التفسىر بالمأثور ملىء بالإسرائىلىات وكتب السىر تحتاج إلى إعادة نظر أحاديث مكذوبة.. لكنها منتشرة.. تتردد علي ألسنة الذين يريدون النيل من الإسلام.. تسيء إلي القرآن والسنة النبوية المطهرة، من أبرزها حديث الذبابة.. وبعض مرويات الإسراء والمعراج.. وحديث تبشير أمته وفرقها المختلفة بالنار إلا واحدة.. كذلك الأحاديث الخاصة بأهل الكتاب ممن لم يقلها رسولنا مطلقا ووضعت عليه زورا وبهتانا.. وعلي النقيض من ذلك فهناك أحاديث صحيحة يتم التشكيك فيها الآن لأهداف سياسية معينة.. ليس الأمر مقصورا علي الأحاديث النبوية فقط.. ولكن ما امتلأت به كتب التفاسير من أخطاء مشينة وإسرائيليات مكذوبة.. كذلك كتب السيرة النبوية التي تحتاج لتنقية.. الدكتور محمد علي سلامة أستاذ اللغة العربية بجامعة حلوان يقتحم هذا المجال الشائك. هل بالفعل توجد أحاديث مدسوسة لم يقلها الرسول([) ولم ترد عنه؟ - بالطبع هناك الكثير من ذلك.. خاصة أن الحديث لم يدون إلا علي رأس المائة الأولي للهجرة في عهد الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز حينما أوصي محمد بن إسماعيل الزهري بجمع حديث رسول الله ([).. وقد أمضي وقتا طويلا جدا مايزيد علي السنة ولم يطمئن إلا لنحو 124 حديثا وسميت بصحيفة ابن شهاب الزهري التي لم يجمع فيها إلا 124 حديثا فقط.. ولكن رغم ذلك فهذا كله لايدفع للتشكيك في حديث رسولنا الكريم([) فهو حقيقة وواقع وشارح للقرآن الكريم وموضح للكثير من الأحكام وهو القسم الثاني من أقسام التشريع. فلتضرب لنا أمثلة من هذه الأحاديث؟ - من أبرزها حديث الذبابة.. فهل يعقل أن يثني الرسول([) علي الذبابة ويقول إن فيها شفاء أو دواء ويأمر بغمسها في الإناء.. وكذلك حديث: تتفرق أمتي علي بضع وسبعين شعبة ونص الحديث يقول: (تفرقت اليهود علي سبعين شعبة وتفرقت النصاري علي إحدي وسبعين شعبة وتتفرق أمتي علي بضع وسبعين شعبة كلهم في النار إلا واحدة.. قالوا: من هم يا رسول الله([)؟.. قال: ما أنا عليه وأصحابي). فرسولنا الكريم([) لايمكن أن يبشر أبدا بأن أمته يكونون كفارا وفي النار جميعا أو يبشر بسوء خاتمة أمته. هل هناك أحاديث أخري مشهورة يمكن استحضارها الآن؟ - نعم هناك للأسف روايات كثيرة لحديث الإسراء والمعراج تذكر أشياء أشبه بالقصص مثل دخل الجنة ورأي أناسا كذا وكذا.. فهناك أشياء من هذا القبيل غير صحيحة. ما ذكر منه البخاري واطمأن له ولنجعل البخاري سندنا في ذلك أنه وصل سدرة المنتهي وكلف بالصلاة.. أما ماذكر من تردد النبي([) بين موسي وربه في مسألة الصلاة التي فرضت علي أنها خمسين ثم حدث التخفيف والجدال حتي وصلت إلي خمس فذلك غير صحيح وإنما فرضت خمس صلوات منذ البداية بدليل أن الرسول([) أتي بقول الله عز وجل {ما يبدل القول لدي}.. ولكنها في الحقيقة خمس في العمل وخمسين في الأجر والثواب وغيرها أحاديث أخري. الأحاديث المدسوسة كيف تم وضعها وإدخالها ضمن الصحيحة؟ - هناك مشكلة خطيرة ووهم يقع فيه دارسو الحديث وعلماؤه فهم يعتقدون أن الحديث الضعيف أو المكذوب ماكان فيه طعن في سنده كأن يكون الراوي مطعونا فيه أو أن يطمئن المؤخورن أن أحد الرواة سمع ممن قبله أو أحد اشتهر بالطعن في أخلاقه من رواة الحديث.. وهذا جعلهم يركزون علي قضية السند.. لكن غاب عنهم أن الوضاع لايمكن أن يلجأوا لسلسلة ضعيفة فكانوا يتعمدون وضع سلسلة محكمة للحديث الموضوع حتي يوهموا بل يؤكدوا أنه حديث صحيح. حديث الذبابة من أبرز هذه الأحاديث فلماذا عده العلماء صحيحا وهل أثبت الطب صحته أم تعارض معه؟ - عدوه صحيحا لأن روايته صحيحة فكما قلنا جاء ذلك عن طريق الإسناد ولكن متن الحديث يتعارض أولا مع القرآن الكريم الذي يحث علي النظافة والطهارة والترفع عن القاذورات والارتقاء بالإنسان ونظافته.. وثانيا: يتعارض مع ماعرف عن الرسول([) من النظافة.. وثالثا أن جميع العلماء الذين استندوا إليهم في أقوالهم بصحة الحديث وماجاء فيه من الجناحين كانوا يهودا.. ولدينا دليل آخر قوي وهو أن هؤلاء الناس في بلادهم يتفننون في إيجاد وسائل يحاربون بها الذباب.. وكما قلنا أنه متعارض مع القرآن الكريم لأن الله عز وجل ذكر الذباب في قرآنه في موضع الذم وليس المدح. وما حكاية أحاديث الروايات التي لم يروها البخاري بشأن الإسراء والمعراج؟ - تلك القصص والإضافات إلي الأحاديث الأصلية والتي تشبه الروايات وإنها دخلت عن طريق مجالس القصاص والوعاظ وهذه كانت منتشرة بكثرة في مساجد الكوفة والبصرة.. فهناك أشياء صحيحة جاءت بالفعل في قصة الإسراء والمعراج ولكن هناك إضافات وضعت إليها غير صحيحة. لماذا لم يحاول أساتذة وعلماء الحديث التنويه لهذه الأمور أو تنقيتها؟ - هناك ظاهرة في مجال الحديث وهي الخوف.. ويا ويلتنا من آفة الخوف.. تضيع علينا الكثير والكثير من البحث والاجتهاد وتنقية الدين من شوائبه بزعم التبعية والطاعة والسماع.. هذا الأمر جعل الناس تحجم عن النظر إلي متن الحديث ولذلك لاحظنا أن العلماء في العصر الحديث لم يعملوا بنقد المتن ولم يفعلوه مع أن علماء الحديث القدامي قاموا بذلك الدور بعدما انتهوا من عمل الرجال وأبرز نموذج (ميزان الاعتدال للذهبي).. وأن البخاري نفسه قام بتنقية الأحاديث من كل ما علق بها.. ولنضرب مثالا بحديث آخر أثار الدنيا وأقعدها وهو سحر الرسول([).. فما رآه الإمام محمد عبده في هذه المسألة هو الصحيح ولكنهم انتقدوه بعنف مبالغ فيه.. فقد رأي الشيخ عدم وقوع السحر علي الإطلاق.. أولا لوحدث ذلك بالفعل لحدث شك في مصداقية الرسول([) وخاصة أن الكفار من بين ما اتهموا به النبي([) أنه ساحر . هناك نقطة شائكة لكن يجب أن نطرحها.. هل يوجد بالبخاري أيضا أحاديث مختلف عليها؟ - نعم هناك أحاديث مختلف عليها وحولها.. وفيها كلام.. فذكر العلامة ناصر الدين الألباني السوري أن نحو ثمانين حديثا في البخاري حولها أقوال.. وأنه في النهاية جهد بشري وارد فيه النقص والكمال ولكن ليس معني ذلك أننا نطعن في البخاري ولا نجرؤ علي القول بذلك.. لأن الجهد الذي بذله في أن يوصل لنا سنة الرسول([) جهد جبار صادق صحيح.. أما ما فيه من ملاحظات فهو أمر منطقي يتفق والفطرة الإنسانية التي فطر الناس عليها بأنه لايوجد كمال.. فهذه الصفة لله وحده عز وجل.. ونحن لانريد أن نفتح المجال لذلك لأن العامة لاتفهمه وبالتالي يتشككون في السنة النبوية التي يمثل البخاري أعلي درجات صحتها. هل هناك كتب أخري في التراث مطلوب تنقيتها؟ - نعم فالسيرة النبوية لابن هشام في كثير منها تحتاج إلي تنقية من الأحداث والمبالغات والشعر المكذوب علي أهله ومعظم كتب السيرة تحتاج إلي إعادة مراجعة ونظر وتمحيص وقد فعل شيئا من هذا رفاعة الطهطاوي في بداية القرن التاسع عشر ومع ذلك لم يسلم هو الآخر من الهجوم والنقد.. وكذلك كتب التفاسير يجب أن تنقي أيضا من بعض المأثورات والإسرائيليات التي تمتليء بها والغريب أن العلماء انتبهوا إليها في التفسير بدليل كتاب الدكتور محمد أبو شهبة والدكتور محمد حسين الذهبي في الإسرائيليات وعندما جاء الأمر في الحديث النبوي لم يلتفتوا لهذا الأمر. إذن ما الحل في التفسيرات الخاطئة التي تمتلئ بها معظم كتب التفاسير؟ - الحل هو العقل والتفكر وأن تقام دراسات تمحيصية بين الشباب الباحثين الذين لايخافون في الله لومة لائم.. يقيمون بحوثهم علي الأسس العلمية والمنهجية ابتغاء وجه الله والدار الآخرة من غير تطاول ولا سباب أو انتقاص من حقوق الآخرين.