بشرى سارة للمواطنين.. زيادة الدعم المقدم للمواطن على بطاقة التموين    أستاذ اقتصاد: «فيه بوابين دخلهم 30 ألف جنيه» ويجب تحويل الدعم من عيني لنقدي (فيديو)    عاجل - مجانِّي آخر موعد للمصريين للتقديم لفرص عمل مغرية بالإمارات    إنجاز صيني في الفضاء، هبوط مسبار على الجانب البعيد للقمر بعد شهر على إطلاقه (فيديو)    لحظة منع مراسلة القاهرة الإخبارية من التصوير في تل أبيب، شاهد رد فعلها    تشيلي تنضم إلى جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل    جريحان جراء غارات إسرائيلية عنيفة على عدة بلدات لبنانية    الاحتلال الإسرائيلى يشن غارة جوية على مدينة بنت جبل جنوب لبنان    وسام أبو علي يتحدث عن.. عرض أوتريخت.. التعلم من موديست.. وغضب كولر    عمرو أديب يعلق صورة محمد صلاح مع حسام حسن (فيديو)    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    السولية: وقفتنا بعد مباراة صنداونز غيرت كل شيء.. ونهائي القرن هو الأصعب مع الأهلي    برقم الجلوس.. الحصول على نتيجة الصف الثالث الإعدادي بمحافظة الدقهلية 2024    متغيبة من 3 أيام...العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة في قنا    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    تطورات جديدة بشأن أزمة فك قيد نادي الزمالك    أمير الكويت يصدر أمرا بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح وليا للعهد    حميميم: القوات الجوية الروسية تقصف قاعدتين للمسلحين في سوريا    عيار 21 بالمصنعية بكام الآن؟.. أسعار الذهب اليوم الأحد 2 يونيو 2024 بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    وزير التموين: أنا مقتنع أن كيس السكر اللي ب12 جنيه لازم يبقى ب18    إجراء جديد من محمد الشيبي بعد عقوبة اتحاد الكرة    عمرو السولية يكشف طلب علي معلول في لقاء الجونة وما ينتظره من الأهلي    "الأهلي يظهر".. كيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع تتويج ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا؟    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    بعد حديث «حجازي» عن ملامح تطوير الثانوية العامة الجديدة.. المميزات والعيوب؟    حريق في عقار بمصر الجديدة.. والحماية المدنية تُسيطر عليه    غرق طفل داخل حمام سباحة في الغربية    بالصور.. البابا تواضروس يشهد احتفالية «أم الدنيا» في عيد دخول المسيح أرض مصر    من شوارع هولندا.. أحمد حلمي يدعم القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة (صور)    الشرقية تحتفل بمرور العائلة المقدسة من تل بسطا فى الزقازيق.. فيديو    زاهي حواس يعلق على عرض جماجم مصرية أثرية للبيع في متحف إنجليزي    وزير التموين: صندوق النقد الدولي لم يطلب من مصر خفض الدعم    دراسة حديثة تحذر.. "الوشم" يعزز الإصابة بهذا النوع من السرطان    باستخدام البلسم.. طريقة سحرية لكي الملابس دون الحاجة «للمكواه»    طبيب مصري أجرى عملية بغزة: سفري للقطاع شبيه بالسفر لأداء الحج    تعليق من رئيس خطة النواب السابق على الشراكات الدولية لحل المشكلات المتواجدة    قصواء الخلالي: التساؤلات لا تنتهى بعد وقف وزارة الإسكان «التخصيص بالدولار من الخارج»    سعر الموز والعنب والفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 2 يونيو 2024    عضو أمناء الحوار الوطني: السياسة الخارجية من أهم مؤشرات نجاح الدولة المصرية    وزير الخارجية السابق ل قصواء الخلالي: أزمة قطاع غزة جزء من الصراع العربي الإسرائيلي وهي ليست الأولى وبدون حل جذري لن تكون الأخيرة    ضبط 4 متهمين بحوزتهم 12 كيلو حشيش وسلاحين ناريين بكفر الشيخ    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    حظك اليوم برج السرطان الأحد 2-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    المستشار محمود فوزي: نرحب بطلب رئيس الوزراء إدراج مناقشة مقترحات تحويل الدعم العيني لنقدي    «أمن الجيزة» يحبط ترويج كمية كبيرة من مخدر «الكبتاجون» في 6 أكتوبر (خاص)    الفنان أحمد عبد القوي يقدم استئناف على حبسه بقضية مخدرات    مصرع سيدة وإصابة آخر في تصادم مركبتي توك توك بقنا    موازنة النواب: الديون المحلية والأجنبية 16 تريليون جنيه    صحة الإسماعيلية: بدء تشغيل حضانات الأطفال بمستشفى التل الكبير    مجلس حكماء