برلماني: الدولة تسعى لتحسين التجربة السياحية وترسيخ مكانتها بالخريطة العالمية    إزالة 17 حالة تعد جديدة على نهر النيل بدمياط    «إجيماك» تتفاوض مع بنوك محلية للحصول على قرض بقيمة 700 مليون جنيه    واشنطن «غير أكيدة» من وضع قوات كييف...رئيسة ليتوانيا: هذه هي مساعدات أمريكا الأخيرة    غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة بجنوب لبنان    مدرب يد الزمالك يعقد جلسة فنية مع اللاعبين قبل لقاء الترجي    حملات تموينية على الأسواق في الإسكندرية    مفاجأة إسعاد يونس.. ياسمين عبد العزيز ضيفة «صاحبة السعادة» في شم النسيم    الطلاق 3 مرات وليس 11..ميار الببلاوي ترد على اتهامات شيخ أزهري    رامي جمال يتخطى 600 ألف مشاهد ويتصدر المركز الثاني في قائمة تريند "يوتيوب" بأغنية "بيكلموني"    أحمد حسام ميدو يكشف أسماء الداعمين للزمالك لحل أزمة إيقاف القيد    مصر ترفع رصيدها إلى 6 ميداليات بالبطولة الإفريقية للجودو بنهاية اليوم الثالث    ختام امتحانات النقل للمرحلتين الابتدائية والإعدادية بمنطقة الإسماعيلية الأزهرية (صور)    غدا انطلاق معرض وتريكس للبنية التحتية ومعالجة المياه بمشاركة 400 شركة بالتجمع    رئيس الوزراء الفرنسي: أقلية نشطة وراء حصار معهد العلوم السياسية في باريس    مجرم في كهرباء الجيزة!    السر وراء احتفال شم النسيم في مصر عام 2024: اعرف الآن    إنجازات الصحة| 402 مشروع قومي بالصعيد.. و8 مشروعات بشمال سيناء    «صباح الخير يا مصر» يعرض تقريرا عن مشروعات الإسكان في سيناء.. فيديو    رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة جراء سوء الأحوال الجوية    الشرطة الأمريكية تفض اعتصام للطلاب وتعتقل أكثر من 100 بجامعة «نورث إيسترن»    وزير الرياضة يشهد مراسم قرعة نهائيات دوري مراكز الشباب النسخة العاشرة    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    الرئيس التنفيذي للجونة: قدمنا بطولة عالمية تليق بمكانة مصر.. وحريصون على الاستمرار    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    "اكسترا نيوز" تعرض نصائح للأسرة حول استخدام ابنائهم للانترنت    أمن أسيوط يفرض كرودا أمنيا بقرية منشأة خشبة بالقوصية لضبط متهم قتل 4 أشخاص    خطة لحوكمة منظومة التصالح على مخالفات البناء لمنع التلاعب    فوز أحمد فاضل بمقعد نقيب أطباء الأسنان بكفر الشيخ    بايدن: لن أرتاح حتى تعيد حماس الرهائن لعائلاتهم    التحالف الوطني للعمل الأهلي.. جهود كبيرة لن ينساها التاريخ من أجل تدفق المساعدات إلى غزة    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان.. صور    الكشف على 1670 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة الزقازيق بقرية نبتيت    «تملي معاك» أفضل أغنية عربية في القرن ال21 بعد 24 عامًا من طرحها (تفاصيل)    الصين: مبيعات الأسلحة من بعض الدول لتايوان تتناقض مع دعواتها للسلام والاستقرار    حكم واجبية الحج للمسلمين القادرين ومسألة الحج للمتوفين    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    خبيرة: يوم رائع لمواليد الأبراج النارية    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    هل يوجد تعارض بين تناول التطعيم وارتفاع حرارة الجسم للأطفال؟ هيئة الدواء تجيب    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى بكرى يكتب| ليلة ترشح السيسى

منذ انحياز الجيش لثورة الشعب المصرى فى الثلاثين من يونيو 2013 طفت على السطح دعوات عديدة تطالب القائد العام الفريق أول عبدالفتاح السيسى بتولى مسئولية قيادة الدولة فى الفترة الانتقالية، إلا أن السيسى رفض ذلك وأصر على إسناد هذه المهمة إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا، وهو ما عبرت عنه خريطة المستقبل التى أعلنها القائد العام فى هذا الوقت.
