رئيس جامعة المنوفية يتفقد سير امتحانات الفصل الدراسي الثاني ب«تربية نوعية»    محافظ المنوفية يتفقد مشروع مكتبة مصر العامة الجديد    وزارة السياحة تؤكد أن تأشيرة الزيارة بجميع أنواعها لا تخول حامليها أداء فريضة الحج    مسؤول ب«فتح»: الرئيس السيسي حذر من اتساع رقعة الصراع في غزة.. وتصدى لمحاولات التهجير    متحدث أونروا في غزة: مخاوف من انتشار أمراض مثل الكوليرا بالقطاع    موسيماني مدافعاً عن بيرسي تاو: ثالث العالم كيف يتم انتقاده؟    طبيب الزمالك يكشف آخر تطورات إصابة شيكابالا    إعدام كمية من اللحوم الفاسدة بشمال سيناء    «شاركت في مسلسل العتاولة».. من هي يسرا الجديدي زوجة أمير طعيمة ؟    مهرجان جمعية الفيلم ينظم حفل تأبين للراحلين صلاح السعدني وعصام الشماع    علاء الزهيري رئيسا للجنة التدقيق الداخلي للاتحاد العام العربي للتأمين    تنسيق مدارس السويس.. 225 درجة للثانوية العامة و230 للبنات ب"المتقدمة الصناعية"    البابا تواضروس الثاني يستهل زيارته الفيوم بصلاة الشكر في دير الأنبا أور (صور)    إدخال 171 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة عبر بوابة معبر كرم أبو سالم جنوب رفح    منتدى دولي لحشد الدعم الإعلامي للاعتراف بدولة فلسطين    إصابة كيليان مبابى قبل ودية منتخب فرنسا الأخيرة استعدادا ل يورو 2024    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية بمنطقة أسيوط الأزهرية بعد اعتمادها رسميًا    عصام كامل يكشف مفاجأة بشأن حكومة مدبولي الجديدة (فيديو)    تقارير: مانشستر سيتي يستعد لتعديل عقد نجم الفريق عقب اليورو    «مكافحة المنشطات» تنفى الضغط على رمضان    نوران جوهر تتوج ببطولة بريطانيا المفتوحة للاسكواش على حساب نور الشربيني    سيدات مصر لسلاح الشيش يتوجن بذهبية ببطولة أفريقيا للفرق    يورو 2024| سلوفينيا تعود بعد غياب 24 عاما.. انفوجراف    وزارات جديدة ودمج بعض الحقائب.. أحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة وموعد الإعلان الرسمي    قرار قضائي بشأن المتهمين بواقعة "خلية التجمع"    طلب إحاطة بشأن خطورة قطع الكهرباء بقنا ووصول الحرارة بها إلى 48    هيثم رجائي: الملتقى الدولي لرواد صناعة الدواجن سيكون بمشاركة عربية ودولية    سوليفان: الطريقة الوحيدة للإفراج عن المحتجزين الوصول لاتفاق شامل لوقف الحرب    قيادات "الاستعلامات" و"المتحدة" و"الصحفيين" و"الحوار الوطني" في المساء مع قصواء.. اليوم    تعرف على فضل يوم عرفة وأهميته    متى يبدأ التكبير في عيد الأضحى ومتى ينتهي؟    منها مباشرة الزوجة وتسريح الشعر.. 