فيفيلم »رد قلبي» يُدخل »الريس عبد الواحد» ابنه (علي) المدرسة الحربية، ليصبح،كما يريد أي أب لابنه، أفضل منه، كان الابن متفوقا، فأكمل تعليمه بعد أن حصل علي المجانية (التي كافح من أجلها إلي حد أنه لعب ماتش ملاكمة بضلع مكسور!) لكن لاالمدرسة الحربية، ولا التفوق، كانا شفيعيه في الزواج بمن أحب، فماإن تجاسر الأب وذهب ليخطب له »إنجي» (ابنة الباشا)، حتي أرسل »الباشا» له بمن يرسله إلي مستشفي »المجانين»! باقي الحكاية تعرفونها، فقد أذيع الفيلم آلاف المرات، في كل عيد لثورة يوليو، في كل مناسبة قومية، حتي في أعياد ثورة يناير صاحبة شعار: »عيش، حرية، عدالة اجتماعية»، وموجتها الثانية في 30 يونيو! يظل بإمكانك أن تري نسخا أخري جديدة من الفيلم، ليس بالضرورة علي هيئة »فيلم»، ولكن علي هيئة إعلانات، ومسلسلات، وبرامج توك شو أيضا، آخرها ماشاهدناه من مناظرة الأربعاء 24/8، »مع إبراهيم عيسي»، بين الخبير الاقتصادي/ إلهامي الميرغني( نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي)،والأستاذ/ محمود عطاالله، الخبير بقطاع البنوك (عمل من 2004-2007 نائبا لرئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة) انقسمت المناظرة إلي »مؤيد» لسياسات الدولة، وهو الأستاذ محمود بالقطع، و»معارض» وهو الأستاذ إلهامي بالقطع، بل بدا الأمر وكأن الأستاذ محمود متحدث باسم الحكومة لا مجرد مؤيد لسياساتها!كان سؤال البرنامج: »هل تنحاز سياسة الدولة للفقراء ومحدودي الدخل؟» دافع الأستاذ محمود عن سياسات الدولة، ودافع الأستاذ إلهامي عن محدودي الدخل، وبينهما تساءل الأستاذ إبراهيم عيسي عن تعريف محدودي الدخل! كان تعريف »المؤيد» لهم: »أسرة من 5 أفراد، يعيشون في بيت به 3 غرف نوم! وفي كل غرفة »لمبة»،ولديهم مروحة، أو مروحتان، وتليفزيون وديكودر» (نسي المؤيد »الثلاجة» لابأس)، هل هذا وحده ماذكرني بالريس عبد الواحد؟! أعني أسرته المكونة منه ومن زوجته وعلي وحسين وبهية (ابنه الخالة) والبيت الواسع الذي كانوا يعيشون فيه في »جنينة الباشا»؟! مماجعلني أتصور أن الأستاذ محمود قد استمد معلوماته عن محدودي الدخل من الفيلم المعروض في خمسينيات القرن الماضي! فقط أضاف »للديكودر» التليفزيون والمراوح! وهل هناك أسرة محدودة الدخل، هذه الأيام، تعيش في بيت به ثلاث غرف! من شاهد العينة العشوائية لمن نقلتهم الدولة إلي »الأسمرات»، حسب تقرير الإعلامية لميس الحديدي، رأي البيوت المعلقة بين الصخور، كالجحور، وبها ثلاجة ولمبات وتليفزيون، وهي لاتشبه بيت »الريس عبد الواحد» للأسف، لكن عبارة أخري »للمؤيد» جعلتني أشعر أنني أشاهد الفيلم بحذافيره، تلخص رأيه في التعليم، إذ يري الأستاذ محمود أن علي الدولة أن تلتزم بمجانية التعليم الإلزامي فقط، مماجعل الأستاذ إلهامي يفقد أعصابه (التي حاول جاهدا التحكم فيها، فيما بدا لي، طوال الحلقة) ويقاطعه قائلا: »يعني حنخللي الشعب يفك الخط»؟! لكن »المؤيد» لم يقصد ماتصوره »المعارض»، والحق يقال، وكان عليه أن ينتظر توضيح الأستاذ محمود الشروط الواجبة كي يتعلم الشعب، وهي، في نظره، تقوم علي التزام الدولة بأن يأخذ الشعب الابتدائية! ومن أراد أن يكمل تعليمه عليه أن يعتمد علي: إماتفوقه، أو قدرته المادية! في هذه اللحظة من الحوار قفزإلي ذهني »الأمير علاء»، واقفا في شرفة القصر يصطاد العصافير، ويصيب »علي» برصاصة في كتفه (علي سبيل المشاكسة)، فتصرخ إنجي وتضمد له جراحه بمنديل، الأمير علاء-كماتعرفون- أكمل تعليمه العالي، لقدرته المادية، لالتفوقه، ولولا أن »علي» كان متفوقا، لعمل بالابتدائية مع الريس عبد الواحد، في جنينة الباشا، ولولا كل ذلك لماكان هناك فيلم، وثورات، وعلي وإنجي، والريس عبد الواحد الذي أثق أنه كان جالسا في كواليس المناظرة،مذهولا، وهو يري الأستاذ محمود وقد أرسل له، ولنا جميعا، في الحقيقة، بمن يرسلونه، بعد كل هذه السنين،ومن جديد،إلي مستشفي المجانين!