لم يكن السيسى ساعيًا إلى السلطة، بل كان مهمومًا بإنقاذ البلاد من خطر التفكيك واندلاع الحرب الأهلية، وهو ما عبر عنه فى مواقفه والبيانات الصادرة عن القيادة العامة للقوات المسلحة منذ ديسمبر2012.
لقد واجهت الدولة المصرية فى اعقاب الثالث من يوليو2013 مخاطر وتحديات عارمة، استهدفت الكيان الوطنى ومؤسسات الدولة المختلفة، بهدف نشر الفوضى والعنف فى البلاد تمهيدًا لعودة «الجماعة» لحكم البلاد مجددًا.
كانت الدعوات الشعبية تنطلق فى كل مكان تطالب السيسى بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية فى أعقاب المرحلة الانتقالية التى تولى فيها المستشار عدلى منصور إدارة الحكم فى البلاد، إلا أن القائد العام لم يكن قد حسم أمره حتى هذا الوقت.
وفى 31 أكتوبر أقامت جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا احتفالًا فنيًا بنادى الجلاء فى الذكرى الأربعين لانتصار أكتوبر، وخلال الاحتفال وقف بعض الحاضرين ليطالبوه بحسم موقفه وإعلان موافقته على مطلب الشعب بترشيحه لانتخابات الرئاسة، يومها قال السيسى: ليس مهمًا من هو الشخص الذى سيحكم، ولكن الأهم هو كيف نحل سويًا المشاكل التى تواجهها مصر فى الوقت الراهن.
وفى هذا اللقاء ألقى السيسى مداخلة طويلة تحدث فيها عن ثلاث نقاط مهمة تحدد أبعاد الموقف الراهن فى البلاد فى هذا الوقت، وهى على الوجه التالى:-
النقطة الأولى: وتناول فيها المخططات التى تستهدف الجيش المصرى وتسعى إلى تفكيكه حيث قال للضباط والجنود الحاضرين معنا فى هذا اللقاء: أنتم المقصودون يا أولادى، جيشكم الوطنى الشريف هو المقصود، ومع ذلك أنا أقول لكم بكل الثقة: «لقد فشل المخطط وسيبقى جيشنا قويًا وموحدًا ومتماسكًا ليحمى مصر ويحمى شعبها».
أما عن النقطة الثانية: فقد تحدث فيها القائد العام عن الأمل رغم الأزمات، وعن قدرة هذا الشعب على قهر المستحيل رغم التحديات التى تواجهه حيث قال: عندما أقول «إن مصر أم الدنيا وحتبقى أد الدنيا»، فهذا ليس معناه اننى أبالغ وأقول كلامًا بعيدًا عن الواقع لا .. هذا ليس صحيحًا، وإلا ما كانت مصر قد نجحت فى الخروج من هزيمة 67 إلى نصر اكتوبر 73، ولذلك فإن شعار «مصر حتبقى أد الدنيا» إن لم يتحقق فى حياتنا، فحتمًا سيتحقق فى جيل آخر، المهم أن نعمل من أجل هذا اليوم.
وكانت النقطة الثالثة هى المتعلقة بالخيانة والخونة عندما قال «أنا لم أشهد كذبًا وتجنيًا فى حياتى كما شهدت خلال الشهور الأربعة الماضية» وكان يقصد بذلك جرائم الإخوان التى ارتكبوها وأيضًا حملات الأكاذيب والإدعاءات المنافية للحقيقة وعندما أصر بعض الحاضرين على مطالبته بالترشيح لم يعط الرئيس موافقة واضحة، ولكننا شعرنا أنه لن يترك الوطن والاستدعاء الشعبى فى هذا الوقت الصعب والخطير.
