا يفضحه العبد.. أي يستر نفسه ويتوب إلا أن ابنه فعل العكس فقد يكون خاف أن ينتشر الأمر ويحسب علي والده الذي لا يعرف حجم غضبته حينذاك.
عنَّف ابن العاص الشابين وأمرهما بالخروج من منزله لكن عبدالرحمن أقسم إنه سيبلغ والده (ابن الخطاب) فور اختياره للإمارة، جمع أبناءه وحذرهم ألا يفعلوا ما يستوجب العقاب، أو ما يمنعه هو عن المسلمين.. فإذا ما اقترف أحدهم ما يستلزم العقاب وإقامة الحد.. فيضاعفه له ضعفين.. فيجب أن يكون قدوة) وفي ساحة منزل ابن العاص، المواجه للمسجد أقيم الحد ووصل الأمر إلي ابن الخطاب فرأي أن التنفيذ علي ابنه، مستتراً في حوش منزل الوالي محاباة، وينفذ علنا، أمام المسجد، فأرسل يهدد (ابن العاص) بالعزل.. وإرسال الابن مقيداً، ليعرف عظيم جرمه وأقسم ابن العاص في رسالته، أنه يقيم الحدود في نفس المكان وشرح وجهة نظره إلي عبدالله بن عمر (29 سنة)، وأوكل له الدفاع عنه عند والده وكان الشابان قد جاءا في الفتح
وفي المدينة.. وعبدالرحمن في قمة الإجهاد، بل ومرض في الطريق الطويل.لم تقلح شفاعة الصحابة، في منع إقامة الحد مرة ثانية أمام غضبة الأب فأخذ عبدالرحمن، يردد (إني مريض وإنك قاتلي) . .. وازداد مرضه.. ومات بعد فترة..
عبدالله بن عمر ولد بعد الدعوة وهاجر مع والده في سن 7 سنوات، ورفض الرسول اشتراكه في غزوتي بدر وأحد، لصغر سنه.. وشارك في الخندقذ سن 14 عاماًذ وباقي الغزوات. وحروب الردة وفتح الشام وفلسطين ومصر. وبني في الفسطاط دار البركة، ليكون للخليفة دار في إحدي ولاياته.. لكنه رفض، وبقيت الدار حتي وهبها عبدالله، لمعاوية الخليفة (41ه).. فجعلها لابنه يزيد لقربها من المسجد.
هو أحد ثقاة الحديث ولا يردد إلا المتأكد منه- روي 280 حديثاً- رشح للخلافة عدة مرات، بعد مقتل والده 23ه وكان سنه 30 عاماً.. وفي التحكيم بين علي ومعاوية 37ه- سن 44- وعقب موت معاوية بن يزيد 64ه- سن 73 وفي صراع عبدالله بن الزبير وعبدالملك بن مروان (65- 73ه) وكان عبدالله في الثمانينات ورفض السياسة. لكن والده يعرف رجاحة عقله فيختاره ليحسم الرأي بين 6 من كبار الصحابة ليختاروا من بينهم الخليفة.. فإذا ما انقسموا فليأخذوا برأي عبدالله وإن لم يقبلوه فليختاروا المجموعة التي بها طلحة وكان آنذاك في مكة يحج بالمسلمين.. ثم شارك في فتح نهاوند (29ه) والقسطنطينية (49ه). ولم يشارك في فتنة عثمان، وصراع علي ومعاوية، والحسن ومعاوية، والحسين ويزيد.. وعبدالله بن الزبير ومروان بن الحكم ومن بعده ابنه عبدالملك بن مروان (بدءاً من 35ه ومقتل عثمان حتي 73ه مقتل عبدالله بن الزبير) ولم يبايع ابن الزبير، ومروان بن الحكم وعبدالملك بن مروان فلن يبايع إلا ما يتفق عليه المسلمون وهدده ابن الزبير وحاصره مع محمد بن الحنفية (ابن علي بن أبي طالب) في شعاب مكة ووضع حول منزلهما الحطب وحدد مهلة لحرقهما لولا جيش المختار الثقفي، الثائر باسم ابن الحنفية في الكوفة.. فك حصارهما وأخذهما للطائف. وعندما تولي عبدالملك بن مروان (73- 86ه) بايعه هو وأبناؤه (12 ولداً، و4 بنات) لكنه صلي خلف ابن الزبير والخوارج