الاتحاد السكندري يعلن قبوله دفعه جديدة من الناشئين بسعر رمزي لشراء استمارة التقديم    القبض على «ٌقمر الوراق» بحوزتها 2.5 كيلو «حشيش» (التفاصيل الكاملة)    ما حكم الصلاة الفائتة بعد الإفاقة من البنج؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ أسوان يترأس اجتماع مجلس الصحة الإقليمي (تفاصيل)    "هيئة الدواء" توقع مذكرة تفاهم مع "مركز مراقبة الدولة للأدوية" بكوبا لتبادل الخبرات    محافظ جنوب سيناء يترأس الاجتماع الأسبوعي لمتابعة الموقف التنفيذي للمشروعات    أحمد موسى بعد تحرك دول العالم لدعم القضية الفلسطينية: إسرائيل هتتجنن    رئيس الأعلى للإعلام يشيد بالعلاقات القوية بين مصر والسعودية    لاعب أرسنال: الأعين كلها نحو رفح    إصابة جندي بولندي في عملية طعن على يد مهاجر غير شرعي    ننشر أسماء المتقدمين للجنة القيد تحت التمرين في نقابة الصحفيين    الأهلي: جلسة ودية بين بيبو وحسام حسن لتوضيح موقف لاعبي الأهلي مع المنتخب    بسبب نادي نيس.. مانشستر يونايتد قد يشارك في دوري المؤتمر الأوروبي    شركات محددة تستحوذ على "نصيب الأسد"، اتهامات بالتلاعب في تخصيص الأراضي بالدولار    ضبط متهم بإدارة صفحة "فيس بوك" للنصب على راغبى استخراج شهادات جامعية بكفر الشيخ    ضبط شخص يدير صفحة عبر "فسيبوك" للنصب على أهالي كفر الشيخ    ليلى طاهر ل فيتو: أنا بخير وأستمتع بوقتي مع العائلة    تعاون جامعة عين شمس والمؤسسة الوطنية الصينية لتعليم اللغة الصينية    بدء الاختبارات الشفوية الإلكترونية لطلاب شهادات القراءات بشمال سيناء    متى يلزم الكفارة على الكذب؟.. أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح    تراجع شبه جماعي للبورصات الخليجية مع تصاعد التوترات الجيوسياسية بالشرق الأوسط    كشف ملابسات سرقة سائق بإحدى شركات تطبيقات النقل الذكي حقيبة سيدة    الخميس.. قصور الثقافة تقيم حفل أغاني موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بمسرح السامر مجانا    قومية سوهاج تقدم عرض اللعبة ضمن موسم مسرح قصور الثقافة بالصعيد    محافظ الإسماعيلية يشيد بدور مجلس الدولة في فض المنازعات وصياغة القوانين    عضو تنسيقية تقدُّم: إعلان مجلس السيادة السوداني عن حكومة كفاءات وشيكة تهديدٌ للقوى المدنية    تعرف علي مناطق ومواعيد قطع المياه غدا الاربعاء بمركز طلخا في الدقهلية    روسيا تطور قمرا جديدا للاتصالات    «الضوابط والمحددات الخاصة بإعداد الحساب الختامي» ورشة عمل بجامعة بني سويف    رئيس جامعة بني سويف يشهد الاحتفال بيوم الطبيب    رئيس جامعة بني سويف يكرم الدكتور محمد يوسف وكيل وزارة الصحة السابق    شبانة: لجنة التخطيط تطالب كولر بحسم موقف المعارين لهذا السبب    اشترِ بنفسك.. رئيس "الأمراض البيطرية" يوضح طرق فحص الأضحية ويحذر من هذا الحيوان    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    القبض على المتهم بقتل صديقه في مشاجرة بقليوب    برلماني: الرئيس يثق في قدرة الحوار الوطني على وضع رؤية اقتصادية جديدة للدولة    محافظ مطروح يشهد ختام الدورة التدريبية للعاملين بإدارات الشئون القانونية    موعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2024.. تصل إلى 9 أيام متصلة (تفاصيل)    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية البراجيل في ملوي غدًا    دفاع الفنان عباس أبو الحسن: تسلمنا سيارة موكلى ونتتظر سماع أقوال المصابتين    الطب البيطرى: تحصين 144 ألفا و711 رأس ماشية ضد الحمى القلاعية بالجيزة    سياح من كل أوروبا.. شاهد رحلات جولات البلد على كورنيش الغردقة    بشرى للمواطنين.. تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة