استخراج اسماء المشمولين بالرعاية الاجتماعية الوجبة الاخيرة 2024 بالعراق عموم المحافظات    تمويل السيارات للمتقاعدين دون كفيل.. اليسر    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    سفير تركيا بالقاهرة: مصر صاحبة تاريخ وحضارة وندعم موقفها في غزة    نيفين مسعد: دعم إيران للمقاومة ثابت.. وإسرائيل منشغلة بإنقاذ رأس نتنياهو من المحكمة    رئيس إنبي: من الصعب الكشف أي بنود تخص صفقة انتقال زياد كمال للزمالك    «هساعد ولو بحاجه بسيطة».. آخر حوار للطفلة جنى مع والدها قبل غرقها في النيل    رابط نتائج السادس الابتدائى 2024 دور أول العراق    اليوم.. ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بحضور إلهام شاهين وفتحي عبد الوهاب    أترك مصيري لحكم القضاء.. أول تعليق من عباس أبو الحسن على اصطدام سيارته بسيدتين    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    بيكلموني لرامي جمال تقترب من 9 ملايين مشاهدة (فيديو)    تحرك برلماني بشأن حادث معدية أبو غالب: لن نصمت على الأخطاء    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    ضميري يحتم عليّ الاعتناء بهما.. أول تعليق من عباس أبو الحسن بعد حادث دهسه سيدتين    «أعسل من العسل».. ويزو برفقة محمد إمام من كواليس فيلم «اللعب مع العيال»    نائب محافظ بنى سويف: تعزيز مشروعات الدواجن لتوفيرها للمستهلكين بأسعار مناسبة    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    حلمي طولان: حسين لبيب عليه أن يتولى الإشراف بمفرده على الكرة في الزمالك.. والفريق في حاجة لصفقات قوية    زيادة يومية والحسابة بتحسب، أسعار اللحوم البتلو تقفز 17 جنيهًا قبل 25 يومًا من العيد    نائب روماني يعض زميله في أنفه تحت قبة البرلمان، وهذه العقوبة الموقعة عليه (فيديو)    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    أهالي سنتريس يحتشدون لتشييع جثامين 5 من ضحايا معدية أبو غالب    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    روسيا: إسقاط طائرة مسيرة أوكرانية فوق بيلجورود    السفير محمد حجازي: «نتنياهو» أحرج بايدن وأمريكا تعرف هدفه من اقتحام رفح الفلسطينية    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    ملف يلا كورة.. إصابة حمدي بالصليبي.. اجتماع الخطيب وجمال علام.. وغياب مرموش    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    «معجب به جدًا».. جوميز يُعلن رغبته في تعاقد الزمالك مع نجم بيراميدز    دعاء في جوف الليل: اللهم ألبسنا ثوب الطهر والعافية والقناعة والسرور    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    قبل اجتماع البنك المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    شارك صحافة من وإلى المواطن    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    مواصفات سيارة BMW X1.. تجمع بين التقنية الحديثة والفخامة    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع صادرات مصر السلعية 10% لتسجل 12.9 مليار دولار    "مبقيش كتير".. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اخر اخبار مصر اليوم : عبد الرحمن الأبنودى : العسكرى أعد الوجبة.. والإخوان "أكلوها".. أما المصريون فينتظرون الجنة

مر الزمن وبلغت ثورة يوليو سن التقاعد.. مر الزمن وتحولت مصر من الغناء لجمال يا حبيب الملايين إلى الغناء لدولة المرشد.. ومن حلم محاربة الفقر إلى الحلم بجمع القمامة،
ومن الأمل بالنهضة الصناعية إلى الحلم بتطبيق الحدود، ومن الدعوة إلى تحقيق الأمن الغذائى وبناء مدن للفقراء إلى تشييد ملاذ آمن للأثرياء لصرف أعين الفقراء عنهم, مر الزمن وأصبحنا من شعب يستشهد في سبيل تحرير الأرض إلى شعب ينتحر أمام طوابير الخبز وأنابيب البوتاجاز.. كيف تحولت مصر من أيقونة العالم العربي إلى جارية يهرب منها الملوك والسلاطين العرب، أما شعبها كريم العنصرين سابقاً فقد بات مدفوعاً بأبواب السفارات العربية والكفيل الذي ضيق عليه السبل.. وبعد أن بلغت ثورة يوليو سن التقاعد يبدو السؤال ملحاً: هل شيعت الناصرية لمثواها الأخير لتدفن جنباً إلى جنب مع مفجر ثورتها بعد أن خذل الناصريون أباهم المسجى في قبره منذ اثني وأربعين عاماً وذلك بعد أن انفضت عنهم الجماهير وباتت تراهن على الإسلاميين لعلهم ينجزون الأحلام.. ترى كيف يكون حال عبدالناصر في قبره وهو يرى أبناءه ضيعوا الأمانة وانصرفوا إلى معاركهم الصغيرة.. لم يبق من مشروع ناصر سوى مصانع خربة وقلاع تم بيعها للخواجات وحفنة من رجال الأعمال بينما لم يبق للشعب سوى أغاني لعبد الحليم والست وافلام توفيق صالح وصلاح ابو سيف.. أما المشروع الذي استلهمت منه أمم في المشرق والمغرب سبل نهضتها وانطلقت نحو ركب العالم المتحضر فقد شيع مع صاحبه.. كنا حسب ما تشير المعلومات الموثقة مع نهاية ستينيات القرن الماضي نصنع الصاروخ والسيارة فأصبحنا نستورد لعب الأطفال وفرشاة الأسنان فكيف دخلنا للمتاهة وانتقلت الفكرة إلى عبرة والمؤسسة إلى كشك والنهضة إلى كبوة في هذه السلسلة من الحوارات نتساءل: هل فقدت ثورة يوليو شرعيتها بمولد ثورة يناير أم أن الثانية قد تمنح الأمل للأولى لإحراز الأهداف التاريخية التي لأجلها قامت الثورة ونطرح أهم الأسباب التي أدت لسقوط المشروع الناصري ودفعت الكثيرين للتبرؤ منه ونحاول معرفة الأسباب التي جعلت من الجماهير غير واثقة في أحفاد يوليو وانصرفوا عنهم وهل من ثمة أمل في أن تعود الروح مجدداً للمشروع الناصري.
