الحديث عن تطوير التعليم، له شجون تمس القلوب، في أي دولة من دول العالم، ذلك أن التعليم حجر الزاوية، التي يرتكز عليها أي مجتمع، ينوي النهوض والتطور، في شتي المجالات، وزير التربية والتعليم، يتحدث عن أفكار للتطوير: بنك للمعرفة، وتوفير الكتب إلكترونيا، وإلغاء للثانوية العامة، وإلغاء لمكتب التنسيق، والفصل المقلوب، وغيرها من الأفكار، لا أناقشها وأتركها للمتخصصين، فالأفكار كثيرة، ولكن كيف ومتي ومن أين تكون البداية؟ الوزير يتحدث بأسلوب الهرم المقلوب، وليس الفصل المقلوب، تطوير التعليم يبدأ من القاعدة، وليس من السطح، معظم تلاميذ مرحلة التعليم الأساسي، وباعتراف الوزارة، علي مدي الفترات السابقة، لا يجيدون القراءة والكتابة، ومن أجل ذلك كان مشروع القرائية، المشكلة ليست في الثانوية العامة، ولا مكتب التنسيق، المشكلة في العشوائية والانتقائية، والتفكير بنفس أسلوب وزراء ما قبل ثورة يناير، ولا أدري لماذا لا نحاول أن نفكر بطريقة مختلفة، حتي وإن حدث خطأ في التنفيذ، لا أدري لماذا نكرر ما فعله سابقونا بنفس النمط، وبنفس الأدوات وأسلوب التفكير، وكأنه لا جديد تحت الشمس، أو ربما لأن التكرار أفضل وأضمن، أو ربما لأن الخوف من الفشل يحكمنا، الحكومات السابقة تعاملت بهذا الأسلوب، أسلوب العشوائية، والانتقائية، مع ملف تطوير التعليم، وزير يقوم بإلغاء الصف السادس لتصبح مرحلة الشهادة الابتدائية خمس سنوات، وبعد فترة وزير آخر يعيد الصف السادس، وكل ذلك يتم تحت شعار: تطوير التعليم، وزير يجعل الثانوية العامة علي مرحلتين، ووزير يعيدها لسيرتها الأولي، بعد أن أرهقت كاهل التلاميذ وأولياء الأمور، مكتب التنسيق الذي يريد الوزير، إلغاءه،واستبداله بأسلوب جديد، ربما يكون الوسيلة الوحيدة الفعالة في تأكيد مبدأ تكافؤ الفرص، رغم أي عوار يمكن أن يطاله، ثقافة المجتمع الحالية، منحاها الواسطة والمحسوبية، أي مواطن تواجهه أي مشكلة، في أي مصلحة حكومية، قبل أن يتحرك لحلها، يبحث عن الواسطة، في البحث عن وظيفة هناك قاعدة عامة، لدي الجميع أنه لا يمك الحصول علي وظيفة، إلا بالواسطة، رغم الإعلانات في الصحف، الشعب الذي ثار ضد التوريث، هو نفسه الذي كرس فكرة تعيين أبناء العاملين، تغيير ثقافة المجتمع أولا، قبل أن نبدأ في أي تطوير، وأن تكون البداية من أسفل الهرم لا من قمته.