لأنى أكتب هذه السطور وأنا صائم، فإن القلم يعف عن ذكر الأوصاف المناسبة لحوارات شديدة التدنى، فى بعض البرامج الحوارية، وهى فى جوهرها بعيدة كل البعد عن أبسط القواعد المفترض ان تحكم هذه النوعية من البرامج. لاسيما فى الشهر الكريم بروحانياته، وما يحيط به من التجلة والقداسة. البرنامج الحوارى من حوار ومحاورة أى حديث بين المذيع والضيف أو أكثر من ضيف يتحول إلى مبارزة فضائحية، وخناقات لا تخلو من استخدام قاموس الحوارى. من حارة رغم إن أولاد البلد الاصلاء ما زالوا يتمسكون بالتقاليد المتوارثة عند اختلافهم. فى هذه البرامج لا تقاليد مرعية ولا قواعد مهنية، ولا أدنى درجة من الحرص على صورة المذيع أو وقار الضيف، مهزلة مكتملة الأركان يتباهى خلالها الجميع فى نشر الغسيل القذر، والغريب أن البعض يحرص على «توثيق» الفضائح دون أدنى خجل أو حياء! احدى الحلقات كان الضيف يتحرك مثل القرد فى السيرك، أو كأنه بصحبة أحد الهواة، والمذيعة سعيدة تماماً لهذا الأداء، وكأنها تحقق سبقاً يميزها عن سواها من برامج، بل تحفز الضيف على المزيد والمزيد من الاداء المنحط، الذى كسر خلاله كل الاعراف والتقاليد على مدى حلقتين من الكلام الفارغ الممجوج! حلقة أخرى كان الضيف يتباهى بعلاقاته غير المشروعة، ويمزج حكاياته بذكر أسرته، زوجته مرة وطليقته مرة أخرى، وابنته ثالثة، كوكتيل عجيب من ذكريات يندى لها جبين أى انسان حر، إذا استدعاها لنفسه، أو جالت بخاطره، لكنه على الهواء يعيد ويزيد دون أن يطرف له رمش، والمذيعة تدعى أنها تحاصره. والحق انه لا يحتاج إلى حصار أو جهد لدفعه نحو الافصاح عن المزيد من تلك الحواديت الساقطة! ثمة سؤال يلح: أين الأكواد التى تحكم مثل هذه النوعية من البرامج والأعمال الدرامية، حتى تكون جديرة بالعرض فى شهر رمضان، أو حتى فى أى شهر آخر؟!