منذ ٤ أسابيع كتبت في هذا المكان مقالا أدق فيه ناقوس الخطر حول حوادث الطرق والنزيف المستمر علي الأسفلت بسبب الشبورة المائية الكثيفة.. تحدثت عن تجربة شخصية عشتها أثناء سفري إلي أسرتي بالصعيد مستخدما طريق الجيش الصحراوي حيث انعدمت الرؤية تماما بسبب الشبورة وطلبت من مرافقي المبيت في الصحراء لمدة 7 ساعات حتي انقشعت الشبورة في العاشرة صباحا.. وعندما تحركت هالني ما رأيت من مصير المنتحرين الذين أصروا علي المسير رغم الشبورة ومعظمهم من سائقي النقل الثقيل والميكروباص وبعض الطائشين من أصحاب الملاكي.. شاهدت جثثا متناثرة وسيارات محطمة بلغ حصيلتها في تلك الليلة سقوط 78 ما بين قتيل ومصاب.. وجدت نفسي أمام مسئولية أمام الله وأن واجبي أن أسخر قلمي وكل ما أملك من أجل إثارة هذه القضية في كافة وسائل الإعلام للوصول إلي حل لظاهرة حوادث الطرق الدامية التي تحتل فيها مصر المركز الأول بدون منازع.. تبنيت حملة في جريدة الأخبار المسائي التي أترأس تحريرها وطلبت من العديد من الزملاء بالصحف القومية والخاصة إلقاء الضوء علي حوادث الطرق.. كما تحدثت عن نزيف الدماء علي الأسفلت لمدة ساعة كاملة في التليفزيون المصري في برنامج « مصر جميلة « عندما حللت ضيفا بالبرنامج.. منذ أيام حزنت أشد الحزن عندما تكرر حادث مماثل بنفس الطريق وفي نفس المنطقة وبسبب الشبورة أيضا وجاءت خسائر الحادث الجديد مصرع 14 وإصابة 22 في تصادم 35 سيارة.. تساءلت بحسرة أين المسئولون عن الطرق ؟ منذ أيام قليلة شاءت الأقدار أن أسافر إلي سوهاج في سفرية خاطفة استغرقت عدة ساعات فقط وفي الصباح الباكر قررت العودة للقاهرة.. تحركت بسيارتي ووصلت إلي محطة الرسوم في أول طريق الجيش الصحراوي الشرقي في السابعة صباحا.. فوجئت أن الطريق مغلق أمام السيارات المسافرة إلي القاهرة وأن هناك المئات من السيارات المكدسة أمام بوابة الرسوم.. سعدت سعادة غامرة وقررت الاستفسار متمنيا أن يأتيني الرد بأن إغلاق الطريق حفاظا علي أرواح المسافرين حتي تنقشع الشبورة.. توجهت إلي مسئول قيادة الطريق بمكتبه الملحق ببوابة الرسوم.. سألته لماذا تغلقون الطريق ؟ أعتقد الرجل أنني غاضب مثل الكثيرين الذين وجهوا له نفس السؤال قبلي.. وأجابني بعصبية قائلا : والله احنا مش عارفين نعمل إيه معاكو.. لو أغلقنا الطريق بسبب الشبورة حرصا علي حياتكو تزعلوا ولو تركنا الطريق تحصل حوادث وكوارث والإعلام بيقطعنا». ما سمعته من الرجل زادني سعادة.. قلت لقائد طريق الصعيد الصحراوي لقد فهمتني خطأ.. بالعكس إغلاق الطريق يسعدني لأنكم تحافظون علي حياتي وحياة الآخرين حتي المستهترين منا.. قال الرجل خلال الأيام الماضية كثرت حوادث الشبورة وصدرت لنا التعليمات بإغلاق الطريق لأن الشبورة تكسو الطريق حتي سطح الأرض وينعدم مستوي الرؤية إلي نصف متر فقط لكن الناس مش صابرة.. قلت له لا تلتفتوا إلي أحد وهذا واجب عليكم وتوجهت إلي سيارتي وظللت من السابعة حتي العاشرة حتي تم فتح الطريق بعدما انقشعت الشبورة.. وتحركنا في أمان. قرار إغلاق الطرق أثناء الشبورة قرار مسئول يحقن الدماء أتمني أن يتم تعميمه علي كافة الطرق دون الالتفات لأحد.