ظل الشعب ينتظر إعلان القرار، حتى كانت المظاهرات التى انطلقت فى غالبية أرجاء مصر فى 25يناير 2014 تطالب المشير السيسى بالترشح لمنصب الرئاسة وفى السابع والعشرين من يناير 2014 جاء بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة والذى أبدى فيه موافقته على ترشح السيسى والاستجابة لمطلب الشعب المصرى بعد نقاش استمر لعدة ساعات، ويومها انبرى الفريق صدقى صبحى رئيس الأركان والفريق عبدالمنعم التراس قائد الدفاع الجوى فى دفع القائد العام للاستجابة لمطلب الشعب حيث قال الفريق صدقى: «رغم تمسكنا بك قائدًا عامًا، فإننا لا نستطيع أن نقف أمام المطلب الشعبى، ونحن ندرك عظم المسئولية وخطورتها ونعرف أنك ستواجه تحديات كبيرة.
ولذلك نلقى بك فى خضم الأزمة والنار من أجل مصر» وقال الفريق التراس: «لقد اخترنا القوى الأمين تلبية لمطلب الشعب المصرى»، وصدر بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى أبدى موافقته الضمنية وأعطى للقائد العام الحق فى اتخاذ القرار.
انتظر المصريون صدور إعلان من السيسى، لكنه لم يفعلها، وعندما أصدر الرئيس عدلى منصور قرارًا بترقيته إلى رتبة المشير اعتبر الكثيرون ان ذلك تمهيدًا لإنهاء الخدمة والاعلان عن الترشيح، إلا أنه ظل ملتزمًا الصمت.
وفى يوم الأربعاء الخامس من فبراير 2014 نشر الكاتب الصحفى أحمد الجارالله رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية تصريحات للمشير السيسى أكد فيها «أن السيسى ابلغه بأنه اتخذ قراره النهائى بالترشح لانتخابات الرئاسة استجابة لمطالب الشعب، لكن السيسى لم يؤكد أو ينفى هذه المعلومات.
اشتعلت الضغوط من كل اتجاه، وفى هذا الوقت التقى السيسى بالسيد عمرو موسى فى لقاء معلن، وأكد له وفق ما اعلنه موسى فى هذا الوقت «أن قراره بالترشح ربما يكون فى الأول من مارس 2014».
وفى هذا الوقت اشتدت الحملات من كل اتجاه ضد «السيسى» فى محاولة لعرقلة ترشحه للرئاسة وهى حملات ممنهجة بعضها من الخارج وبعضها من الداخل.
فى هذا الوقت ثار جدل كبير حول قانون الانتخابات الرئاسية، لقد أحيل مشروع القانون إلى المحكمة الإدارية العليا، انتهت منه السبت 1مارس ثم أصدره رئيس الجمهورية بعد ذلك.
وكان المشير قد أكد لكل من حوله أنه لا يستطيع إعلان الترشح للرئاسة قبيل صدور قانون الانتخابات الرئاسية، وقبيل فتح باب الترشح للانتخابات بقليل حتى يتمكن من قيد اسمه فى الجداول الانتخابية، وهو أمر دفع السيد عمرو موسى إلى الإعلان عن أن المشير يحتمل أن يرشح نفسه بعد عشرة أيام أى ربما يوم العاشر من مارس.
لقد انتظر المصريون تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة المهندس إبراهيم محلب، وتساءل الكثيرون: لماذا يتولى المشير السيسى منصب وزير الدفاع فى الحكومة مرة أخرى، ليستمر أيامًا أخرى فيها، أما كان من الأجدى ألا يعود إلى الحكومة مرة أخرى، أو ألم يكن من الأحرى أن تبقى حكومة «الببلاوى» حتى العاشر من مارس، ثم يجرى تغييرها ولا يعود إليها المشير مرة أخرى؟!
