الكتابة في وسيلة إعلام منتشرة ترضي شيئا في الذات حيث تتيح لصاحبها التفاعل مع أناس رائعين في الغالب ممن يستقبلون مداخلته ويعقبون عليها - موافقة أو اختلافا- ويتولد احترام جميل متبادل.. والكاتب يقترح فكرة أو يقرأ شيئا في موضوع عام ويحاول أن يسند أطروحته من واقع خبرته واطلاعه والرأي معرف بلفظته »رأي» ولذلك يخطئ صاحبه ويصيب..ولا أجمل لكاتب الرأي من تفاعل المحاورين الواعين مع فكرته -»تصحيحا أو تذكيرا بمعلومة فاتته أو حتي عرضاً لرأي نقيض مسنود بأسانيده» في إطار الحوار الحضاري المهذب.. لكن ما يدهش أننا أصبحنا في زمن السوشيال ميديا تكون نوعية وكم الردود أو التعقيبات التي يرسلها البعض لا لتقول أي شيء سوي إهانة الكاتب أو صاحب المادة الإعلامية بل والتفنن في اختيار أقذع الشتائم وأكثرها حطاً للقدر ومع حرص المواقع الرسمية والرصينة علي »فلترة» هذه المداخلات بسبب طبيعتها العدوانية فقط- فإن بعضها يفلت.. من المتعذر ذكر أمثلة علي هذا النوع من التعليقات بألفاظها المعيبة.. ولأن بعضها يرفع علي حوائط مواقع التواصل الاجتماعي حيث تمكن زيارة »أكاونتات أصحابها» فإنها تظهر في ملف صاحب الرأي وخلفياته وماهيته وعلي أي مرتكزات يقيم »ميزانه» في بعض الأحيان، يكون غضاً بعد فيأسف المرء لاحتمال أن ينشأ علي هذه الطريقة في »الحوار» مع كاتب أو غيره.. لكن يكون في بعض الأحيان راشداً له عمل وأسرة فيأسف المرء أيضاً لحال رعيته وأي طريقة في التفاعل يتعاملون وبأي لغة يحاورون.. المعلمون وأرباب الأسر والواعظون والساسة والإعلاميون الذين تركوا الحابل علي النابل للجهلاء وتخلوا عن دورهم الحقيقي وأصبح الكل يقول: »أنا صاحب الحقيقة» ويريد إخضاع المختلف بالسباب والتسفيه علي أقل تقدير وبالسيف والبندقية في نهاية المطاف..أما الغائب الذي عز وجوده -الذي يصنع غيابه التعليق الشائن علي رأي ولا ينتهي بخراب الأمم كما نري فلخصوه بكلمة: »التعددية وقبول الآخر بكل احترام» ما لم يتم تجاوز الخطوط الحمراء المسلم بها للوطن..