حتى نهاية الأسبوع    خلال زيارته للمحافظة.. محافظ جنوب سيناء يقدم طلبا لوفد لجنة الصحة بمجلس النواب    نسألك أن تنصر أهل رفح على أعدائهم.. أفضل الأدعية لنصرة أهل غزة ورفح (ردده الآن)    تفاصيل الساعات الأخيرة في حياة فؤاد شرف الدين.. «كان يقاوم الألم»    فيلم السرب الأول في شباك تذاكر أفلام السينما.. تعرف على إجمالي إيراداته    محافظ الجيزة: تطوير وتوسعة ورصف طريق الطرفاية البطئ    إسرائيل تعتقل 22 فلسطينيا من الضفة.. وارتفاع الحصيلة إلى 8910 منذ 7 أكتوبر    وزيرة الهجرة تستقبل أحد رموز الجالية المصرية في جينف بسويسرا    رئيس وزراء إسبانيا: نعترف رسميا بدولة فلسطين لتحقيق السلام    مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية يوضح فضل حج بيت الله الحرام    توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 28 مايو 2024.. مكاسب مالية ل«العذراء» ونصيحة مهمة ل«الميزان»    كارول سماحة تعلق على مجزرة رفح: «قلبي اتحرق»    دويدار: الجزيري أفضل من وسام أبو علي... وأتوقع فوز الزمالك على الأهلي في السوبر الإفريقي    حمدي فتحي: أتمنى انضمام زيزو لصفوف الأهلي وعودة رمضان صبحي    عضو مجلس الزمالك: إمام عاشور تمنى العودة لنا قبل الانضمام ل الأهلي.. ولكن!    مدرب الألومنيوم: ندرس الانسحاب من كأس مصر بعد تأجيل مباراتنا الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفائز بجائزة "البوكر" ل"بوابة أخبار اليوم": حكاياتي ليست مسلسلا مكسيكيًا!
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 18 - 05 - 2015

بعد ساعات من إعلان تتويج الأديب التونسي شكري المبخوت بالجائزة لعالمية للرواية العربية عن روايته الوحيدة "الطلياني" منذ أيام قليلة، تواصلنا معه وطلبنا إجراء حوار يلقي الضوء على عالمه، فاستمهلنا حتى عودته إلى تونس وبالفعل تحدث إلينا فور وصوله إلى بلده.
واللافت إنه استفاد من خبرته في مجال العمل النقدي والأكاديمي، فقد حصل على دكتوراة من كلية الآداب بمنوبة، كما شغل منصب عميد كلية الآداب والفنون والإنسانيات في نفس الجامعة، وفي حوارنا معه يتحدث عن هذه الاستفادة قائلا: اهتممت نقديا بأساليب السّرد التّي تمثّل عندى التجديد الحقيقي سواء أسلوب "طه حسين" في الجزء الأوّل من "لأيام" الذّي مثّل حدثا مهمّا في كتابة السّيرة الذّاتية أو أسلوب "حسين الواد" المميّز في روايته "روائح المدينة"، وهي رواية على جمالها وعمقها وتجريبيتها المحبّبة لم تحظ بالصدى المنتظر للأسف.
- استدعيت الفترة الممتدة من أواخر حكم بورقيبه لتونس وحتى بداية حكم بن علي، وهزيمة حلم اليسار بين النظام الأمني والاسلاميين.. هل كانت الرواية وسيلة لمحاكمة جيلك الذي قضى شبابه في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي وشهد انهيار حلمه الثوري؟ أم محاولة لتقصي جذور ما آلت إليه الأمور بعد مرور سنوات على الربيع العربي؟
الرّواية عندي محاولة للفهم والتأمل واستقراء الحياة بكلّ تعقيداتها واضطراباتها وتحوّلاتها فهي تتبّع مسارات الانسان وآلامه في سياقات متعدّدة وتجربة اليساريين في تونس من أبناء جيلي على الأقلّ ثريّة ومتنوّعة بأبعادها الانسانيّة، وتستحّق أن تكتب بقطع النّظر عن الجوانب الايديولوجيّة والسياسيّة، وهذا ليس تنصّلا من البعد السياسي الذّي ترشح به الرّواية ولكنّ السياسة لا تصنع كموضوع قيمة الرّواية بل ما يصنع الرّواية هو ذاك النّسيج النّفسي والذّهنيّ الذّي يبرز تردّدات الانسان ومآزقه في بحثه عن حريّته وبهذا فإنّ "الطلياني" محاولة تأمليّة لفهم ما وقع في تونس بعد الثّورة بحثا عن روافده وأصوله أكثر منها محاكمة لجيلي الرّائع .
