في عام 1981 كنت عضوا في بعثة الحج الرسمية برئاسة العالم الجليل الراحل جاد الحق علي جاد الحق (شيخ الأزهر)، وأشهد أمام الله أنه كان رجلا طيبا زاهدا شجاعا لا يخشي في الحق لومة لائم. وعندما زرنا المدينةالمنورة دعاني الإمام الراحل لمرافقته في زيارة قال عنها: سنزور رجلا صوفيا طيبا من »السادة» أشراف المدينة، وبالفعل وجدت نفسي أمام السيد أكرم هاشم عشقي ينطق وجهه بنورانية الإيمان، وتعلوه ابتسامة راضية قانعة.. حكي السيد أكرم عن علاقته بمصر منذ نعومة أظافره، حيث تلقي بعض مراحل تعليمه مع أهله في القاهرة، وكان يسكن حي »المنيل»، وظل يحكي عن ذكريات الزمن الجميل علي أرض الكنانة، وناس مصر الطيبين الذين كانوا يكرمون وفادة كل ضيوفها، خاصة إذا كانوا من بلد رسول الله (صلي الله عليه وسلم) طيبة الطيبة.. وتوطدت الصلة بعد ذلك عائليا، فكلما زار القاهرة يزورني وأصطحبه لزيارة شيخ الأزهر الذي عرّفني عليه، ثم نزور سيدنا الحسين (رضي الله عنه)، وكلما قصدت المدينةالمنورة زرته، ويقدم لي في كل زيارة هدية ثمينة لا يستطيع تقديمها سوي أهل الحظوة، فقد كان يأخذ بيدي لزيارة مقام الحبيب المصطفي (صلي الله عليه وسلم) والصلاة في الروضة الشريفة بكل يسر، فقد كان كل أهل المدينة - صغيرا وكبيرا - يعرفونه، ووسط هدير هذا الزحام الجارف من المحبين الزائرين لسيدنا النبي (صلي الله عليه وسلم) كان الحرس والقائمون علي خدمة المسجد النبوي يرحبون به ويحبونه لا لأنه من رجال الأعمال، (فقد كان مستورا وليس ثريا)، ولكن لأنه من سلالة الشجرة النبوية المباركة، وعاشق لآل البيت، الطيب الصالح الذي يقابل كل من يلقاه بابتسامة صافية خاشعة ويفتح بيته لكل الناس وقد منحه الله وهج القبول والحب.. فتشت في ألبوم ذكرياتي وأنا أزور اليوم المدينةالمنورة بعد أن فاضت روح السيد أكرم إلي مولاه، لكنه حاضر بسيرته الجميلة وذريته الطيبة من بعده: وفاء، ومازن، ومنصور، وعبدالله، وهاشم..