٫ قلق وتوتر ساد الكيان الصهيوني.. حالة من الترقب وسط مخاوف أن يفسح، قرار جمعية الدراسات الأمريكية بقطع جميع العلاقات الأكاديمية مع الدولة العبرية، السبيل للجهود الشعبية وربما الدولية لعزل إسرائيل وحظر التعامل معها علمياً واقتصادياً، بسبب سياساتها المنتهكة لحقوق الفلسطينيين.. وتزامن مع هذا القرار، تحذيرات أوروبية وأمريكية من انطلاق حملة نزع شرعية ومقاطعات شاملة في حال فشل المفاوضات الحالية مع الفلسطينيين.. ويعد القرار انتصاراً آخر للأراضي المحتلة، بعد أن أصبحت عضو مراقب في هيئة الأممالمتحدة العام الماضي. فإن هذه المقاطعة، سيتسع نفوذها وتأثيرها لتصبح قضية رأي عام دولي، وستدفع العديد من الجمعيات الأهلية والمنظمات الحقوقية من اتخاذ مثل هذه الخطوة التي يمكن أن يضيق الخناق علي الكيان الصهيوني، أو أن يؤول مصير إسرائيل إلي ما آل إليه نظام "الأبارتهايد" بجنوب أفريقيا . في مبادرة غير مسبوقة بالولاياتالمتحدة، أعلنت جمعية الدراسات الأمريكية، "مقاطعة أكاديمية" لإسرائيل في الجامعات والأوساط العلمية والبحث الأمريكية. فالجمعية تعد واحدة من أهم النقابات الأمريكية للبحث العلمي والتعليم، والتي تضم آلافا من الجمعيات الدراسية، دعت أعضاءها الخمسة آلاف في وقت سابق للتصويت لمقاطعة إسرائيل وقطع جميع العلاقات الأمريكية مع معاهدها ومؤسساتها العامة للبحث والمناهج الأكاديمية. وقد وافق علي هذه المقاطعة للأكاديميات الإسرائيلية نحو 66.05٪ من أعضاء جمعية الدراسات الأمريكية الذين صوتوا والبالغ عددهم 1252 عضواً. وبذلك أصبحت الجمعية أكبر تجمع أكاديمي أمريكي يؤيد مقاطعة إسرائيل، تضامناً مع الفلسطينيين. وصرح كورتيس ماريز، الأستاذ في جامعة كاليفورنيا ورئيس الجمعية لصحيفة نيويورك تايمز، أن الولاياتالمتحدة لديها مسؤولية خاصة لكي تأخذ موقفاً من القضية لأنها واحدة من أكبر الممولين للمساعدات العسكرية للكيان الصهيوني. وأضاف أن القرار الذي تم اعتماده هو للتضامن مع كل الباحثين والطلاب المحرومين من حريتهم الأكاديمية ويتطلعون إلي إعطاء هذه الحرية للجميع ومن بينهم الفلسطينيون، بعد الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة والآثار الموثقة للاحتلال علي العلماء والطلاب الفلسطينيين، مما جعل الأكاديميات الإسرائيلية طرفاً في سياسات اسرائيل التي تنتهك حقوق الإنسان وعددا من العوامل الأخري. وتري الصحيفة الأمريكية أن القرار بمقاطعة الدولة العبرية، يعد اعترافا بعنصريتها وممارساتها الاحتلالية التي تعد جرائم حرب، ومن ثم خطوة كبيرة في دعم الحراك المتزايد تجاه عزل إسرائيل إثر الطريقة التي تتعامل بها مع الفلسطينيين. فالعزل والمقاطعة باتا السلاح الذي يخشاه الكيان الصهيوني وقياداته، في إفساح الطريق للجهود الشعبية والمؤسسات العلمية الأخري في الولاياتالمتحدة لاتخاذ مثل هذه الخطوة، ومن ثم تصبح قضية رأي عام دولي. لاسيما أن جهود مقاطعة إسرائيل اجتذبت بعض الاهتمام في القارة الأوروبية، اقتصادياً وعلمياً، وهي المنطقة التي تمتلك فيها إسرائيل علاقات تجارية وثيقة. حيث يتخذ الاتحاد الأوروبي موقفاً