والشيعة. (أصلي خلف كل من قال حي علي الصلاة) . وعندما اقتحم الحجاج بن يوسف الثقفي، الكعبة 73ه ومقتل ابن الزبير، سمح للجنود بدخول الحرم بأسلحتهم- ممنوعا منذ 8ه- فأصابه رمح في قدمه- سن 83- ومرض ومات وأشيع أن الحجاج دس السم في الرمح.. لأنه اعترضه في خطبته عندما تعرض للإمام علي بن أبي طالب، فوقف يقول إن (علي) علمك وأسيادك الإيمان. ثم عندما أطال الحجاج الخطبة حتي قارب موعد الصلاة علي الانتهاء.. فقال له إن الشمس لا تنتظرك، وأمر المصلين بالصلاة معه فتبعوه، وقد زاره في مرضه ليسأله عمن أصابه فقال له أنت! فقال كيف؟ فأجابه.. بسماحك دخول السلاح في بيت كتب الله أن يكون كل من فيه آمناً. أوصي أبناءه أن يدفنوه ليلاً.. وألا يصلي عليه الحجاج فنبهه أولاده أنهم قد يغلبون علي أمرهم.. وقد علم الحجاج بوفاته فصلي عليه.. فلن يضيع فرصة الصلاة علي أحد أقطاب الصحابة.. مات عبدالله 73ه في سن 83 ودفن في منطقة فخ بمكة. تزوج عبدالله من صفية بنت قيس، أخت المختار الثقفي، الذي ثار في الكوفة ضد عبدالله بن الزبير، وضد مروان بن الحكم في نفس الوقت، داعياً لخلافة محمد بن الحنفية ابن علي بن أبي طالب.. وقام بأخذ الثأر من قتلة الحسين (61ه).. ومثل بجثثهم.. وكان عبدالله قد أخرجه من سجن الأمويين مرتين واشتد أمره فأرسل ابن الزبير جيشاً بقيادة أخيه مصعب فقضي علي المختار كما تزوج كلا من أم علقمه بن نامش، وسهله بنت مالك وأم ولد.. إحدي بنات يزدجر (آخر كسري للفرس) .. وكانت هي وشقيقتاها في أسلاب فتح فارس 16ه وكن جميلات ورآهن علي بن أبي طالب فأشفق عليهن، ودفع لبيت المال ثمن بيعهن ثم زوجهن لكل من ابنه الحسين، وعبدالله بن الزبير وعبدالله بن عمر.. عندما تولي عبدالملك بن مروان الخلافة عام 73ه ومبايعته له... وأرسل له مبلغاً فقال أنا لا أطلب شيئاً من أحد لكني لا أمنع رزقاً رزقني به الله منك وقبل المبلغ ثم تصدق به ويقال أعتق ألف عبد
أبوسروعه -عقبة بن الحارث بن عبد مناف، صحابي شهد فتح مصر.. وهو الذي شرب الخمر مع عبدالرحمن بن عمر وقد سكن مكة بعدها.

عمير بن وهب الجمحي من قادة الفتح وابن عمة عمرو بن العاص الذي ردم بركة بجوار منزله ليبني له بيتا وفي 23ه خرج بقوة لتنضم لمعاوية والي الشام لغزو عمورية بفلسطي.
لم يسلم حتي موقعة بدر وشارك فيها مع مكة وأسر ابنه "وهب" وأصيب هو إصابة بليغة في بطنه.. دفع أحد المسلمين به سيفه حتي خرج من ظهره وأحدث صوتاً في الحصي فظنه مات، لكنه صمد حتي الليل، وزحف عائدا ليقضي فترة طويلة في العلاج.. جلس بعدها في المسجد الحرام، مع صفوان بن أمية. ابن عمه وأحد زعماء قريش، فتذاكر "الرسول" بالشر.. فقال عمير.. لولا ديون عليَّ، ومعاش عيالي، لقتلته فتعهد صفوان بتسديد ديونه، ورعاية أولاده وليذهب للمدينة، مدعيا دفع دية ابنه ويقتل النبي ودخل المسجد بسلاحه فأنبأه النبي بما دار فبهت وأقسم أنه لم يكن بينهما ثالث وأسلم فأطلق النبي له ابنه بلا دية. وعادا إلي مكة يدعوان للإسلام ثم هاجر عمير للمدينة وشارك في غزوة أحد وبعدها حروب الردة وفتح الشام وفلسطين ومصر.
