هي نفسها المهنة التي لم يعد لها ضابط ولا رابط بعد أن نفضت الدولة يديها عنها، فلا إعلام رسمياً قوياً، أو حتي غير قوي، مجرد شبح، شئت أم أبيت فهيكل هو آخر أساطير الصحافة المصرية وكل من بعده مجرد قصص سنعبر عليها سريعا، وقد كان وجوده في الماضي مكافئا أو مجاورا لأساطير أخري كالتوأم العظيم علي ومصطفي أمين رغم ما كان، ورغم ما حدث، إلا أن غيابه أغلق صفحة الأساطير خلفه في تاريخ الصحافة المصرية في مكان ما في السماء، التقي مصطفي أمين بمحمد حسنين هيكل. الأسطورة بالأستاذ. لم ينطقا بكلمة واحدة في البداية، وفي قلب كل منهما تجاه الآخر شيء ما تبدد فجأة فابتسما، وتعانقا، وانطلقا إلي حيث أرادهما الله. ربما تذكرا اللقاء الأول حين عرف علي أمين توأمه مصطفي علي هيكل في العام 1946، بعد أن انتقل للعمل في أخبار اليوم التي اشترت مجلة آخر ساعة مبقية علي أستاذ التوأم محمد التابعي، ومحمد حسنين هيكل كسكرتير تحرير للمجلة، ومحرر في أخبار اليوم، ربما تذكرة الصداقة اللدودة والعداوة الحميمة، لكنهما وقد أصبحا الآن بين يدي الله جلسا وكل شئ قد انتهي تماماً، ليضربا كفاً بكف علي أحوال المهنة.... هي نفسها المهنة التي لم يعد لها ضابط ولا رابط بعد أن نفضت الدولة يديها عنها، فلا إعلام رسمياً قوياً، أو حتي غير قوي، مجرد شبح، مؤسسات قومية تخسر وتدعم الدولة فشلها رغم خسائرها أو تدعم إفشالها رغم الخبرات العظيمة فيها، وبين إعادة هيكلة مؤجلة، كيف لا وكل ما يخص إعادة الهيكلة مرجل في انتظار قرارات لا تصدر، ودواء لا يحضر لمؤسسات ومصالح رسمية فقدت أهميتها وتحولت إلي ديكور مثل الهيئة العامة للاستعلامات، ولا يختلف الوضع في المؤسسات الخاصة التي تحكم بسطوة المالك ورأس المال ولتذهب المهنية وشرط الضمير إلي الجحيم. الأسبوع الماضي مثلا تجسد الفشل من جديد في قرار ظالم صدر بناء علي أزمة مفتعلة اتضح من البحوث المتخصصة أن من افتعلها نائب صعيدي ينتسب لمهنتنا ويلمع في كل الأنظمة والموائد، ومذيع يتحرك يسقط كل يوم وتسنده الهستيريا ولن يكون آخر سقوطه عرضه لصور خاصة في برنامجه لنائب برلماني ومخرج سينيمائي، وبدلا من ان يحاسب بقرار محترم من كيان هلامي اسمه غرفة صناعة الاعلام يضم اتحاد ملاك الشغلانة، إذا بالكيان ينتفض ضد مذيع قال ضيفه ما لا يليق ورد عليه الجميع في حلقة قديمة عادت للحياة بفعل فاعل علي طريقة بص العصفورة، وهي العصفورة الخايبة المظلومة التي لا تداري سوءة الإعلام في مصر، ليوقف برنامجا لحين انتهاء التحقيق حوله، رغم أن النيابة العامة نفسها استدعت الضيف ولم تستدع المذيع، ورغم أن الغرفة غضت الطرف عن وقائع حقيقية لغيرهما من المذيعين، بل إن البعض خالف قرارها واستضاف شخصا ممنوعا من الظهور بقرار نفس الغرفة لتصبح المحصلة النهائية أن برنامجا يقدم مبادرات ونماذج ويناقش قضايا حقيقية ويستضيف رموز فكر ديني مستنير مثل برنامج ممكن لخيري رمضان موقوف من الغرفة وبرامج تتجاوز كل أعراف المهنة وتلقي بالشائعات وتستضيف الدجالين ومدعي الألوهية وتحضر الجان لازالت موجودة، فعن أي مهنية تدافع غرفة صناعة الإعلام، وهل سيكون للغرفة أي سلطة بعد إقرار قانون الإعلام الموحد وإنشاء نقابة الإعلاميين أم أن الأمر لزوم سد الفراغ فقط وسرعان ما تحول لتنفيذ رغبات العصفورة؟؟