كان الاعتقاد السائد لدى البعض أن هناك حالة ارتباك شديدة، وأن مثل هذا الموقف ينعكس بالسلب على المشهد السياسى، وهو أمر عزز من الشائعات التى تتردد بأن المشير قد لا يرشح نفسه للرئاسة، وأن ضغوطًا كبيرة ضده للبقاء فى منصب وزير الدفاع فى هذا الوقت.
و فى يوم الثلاثاء 4مارس2014، ألقى المشير عبدالفتاح السيسى خطابًا مهمًا فى الكلية الحربية بمناسبة انتهاء فترة الإعداد العسكرى والتدريب لطلبة الكليات والمعاهد العسكرية، تحدث فيه للمرة الأولى بشكل واضح عن موقفه من الانتخابات الرئاسية.
لقد حدد المشير فى هذا الخطاب ثلاثة محاور مهمة وأساسية هى:
المحور الأول: انتخابات الرئاسة، وفى هذا أعطى المشير إشارة واضحة ومحددة، ربما يكون لم يُجب خلالها عن كل التساؤلات، إلا أنه قال حرفيًا: «كان البعض يتساءل ولماذا لا يوجد حسم للأمر»، وهنا راح يجيب عن السؤال بالقول: إن أى إنسان لا يشغل منصبًا عامًا يبقى حرًّا فى تصرفه كما يريد، ويستطيع أن يعلن قراره براحته، ولكن عندما تكون هناك مسئوليات، فلابد من الحفاظ عليها. وقال: هناك ترتيبات كثيرة، نحن نعمل فى ظروف صعبة، ومع ذلك أقول «لا يستطيع أحد أن يعطى ظهره للمصريين»، وقال بلغة حاسمة: «أرجو أن تكون الرسالة وصلتكم».
لقد تكررت هذه الإشارة، ولكن بشكل أكثر وضوحًا بعد انتهاء الخطاب، عندما سألت سيادة المشير عن الجدل الدائر حول ترشحه للرئاسة من عدمه فى الشارع المصرى، فقال بوضوح: «أقدار الأوطان ليست هينة، ولو كنت مش ناوى أستجيب لإرادة الشعب لأعلنت ذلك منذ ثلاثة شهور. هذا الأمر حُسم وانتهى».
كان المحور الثانى فى حديث المشير يدور حول المخاطر التى يتعرض لها الأمن القومى المصرى، عندما قال: «لقد قلت إن الأمن القومى المصرى معرض للخطر، وإن هناك تهديدات تواجه مصر فى الوقت الراهن، وإنه يجب الحرص حتى لا يتعرض أمن البلاد للخطر، فتدخل إلى نفق مظلم، لا نعرف كيف نخرج منه».
قال المشير: لقد كنت أدرك المخاطر المستقبلية، كنت أقرأها، وأنا على يقين من خطورتها على الأمن القومى للبلاد. ثم قال أنتم تعايشون الأحداث، هناك اشياء معلنة، وهناك أشياء تحاك من خلف ستار.
لقد ذكّر المشير الحاضرين بتداعيات الأزمة مع رئيس النظام السابق عندما قال: لقد أعطيت مهلة سبعة أيام فى 23 يونيو2013 للرئيس السابق، كى يتفاهم مع القوى السياسية، لكنه أبى ورفض، وأعطيت مهلة 48 ساعة لإنقاذ البلاد، لكنه ظل على موقفه.
قال: «لقد قلنا له إن هناك خطرًا قادمًا، وإن الخلاف السياسى يحاول البعض تحويله إلى خلاف دينى، وهذا خطر على البلاد وأمنها، فقلت له إن ذلك خطر على أمن البلاد، لكنه ظل على موقفه، ولم يكن أمامنا من خيار».