المسلمين: بر الوالدين من أحب الأعمال وأكثرها تقربا إلى الله    مصر تشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    تكريم الحاصل على المركز الرابع في مسابقة الأزهر لحفظ القرآن بكفر الشيخ    رئيس جامعة أسيوط يتفقد اختبارات المعهد الفني للتمريض    تعرف على صفة إحرام الرجل والمرأة في الحج    «مفيهاش علمي ولا أدبي».. وزير التعليم يكشف ملامح الثانوية العامة الجديدة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024 في المنيا    شروط ورابط وأوراق التقديم، كل ما تريد معرفته عن مسابقة الأزهر للإيفاد الخارجي 2024    قبل الحج.. تعرف على الطريقة الصحيحة للطواف حول الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دول الاتحاد الأوروبى بين مطرقة شعوبها وسندان البيت الأبيض الأمريكى
حديث الأسبوع
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 31 - 03 - 2024


عبد الله البقالى
فجر عشرات الآلاف من المزارعين الأوروبيين فى العديد من دول الاتحاد الأوروبي، من ألمانيا إلى إسبانيا مرورا بهولندا واليونان والبرتغال وفرنسا وبولونيا ورومانيا وبلغاريا وغيرها، حقائق جديدة صادمة، كشفت عن طبيعة وحقيقة قرارات استراتيجية تتعلق بالتعامل مع تطورات عالمية كبرى، لم تكن عاكسة لمواقف شعوب دول القارة العجوز، وأنها كانت فى حقيقتها تماهيا وموالاة لموقف الولايات المتحدة الأمريكية.
وهكذا، أكد حشود المزارعين الأوروبيين الذين انتشروا فى حركات احتجاجية بالعديد من شوارع الدول الأوروبية، وتسببوا فى تعطيل حركة السير فيها، حتى كادت عجلة الحركة التجارية تتوقف فى هذه الأقطار، أن رزمة القرارات التى اتخذتها الدول الأوروبية ، سواء بصفة فردية أحادية أو فى إطار الاتحاد الأوروبي، لم تكن تمثلهم ولا تخدم مصالح شعوبهم.
نستحضر اليوم، أنه بمجرد ما أن اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية قبل أكثر من سنتين من اليوم تدافعت العديد من الدول الأوروبية بقيادة فعلية وحصرية من الولايات المتحدة الأمريكية لتقديم جميع أشكال وأصناف وأنواع الدعم المباشر وغير المباشر، العسكرى والمالى والإعلامى والدبلوماسى والاقتصادى لأوكرانيا، بمبرر كسر عظام الدب الروسى الذى قام بغزوها، مما يمثل تهديدا حقيقيا مباشرا لباقى الدول الأوروبية. وهكذا، وبعد أيام قليلة على بداية الحرب قررت دول الاتحاد الأوروبى فتح حدودها بالكامل أمام كثير من المنتجات الفلاحية الأوكرانية لتتمكن من دخول جميع أسواق 27 دولة فى هذا الاتحاد، تجسيدا فعليا للدعم الاقتصادى الذى ارتأته ضروريا لتقوية القدرات الأوكرانية. وبدا بعد أسابيع قليلة من هذا القرار الذى يكاد يكون غير مسبوق أنه كان يجسد تماهيا أوروبيا حقيقيا مع الموقف الأمريكى الذى قاد، ولايزال، إسناد كييف فى حربها ضد موسكو، وإن كانت بعض دول الاتحاد الأوروبى غير موافقة ولا راضية على فتح الحدود أمام المنتوجات الفلاحية الأوكرانية، ولكنها لم تكن فى نفس الوقت قادرة على التغريد خارج السرب، تحسبا لعواقب سياسية مع حلفائها من داخل الاتحاد ومن خارجه، خصوصا من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، لكن مع ارتفاع التكلفة المالية لهذا القرار فتحت أفواهها أول مرة للمطالبة بمراجعته، قبل أن تنتقل إلى مستوى اتخاذ إجراءات أحادية مختلفة للقرار بعدما صمت باقى الدول آذانها عن مطلبها الجديد. ومع مرور الوقت انتشرت بقعة زيت الأضرار المالية الناجمة عن موقف الاتحاد الأوروبى فى مساحات أوروبية جديدة، خصوصا فى إسبانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا ورومانيا وبولونيا واليونان، لكن حكومات هذه الدول كابرت وعاندت وأصرت على الإبقاء على القرار لتأكيد سلامة وصلابة موقفها الداعم لأوكرانيا فى حربها ضد روسيا. لكن إصرارها لم يصمد أمام ارتفاع التداعيات السلبية المالية والاجتماعية على شعوبها، خصوصا بعدما خرج المزارعون الأوروبيون فى العديد من هذه الأقطار للتعبير عن غضبهم الشديد، وعن معارضتهم القوية لسياسات حكومات بلدانهم، مما أجبر مسؤولو هذه الدول على اتخاذ ما كابدوا من أجل تحاشيه، بأن قرروا قبل أيام قليلة من اليوم، بعد اجتماعات طويلة حضرها المسؤولون الأوروبيون وأعضاء من البرلمان الأوروبى ، مراجعة اتفاق يونيو (حزيران) 2022 وبالتالى فرض قيود جديدة على الواردات الأوكرانية من المنتوجات الفلاحية.