10 محظورات في الحج يوضحها علي جمعة    الصحة تعلن إنهاء قوائم الانتظار لعمليات قسطرة القلب بمستشفى السويس العام    بشرى سارة بشأن توافر نواقص الأدوية بعد عيد الأضحى.. فيديو    لمواليد برج العقرب.. توقعات الأبراج في الأسبوع الثاني من يونيو 2024 (التفاصيل)    «الصناعات الكيمياوية»: إنتاج مصانع الأسمدة في مصر لم يصل مستويات ما قبل قطع الغاز    «اقتصادية الشيوخ»: الرقابة المسبقة سيؤثر إيجابيا على الاستثمار في مصر    أحمد العوضي يهنئ ياسمين عبد العزيز بمسلسلها الجديد: "هتغدغي الدنيا يا وحش الكون"    مياه القناة: استمرار أعمال التطهير لشبكات الصرف الصحى بالإسماعيلية    غدا.. "صحة المنيا" تنظم قافلة طبية بقرية حلوة بمركز مطاي    حجازي: جار تأليف مناهج المرحلة الإعدادية الجديدة.. وتطوير الثانوية العامة    مدحت صالح يستعد لإحياء حفل غنائي 29 يونيو بالأوبرا    محافظ الشرقية يهنئ لاعبي ولاعبات الهوكي لفوزهم بكأس مصر    المرور: ضبط 28776 مخالفة خلال 24 ساعة    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها والأكاديمية العسكرية للدراسات العليا    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق    بسمة داود تنشر صورا من كواليس "الوصفة السحرية"    البابا فرنسيس يحث حماس وإسرائيل على استئناف المفاوضات ويدعو لإنقاذ شعب غزة المنهك    ريان عربي جديد.. إنقاذ طفل سوري وقع داخل بئر بإدلب    مدرسة غبور للسيارات 2024.. اعرف مجموع القبول والتخصصات المتاحة    موعد يوم التروية 1445.. «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة للحاج في هذا التوقيت    وزير الزراعة يوجه بتكثيف حملات التفتيش على منافذ بيع اللحوم والدواجن والاسماك والمجازر استعدادا لاستقبال عيد الأضحى    ضبط مالك مطبعة متهم بطباعة المطبوعات التجارية دون تفويض من أصحابها بالقليوبية    فى انتظار القصاص.. إحاله قضية سفاح التجمع الخامس إلى جنايات القطامية    اعتدال بسيط في درجات الحرارة بمحافظة بورسعيد ونشاط للرياح.. فيديو وصور    يحدد العوامل المسببة للأمراض، كل ما تريد معرفته عن علم الجينوم المصري    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بداية تمرد فى الوعى الشعبى الغربى
حديث الأسبوع
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 28 - 01 - 2024


عبدالله البقالى
الصورة النمطية التى فرضتها وسائل الإعلام الغربية طيلة حوالى ثلاث سنوات من عمر الحرب الروسية الغربية، التى تدور رحاها فى عمق تراب القارة العجوز، كانت توحى بأن الحكومات الغربية، التى انساقت عن طواعية أو بدونها وراء الولايات المتحدة الأمريكية فى المواجهة العسكرية فوق التراب الأوكرانى، تمكنت من تحقيق إجماع شعبى عارم حول الأهمية البالغة التى يكتسبها الدعم الغربى لأوكرانيا فى التصدى للغزو الروسى لأوكرانيا الذى سيتحول إلى اكتساح لدول أوروبية كثيرة، خصوصًا المتاخمة لروسيا، ومن ثمة يحكم النظام الروسى طوقه على كثير من الدول الأوروبية. ومكنتها هذه التعبئة التى تحققت بفضل ما أداه الإعلام الغربى من خدمات كبيرة فى هذا الصدد، من تطويع الجزء الأكبر من الرأى العام الغربى الذى اقتنع بأن النظام الروسى يشكل أكبر وأخطر تهديد على مستقبل القارة الأوروبية، وعلى السلم والاستقرار فى العالم واكتساب شرعية شعبية وسياسية تجسدت فى رزمة العقوبات الصادرة ضد موسكو.