«لو خرجت من هنا هاموت».. أربكتني كلمات عبد الرحمن الأبنودي وهو يستقبلني في منزله بالإسماعيلية.. كنت أفتش عن سبب آخر لهروبه من القاهرة خيل لي أن فراره لهناك حيث يختبئ مع جميلته الفارة أيضاً لأسباب متعلقة بما يشهده ماسبيرو من ارتباك وفوضى وظلم جماعي.. لم تكن لتقنعني حكاية تلويح الأطباء له بالموت إذا ابتعد عن الإسماعيلية فقد علمنا الأبنودي عبر أشعاره ألا نخاف الموت كما علمنا أن نعشق الحياة خيل لي وهو الذي لا زال يحتفظ بتفرد شعره أن هروبه لأسباب لها علاقة ببكارته التي لم يصبها داء العادة فالرجل الذي أنقذ عبدالحليم من البقاء أسير اللون الواحد ودفع به نحو القاعدة العريضة من الجماهير وإن كانت رئتاه ترهقانه وقلبه يقاوم الكسل فموهبته التي تكبر مع أيام عمره لم تعد تلائمها القاهرة التي أصبح نشاطها اليومي السباب والتشاجر ورمي الناس بالشبهات وتحول كثير من مبدعيها إلى عاطلين عن العمل.. في منزل صغير تحيط به شجرات معدودة من المانجو يقيم شاعرنا وقد نقل معه مكتبته العامرة بأمهات الكتب وصوراً لعائلته واصدقائه المقربين وكأنه يريد أن ينجو بعالمه وإن كانت مصر تطارده أينما حل وارتحل وصورة الميدان الذي كان أول من تصدى له شعراً لا تغادر صندوق ذاكرته.
هل ترى أن جمال عبدالناصر أخطأ حينما سلم الثورة لأعدائها؟
- دعني أقول لك بداية أننا لم نعرف قدر عبدالناصر إلا حينما عرفنا ما فعله من تلوه فقد أعدنا اكتشافه وارتددنا مرة أخرى لذلك الرجل العظيم الذي تعرض للكثير من الظلم ولكنه ظل أقوى من ظالميه كنا نحن المثقفين المرفهين نهاجمه وننتقده فيما بيننا بينما لا نجرؤ على ان نوجه له العتاب امام فلاح أو عامل وذلك لأنه لم يحكم جلاديه بكرتونة زيت وسكر وإنما حكم مصر بالإجراءات التي ترفع من شأن الفقراء وتعيد إليهم كرامتهم المستباحة عن نفسي لم أكن أعرف لماذا عمي إبراهيم أبوالعيون بطل ديواني «وجوه على الشط» لماذا وهو رجل يحبني انفجر غاضباً في وجهي بعداء حقيقي حينما سألني: حبسوك ليه؟ فقلت له الراجل اللي اسمه عبدالناصر فلم يدعني اكمل (كبرت يا عبدالرحمن ولبست قميص وبنطلون وقلت الراجل اللي اسمه عبدالناصر) لم يتركني اكمل نقدي له قائلاً: لولاه لكنت في البلد مع ولاد عمك بتنقي لطع في الغيطان فكان الناس في زمانه لديهم البصيرة في الحكم على زملائهم فهم يدركون ان الرجل كان منحازاً لهم في وجه الظلم والفساد ولم يتسول الفقراء في عهده، وهو الرجل الذي ولد في عهده شعار «صنع في مصر» فحول فلاحيها إلى «عمال» الرجل الذي لا ينكر حتى خصومه إنجازاته والرجل الذي فعل شعار الكرامة الوطنية أن أشعر على المستوي الخاص انني أعيش حتى الآن أنني شاعر يونيو فالهزيمة قفزت بي الوعي لآلاف الكيلومترات للأمام.
