أكدت انتخابات مجلس النواب الأخيرة ذكاء الشعب المصرى وقدرته على الفرز وصلابته فى مواجهة المال السياسى والأساليب التى ينتجها بعض المرشحين للحصول على أصوات الناخبين يؤكد ذلك قيام الشعب المصرى باستبعاد العديد ممن تخيلوا أنهم ناجحون أو باقون سواء شاء الشعب أم أبى وإذا نظرنا إلى نسبة الإعادة على المقاعد الفردية والتى تخطت نسبتها أكثر من 70% من المقاعد تأكد لنا أن زمن الرشاوى الانتخابية قد ولى إلى غير رجعة وأن الفيصل هو قدرة المرشح على إقناع الناخبين بجديته وقدرته على تمثيلهم والتعبير عن مصالحهم التى هى مصالح الوطن. وفى المقابل فإن عضو البرلمان لابد أن يضع نصب عينيه المصالح. القومية للوطن ولا يستغل عضوية البرلمان فى الحصول على منافع شخصية أو منافع لثلة من المقربين وإذا كانت المهمة الأساسية لعضو البرلمان هى التشريع والرقابة فينبغى على عضو البرلمان أن يثقف نفسه إذا كان غير متخصص فى القانون حتى يكون على دراية بمشروعات القوانين المطروحة. وفيما يتعلق بالرقابة على أعمال الحكومة فينبغى أن يكون الهدف منها صالح الوطن ولا تكون من أجل ابتزاز المسؤول الحكومى لتحقيق منافع خاصة وعلى المسؤول الحكومى أن يرفض أى ابتزاز بل عليه إبلاغ رئيس الوزراء لاتخاذ اللازم تجاه هذا العضو من خلال رئاسة البرلمان (مجلس النواب− مجلس الشيوخ). ولإتاحة الفرصة والوقت لعضو البرلمان حتى يتفرغ لمهمته الأساسية وهى التشريع والرقابة فلابد من الإسراع فى إجراء انتخابات المحليات وهى الاستحقاق الثالث بعد الشيوخ والنواب ويجب أن يكون قانون المحليات على رأس الأولويات أمام البرلمان الجديد. أيضا من التشريعات التى تحظى بالأولوية القصوى تشريع البناء الجديد ويجب أن ينطلق هذا التشريع من المصلحة القومية العليا وأن يبتعد عن المصالح الشخصية وأن ياخذ فى اعتباره توجهات الرئيس عبد الفتاح السيسى بالحفاظ على ما تبقى من الرقعة الزراعية فى الوادى القديم بعد الاعتداء الجسيم الذى تعرضت له خلال الخمسين عاما الماضية والتى فقدت مصر خلالها حوالى أربعة ملايين فدان من أجود الأراضى الزراعية التى تكونت على مدار آلاف السنين وتتميز بخصوبتها وينتج الفدان منها ما يعادل ستة أضعاف إنتاج الفدان فى الأراضى المستصلحة الجديدة. ولابد أن يركز التشريع الجديد على التوسع الرأسى فى المبانى خاصة فى الريف المصرى وتحميل المستفيدين تكلفة استبدال المرافق لمواجهة هذه التوسعات. أيضا هناك تشريع فى منتهى الأهمية وهو عملية فصل دور العبادة عن أماكن الوضوء ودورات المياه وإسناد هذه الأماكن لشركات متخصصة فى النظافة حتى تتحول أماكن الوضوء ودورات المياه إلى واجهة حضارية لمصر ولا تقل فى نظافتها عن نفس الأماكن فى فنادق الفورسيزون والخمسة نجوم. وقبل أن أختتم أؤكد أن البرلمان الجديد أمامه تحديات ضخمة فى ظل الخطوات السريعة والمتلاحقة التى تقوم بها السلطة التنفيذية للوصول بمصر إلى مصاف الدول المتقدمة.