أكثر حزما من الموقف الأمريكي من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، ويطالب بألا تستفيد من الأموال الأوروبية المخصصة لإسرائيل في إطار تمويل البحث العلمي. واعتبرت الصحف الأمريكية أن قرار عدد من الشركات الأوروبية مقاطعة شركات إسرائيلية علي خلفية نشاطها في المستوطنات بالأراضي المحتلة، "ورقة تحذيرية"، وكانت من بين هذه الشركات، شركة فيتنز الهولندية العملاقة للمياه قد أعلنت في وقت سابق أنها أنهت شراكتها مع شركة توزيع المياه الإسرائيلية. كما رفضت رومانيا إرسال عمال بناء إلي إسرائيل لرفض الأخيرة التعهد بعدم تشغيلهم في مشاريع بناء في تلك المستوطنات. وكما كشفت تقارير صحفية عن التحذيرات التي أطلقها الاتحاد الأوروبي وبعض دول القارة العجوز بتوسع نطاق العقوبات لتصبح سيلاً علي الشركات الإسرائيلية في حال فشل المفاوضات مع الفلسطينيين. وتأتي هذه التحذيرات تزامناً مع تحذير وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بإطلاق حملة نزع شرعية الدولة ومقاطعات شاملة، في حال وصول المفاوضات إلي طريق مسدود، ويعد هذا التهديد الأخطر علي وجود إسرائيل وعلي أمنها للمدي البعيد. وقارن بعض المحللين الوضع في إسرائيل بوضع جنوب إفريقيا إبان نظام "الأبارتايد" ونظام الفصل العنصري. فالعقوبات الأوروبية التي فرضت الكيان الصهيوني، تشكل بداية حملة مقاطعات مثل تلك التي تعرض لها النظام الأبيض في سنواته الأخيرة بجنوب إفريقيا، حيث بدأ بمقاطعة أكاديمية غير منظمة في بريطانيا ودول القارة السمراء، وانتشر تدريجاً لمجالات الرياضة والاستثمارات ثم قطع علاقات تجارية اضطر الداعمان لنظام الأبارتايد، الولاياتالمتحدة وإسرائيل، إلي المقاطعة الشاملة، حتي تحققت المطالب. فيما أثار هذا القرار ضجة بين الأوساط المؤيدة لإسرائيل وللكيان الصهيوني نفسه، ويسعي هؤلاء إلي وقف مسلسل المقاطعة ويخشون من تصاعده فتح باب الجدال داخل الولاياتالمتحدة حول السياسات "الإسرائيلية". ووصف رئيس المؤتمر اليهودي العالمي رونالد لاودر هذا العمل بإنه معاد للسامية، علي الرغم من أن بعض المشاركين في هذه المقاطعة من يهود الولاياتالمتحدة. ولم تكن هذه أول مرة يتم الإعلان عن مقاطعة إسرائيل علمياً، ففي مايو الماضي، أعلن ستيفن هوكينج عالم الفيزياء في جامعة كمبردج البريطانية، المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل، وذلك بقرار الانسحاب من مؤتمر برعاية الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس. وفي عام 2007 لتبني مؤتمر اتحاد الجامعات والمعاهد UCU أكبر نقابات التعليم العالي في بريطانيا الذي يضم في عضويته أكثر من 120 ألف منتسب، قراراً يحث منتسبي الاتحاد إلي دعم النداءات لمقاطعة الجامعات الاسرائيلية تضامنا مع الفلسطينيين. ويأتي هذا القرار بعد القرار الذي اتخذته نقابة الصحافيين البريطانيين في مؤتمرها الذي عقد في أبريل الماضي في مدينة بيرمنجهام. الذي كان ينص علي مقاطعة البضائع الإسرائيلية احتجاجاً علي حرب إسرائيل علي لبنان وممارساتها ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.