ولكن هل كانت ليوليو عوارض مرضية؟
- الثورة المضادة لها تاريخ فمن يتهم عبدالناصر بالسبب في النكسة نقول له: وهل كان سيدنا علي السبب في نقل السلطة لبني امية فلي عنق الحقيقة لا يفيد ومن قبيل المعجزات أنه منذ رحيل عبدالناصر وهم يبيعون في تراثه(القطاع العام ولم ينتهي بعد. لقد بدأ يوليو انقلاباً ثم تحول لثورة شعبية وها نحن قمنا بالثورة مجدداً في يناير فمن الذي استولى عليها ليس الثوار بالطبع لقد حقق عبدالناصر كل تلك المنجزات وهو محاصر بالأعداء من كل جانب الإقطاعيين الذين سلبهم املاكهم والطبقة التي كانت تحكم وتم عزلها وأفقدها مواقعها الاقتصادية ثالثاً الإخوان المسلمين الذين كانوا يعتقدون أن الثورة كان من الممكن أن يستولوا عليها كما يحدث الآن وما يحدث هو مؤجل من يوليو أصلاً يذكرني ما جرى لعبدالناصر بما جرى لخالد بن الوليد آلاف المدى والسهام والسيوف تجسد في جسد البطل وهو واقف محتضن أهدافه ومصر عليها وكان من الممكن أن (يماين) مع إسرائيل كما فعل من تلاه ويعيش منعماً مرفهاً ولكنه كان رجلاً وزعيماً حقيقياً أما من جاء بعده فكان الهدف أن يقوم بحركة استعراضية ثم يجني، ما حدث لمبارك كان نتيجة لسياسات قديمة أدت إليه وكان الفساد إرثا في حكم مبارك منذ بدايته ومن يدعي أن مبارك كان نقياً وطاهراً في سنواته الأولى وأنه فسد في الأعوام الأخيرة هؤلاء إما عميانا وإما لديهم غرض ما في أنفسهم.
مكرم محمد أحمد قال إنه كان يلمع حذاءه بنفسه في السنوات الأولى من حكمه؟
- لو أي شخص مكانه في العسكرية قضى سنوات في حياته كلما استيقظ ولبس زيه قام بتلميع حذائه بالزمة هذا السلوك ألا يكون دالاً على أخلاق ما.
قلت إن يوليو كانت انقلاباً في الأساس تحول إلى ثورة فهل ترى أن ما حدث في يناير 2011 كان العكس ثورة تحولت لانقلاب؟
- طبعاً الأمر كذلك فقد كانت ثورة يناير من أنقى واهم الثورات التي شهدتها البشرية لكنها تحولت فيما بعد إلى انقلاب من قبل التيارات الإسلامية جميعها وبدلاً من أن نضخ الدماء في تجربة عبدالناصر ونتجاوز أخطاءها ونرفع من شأن الأمة وفقرائها ويكون لدينا جنود في الزراعة والصناعة والعلم وجدنا الآن أن شبابنا الذي خاض في السابق حروباً ضد الأعداء يطعن طالبا في السويس، البلد الذي غنينا له وشدوت (يا بيوت السويس يا بيوت مدينتي) هذا البلد الذي علمنا النضال جاء في هذا الزمن المختل يعلمنا الهيافة وهؤلاء الذين يضربون النساء المتبرجات في المدن والقرى ويسعون لأثارة الفتن.. انظر ماذا حدث عقب يوليو وما حدث عقب يناير البون شاسع والشواهد مؤلمة يوليو هي ثورة استنزفت كل ما فينا من حنين للغد ويكفي ان تلقي بنظرك على الساحة الثقافية وما أنتجت في الستينيات كانت هناك نهضة حقيقية وأسماء كبيرة في المسرح سعد الدين وهبه ونعمان عاشور ويوسف إدريس وميخائيل رومان ونجيب سرور ومن المخرجين جلال الشرقاوي وكرم مطاوع وفي السينما كان هناك كبار كيوسف شاهين وتوفيق صالح ويوسف شاهين وآخرون فضلاً عن مستهلكي تلك الفنون وكان الشعار السائد إذا لم تكن قادراً على البقاء في الصف الأول عليك ان تبحث عن عمل آخر.. أما بعد يناير فتحريم الفنون والتقييد على حرية الإبداع هو شعار المرحلة وهدف الحكام الجدد.
هل تغيرت نظرتك لعبدالناصر مع مرور الوقت؟
- بالتأكيد كنا في زمن البدايات ننتقده ونرى أنه لا يعطي الفقراء حقهم ولكن بمرور الوقت اكتشفنا كيف انه كان كبيراً في الماضي كنا ننتقده لأنه ليس في القرية سوى الوحدة الصحية وعندما انتشرت المستشفيات في المدن وكنا نعود بمرضانا موتى عاودنا الحنين إلى الوحدة الصحية التي لم يكن يموت فيها المرضى كما مات شاب السويس داخل مستشفى رئيس ليس به متخصص في الأوعية الدموية كل هذه الأشياء تعرفها بالنضج وبالمقارنة مع الأزمنة المقبلة.
هل لمت نفسك على قسوتك نحو عبدالناصر فيما بعد؟
- هذا هو ما يحمله كلامي فالوعي يتمثل في أن تجدد نفسك وبصراحة المثقف المصري لا يتمتع بهذه الخصلة قد أكون ورثتها من الفلاحين الذين يقرون بالذنب عندما تهلك محاصيلهم فهم وإن كانوا يؤمنون بالقدر إلا أنهم علمانيون جداً في التعامل مع ما يمر بهم من من أحداث ويقدرون للمسببات أسبابها، الفلاح المصري علماني جداً في علاقته مع الأرض وبينهما حديث مشترك لا نستطيع نحن فهمه علمياً هذا الفلاح الذي يبدو ميتافيزيقياً يعرف أن للأسباب مسببات.