في فتح مكة فر صفوان بعد مقاومة بسيطة ليهرب لليمن بحراً فطلب عمير له الأمان فأعطاه النبي عمامته إشارة لذلك فلحق به في ينبع ثم طلب من النبي مهلة شهرين ليحدد موقفه من الإسلام فأمهله النبي أربعة أشهر.. فشارك "من المؤلفة قلوبهم" في غزوتي حنين، والطائف واستعان منه النبي بأسلحة وأعطاه من الغنائم) النفل (ورأي الكثير من أمر النبي.. فأسلم بعد شهر).
أما ابنه (وهب بن عمير) فقد نزل مصر في خلافة معاوية (41 61ه) وتولي بحرية مصر.. ثم مات في الشام.
أبوهريرة.. (أبشروا فوالله لأنتم أشد حباً لرسول الله.. ولم تروه من عامة من رأه.. كلمات الصحابي عبدالرحمن بن صخر الدوسي "أبوهريرة" لأهل مصر (والتي استمع لمعناها منه)، وقد جاءها بدعوة واليها مسلمة بن مخلد "47 62ه" ومعه زوجته "بسرة بنت غزوان"، كانت من الأغنياء ويعمل عندها بطعامه ووالدته فقد توفي والده صغيراً ثم أعتقته وأسلما فتزوجا 7ه وكنيته من صباه عندما كان يرعي الإبل فوجد أبناء هرة برية، فأخذ أحدها في كمه، فسماه والده أبوهريرة "تصغير هرة" وعندما أسلم غير له النبي اسمه الأصلي من عبد شمس إلي عبدالرحمن، وناداه أبوهريرة، وصل المدينة والرسول في غزوة "خيبر" فصلي خلف الصحابي سباع بن عزلمة وفي ليلة لقائه بالرسول ضل منه غلام "عبد"، وقع في يد المسلمين فسأله الرسول: أهذا غلامك؟ فرد هو حر لوجه الله. ومن البداية حدد أبوهريرة هدف حياته بالبقاء بجوار الرسول يحفظ كل سكناته لا يشغله إلا ما يسد جوعه. فلازمه آخر 3 سنوات وقد رفضت أمه "أميمة" الإسلام فطلب من النبي أن يدعو لها بالهداية، فوجدها تنطق الشهادتين فجاء للنبي باكيا.. ليطلب منه أن يدعو له ولأمه بحب الناس.. فكان يردد أن أي مسلم يسمع بي يحبني وإن لم يرني. وعندما جلس الصحابة وقالوا ما معناه أنهم أكثر المسلمين حبا للنبي، لأنهم الأوائل فقال النبي ما معناه أن الأكثر حبا لي مسلمون لم يروني ولم يعايشوني ويؤمنون بالدعوة ويحبونني مع فارق الأزمنة، واشتكي للنبي بأنه يسمع الحديث فينساه، فقال له النبي: أبسط ثوبك، فبسطه، فحدثه النبي ثم قال له أضمم ثوبك إليك.. فقال أبوهريرة ما نسيت بعدها شيئاً مما حدثني به الرسول وقد عاش بعد الرسول 48 عاماً وكان لا يكتب فملكة الحفظ لديه طاغية. وقد رفض دعوة ابن الخطاب "13 23ه" ليتولي منصباً في الدولة، فدوره ترديد أحاديث الرسول وتحفيظها للأجيال، وعندما عاتبه ابن الخطاب لإكثاره في الحديث (خمسة آلاف حديث) رد عليه وعلي السيدة عائشة بحديث (من كذب عني فليتبوأ مقعده في النار) وأني لا أقول إلا نصف ما سمعت وشاهدت وأأتمنني عليه الرسول، فلو قلت كل ما أعرف لقتلتموني دافع في الفتنة عن بيت عثمان ثم بايع عليَّ بن أبي طالب للخلافة، ولم يقاتل المسلمين وعندما تولي معاوية ولي ابن عمه مروان بن الحكم علي المدينة، فضيق عليه وسعي لإحراجه مكرراً ما فعله معاوية مع أبي ذر الغفاري بأرسل ألف دينار هدية فوجده قد صرفه لوجه الله.. وخرج أبو ذر من مصر يقال إلي قبرص وتنتهي حياة عريف أهل الصفوة، وهم فقراء المسلمين في آخر صفوف مسجد النبي فيعرف المسلمون بمكانهم، فيحسنون إليهم دون أن يبحثوا عنهم أو يضطروهم لسؤال الناس. مات أبو هريرة 58ه عن عمر 78 سنة.

عندما ضاق زميلي المصور والسائق من بحث الشوارع الضيقة والبيوت القديمة قائلين هل هناك من يتصور كل هذا المجهود لتأكيد معلومة صغيرة؟
أجبت الصحافة كده!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.