صدر حديثا عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة كتاب جديد للناقد والمترجم ربيع مفتاح. يحمل عنوان ".زمن السرد العربى : قراءات في القصة والرواية " . والعنوان يدل على مدى اهتمام المؤلف بالعمل الإبداعي في معناه ومبناه؛ إذ لا معنى بدون مبنى، ولا مبنى بدون معنى. ويدل أيضا على مدى انتماء المؤلف لثقافته العربية؛ فقد كان نقادنا العرب من أمثال الجاحظ والجرجاني والآمدى، يربطون صحة المعنى وشرفه بصحة المبنى وقوته. بدأ بثلاث إيقاعات سردية هي "العزف على أوتار بشرية" مجموعة قصص لمحمد نجيب عبد الله. و"العودة" مجموعة قصص لعبد الله مهدةى. و"مجموعة قصص مكتوبة للأطفال. لأحمد محمد عبده. ويتضح من خلال مطالعة هذه الأعمال والأسماء كما يقول إن الكتاب الثلاثة متمرسون في كتابة القصة القصيرة، وإن اختلفت المشارب والأهواء، وكذلك الأسلوب والتقنية. وما يهمنا هنا هو النص الإبداعي" ص 13 في مجموعة "العزف على أوتار بشرية، يحاول الكاتب تشريح الواقع البشرى المتردى في مجتمعنا هذا، الواقع الذي يحاصر الشخصيات المحورية لقصصه من خلال لحظات زمكانية معينة، تمثل مصر في الحاضر الراهن، من خلال العزف على مفردات وتفاصيل الحياة اليومية. ولم يتوقف ربيع مفتاح عند هذه السرديات الثلاث، وإنما أضاف إليها مجموعة رابعة هي "عطر الليل الباقي" للكاتبة ليلى محمد صالح، التي يقول عنها: تضافرت القصص وتكاملت حتى شكلت لوحة فنية أقرب إلى السيرة الذاتية. وإذا كان بعض الحداثيين يفصلون بين الإبداع والمبدع، فإنه فصل تعسفى، لأن هناك حبلا سريا يربط دائماً بين النص ومبدعه ص 34. وربيع مفتاح بهذه المقولة، يعبر عن رأيه بصدق، ويفند أقوال بعض الحداثيين الغربيين، من أمثال رولان بارت وغيره، الذين يقولون: إن المؤلف ينفصل عن نصه الإبداعي بمجرد أن ينتهى منه ويسلمه للقراء؛ لأن هؤلاء يتناولونه بالتأويلات العديدة التي تخرجه عن أصله وتحيله إلى نصوص جديدة تتعدد بتعدد القراء ويموت مؤلفه الأصلي. وأضاف إليها أيضا مجموعة "والماء يجرى في النهر" لعبد المنعم شلبى الذي ينسج جدلية المرأة والبحر، في إطار قصصي له ملامحه الخاصة، ولا تكتمل هذه الجدلية إلا بمعرفة خلفية معظم الأحداث في القصص، وهذه الخلفية تتمحور حول الخطر المتمثل في الحرب أحيانا أو الخوف من المجهول أحيانا أخرى، ولما كان الناقد ربيع مفتاح يتحدث عن القصة، وقد عرض منها خمس مجموعات قصصية قصيرة، فقد رأى أن يستكمل الحديث عن شقها الثاني وهو الرواية. ويفهم من كلامه في هذا السياق أن القصة والرواية نوع أدبي واحد، بدليل أنه جعل عنوان الكتاب "قراءات في القصة والرواية والحقيقة أن الرواية جنس أدبي مستقل بذاته له تقنيته التي تختلف عن تقنية القصة القصيرة. وقد نبه هو نفسه إلى أن كثيرا من كتاب القصة القصيرة قد اتجهوا إلى كتابة الرواية، والبعض منهم مازال يكتب الرواية بنفس تقنية القصة القصيرة، وقليل هم الذين تنبهوا إلى اختلاف تقنية كتابة الرواية عنها في القصة القصيرة. الرواية، هذا البراح