كيف تقرأ ما حدث؟
- أشعر أن المجلس العسكري ساهم في إعداد «الوجبة» والإخوان «إلتهموها» أما المصريين فينتظرون الجنة التي وعدهم بها الحكام الجدد.
وكيف ترى مصر خلال المستقبل؟
- أعتقد أنها فى محنة ولكنى على يقين أن مصر محروسة دائماً وسوف تتخلص من قبضة من يسعون لتكبيلها سواء الإخوان أو غيرهم كما تخلصت من سجن مبارك.
هل سيبقون فى الحكم طويلاً أم سيغادرون المشهد خلال أعوام قلائل؟
- سوف يبقون طويلاً هذا اعتقادي ولن يقدموا للناس شيئاً وسيضربون الناس (بالجزمة) إذا لزم الأمر.
أليس فى ذلك تحاملاً عليهم؟
- الأيام بيننا وأنا لا أتحامل عليهم بل الشواهد تقول ذلك فقد ضربوا الفخرانى وغيره من المناضلين الحقيقيين ويسعون لتكبيل البلد بقوانين تعينهم على أن يستمرون فى هيمنتهم عليها.
هل تؤمن بوجود صفقة بينهم فى الوقت الراهن وبين المجلس العسكري؟
- على العكس من ذلك أرى وجود تناقضات بينهما حالياً ومن المؤسف أن الذى يدافع عن الدولة المدنية فى الوقت الراهن هو الجيش إنما الادعاء بأن الدولة المدنية هى دولة الإخوان أمر لا يصدق بل إننا الآن فى مواجهة معادلات مقلوبة.
هل كان من الممكن أن تعطى صوتك للإخوان؟
- لم يكن من الممكن أن أعطى صوتى للإسلاميين لأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية ولا بالدولة المدنية ولم أشعر يوماً بمسافة بينى وبين أصدقائى التقدميين كما هو حادث الآن بسبب منحهم أصواتهم للإسلاميين وأنا ضد أن يقفوا مع شفيق أيضاً.
لماذا لا نمنحهم الفرصة؟
- بالفعل هم حصلوا على الفرصة لكننا لا نريد أن نتعرض للمذابح وأن تشهد مصر المحروسة بعناية ربها أحداث عنف.
ما الذى يجعلك خائفاً لهذا الحد؟
- لأننى على يقين بأن الإخوان لن يغادروا الحكم بسهولة وقد تهون أحداث ثورة يناير وعدد الشهداء الذين سقطوا على أيدى زبانية مبارك مع ما قد يحدث فى الأيام القادمة لأن المواجهة مع الإخوان قد تسفر عن أنهار من الدماء وهم يؤمنون بأن الدم هو السبيل لتحقيق دولة الله فى الأرض.
ربما يتركون السلطة من تلقاء أنفسهم إذا ما فشلوا؟
- وهو فيه حد يتخلى عن السلطة طواعية أنا نفسى معملهاش فما بالك بمن يسعون إليها منذ زمن.
وماذا عن دور المعارضة فى مواجهة الإخوان؟
- هى معارضة مقاهى وستظل هزيلة وضعيفة طالما لم توحد صفوفها. ومن المؤسف أن هذا التشرذم يبدو مدبراً.
مصر الثورة في الحالتين تغيرت كثيراً؟
- مصر كانت تبنى عقب يوليو حجراً وبشراً مصانع وسد وتحتها إنسان بيتبني وقد تعرضت لهذه التجارب في ديواني جوابات حراجى القط العامل في السد العالي إلى زوجته فاطمة احمد عبد الغفار عن الإنسان الذي كان معي في القرية وعمل في السد وعندما سافرت إليه وجدته شخصا آخر كان هناك وضوح في الهدف وصدق في التجربة ولم يكن النفاق على هذا النحو الذي نشهده الآن حيث يجري نائب جراحة تجميل ثم يحاول إخفاء الأمر من خلال الكذب وإزعاج السلطات وأنا لست ضد عمليات التجميل ولكن ضد ان يخدع الشخص من حوله كي لا يظهر أمامهم وكأنه يعترض على إرادة الله ليصلح من شكل أنفه هذا نوع من النفاق لم يكن موجوداً من قبل.