- هل تأثرت بكتابة الستينات المعتمدة على الهم السياسي وربط الخاص بالعام، أم أن ما مررنا به من ثورات هو الذي استدعى الخط السياسي الذي دار حوله عملك؟
لا أستطيع أن أحدّد مصادر التأثير في الكتابة الرّوائيّة ولكن ما أستطيع تأكيده أنّ الشّواغل التي تبرز في الطلياني هي جزء من شواغلي الفكريّة و شواغل التّونسيّ ورأيي أنّ الطّابع السّياسي في الرّواية يرتبط وثيق الارتباط بمدينة تونس وما يعتمل فيها من تناقضات ومفارقات .
- الرواية تعري أيضًا الواقع الثقافي في تونس وهو شبيه بمثيله في الوطن العربي كله، هل تجد أن أزمة المثقف العربي هي التي صنعت الهزيمة والتخلف في المجتمعات العربية كما يرى البعض؟
كلّ الرّواية تعرية وكشف وفضح للطيّات الخفيّة التّي تقهر الجسد وتحنّط الخيال وتستلب اللّغة وهذا هو المغزى من تتبّع جزء من مسيرة الطلياني وحياته في علاقته بالسّياسة والمجتمع والأفكار فتحوّلاته التّي اعتبرت خيانات لدى البعض وانكسارات لدى البعض الآخر ومقاومة من أجل الحلم ضمن صراع ضدّ السّلطة وضدّ الاسلام السّياسي إنّما هي صورة من هواجس المثّقف العربي بيد أنّه من الظلم والحيف أن نحمّل المثّقفين باعتبارهم بشرا يتحرّك ضمن شرط اجتماعيّ وانسانيّ مسؤوليّة الهزيمة والتخلّف.
- "الطلياني" هى روايتك الأولى بعد عقود من ممارسة الكتابة النقدية والعمل الأكاديمي، هل لذلك كنت أميل لإطار كلاسيكي ؟
كثيرا ما اعتبرت الطلياني كلاسيكيّة في بنائها لأنّها ببساطة ككلّ الحكايات لها بداية و تحوّلات ونهاية. ولكنّني أظنّ أنّ بعض المقولات الأدبيّة ومنها الكلاسيكيّة هي التّي تحتاج إلى مراجعة، فأنا أفهم هذه الملاحظة التّي تقدّم أحيانا في صيغة "تهمة"، أفهمها على أنّها وصف لرواية ترغب عن التجريب بتهشيم الحكاية و كسر الزّمن ولا أظنّ أنّني كتبت رواية كلاسيكيّة وربّما ذلك يحتاج إلى دراسة أسلوب السّرد الذّي يميّزها. من هنا فإنّ الكلاسيكيّة التّي وسمت بها الرّواية إن صحّت فإنّها لا تزعجني بتاتا، المهمّ عندي مهما كانت اختيارات الروائيين أن تكون الرّواية ممتعة للقارئ و تثير في نفسه الأسئلة.
- ذكرت في تصريحات صحفية أن أعمالك القادمة ستكون يمثابة استكمال للمراحل التاريخية حتى ثورة تونس، فهل سيكون ذلك من خلال نفس الأبطال والعوالم؟
هو مجرّد فكرة غائمة أنجزت منها القليل ولكن بنية الرّواية المنفتحة تسمح لي بتتبّع "عبد النّاصر" في سياقات مختلفة من تاريخ تونس الرّاهن دون أن أجعل الحكاية مسلسلا مكسيكيّا لا ينتهي.
- أهديت فوزك إلى نساء تونس البطلات الحقيقيات لروايتك، ومعظم شخصيات العمل نسائية رغم ان البطل الذي تدور الرواية حول عالمه رجل، هل لأن المرأة، في روايتك، هى التي دفعت ثمن هزيمة البطل الثوري، وازدواجية العلاقات في المجتمع التونسي، كما هي في المجتمع العربي كله؟
ملاحظتك دقيقة، فالرّواية رواية نساء أكثر منها رواية "عبد النّاصر" وكلّهنّ بطريقة مختلفة تمثّلن مرايا يرى فيهنّ عبد النّاصر صورا متعدّدة من شخصيّته المركّبة وهذا إلى ذلك أنماط متعدّدة من حلم المرأة التّونسيّة بالتحرّر الحقيقيّ أي النّفسيّ بإثبات وجودهنّ والاجتماعيّ بمقاومة ميثاق المجتمع الذّي ظلّ محافظا في طهرانية كاذبة، ف شخصية "لا لا جنينة " مثلا التّي تبدو مستهترة هي ضحيّة صنعت شخصيّة عبد النّاصر رغم أوهامها عن نفسها فهي مغتصبة لطفولة عبد النّاصر ومغتصبة بقيود العائلة والزّواج الذّي كان صفقة اجتماعيّة لدرء الفضيحة و "زينة" نفسها بطلة بامتياز استطاعت بعقلها الجبّار أن تعلو على جرح عميق هو زنا المحارم فكانت قويّة استثنائيّة ذات طموح جارف والحقّ أنّ مصيرها كان يمكن أن يكون الجنون أو الانتحار ولكنّني أشفقت عليها واخترت لها مصيرا بائسا ولكنّها في الآن نفسه كانت جلاّدا لعبد النّاصر الذّي يحمل هو ايضا بعضا من جراحها، أمّا "نجلاء" فهي امرأة البهجة التّي أخطأت طريقها لأنّها غاصت في أوهامها وعجزت عن أن ترى الحبّ في أبعاده المتعدّدة.