كان المشير يحذر عبر كلماته، سواء تلك التى ألقاها فى الخطاب العلنى، أو تلك التى أدلى بها مع عدد من رؤساء تحرير الصحف والقنوات الفضائية من المشاركين فى جلسة خاصة، من خطورة وحجم المخاطر التى تحيق بمصر والمنطقة على السواء.
لقد قالها بشكل واضح: «انظروا إلى ما يجرى حولكم الآن، هل هذا هو الإسلام؟ هل هذا يرضى ربنا»، وراح يعيد الجملة ثلاث مرات، لقد ناشد المصريين، محذرًا بالقول: عليكم أيها المصريون أن تتوحدوا وأن تحموا وطنكم. هناك تحديات صعبة تواجهنا، هناك أوضاع وظروف اقتصادية غاية فى الخطورة.
المحور الثالث: يتعلق بالتحديات التى تواجه مصر، وفى المقدمة منها التحديات الاقتصادية، وقال: «إن أمامنا مشكلات متفاقمة من ثلاثين عامًا، ويجب أن نتصدى لها بكل حسم وقوة».
مضت الأيام ثقيلة، ظل الناس ينتظرون الإعلان النهائى وراح البعض يشكك فى الأمر حتى اللحظة الأخيرة.
وفى السادس والعشرين من مارس 2014، وبعد اجتماع مطول للمجلس العسكرى بحضور الرئيس عدلى منصور قرر المشير السيسى إصدار إعلان يتضمن قراره بالترشح ورؤيته لقضايا الحاضر والمستقبل.
وفى حوالى التاسعة والنصف مساءً أطل المشير من شاشة التليفزيون المصرى ليعلن عن قرار ترشحه لانتخابات الرئاسة.
لقد أصر على أن يبعث برسالته مرتديًا الزى العسكرى، أراد أن يؤكد المعنى والدلالة، قال: «ياشعب مصر العظيم، أقف أمامكم للمرة الأخيرة بزيى العسكرى بعد أن قررت إنهاء خدمتى، كقائد عام للقوات المسلحة ووزيرًا للدفاع، ارتديت الزى العسكرى فى عام 1970 وكنت طالبًا فى الثانوية الجوية، وأترك الزى من أجل الدفاع عن الوطن».
بدا خجولًا، وهو يقول: «بكل تواضع أعلن اعتزامى الترشح لرئاسة الجمهورية، وتأييدكم سيمنحنى هذا الشرف العظيم، وأنا أمتثل لجماهير الشعب المصرى والترشح شرف لي طالبنى به الشعب».
لقد حسم المشير أمره، وأعلن فى مقدمة خطابه أنه قرر الاستجابة لإرادة الشعب، لكنه كان يدرك أن هذا الشعب العظيم طالبه بالقرار، ينتظر منه الكثير، الصراحة والوضوح، والوعى بحقائق المشاكل والتحديات.
ثلاثة عناوين مهمة، تطرق إليها المشير فى كلمته التى بثها للمصريين وهى:-
إعادة بناء جهاز الدولة الذى يعانى الترهل.
عودة عجلة الإنتاج فى كل قطاعات الدولة بصورة قوية.
رد الاعتبار إلى الدولة، وإعادة ملامحها وهيبتها.
وعندما قال المشير: «مهمتنا استعادة مصر» شعر المصريون بحجم الأزمة والألم، وبأنهم مرتبطون دومًا بالأرض وبالنيل، بالتاريخ والجغرافيا، غير أن مصر قد اختطفت بعيدًا عنهم طيلة السنوات الثلاث الماضية تحديًدًا، أكثر من ثلاث سنوات عاش فيها المصريون لحظة القلق، على الوطن، أكثر من خوفهم على أنفسهم.