هل انتهت شرعية ثورة يوليو بمولد ثورة يناير؟
- أعتقد ان ثورة يناير هي خارجة من عباءة ثورة يوليو كل ما لحق بثورة يوليو يقابله ما لحق بثورة يناير لكن تظل فكرة أن الشعب كان يتوق ويطمح لهذا اليوم وهو نفس الحلم من زمن عرابي وثورة 19 وسيفعل أبناؤنا نفس الفعل مادام النيل يجري فالإنسان المصري يحلم بتحقيق نفس الحلم وتقويم الميزان الذي تعرض للخلل ودائما سوف يوجد من يلتف حول الثورة ويعيدها لأعدائها مرة أخرى دعني أقول لك إن الزمن في عرف المصريين (لعبة) لا يقاس بالأزمنة العملية التي نقيس بها الوقت مصر الرومان والفرس والفرنسيين والإنجليز عندنا تراث من الاحتلال ومن يرانا في كل كبوة يعتقد أننا لن تقوم لنا قائمة وأننا شعب خانع لا يحيا إلا في جلباب مستبديه ثم نفاجئ العالم ونقلب الوضع لنعيد ترتيب الأوضاع ونحن لا نقوم بالثورات من أجل أن نبهر العالم ولكن انتقاماً ممن اعتقد اننا شعب خانع وقابل للإذلال وهذا ما يتصوره الحكام وغالباً ما يترك المصريون حكامهم لأوهامهم يصنعون ما يريدون حتى يتحينوا الفرصة ويتخلصون منهم على النحو الذي رأينا مؤخراً
هل أخطأ عبدالناصر حينما سلم السلطة للسادات؟
- هو لم يكن يعلم ذلك الخطأ والسادات كان رجلاً محنكاً وكان (لابد) تحت جلد الريس وعبدالناصر لم يعطه النيابة بصورة حقيقية ولكنه كان في رحلة سفر للمغرب وكان مهدداً بالاغتيال وحينما عاد نسي النيابة التي منحها للسادات وكان ناصر مريضا بالقلب ولا أرى انه اخطأ دعني اقول حينما انهما حين خاضا حروبا مشتركة في الفالوجا لتحرير فلسطين واكتشفا أن القصر يتآمر على الأمة ثم يواجهان سوياً مع زملاء لهما تجارب متعدده ومصيرية في كثير من الأحيان كل ذلك لا يجعل عبدالناصر يدقق في التفاصيل كثيراً.. صحيح أن السادات أخذ زوجته للسينما ليلة الثورة واحتفظ بالتذاكر في جيبه خشية أن تفشل الخطة ويتم القبض عليه وجمال لم يتوقف عند ذلك كثيراً لذا لا أرى أنه أخطأ وإن كان هو السبب في ان السلطة ذهبت للسادات وجرى ما جرى فالسادات كان عضو مجلس الثورة ورئيس مجلس الثورة وله في الكتابة والصحافة وإن كان يحب التمثيل وقام بعمل إعلانات من أجل ذلك لكن لا يمكن أن ننسى أن الحنكة التي جعلته يهزم إسرائيل كانت تؤهله لن يخدع عبدالناصر من قبل.
البعض يرى أن عبدالناصر لم ينجب أبناء على مستوى المشروع الذي تركه؟
- عبدالناصر كان متوحداً مع القضية ومتصوفاً وعلى مستوى المشروع كان ناصر يحب هذا الشعب ولكن على مستوى التكوين العسكري لم يكن يؤمن به.. كان يرى فيه أهمية تتمثل في دعم مشروعه ومن أخطائه أنه لم يثق في ان يجعلنا نتعلم خطى الثورة ولم يترك لنا حرية أن نخطئ ولذلك حينما رحل ضغط السادات على زر فألغى التجريبة كلها لكن جيوش عبدالناصر الحقيقية لم تعرف كيف تسلك الطريق لأنه لم يعطها الفرصة كيف تحمل القضية من بعده
إذن كان ديكتاتوراً؟
- لا لم يكن ديكتاتوراً ولكن دائماً هناك مسافة بين العسكر والمدنيين لا يثقون في الشعوب وأعترف بان الذين يدورون حول التجربة الناصرية لا يليقون بقيمة صاحبها ولا بقدره لكنهم يرفعون نفس الشعارات وأحيانا أشعر بأنها شعارات تجاوزها الزمن ولو كان ناصر حياً لربما رفع شعارات أخرى.
أيهما يحتاجه الشعب أكثر هيبة عبدالناصر أم طيبة محمد مرسي؟
-عبدالناصر لا يقارن ككاريزما وكنسق فكرى وكقلب مزروع في وسط الناس لقد تخلص من كل الضباط الأحرار ولم يكن له جماعة يستند إليها مثلما هو الأمر الآن بالنسبة للرئيس الجديد كان يرى مصر كلها بأكملها خاصة فقراءها وسلوكه كان يدل عليه وأعتقد أنه لو أتيح له الفرصة بعد بيان 30 مارس وبعدما اكتشف أنه اخطأ بأنه لم يكون حزباً حقيقيا خارج الحزب الكارتوني الواحد الذي سار معنا حتى نهاية حكم مبارك وتحلل معه لكان سيدخل في مرحلة أخرى من البناء ومن أكبر الأخطاء التي يرتكبها الحاكم أن يثق في مجموعته كما وثق ناصر في عبد الحكيم عامر التي أسفرت عن هزيمة يونيو والسادات من مجموعته وهو الذي خان التجربة بأكملها ولذلك الريس مرسي لا أشعر تجاهه أنه يمثل مصر جميعاً الأمور تطبخ في مطبخ الإخوان المسلمين وأن ثمة تآمرا علينا هو من جانب والسلفيون من جانب والجهل من جانب.