الإنساني اللانهئي، والفضاء المكاني اللامحدود، والامتداد الزمني غير المحدود، كل ذلك يعطى للرواية فرصة لأن تصول وتجول، ولكن من خلال بناء روائي متماسك ويقول عن رواية "ظلال حائرة" لعبد المنعم شلبي: إن كاتبها استطاع أن يرسم شخصية العفار بطل الرواية، بحرفية ومهارة وسيظل الفن الروائي مرتبطا إلى حد كبير بالقدرة على رسم الشخصيات وبنائها. يقول عنه: يجيء العفار غازيا للقرية، ليس غذوا عسكريا، وإنما هو نوع من الغزو المعرفي، يأتي العفار كي يوقظ هؤلاء النائمين، يعلمهم كيف يزرعون وكيف يعملون ويتغيرون، ومن خلال سرد يتسم بلغة جزلة، يقول السارد: تريد أن تعرف من أنا؟ اسمي الذي أعرفه: عبد الله. وأنتم هنا تسمونني "العفار" ليكن أنا العفار. موافق على هذا الاسم قال شيخي ذات مرة: الإنسان يهتم باسمه كثيرا، ولا يهتم بأفعاله، وهذا خطأ كبير، فالإنسان اسم وفعل، وهذه الأرض التي تقول إن الحكومة ستأخذها، هي أرض خصبة وجدتها خالية فزرعتها وبنيت فيها الخص، وأعددت لها الشادوف، كما ترى.. وهذا حمارى اشتريته من حر مالى، وكان معي وقتها الريس خليل رئيس المراكبية، أنت تعرفه، جلسنا معا وقتها، وسألني أسئلتك هذه، وقلت له ما قلت لك الآن.. ويقول عن خيرى عبد الجواد، وهو يتحدث عن روايته "العاشق والمعشوق": إنه روائي من الذين تميزوا في فن القصة القصيرة، ثم شق طريقه في حقل الرواية، وأبدع عددا من الروايات، من أهمها روايته التي بين أيدينا الآن وهي رواية "العاشق والمعشوق"، وروايته "كتاب التوهمات" وقد اتسمت روايات خيرى بخصيصة أساسية، وهي استلهام التراث السردى العربي بنوعيه المكتوب والشفاهي، وشكل التراث الشعبي أهم المنابع التي نهل منها الكاتب في قصصه ورواياته، هذا التراث الذي يشمل التاريخ، الرحلة، التصوف، السيرة الشعبية، ألف ليلة وليلة، كليلة ودمنة، تغريبة بنى هلال، وغير ذلك من العناصر التراثية، إلا أن التفاعل الروائي مع الليالي العربية، وخاصة في رواية "العاشق والمعشوق" هو الأبرز.. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو: كيف وظف الكاتب هذه المعطيات الإبداعية بكل عناصرها، من تراث شعبي شفاهي ومكتوب، وتجربة حياتية ثرية وممتلئة، وهموم إبداعية؟. كيف وظف كل ذلك في إطار نسيج روائي ممتع ومتميز؟ فالإمتاع روح الفن، والتميز هو بصمة المبدع التي لا يمكن تكرارها ولكن يمكن تمثلها والاستفادة منها. ثم ختم حديثه عن القصة والرواية بالحديث عن رواية "قبلة الحياة" لفؤاد قنديل. قال: الرأى بأن الفن يجب ألا يكون له علاقة بالسياسة، هو في حد ذاته، اتجاه سياسي، فإذا علمنا أن المناخ السياسي، هو المهيمن على أحداث وشخصيات رواية "قبلة الحياة" علمنا إلى أى مدى مزج الروائي فؤاد قنديل بين الحس السياسي، والمعالجة الجمالية. وقد نجح في ذلك إلى حد كبير، ومن ثم جاءت رواية "قبلة الحياة" نموذجا جيدا للرواية السياسية. فحياة الشخصيات ومصائرها في رواية "قبلة الحياة" تعاني من فساد رجال النظام السياسي وفساد المسئولين، وفساد رجال الأعمال. صدر حديثا عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة كتاب جديد للناقد والمترجم ربيع مفتاح. يحمل عنوان ".