الحروب تعني بكل الأحوال دمار وخسائر ومآسي للمنتصر والمهزوم علي حد سواء، وإن كانت في بعض الأحيان شرا لابد منه يلجأ إليه صاحب الحق عندما يتعنت الطرف الطاغي ويرفض الامتثال لقواعد العدل والإنصاف ويتعدي علي حقوق الغير. وخلال الأيام القليلة الماضية شهد العالم تجمع الحلفاء الأوروبيين مع العمة أمريكا في احتفال مهيب لإحياء الذكري ال75 لإنزال النورماندي أكبر هجوم برمائي في التاريخ الذي كان يعد محطة حاسمة في الحرب العالمية الثانية تم علي إثرها تحرير فرنسا والأراضي الأوروبية من الطغيان الألماني بزعامة هتلر الذي ظن حينذاك وبعد اكتساحه دول العالم بأنه ملك الأرض ومن عليها ولا يمكن لأي قوة أن تجبره علي التقهقر والانسحاب.. وفي حقيقة الأمر فإن الاحتفال بذكري النورمادي التي شارك فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زعماء أوروبا وكندا والمحاربين القدامي هو احتفال كله منافع، حيث أعرب هؤلاء القادة الذين عرفت بلادهم ويلات الحروب عن مسئوليتهم المشتركة في منع تكرار مآسي الحرب العالمية الثانية التي خلّفت دمارا شاملا للجميع. الاحتفال أيضا كان مناسبة لتجمع حلفاء الغرب في مظهر حضاري ليؤكدوا تماسك تحالفهم في ظل ما يبدو من خلافات بين الحين والآخر مع الولاياتالمتحدة منذ تولي الرئيس ترامب مقعد الرئاسة في البيت الأبيض لكي يقولوا للجميع إن الخلاف لا يفسد للود قضية وأن التعاون والتنسيق بين حلفاء الأمس واليوم وتغليب المصالح العليا هو الأساس والمستمر ولاشك في ذلك. هذا الاحتفال في النهاية يعطي رسالة واضحة للجميع علي سطح الكرة الأرضية أن الحروب لا توفر أي حلول نهائية للنزاعات وأن الحوار والتفاوض هما خير وسيلة لنزع فتيل أي أزمة بما يحقق مصلحة الطرفين.