في مطلع حياتي الصحفية، وتحديدا في عام 6791 فكرت في إيجاد فرصة عمل إضافية لتحسين دخلي بجانب عملي محررا في »آخر ساعة« وكان ومازال هناك عرف سائد في الإذاعة والتليفزيون بالاستعانة بالصحفيين للإعداد من الخارج لأكثر من سبب أهمها القدرة علي تقديم أفكار لبرامج جديدة، ثم إنهم يمتلكون مصادر أكثر من غيرهم من »الموظفين« الذين وزعتهم القوي العاملة علي الإذاعة والتليفزيون، وثالثا الصحفيون بطبيعة عملهم قادرون علي طرح الأسئلة التي سيقدمها المذيع أو المذيعة لضيوفهم أثناء الحوار. وفكرت (من 73 سنة) في برامج لها استدامة واستمرارية وبالتالي أضمن دخلا منتظما أكثر من البرامج الجماهيرية التي يتوقف »العائد« منها بمجرد توقف دورة البرنامج، واخترت برامج الصحة والسكان بالقناة الأولي وكانت مديرها العام الدكتورة لفتية السبع، وهي أصلا طبيبة أمراض نساء وتوليد، ومن أوائل دفعتها، لكن حبها الجارف للإعلام وعشقها للكاميرا دفعها لأن تكون من الرعيل الأول للمذيعات منذ إنشاء التليفزيون عام 0691، وكان أشهر أعمالها برنامج (المجلة الصحية) الذي استمر سنوات عديدة يقدم المعلومات الطبية ووسائل الوقاية والعلاج بطريقة مبسطة لرجل الشارع نظرا لسعة أفقها واطلاعها وثقافتها المتميزة وأسفارها المستمرة لانفتاحها علي العالم كرائدة في التنمية والسكان، كما أنها طبيبة نابغة في تخصصها، وكان لها عيادة بميدان الدقي تعمل بها بعد أوقات التليفزيون. قابلتني الدكتورة لفتية السبع بوجه »بشوش« فقد كانت دمثة الخلق، وبدون أية »واسطة« وأشهد أنها علمتني فن كتابة »الإسكربت« أي النص، واستفدت كثيرا من خبراتها الرائعة، وظللت أعمل معها »كمعد تليفزيوني« لسنوات طويلة! وفي أول أيام عيد الأضحي فوجئت بمكالمة حزينة من وحيدتها الدكتورة »أميرة« (دكتورة في الفنون التطبيقية بامتياز) تبلغني بوفاة والدتها التي أبلغتها قبل دخولها غرفة العمليات أن تتصل بي لكتابة نعيها لو لقيت ربها، رحم الله أختي الكبري وأستاذتي الدكتورة لفتية السبع وأسكنها فسيح جناته، التي ستوافق الذكري الأربعين لوفاتها السبت القادم.