لكنه تعهد بحل المشاكل في مائة يوم؟
- هذه كارثة فكيف تخيل له أن مشاكل مصر هذه تحل في مائة يوم، كيف تخيل أن مشكلة الزبالة فقط من الممكن التصدي لها في مائة يوم ودعك من باقى المشاكل الأخرى كالصحة والتعليم والخبز والغاز
إذن من وجهة نظرك أن مصيره الفشل؟
-الكارثة أن ذلك التعهد يكشف عن عدم دراية بمصر ولا بمشاكلها فكيف لرجل مثله يذهب للمسجد ويزور أماكن عدة وتحاصره جبال القمامة كما تحاصرنا فكيف أطلق ذلك الوعد.
لكن هناك حشد من المتخصصين والكوادر حوله تجعله قادراً على أن يبصر الطريق؟
- حتى الآن لم يظهر لنا اي شيء يدل على أننا في طريقنا للنهضة لا من جانبهم ولا من جانب الجماهير التي تتزاحم لميدان التحرير بتوجيه منهم لتغير من طبيعة الميدان وتوجهاته للضغط على رئة مصر ولتضييق أنفاسها لتحقيق أهداف جماعة الإخوان المسلمين، وفي هذا الإطار لا يمكننا ان نغفل تلك الخطوة الهوجاء التي اتخذها الرئيس لمحاولة الاستيلاء على مجلس الشعب بدون سند دستوري فضلاً عن التنمر والتخطيط لوأد حرية الصحافة من قبل مجلس الشورى الى جانب اللجنة التأسيسية للدستور وكل ذلك يكشف عن ان الإخوان يحاولون القبض على كل منافذ الحياة على الجماهير بحيث يمكن لهم تنفيذ أهدافهم
كيف نجحوا في استدراج الجماهير إذن للتصويت لهم بتلك الكثافة؟
- الشعب المصري كما تعلم متدين وحينما تعرض الجماهير أن تذهب بها للجنة يقبلون أن يضحوا بانفسهم واولادهم مقابل الوصول إليها والإخوان وشركاؤهم كانوا يقدمون خدمات للناس خاصة حينما تقسوا الحياة وترتفع الأسعار فحينما كانت تشتعل أسعار اللحوم كانوا يذبحون البهائم ويبيعونها بسعر التكلفة.. وفي اعتقادي إن الطريق للجنة نحو أبواب الإخوان ليس مأمون العواقب.
وما العيب في ذلك؟
-العيب ان تستخدم ذلك من أجل أن تحصل على اصواتهم لقاء ذلك الثمن البخس وقد فعلوا ذلك في أزمة البوتاجاز من قبل حينما كانت علاقتهم بالعسكري سمن على عسل.
أليسوا قادرين على إقامة مشروع نهضة على النسق التركي؟
- لا أعتقد انهم يستطيعون ذلك فتركيا مهما كانت هي جزء من أوربا ودائماً نظرتهم للإسلام الا يعطل نهضتهم ولقد تنبه أردوغان لما يعوق الإخوان عن التقدم فأكد لهم أنه علماني يقود دولة علمانية كالفلاح المصري الذي يدرك بفطرته رغم تدينه أنه سبب فقد المحصول وبذلك يعترف بعلمانيته أما الجماعة فهي ضد ذلك على طول الخط.
وماذا عن تونس؟
- ليسوا غارقين فيما نحن غارقين فيه دعك من الدمامل التى مصدرها السلفيون هناك، أما الغنوشى وحزب النهضة فهم عكس ذلك ولقد فاجأنى التونسيون فمن الصعب أن تجد هناك محجبة وبالرغم ذلك ذهبت النسبة الأكبر من الأصوات للإسلاميين على عكس الليبيين لم يمنحوا أصواتهم لذلك التيار.
هل تعتقد أن الإسلاميين لا يعترفون بالديمقراطية؟
- لدى يقين بأن الإخوان ومختلف التيارات الإسلامية ليسوا مؤمنين بالديمقراطية ولا يريدون منها سوى الانتهازية التى توصلهم للمنصب ثم يعتبرون ذلك نصرا من الله وما دونه كفر وضلال.
وما مشكلة شباب الثورة؟
- كما قلت تشرذمهم وعدم وجود قواعد حقيقية لهم خارج القاهرة بشبر واحد على عكس الإخوان والسلفيين الذين لهم قواعد فى مختلف المدن والقرى.
هم يؤكدون على رغبتهم فى المساواة وتعضيد نفوذ الدولة المدنية؟
- الكلام مفيش أرخص منه المهم السلوك هو المهم وسلوكهم يقول عكس ذلك فهم يملأون الميدان ويفرغونه ثم يملأونه مجدداً بمكالمة هاتفية كأن الناس بمنطق الغنم القادرين على جمعه وأنا أرى فى ذلك السلوك شبهة العار والتآمر والسياسة نحن كنا نجمع الميدان بعفوية وكأن الناس على موعد وتشعر ببعضها البعض طالبين الاستشهاد من غير أن يدق أحد أبوابهم وهو يكشف عبقرية ذلك الشعب فى تصرفه وعن معدنه الحقيقى.