بعد ساعات من إعلان تتويج الأديب التونسي شكري المبخوت بالجائزة لعالمية للرواية العربية عن روايته الوحيدة "الطلياني" منذ أيام قليلة، تواصلنا معه وطلبنا إجراء حوار يلقي الضوء على عالمه، فاستمهلنا حتى عودته إلى تونس وبالفعل تحدث إلينا فور وصوله إلى بلده.
واللافت إنه استفاد من خبرته في مجال العمل النقدي والأكاديمي، فقد حصل على دكتوراة من كلية الآداب بمنوبة، كما شغل منصب عميد كلية الآداب والفنون والإنسانيات في نفس الجامعة، وفي حوارنا معه يتحدث عن هذه الاستفادة قائلا: اهتممت نقديا بأساليب السّرد التّي تمثّل عندى التجديد الحقيقي سواء أسلوب "طه حسين" في الجزء الأوّل من "لأيام" الذّي مثّل حدثا مهمّا في كتابة السّيرة الذّاتية أو أسلوب "حسين الواد" المميّز في روايته "روائح المدينة"، وهي رواية على جمالها وعمقها وتجريبيتها المحبّبة لم تحظ بالصدى المنتظر للأسف.
- استدعيت الفترة الممتدة من أواخر حكم بورقيبه لتونس وحتى بداية حكم بن علي، وهزيمة حلم اليسار بين النظام الأمني والاسلاميين.. هل كانت الرواية وسيلة لمحاكمة جيلك الذي قضى شبابه في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي وشهد انهيار حلمه الثوري؟ أم محاولة لتقصي جذور ما آلت إليه الأمور بعد مرور سنوات على الربيع العربي؟
الرّواية عندي محاولة للفهم والتأمل واستقراء الحياة بكلّ تعقيداتها واضطراباتها وتحوّلاتها فهي تتبّع مسارات الانسان وآلامه في سياقات متعدّدة وتجربة اليساريين في تونس من أبناء جيلي على الأقلّ ثريّة ومتنوّعة بأبعادها الانسانيّة، وتستحّق أن تكتب بقطع النّظر عن الجوانب الايديولوجيّة والسياسيّة، وهذا ليس تنصّلا من البعد السياسي الذّي ترشح به الرّواية ولكنّ السياسة لا تصنع كموضوع قيمة الرّواية بل ما يصنع الرّواية هو ذاك النّسيج النّفسي والذّهنيّ الذّي يبرز تردّدات الانسان ومآزقه في بحثه عن حريّته وبهذا فإنّ "الطلياني" محاولة تأمليّة لفهم ما وقع في تونس بعد الثّورة بحثا عن روافده وأصوله أكثر منها محاكمة لجيلي الرّائع .
- هل تأثرت بكتابة الستينات المعتمدة على الهم السياسي وربط الخاص بالعام، أم أن ما مررنا به من ثورات هو الذي استدعى الخط السياسي الذي دار حوله عملك؟
لا أستطيع أن أحدّد مصادر التأثير في الكتابة الرّوائيّة ولكن ما أستطيع تأكيده أنّ الشّواغل التي تبرز في الطلياني هي جزء من شواغلي الفكريّة و شواغل التّونسيّ ورأيي أنّ الطّابع السّياسي في الرّواية يرتبط وثيق الارتباط بمدينة تونس وما يعتمل فيها من تناقضات ومفارقات .