زمن السرد العربى : قراءات في القصة والرواية " . والعنوان يدل على مدى اهتمام المؤلف بالعمل الإبداعي في معناه ومبناه؛ إذ لا معنى بدون مبنى، ولا مبنى بدون معنى. ويدل أيضا على مدى انتماء المؤلف لثقافته العربية؛ فقد كان نقادنا العرب من أمثال الجاحظ والجرجاني والآمدى، يربطون صحة المعنى وشرفه بصحة المبنى وقوته. بدأ بثلاث إيقاعات سردية هي "العزف على أوتار بشرية" مجموعة قصص لمحمد نجيب عبد الله. و"العودة" مجموعة قصص لعبد الله مهدةى. و"مجموعة قصص مكتوبة للأطفال. لأحمد محمد عبده. ويتضح من خلال مطالعة هذه الأعمال والأسماء كما يقول إن الكتاب الثلاثة متمرسون في كتابة القصة القصيرة، وإن اختلفت المشارب والأهواء، وكذلك الأسلوب والتقنية. وما يهمنا هنا هو النص الإبداعي" ص 13 في مجموعة "العزف على أوتار بشرية، يحاول الكاتب تشريح الواقع البشرى المتردى في مجتمعنا هذا، الواقع الذي يحاصر الشخصيات المحورية لقصصه من خلال لحظات زمكانية معينة، تمثل مصر في الحاضر الراهن، من خلال العزف على مفردات وتفاصيل الحياة اليومية. ولم يتوقف ربيع مفتاح عند هذه السرديات الثلاث، وإنما أضاف إليها مجموعة رابعة هي "عطر الليل الباقي" للكاتبة ليلى محمد صالح، التي يقول عنها: تضافرت القصص وتكاملت حتى شكلت لوحة فنية أقرب إلى السيرة الذاتية. وإذا كان بعض الحداثيين يفصلون بين الإبداع والمبدع، فإنه فصل تعسفى، لأن هناك حبلا سريا يربط دائماً بين النص ومبدعه ص 34. وربيع مفتاح بهذه المقولة، يعبر عن رأيه بصدق، ويفند أقوال بعض الحداثيين الغربيين، من أمثال رولان بارت وغيره، الذين يقولون: إن المؤلف ينفصل عن نصه الإبداعي بمجرد أن ينتهى منه ويسلمه للقراء؛ لأن هؤلاء يتناولونه بالتأويلات العديدة التي تخرجه عن أصله وتحيله إلى نصوص جديدة تتعدد بتعدد القراء ويموت مؤلفه الأصلي. وأضاف إليها أيضا مجموعة "والماء يجرى في النهر" لعبد المنعم شلبى الذي ينسج جدلية المرأة والبحر، في إطار قصصي له ملامحه الخاصة، ولا تكتمل هذه الجدلية إلا بمعرفة خلفية معظم الأحداث في القصص، وهذه الخلفية تتمحور حول الخطر المتمثل في الحرب أحيانا أو الخوف من المجهول أحيانا أخرى، ولما كان الناقد ربيع مفتاح يتحدث عن القصة، وقد عرض منها خمس مجموعات قصصية قصيرة، فقد رأى أن يستكمل الحديث عن شقها الثاني وهو الرواية. ويفهم من كلامه في هذا السياق أن القصة والرواية نوع أدبي واحد، بدليل أنه جعل عنوان الكتاب "قراءات في القصة والرواية والحقيقة أن الرواية جنس أدبي مستقل بذاته له تقنيته التي تختلف عن تقنية القصة القصيرة. وقد نبه هو نفسه إلى أن كثيرا من كتاب القصة القصيرة قد اتجهوا إلى كتابة الرواية، والبعض منهم مازال يكتب الرواية بنفس تقنية القصة القصيرة، وقليل هم الذين تنبهوا إلى اختلاف تقنية كتابة الرواية عنها في القصة القصيرة. الرواية، هذا البراح