انتابنا شعور غريب بمجرد أن وطأت أقدامنا مقابر الإمام الشافعي التي تحتضن داخل أرضها نجوما ومشاهير أمتعونا بفنهم ومازالوا خالدين في وجدان الملايين. تساؤلات عديدة أثقلت رأسنا وكأن مصر لا تُقدر عطاء هؤلاء النجوم والمشاهير وآل البيت رغم أن فنهم سوف يعيش حتى قيام الساعة، وتملكنا حزن شديد عندما وقعت أعيننا على أول مقلب قمامة بجوار قبر السيدة أم كلثوم حفيدة النبي صلي الله عليه وسلم وبحثاً عن عبق الزمن الجميل حيث رائحة الموت تنبعث من كل مكان بينما تلتقط كاميرا "بوابة أخبار اليوم" لتكشف عن مدى الإهمال المتوغل داخل المقابر. انتقلنا إلى الداخل لنجد مدفن الفنان الراحل فريد الأطرش مع شقيقته الراحلة أسمهان وهو مدفن لافت للأنظار في حجمه ومكانته فهو على ناصيتين حيث تبين بأنه مزار سياحي للعرب والأجانب، ولا يزوره مصريون لكن رواده من السوريين والتونسيين وبعض العرب الذين يأتون ليسألوا عنها بالاسم، تلك المقبرة اهتم بها فريد الأطرش في حياته، حيث ضمت رفات أسمهان التي ماتت فجأة غرقا ثم أوصي فريد الأطرش بدفنه في تلك المقبرة عند وفاته لذلك عندما رحل إلى لبنان وتم نقل جثمانه إلي القاهرة بناء علي وصيته. وقال أحد عمال المقابر إن البناء العشوائي بمنطقة "بحيرة عين الصيرة" تسبب في ارتفاع منسوب المياه الجوفية وقاموا بجمع رفات الموتى وقاموا بجمع رفات الموتى الطافية فوق المياه بعد أن أغرقت معظم المقابر ومن أكثر المقابر التي أضيرت مقبرة الفنان عبد الحليم حافظ والمدفون بها أفراد عائلته ومنهم إسماعيل شبانة وعلية شبانة وابن خالته خالد شحاته، وبإبلاغ المسئولين لم يتحرك أحدا وقامت أسرة الفنان وعمدت إلى رفع المقبرة وصب خرسانة تحتها إلا أن المياه الجوفية لا تزال تهدد المقبرة كما أنها لن تصمد طويلاً. كما كشفت كاميرا "بوابة أخبار اليوم" عن وجود مظاهر من الإهمال الذي يهدد منطقة كان من المفترض أن تكون مزاراً سياحياً، حيث مازال الآلاف يأتون لزيارة مقابر المشاهير في ذكراهم، فما بين سرقة الأبواب الحديدية، ومخلفات البناء والقمامة التي يتم إلقائها بالأطنان، وأن مشروع تطوير المساجد والأضرحة الأثرية المنتشرة في هذه المنطقة ويرجع إلى العصور التاريخية المختلفة، المملوكية والعثمانية ومنها العديد من مقابر مشاهير مصر وفنانيها وساستها في العصر الحديث ولا بد من الحفاظ عليها فهي كنوز ينبغي الاستفادة منها سياحياً. وانتقلنا إلى ضريح السيدة أم كلثوم ابنة الإمام الحسين وحفيدة النبي صلى الله عليه وسلم حيث تميز بالبساطة الشديدة والبعد عن الزخرفة تحاصره أكوام القمامة والمياه الراكدة . وعلي الجهة الأخرى وجدنا مسجدا وسبيلا للماء لاسم الراحل محمد الكحلاوي ولولا اهتمام ابنه أحمد الكحلاوي بتشييد مسجد يضم في طياته مقبرته ماكان هناك أي اهتمام من الدولة وأصبح مرتعا للقمامة، وعلى بعد أمتار قليلة وخلف مقبرة سيدة الغناء العربي أم كلثوم المغلق من كل الجوانب ويتميز بالفخامة مقارنة بالمقابر الأخرى والذي استكمل بناؤه بعد وفاتها، حيث مقبرة الراحل أنور وجدي والذي كان يعتبر آنذاك أغنى نجوم عصره وتبدو مقبرته شديدة التواضع مليئة بالورود الجافة التي تعني بأنه لم يدخلها أحد وأثار إهمال شديد. كما اكتشفنا أيضاً مقبرة زوجها د. حسن الحفناوي وحقيقة رغم ضعف القيمة التي وجدنا عليها مقبرة كوكب الشرق مقارنة بعطائها الغنائي ظهرت مقبرة زوجها اضعف بكثير مما تخيلنا، ومن المعروف أن الدكتور حسن الحفناوي كان من أهم أطباء الجلدية والمسالك البولية. وفي نهاية الزيارة طالب معظم قاطني المقابر المسئولين الاهتمام بهذا التراث وإيجاد حل جذري وسريع لعلاج مشكلة مياه عين الصيرة التي اخترقت المقابر وتم نقل أعداد كبيرة من رفات الموتى بناء على رغبة ذويهم، وخشية على حياتهم ومنازلهم أيضاً.