سنون وسنون مرت كانت كلها أملا وفرحا وهوانا وفيها الغني والحمد وأيضا الزهو والانفراج والانكسار، فيهاالكبت والحزن والسعادة الحقة الخالصة قضيناها بحلوها ومرها وإن كان الحلو الذي منحنا الله إياه أكثر كثيرا ممن توقعنا، فهو الله الحنّان المنّان كثير العطايا لنا، فكل منا حققت أحلامها كبيرة كانت أم صغيرة، تزوجت وأنجبت أو وفِّقت في عملها وتبوأت مناصب عليا، ومن اختارت البيت مستقرا وتفرغا لها عن اقتناع.. ومن فتحت عملا خاصا وجاءتها ثمرة التعب والجهد، كان لهن لقاء شهري عائلي بصحبة الأولاد حتي وصلوا لبداية مرحلة الانفصال عن اللقاءات الأسرية، فلكل منهن هوي وصديقات فاستمر اللقاء مقتصرا عليهن .. اليوم دائما ما يكون حافلا بالمحبة والثقة والذكريات والأمنيات المستقبلية والحياة الآتية، كلٌ منهن تحكي وتفضفض وتقص ما مر من أحداث خلال الشهر مهما كانت درجة خصوصيتها، فالفرح يعم والحزن يعم أيضا، المشاركة في المشاعر والأحداث هي السمة الغالبة علي العلاقة ومن أهم أسباب استمرارها وقبل أن ينتهي اللقاء يتم التواعد علي الموعد التالي وبعد انصرافهن يشعرن بمدي فاعلية الجلسة أو القعدة التي تجمعهن وجمالها وتأثيرها الإيجابي علي النفس والطاقة القوية التي تشحنها لمواصلة ومواجهة الحياة بكل متفرقاتها ومفاجآتها ورتابتها، كبر الأولاد والبنات وتزوجوا إلا قليلا، ومرضت من مرضت ومن توفي عنها زوجها، أحوال وأحوال تغيرت وتبدلت وبقي اللقاء الشهري علي حاله، فقد أصبح طقسا مقدسا لديهن حتي حان موعد تساقط الأوراق وسقطت الورقة الأولي بعد معاناة مع المرض لعامين والثانية بعدها بعام وهي من تحملت مرضها اللعين لسنوات طويلة، أما مريضة القلب المزمن فجاء خلاصها بأزمه قلبية، ومن ثم بدأت الكآبة تعشِّش بالنفوس ويخيِّم ويسود اللقاء حزن دفين رغم التظاهر بالفرحة به، وشيئا فشيئا خفّ التلاقي واستبدل بمكالمات تليفونية يومية تتباعد يوما بعد يوم.