الإنساني اللانهئي، والفضاء المكاني اللامحدود، والامتداد الزمني غير المحدود، كل ذلك يعطى للرواية فرصة لأن تصول وتجول، ولكن من خلال بناء روائي متماسك ويقول عن رواية "ظلال حائرة" لعبد المنعم شلبي: إن كاتبها استطاع أن يرسم شخصية العفار بطل الرواية، بحرفية ومهارة وسيظل الفن الروائي مرتبطا إلى حد كبير بالقدرة على رسم الشخصيات وبنائها. يقول عنه: يجيء العفار غازيا للقرية، ليس غذوا عسكريا، وإنما هو نوع من الغزو المعرفي، يأتي العفار كي يوقظ هؤلاء النائمين، يعلمهم كيف يزرعون وكيف يعملون ويتغيرون، ومن خلال سرد يتسم بلغة جزلة، يقول السارد: تريد أن تعرف من أنا؟ اسمي الذي أعرفه: عبد الله. وأنتم هنا تسمونني "العفار" ليكن أنا العفار. موافق على هذا الاسم قال شيخي ذات مرة: الإنسان يهتم باسمه كثيرا، ولا يهتم بأفعاله، وهذا خطأ كبير، فالإنسان اسم وفعل، وهذه الأرض التي تقول إن الحكومة ستأخذها، هي أرض خصبة وجدتها خالية فزرعتها وبنيت فيها الخص، وأعددت لها الشادوف، كما ترى.. وهذا حمارى اشتريته من حر مالى، وكان معي وقتها الريس خليل رئيس المراكبية، أنت تعرفه، جلسنا معا وقتها، وسألني أسئلتك هذه، وقلت له ما قلت لك الآن.. ويقول عن خيرى عبد الجواد، وهو يتحدث عن روايته "العاشق والمعشوق": إنه روائي من الذين تميزوا في فن القصة القصيرة، ثم شق طريقه في حقل الرواية، وأبدع عددا من الروايات، من أهمها روايته التي بين أيدينا الآن وهي رواية "العاشق والمعشوق"، وروايته "كتاب التوهمات" وقد اتسمت روايات خيرى بخصيصة أساسية، وهي استلهام التراث السردى العربي بنوعيه المكتوب والشفاهي، وشكل التراث الشعبي أهم المنابع التي نهل منها الكاتب في قصصه ورواياته، هذا التراث الذي يشمل التاريخ، الرحلة، التصوف، السيرة الشعبية، ألف ليلة وليلة، كليلة ودمنة، تغريبة بنى هلال، وغير ذلك من العناصر التراثية، إلا أن التفاعل الروائي مع الليالي العربية، وخاصة في رواية "العاشق والمعشوق" هو الأبرز.. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو: كيف وظف الكاتب هذه المعطيات الإبداعية بكل عناصرها، من تراث شعبي شفاهي ومكتوب، وتجربة حياتية ثرية وممتلئة، وهموم إبداعية؟. كيف وظف كل ذلك في إطار نسيج روائي ممتع ومتميز؟ فالإمتاع روح الفن، والتميز هو بصمة المبدع التي لا يمكن تكرارها ولكن يمكن تمثلها والاستفادة منها. ثم ختم حديثه عن القصة والرواية بالحديث عن رواية "قبلة الحياة" لفؤاد قنديل. قال: الرأى بأن الفن يجب ألا يكون له علاقة بالسياسة، هو في حد ذاته، اتجاه سياسي، فإذا علمنا أن المناخ السياسي، هو المهيمن على أحداث وشخصيات رواية "قبلة الحياة" علمنا إلى أى مدى مزج الروائي فؤاد قنديل بين الحس السياسي، والمعالجة الجمالية. وقد نجح في ذلك إلى حد كبير، ومن ثم جاءت رواية "قبلة الحياة" نموذجا جيدا للرواية السياسية. فحياة الشخصيات ومصائرها في رواية "قبلة الحياة" تعاني من فساد رجال النظام السياسي وفساد المسئولين، وفساد رجال الأعمال.