«استعادة مصر»، عبارة أطلقها المشير، كأنه يدق على مشاعرنا بعنف، إنها نوبة صحيان، ولحظة تاريخية فارقة، كأنه أراد أن يقول لنا: «أيها المصريون بلدكم لا يزال مخطوفًا، توحدوا حتى نستعيده إلى الحضن مجددًا».
دق المشير على الذاكرة بعنف، حيث قال.. إن مصر لها هيبتها واحترامها، ولكن ما شهدناه على الساحة السياسية والاعلامية، خارجيًا، وداخليًا جعل الوطن مستباحًا للبعض!!
لم يترك المشير الناس فى حيرة من أمرهم، لم يؤجل الكلمات إلى نهاية الخطاب، قال على الفور، وكأنه يريد أن يبعث بالطمأنينة إلينا: «يجب أن يعلم الجميع أن مصر لها مكانتها والاستهتار بالبلد لا يمكن ان يمر، ولن نسمح لأحد بالتدخل فى شئوننا، ونحن نسير وفق خارطة الطريق، نجحنا فى وضع الدستور، وسننجح فى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، مصر ليست ملعبًا لطرف داخلى أو إقليمى أو دولى، نحن لا نتدخل فى شئون الآخرين، ومن ثم فلن نسمح للآخرين بالتدخل فى شئوننا».
لقد سبق للمشير فى أكثر من لقاء أن تحدث عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وتراجع الأداء ومعدلات النمو، كان يقول إن المصريين ظلموا كثيرًا، ولكن الدولة «كالمريض» الذى يحتاج فترة نقاهة لاستكمال العلاج، يجب الصبر عليها، حتى يتم الإنقاذ، وغير ذلك سيكون الأمر صعبًا ومعقدًا وسيدفع الجميع الثمن بلا جدال.
إنه عندما يتحدث بهذه اللغة، فهو يعرف تمامًا قدرات هذا الشعب العظيم، لذلك قال: «إن الشعب يعلم أنه من الممكن تحقيق انتصارات كثيرة، ولكن هذا لن يتم إلا بالعمل الجاد، وسأكون أول من يقدم الجهد والعرق»!!
إنها الكلمات نفسها التى سبق للمشير أن رددها فى وقت سابق، عندما طالبه البعض بالترشيح للرئاسة، فقال لهم: «أنا أصحو فى الخامسة صباحًا لأمارس عملى، فهل أنتم مستعدون» يومها قال كل من حضر هذا اللقاء فى نادى الجلاء: «كلنا مستعدون»!!
كان طبيعيًا، والحال كذلك أن يؤكد المشير وضوحه وصدقه مع نفسه ومع الشعب، فقال: «أنا لا أقدم المعجزات، بل أقدم العمل الشاق والجهد وإنكار الذات بلا حدود، واعلموا إذا ما أتيح لى شرف القيادة، فإننى أعدكم بأننا نستطيع معًا، شعبًا وقيادة أن نحقق الاستقرار والأمان».
بقيت نقطة أخيرة فى خطاب المشير، هى تلك المتعلقة بحملته الانتخابية، لقد قال بشكل واضح: «لن تكون لدى حملة انتخابية بالصورة التقليدية، وإن شكل المستقبل سيكون من خلال برنامج، ورؤية له، بمجرد سماح اللجنة العليا لانتخابات له بالترشح «طبعًا البرنامج يجب أن يكون دون إسراف فى الإنفاق».
هكذا حسم المشير الأمر، لا أريد دعاية، ولا مؤتمرات تقليدية، بل سأعرض برنامجى على الشعب وله وحده الخيار النهائى.
وفى يوم الثلاثاء 15 من أبريل تقدم مستشاره القانونى د. محمد أبو شقة بأكثر من مائتى ألف توكيل إلى اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية رغم أنه حصل على أكثر من نصف مليون توكيل، وانطلقت المسيرة التى فاز منها بنسبة تعدت ال97% وهى نسبة أكدت مجددًا الثقة فى القائد ورؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.