التطورات المتواترة والمتراكمة فى ساحة المشهد السياسى العالمى أسرعت فى إدخال تعديلات مهمة على هذه الصورة النمطية. فمن جهة كشفت حرب الإبادة التى يشنها الاحتلال الإسرائيلى ضد الشعب الفلسطينى فى غزة وفى الضفة الغربية، على أنه ليست هناك حروب عادلة بالمطلق، وأن الجرائم المقترفة من جراء الحرب ليست متباينة ومختلفة، ما بين جرائم عادلة وأخرى ظالمة، وأن القتل والتقتيل لا يمكن أن تختلف شرعيته من نقطة إلى أخرى فى نفس العالم الذى يعيش فيه الجميع. وفى ضوء ذلك، تنامى وعى جديد فى العديد من الأوساط الغربية التى كانت ضحية تنميط إعلامى محكم ومحبوك، روج كثيرًا لحق الكيان الصهيونى فى الدفاع عن النفس وأن ما يقترفه من جرائم يدخل فى شرعية ممارسة هذا الحق. وأن التقتيل المقترف فى فلسطين مختلف عما يقترف فى أوكرانيا، فالأول مشروع والثانى يعتبر انتهاكًا للقانون الدولى ويعتبر جرائم ضد الإنسانية. ومع توالى سقوط الشهداء بدأت هذه الأطروحة فى التآكل والتهاوى، ولم يعد جزءًا مهمًا من الرأى العام الغربى يصدق كل ما تقذفه به وسائل الإعلام الغربية، وهذا ما كشفته شبكات التواصل الاجتماعى وحشود المسيرات التى غطت جميع العواصم الغربية التى عارضت الحرب ونددت بالتقتيل وبالدمار. وفرضت التطورات فى غزة نفسها على الرأى العام الدولى وبالتالى توارى الاهتمام الإعلامى بالحرب فى أوكرانيا إلى الخلف. وهذا ما قد يفسر غضب الرئيس الأوكرانى مما سماه بتبرم الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما يفسر أيضا توقف بعض الدول الغربية عن تقديم مزيد من الدعم المالى والعسكرى لأوكرانيا، كما هو الشأن بالنسبة لألمانيا التى كانت تعتبر أكبر الداعمين لأوكرانيا والتى أعلنت عن توقيف كامل لهذا الدعم.
هذا على المستوى الاستراتيجى العام فيما يتعلق بالتعديلات التى فرضت نفسها على المشهد السياسى فى العالم، لكن ثمة تفاصيل أخرى صغيرة يسكن فيها الشيطان، تؤكد أن منسوب ثقة الشعوب الغربية فى شرعية الحرب الأوكرانية بدأ فى التآكل، وأن هذه الشعوب كانت لا تكترث كثيرًا بقضية الدعم المالى والعسكرى الغربى لأوكرانيا مادام مصدره مقتصرا على الأموال العمومية، لكن حينما تطايرت شرارات هذا الدعم إلى جيوب المواطنين فى هذه الدول لم يعد الدعم مستساغا ولا مقبولا. هذا ما تأكد فى تنامى منسوب الغضب، بوتيرة حادة فى بعض الأحيان فى كثير من الأقطار الأوروبية من هولندا وألمانيا ورومانيا وبولونيا وإسبانيا والبرتغال وفى غيرها ضد المنافسة الحادة للمنتوجات الفلاحية القادمة من أوكرانيا بإجراءات تفضيلية تترجم الدعم الغربى لها، حيث تنامت الاحتجاجات من طرف الفلاحين والمزارعين الأوروبيين، ومن لدن منظماتهم المهنية التى أدرجت قضية التدابير التفضيلية للمنتوجات الفلاحية الأوكرانية مع قرارات أخرى اتخذها الاتحاد الأوروبى، من قبيل المخطط الأوروبى الأخضر الذى يسعى إلى القضاء على طرق ووسائل إنتاج فلاحية تقليدية والانتقال إلى الفلاحة الطبيعية البيولوجية. ويهمنا فيما يحدث فى هذا السياق، أن الخروج عن الخط الذى رسم بدقة متناهية فى تأطير الحرب فى أوكرانيا بشرعية أوروبية شعبية لم يعد بالاستقامة التى كان عليها فى السابق، ووصل مرحلة منعرجات وانحرافات يعكسها تبرم أوساط أوروبية شعبية من دعم حرب بدأت تتضح لهم أهدافها الحقيقية وخلفياتها الفعلية، وبدأوا فى الإدراك بأنها قد تكون لا تعنيهم، وأنهم مجرد حطب يابس لتوفير شروط تصاعد ألهبتها.
فهل انتقل الوعى الأوروبى الشعبى إلى مرحلة تمرد عما رسم له مسبقًا؟ طبعًا لا يمكن الجزم من الآن بجواب واضح وحاسم فى هذا الصدد، لكن مع كل ذلك لا بد من الإقرار بأننا بصدد مرحلة مخاض سيكون لها ما بعدها. فالشعور بعدم الاطمئنان وبسيادة حالة اللا يقين فيما يجرى ويتم التسويق له إعلاميًا لم يعد قادرًا على إقناع الناس بما يقع ويجرى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.