بعيدًا عن الأحداث السياسية، وما تشهده من تطورات متلاحقة، كان للفن حضور متألق، في ساحات جامعة بدر؛ إذ تحول الصرح الجامعي إلى متحف مفتوح، عبر منحوتات الفنانين الذين شاركوا في السيمبوزيوم الأول لنحت الأحجار والمعادن. 13 نحاتًا من 5 دول هي: مصر، إيطاليا، جورجيا، رومانيا، تركيا" شاركوا في السيمبوزيوم الأول، الذي أقيم ضمن فعاليات المهرجان الشبابي للجامعة (9 - 30 أبريل) الماضي. جاءت المنحوتات معبرة بشكل كبير عن شعار المهرجان "مصر الإنسان"، وكان للأنوثة والأمومة، النصيب الأكبر وسط الأعمال الفنية، فالحجر الذي اعتمدت عليه الفنانة الإيطالية لارا ستيفا، يفيض بالأمومة في عملها المتميز، الذي يجسد المرأة الحامل، إلا أنها أمومة محفوفة بالمخاطر ومحاطة بالقيود أو الهموم الإنسانية، وذلك عبر الأحبال المشدودة التي التفت حول جسد التمثال. وكان الفنان الجورجي أوروديون جفلسيانى مباشرًا في تعبيره عن الأمومة، بتمثال من الحجر، فيما احتفى النحاتون المصريون، بالحضارة الفرعونية، واتضح ذلك في تجسيدهم لشخصيات مثل "حورس، وإيزيس" النحات المصري أحمد عبد التواب، قال إن السيمبوزيوم، فكرة جيدة، تتيح تبادل الخبرات الفنية والتواصل الثقافي والفني مع عدد كبير من النحاتين الذين جاءوا من ثقافات مختلفة، وأشار إلى أن أهميته تكمن في القدرة على تنفيذ عمل ضخم في مكان عام؛ ومن ثم مشاهدة المنحوتات من جانب عدد كبير من الجمهور. انضم "عبدالتواب" إلى الحركة التشكيلية المصرية في عام 1999 عبر مشاركته في أول معرض جماعي، وبعدها توالت مشاركاته في : صالون الشباب، المعرض القومي للفنون التشكيلية، صالون جمعية محبي الفنون الجميلة. بالإضافة إلى مشاركته في بعض المعارض العربية والدولية. ولا يعول النحات الشاب على دور المؤسسات الرسمية في تحقيق التواصل بين الفنانين المصريين وحركة الفن العالمية؛ إذ يرى أنها مقصرة في المشاركات الدولية، والتبادلات الثقافية. لذا يفضل "عبد التواب" التواصل مع الجهات الخاصة، والاطلاع الدائم على المدارس الفنية الحديثة من خلال ورش العمل التي تقيمها المؤسسات الخاصة. وأضاف أن الحركة التشكيلية المصرية تنال تقديرًا عالميًا في مجال النحت، في مقابل عدم التقدير من جانب الدولة المصرية، مشيرًا إلى أن الخلفية المصرية القديمة عن النحت المصري، لها دور كبير في تلك النظرة العالمية. معابد أبو سمبل، والمتاحف والعمارة المصرية؛ أبهرت النحاتة الإيطالية لارا ستيفا؛ لذا هي دائمة المجيء إلى مصر، للاستمتاع بالنحت المصري- وفقًا لقولها. درست "ستيفا" النحت في أكاديمية الفنون بميلانو، وهي الآن، تُدرِّس الرسم، وشاركت في العديد من المعارض المحلية والدولية، غير أنها ترى أن مشاركتها في سيمبوزيوم للنحت على أرض مصر له أهمية خاصة بالنسبة لها، وهنا أوضحت قائلة: جئت إلى مصر أكثر من 15 مرة لزيارة المتاحف الفرعونية، ومعابد أبو سمبل. النحت المصري القديم شيء مبهر، والآن تشهد حركة النحت المصري تطورًا كبيرًا؛ إذ تستفيد من المدارس الحديثة وحركة التشكيل العالمية. "الخشب" هو المادة المفضلة لدى "ستيفا"، غير أنها فضلت هذه المرة استخدام الحجر، لصنع منحوتة تعبر عن شعار المهرجان "مصر الإنسان". من رومانيا، جاء النحات باول بوبسكو، ليشارك في السيمبوزيوم بمنحوتة من الحجر الذي يفضله عن باقي الخامات، حيث قال "بوبسكو": يستطيع الفن أن يحقق ما فشلت السياسة في تحقيقه، فنحن هنا من ثقافات وحضارات مختلفة، لكننا لا نشعر بأي اختلاف لأننا نبحث عن المشترك الإنساني على أرض مصر، صاحبة الحضارة العظيمة، فالسياسة تفرقنا والفن يجمعنا. وليست هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها الفنان التركي ايهان كابينار في سيمبوزيوم على أرض مصر، فمنذ 10 سنوات شارك في سيمبوزيوم مرسى مطروح. ويرى "كابينار" أن السيمبوزيوم يدعم الترابط الثقافي بين الفنانين، ويعتبره مدرسة فنية يمكن للأجيال القادمة الاستفادة منها من خلال مشاركتهم في ورش العمل، مؤكدًا سعادته البالغة بالطلبة المصريين الذين حرصوا على حضور الورش المصاحبة للسيمبوزيوم. وأضاف النحات التركي أن النحت المصري، متطور بشكل كبير، ومواكب للحركة العالمية، مشيرًا إلى أنه يستند على تاريخ عريق، يسبق بكثير الحضارة الغربية.