- الرواية تعري أيضًا الواقع الثقافي في تونس وهو شبيه بمثيله في الوطن العربي كله، هل تجد أن أزمة المثقف العربي هي التي صنعت الهزيمة والتخلف في المجتمعات العربية كما يرى البعض؟
كلّ الرّواية تعرية وكشف وفضح للطيّات الخفيّة التّي تقهر الجسد وتحنّط الخيال وتستلب اللّغة وهذا هو المغزى من تتبّع جزء من مسيرة الطلياني وحياته في علاقته بالسّياسة والمجتمع والأفكار فتحوّلاته التّي اعتبرت خيانات لدى البعض وانكسارات لدى البعض الآخر ومقاومة من أجل الحلم ضمن صراع ضدّ السّلطة وضدّ الاسلام السّياسي إنّما هي صورة من هواجس المثّقف العربي بيد أنّه من الظلم والحيف أن نحمّل المثّقفين باعتبارهم بشرا يتحرّك ضمن شرط اجتماعيّ وانسانيّ مسؤوليّة الهزيمة والتخلّف.
- "الطلياني" هى روايتك الأولى بعد عقود من ممارسة الكتابة النقدية والعمل الأكاديمي، هل لذلك كنت أميل لإطار كلاسيكي ؟
كثيرا ما اعتبرت الطلياني كلاسيكيّة في بنائها لأنّها ببساطة ككلّ الحكايات لها بداية و تحوّلات ونهاية. ولكنّني أظنّ أنّ بعض المقولات الأدبيّة ومنها الكلاسيكيّة هي التّي تحتاج إلى مراجعة، فأنا أفهم هذه الملاحظة التّي تقدّم أحيانا في صيغة "تهمة"، أفهمها على أنّها وصف لرواية ترغب عن التجريب بتهشيم الحكاية و كسر الزّمن ولا أظنّ أنّني كتبت رواية كلاسيكيّة وربّما ذلك يحتاج إلى دراسة أسلوب السّرد الذّي يميّزها. من هنا فإنّ الكلاسيكيّة التّي وسمت بها الرّواية إن صحّت فإنّها لا تزعجني بتاتا، المهمّ عندي مهما كانت اختيارات الروائيين أن تكون الرّواية ممتعة للقارئ و تثير في نفسه الأسئلة.
- ذكرت في تصريحات صحفية أن أعمالك القادمة ستكون يمثابة استكمال للمراحل التاريخية حتى ثورة تونس، فهل سيكون ذلك من خلال نفس الأبطال والعوالم؟
هو مجرّد فكرة غائمة أنجزت منها القليل ولكن بنية الرّواية المنفتحة تسمح لي بتتبّع "عبد النّاصر" في سياقات مختلفة من تاريخ تونس الرّاهن دون أن أجعل الحكاية مسلسلا مكسيكيّا لا ينتهي.
- أهديت فوزك إلى نساء تونس البطلات الحقيقيات لروايتك، ومعظم شخصيات العمل نسائية رغم ان البطل الذي تدور الرواية حول عالمه رجل، هل لأن المرأة، في روايتك، هى التي دفعت ثمن هزيمة البطل الثوري، وازدواجية العلاقات في المجتمع التونسي، كما هي في المجتمع العربي كله؟
ملاحظتك دقيقة، فالرّواية رواية نساء أكثر منها رواية "عبد النّاصر" وكلّهنّ بطريقة مختلفة تمثّلن مرايا يرى فيهنّ عبد النّاصر صورا متعدّدة من شخصيّته المركّبة وهذا إلى ذلك أنماط متعدّدة من حلم المرأة التّونسيّة بالتحرّر الحقيقيّ أي النّفسيّ بإثبات وجودهنّ والاجتماعيّ بمقاومة ميثاق المجتمع الذّي ظلّ محافظا في طهرانية كاذبة، ف شخصية "لا لا جنينة " مثلا التّي تبدو مستهترة هي ضحيّة صنعت شخصيّة عبد النّاصر رغم أوهامها عن نفسها فهي مغتصبة لطفولة عبد النّاصر ومغتصبة بقيود العائلة والزّواج الذّي كان صفقة اجتماعيّة لدرء الفضيحة و "زينة" نفسها بطلة بامتياز استطاعت بعقلها الجبّار أن تعلو على جرح عميق هو زنا المحارم فكانت قويّة استثنائيّة ذات طموح جارف والحقّ أنّ مصيرها كان يمكن أن يكون الجنون أو الانتحار ولكنّني أشفقت عليها واخترت لها مصيرا بائسا ولكنّها في الآن نفسه كانت جلاّدا لعبد النّاصر الذّي يحمل هو ايضا بعضا من جراحها، أمّا "نجلاء" فهي امرأة البهجة التّي أخطأت طريقها لأنّها غاصت في أوهامها وعجزت عن أن ترى الحبّ في أبعاده المتعدّدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.