إحدى الصحف السعودية نشرت قبيل زيارة الرئيس مرسى صورة لحسن البنا يقبل يد العاهل السعودى عبد العزيز فهل فى ذلك إشارة لإمكانية أن تكون مصر تابعة للسعودية خلال المرحلة المقبلة؟
- سوف تبقى مصر تابعة للسعودية للأسف، فالإخوان يعتقدون أنك طالما كنت معه فى هذا المشروع فمستعد لحملك على رأسى وها هو ذا صفوت حجازى لا يخجل أن يقبل الأيدى واللحى فى كل مكان.. وليس هناك مفاجأة فى أن يتجهوا للسعودية أولاً فهي (المعلم) الكبير الذي يسرح صبيانه ومن أين جمع هؤلاء أموالهم إلا من المملكة.
لكن المسئولين السعوديين كثيراً ما يهاجمون الإخوان ويعتبرونهم رأس الشر؟
- بسبب ما شهده بلدهم من حوادث عنف وأنا لو كنت مكان أى حاكم خليجى لشعرت بالخوف من وصول الإخوان للحكم فى مصر بسبب توابع ما يحدث.
متى ينتهى تشرذم اليسار؟
-لن تتجمع قوى اليسار المنفرطة إلا عبر وجود شخصية كبيرة تلتف حولها وكان البرادعى الأقدر للقيام بهذا الدور ولازلت آمل أن يحدث هذا وإلا لن تقوم للقوى المدنية قائمة.
هل ماتت الناصرية؟
- لا يوجد شيء اسمه الناصرية هناك رجل اسمه عبد الناصر قام بالثورة ثم مات ولكن الواقع الآن مختلف تماماً ومن تلا عبد الناصر باعوا الكثير من القضية.
ألست معى أن هناك حالة من التصيد للرئيس المنتخب.
- مرسى الآن رئيس لمصر جاء بقوة الإخوان المسلمين وعليه أن يثبت أنه يستحق أن يكون رئيساً لكل المصريين.
ولكنه نجح فى انتخابات نزيهة.
- النسبة ضئيلة للغاية بينه وبين شفيق والله أعلم بمن حقق النسبة الأعلى.
هل من الممكن أن يسفر هذا المناخ الآسن للإخوان عن دخولك فى إجازة عن الشعر؟
- رؤانا مستقبلية ولا نحلم أحلاماً بلهاء ولم نكن ننتظر حدوث الأمر حتى نتصدى له إبداعياً نحن نحلم ونظل نحلم لمصر بالمستقبل الذى يليق بها. بالطبع الشعر عزيز وغالٍ ولا أعرف اللحظة التى يأتى فيها أنا أشبه ببوسطجى أنقل الشعر حينما تحين اللحظة ويزورنى.
ما الذى يزعجك حينما تنظر للثوار؟
- (حين أنظر للفرق الشبابية) التى ترفع لافتات حزبية أعرف أن حالة من عدم النضج تحوطهم أيضاً لأنه لو كان هناك رؤية حقيقية ودرجة من الوعى لكانوا التقوا فى مواجهة الأبدان التى تلتهمهم ولن ينتظرهم الزمن حتى يكتشفوا هذا وها نحن نراهم الآن يتفتتون وأنا حزين لجهود البرادعى التى بذلها منذ عودته لمصر وسعيه للدفع باللبلد للنهضة تنتهى إلى لا شيء بسبب تشرذم وفرقة الثوار أذكر أيام حرب فيتنام وكان قادتها من الشيوعيين كنت أرى البوذيين يحرقون أنفسهم ليعرف العالم أنه لا فارق بين البوذى وبين الشيوعى، الجميع فيتنام والجميع يدفع الثمن.. أين نحن من هذا لماذا ولدتنا أمهاتنا جميعاً قيادات وزعماء ولماذا دائماً نفخر بأننا نلعب دائماً دور الطليعة والجماهير معاً ومصرين على نفى الجماهير خارج الصورة مثل أى نظام فاشستى ونتحدث ونخطب (نناضل) باسم أمن الجماهير وكلامى هنا عن القوى الوطنية التى بشرت بالثورة بعيداً عن القوى الإسلامية والعسكر والفول أرى أننا نحن بصمتنا نسهم فى أن تتأكد تلك الكيانات الثلاث ونحن كل ما يهمنا أن نتناحر.
هل استردت مصر عافيتها بعد أن عثرت أخيراً على رئيس؟
- تعد الفترات الانتقالية من أشد المراحل التى تمر بها الأوطان عقب الثورات لدرجة أنك أحياناً تشعر باننا لن نخرج منها وكأننا سقطنا فى هوة بئر مظلمة. أمن أجل ذلك نحن الآن بغض النظر عمن كانوا يحكموننا من قبل عصابة اللصوص وخونة الأوطان لكن ظلت مصر دوماً توحدنا كفريق قد يكون متجانساً أو غير متجانس لكننا لم نعرف أن نكون يوماً فريقين كل فريق فى مواجهة الآخر بهذه الصورة المخيفة التى نحن عليها الآن. قبل ذلك كانت النخبة هى التى تتولى التعبير عن الصراع المكتوم داخل الجماهير وتعلنه لكن أن نستيقظ فجأة بعد هذه الثورة العظيمة أن نجد أنفسنا فريقين مثل ديكة السباق كل منا فى مواجهة الآخر يدميه وينقره ويفقأ عينيه.. للأسف مصر باتت هكذا الآن منقسمة لقسمين بينما المجلس العسكرى مختبئ بعيداً بغنيمته والتيار الإسلامى.
