حالة من الهدوء تعم منطقة المقطم فالمشاحنات شبه اختفت وانصرف كل إلى حاله، بينما وقفت الطالبة، تتابع بعينيها قرص الشمس في الأفق غارقة في دمائها كأنها تبكي ما سيحدث. وما إن سارت عدة خطوات في انتظار وسيلة مواصلات كان قد لاحقها سائق الميكروباص واقترب منها بهدوء شديد، رمقت الفتاة السيارة الخالية من الركاب وترددت للحظات حتى أفاقت على صوته يطلب منها الصعود لتوصيلها. اتخذت مكانها في المقعد الخلفي، وازدادت دقات قلبها وارتجفت أناملها كلما شاهدت عين السائق ترمقها من خلال المرآة، وبدأ في مغازلتها بعبارات تخدش الحياء، ولم يكد أن يكمل عبارته حتى نهرته وطلبت منه الوقوف وبحركة لا إرادية وفي محاولة للنزول انطلق بسرعة شديدة حيث فوجئت بتغيير خط السير وتوجه بها إلى منطقة المعراج خلف أحد الكنائس. انهارت الطالبة وأطلقت صرخات مدوية عندما أشهر في وجهها سلاح أبيض وانقض عليها كالذئب المفترس محاولاً اغتصابها وتجريدها من ملابسها، وتدخلت عناية السماء وسط دموعها وتوسلاتها. حيث اخترقت صرخاتها أذن المقدم وائل غانم رئيس مباحث البساتين الذي تصادف مروره لتفقد الحالة الأمنية بمصاحبة معاونيه الرواد أحمد مختار ومحمد السيسي ومحمد عبد المنعم، والذين توجهوا إلى مصدر الصرخات ونجحوا في إنقاذ الطالبة من بين براثنه. وأمام العميد عبد العزيز سليم مفتش مباحث قطاع الجنوب روت الطالبة لحظات الرعب التي عاشتها مع السائق الذئب، بينما كان العقيد أحمد نزيه وكيل فرقة الجنوب والعميد أشرف عبد العزيز مأمور قسم شرطة البساتين يستمعان إلى أقوال السائق المتهم والذي تبين أنه مسجل وسبق اتهامه في قضية مقاومة سلطات. تم تحرير المحضر اللازم وأحاله اللواء هشام العراقي مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة إلى النيابة التي تولت التحقيق.