هذا التراجع الذى فرض تحت الضغط والإكراه من طرف المزارعين الأوروبيين الذين يمثلون شرائح هامة من الشعوب الأوروبية، يكشف حقيقة اجتهدت الحكومات الغربية معززة بوسائل الإعلام الغربية الخدومة للمصالح السياسية والاستراتيجية لحكوماتها ولأجندات أوساطها المالية والتجارية، فى طمسها والتستر عليها، والمتمثلة فى أن رزمة قرارات الدعم الكثيرة التى اتخذتها الحكومات الأوروبية تجاه الحليف الأوكراني، لم تكن بالضرورة تعكس مواقف شعوب هذه الدول، والأكثر من ذلك لم تكن تراعى مصالح شعوبها، وأنها كانت تتخذ قرارات فوقية، وأن شعوبها هى التى كانت تدفع فواتيرها غالية.
الحقيقة الثانية التى فجرها غضب ومعارضة المزارعين الأوروبيين، أن القرار الاقتصادى أكثر أهمية لدى شعوب القارة العجوز من القرار السياسي، وأن هذا القرار لا يكون دوما منسجما مع القرار الاقتصادي. وأن شعوب القارة الأوروبية لم تعد تصدق حكوماتها فيما يخص الادعاء بأن قرارا سياسيا استراتيجيا يهم التصدى لخطر أو تهديد أجنبى ضرورى لحماية الأمن القومي. وأن الحقيقة تكمن فى أن القرار السياسى الأوروبى يكون مرتبطا بمصالح قوى سياسية واقتصادية خارجية.
هذا التطور المباغت يضع الموقف الأوروبى من الحرب الروسية الأوكرانية فى حرج مقلق وفى ورطة كبرى. فالدول الأوروبية لا تزال ملتزمة مع إدارة البيت الأبيض بتوفير ما يكفى من الحطب لضمان استمرار الحرب ملتهبة ومستعيرة، من دعم مالى غير مشروط ولا محدود، وقد صرحت الإدارة الأمريكية أن التحالف الغربى مع أوكرانيا خصص 50 مليار دولار (وهو مبلغ خيالى يكفى للقضاء على مظاهر المجاعة والفقر فى كثير من مناطق العالم) سيصرف خلال السنوات القليلة المقبلة. وهو دعم مالى يضاف إلى باقى مظاهر وأشكال الدعم السخى التى قدمها الغرب لكييف، وهو الدعم الذى ضمن أمرا واحدا لحد الآن يتمثل فى استمرار الحرب.
الدول الأوروبية التى تمرد مزارعوها عليها احتجاجا على فرع من فروع الدعم السخى لفائدة أوكرانيا، واضطرت تحت الضغط وارتفاع تكلفة الاحتجاج إلى التراجع عن شكل الدعم هذا، هى نفسها الدول الأوروبية التى لا تزال توقع شيكات على بياض لتقديم الدعم المالى لنفس الجهة التى احتجت فئة عريضة من الأوروبيين على دعمها، وكأنها تنتظر انتشار لهيب الاحتجاجات والتمرد على باقى القطاعات لتتراجع مجبرة ذليلة على ما تزال تصر عليه.
المصيبة أن تكون دول الاتحاد الأوروبى الديمقراطية والحداثية تتلاعب بمشاعر وقناعات شعوبها بأن تكون تستخدم ورقة دعمها السخى لأوكرانيا قضية انتخابية صرفة، وأنها تراجعت عما تراجعت عنه فيما يتعلق بفتح الحدود أمام الواردات من المنتوجات الفلاحية الأوكرانية تحسبا للانتخابات الأوروبية المتوقع تنظيمها فى التاسع من شهر يونيو المقبل، وأنها ما أن تفرغ من هذا الاستحقاق الانتخابى حتى تعود إلى بيت الطاعة خاضعة لما تفرضه القوة السيدة فى مواجهة روسيا؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.