ومن المسئول عن هذه الفتنة التى قسمت البلد لفريقين؟
- بالطبع إن المسئول الوحيد هو التيار الإسلامى فقد قسم كل المعانى والأهداف إلى قسمين فقد جعل الهدف هدفين والناس قسمين بل وأقول قسم النية على نيتين وهكذا نواجه هذا لأول مرة فى تاريخنا ثم قضية تحقيق السياسات بالغوغائية الجماهيرية وبالرقص على حافة الخطر وإحساسك بأنه لم يعد هناك أحد يهتم بمصر إلا أصحاب الهم القديم نحن أيضاً الذين عشنا طيلة تاريخنا على فكرة تحرير مصر وردها لأسيادها الحقيقيين وهم من بنوها ومن زرعوها ومن لم يحصلوا على شيء لكن أن تصبح الغلبة بالجماهير المضللة بالقطعان الهائجة والتى تعتقد أنه آن الأوان لمولد دولة الإسلام العظيمة أمام الكفار ومن المؤسف أن نرى أعظم رموز مصر تهان وتضرب وتمزق ملابسها ويبصق فى وجوهها على مرأى من سادة وزعماء.
هل تعتقد أننا إزاء بلطجة من نوع جديد؟
- لقد عانينا طويلاً حتى وقت قريب من البلطجة السياسية التى كان يصدرها النظام السابق فى الشوارع ويسرحها على معارضيه وعلى المواطنين فأصبحنا أمام بلطجة من نوع جديد هى بلطجة دينية للأسف الشديد ترتدى مسوح الدين وتعتقد أنها تحقق إرادة الله فى الأرض ضد دولة الكفار وأنا أتعجب حينما أشاهد شباباً كان من الممكن أن يساهم فى تنمية بلاده بصدق لكنهم تعرضوا لعمليات توجيه حيث يتم الدفع بهم للميدان قادمين فى اتوبيس من مختلف المدن والقرى البعيدة بهدف تغيير هوية الميدان.. إننى أتعجب من حجم ما يتم من إنفاقه من أموال من أجل القضاء على هوية مصر ودفعها لتغيير إرادتها لتصبح أسيرة فصيل واحد إن حجم الأموال المكدسة فى أيدى الإسلاميين والعسكر تم اغتصابه من أهالينا الفقراء الذين يعيشون حياة الشظف والفقر.. لقد كان مشهد الاعتداء على حمدى الفخرانى وأبو العز الحريرى وآخرين من قبل شباب الإسلاميين أمس أمر يدعو للفجيعة أين كان هؤلاء حينما كان من تم الاعتداء عليهم يناضلون فى وجه استبداد وقهر النظام السابق فى القوت الذى كان فيه الإسلاميون صامتين ويعقدون الصفقات مع النظام السابق كان حمدى الفخرانى بظهره العارى يواجه أعتى نظام ويهدد بالقتل من أجل إعادة ثروات مصر المنهوبة فى مشاريع مثل مدينتى وعمرو أفندى تخيل أنه كان من الممكن أن يقتل من اللصوص ومن الخونة وهو الآن مهدد بأن يقتل من يرتدى لباس الدين إذاً فما الفارق بين الاثنين كلاهما بلطجي.
كنت أول من رصدوا الثورة شعرياً من خلال قصيدة الميدان فهل كنت تتخيل أن تنتهى الأمور إلى ما نحن فيه؟
- لا طبعاً كلنا كنا متفائلين بمصر الجديدة التى نريد أن نبنيها بدون قهر وظلم لكننا وجدنا إزاء قهر من نوع جديد قهر تجار الدين الذين يسعون لإقامة مملكتهم الجديدة ولو كانت على جماجم المختلفين معهم فى الرأى إننى أقول لقادة الإخوان وللرئيس الجديد ليس هكذا تبنى الإخوان ليس بالرعب نعيد بناء مصر التى تحتاج لتكاتف الأيدى، أما أن يتبع الإسلاميون نفس أسلوب النظام البائد فى الانتقام والترويع فلن يسفر ذلك إلا مواجهة نفس النهاية لقد دهشت حينما اكتشفت أن لدى هؤلاء عدد من البلطجية يفوق عدد بلطجية النظام السابق.
وهل تتوقع أن تدخل مصر فى ليل جديد طويل مع الإخوان ومن يتحالفون معهم؟
- أثق أن مصر قادرة دوماً على مفاجأة جلاديها وشعبها قوياً ولا سبيل للسيطرة عليها.
أليس هناك احتمال أن يحقق الإسلاميون المفاجأة عبر تحقيق مشروع النهضة؟
- كما قلت لن يحققوا شيئاً سوف يدخلوننا فى دوامة تلو أخرى.
هل تشعر بالأسى على مصير مبارك؟
- لا.. هو السبب فيما جرى له.
ألم تفكر فى السؤال عنه؟
- مطلقاً.. كوارثه لا تحصى وجروحه للملايين لا تندمل.
كان كريماً معك؟
- إذا كنت تقصد موضوع العلاج على نفقة الدولة فهو من جيوب المصريين الذين أسرونى بحبهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.