مجلس الشيوخ يستأنف جلساته العامة اليوم    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    انهيار أسعار الفراخ اليوم نهاية أبريل.. البيضاء نزلت 20 جنيه    بكاء ريهام عبد الغفور أثناء تسلمها تكريم والدها الراحل أشرف عبد الغفور    ختام عروض «الإسكندرية للفيلم القصير» بحضور جماهيري كامل العدد ومناقشة ساخنة    «طب قناة السويس» تعقد ندوة توعوية حول ما بعد السكتة الدماغية    تراجع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الثلاثاء 30 إبريل 2024    الجيش الأمريكي ينشر الصور الأولى للرصيف العائم في غزة    حقيقة نشوب حريق بالحديقة الدولية بمدينة الفيوم    مقتل 3 ضباط شرطة في تبادل لإطلاق النار في ولاية نورث كارولينا الأمريكية    اندلاع اشتباكات عنيفة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال في مخيم عسكر القديم شرق نابلس    مباراة من العيار الثقيل| هل يفعلها ريال مدريد بإقصاء بايرن ميونخ الجريح؟.. الموعد والقنوات الناقلة    ظهور خاص لزوجة خالد عليش والأخير يعلق: اللهم ارزقني الذرية الصالحة    تعرف على أفضل أنواع سيارات شيفروليه    تعرف على أسباب تسوس الأسنان وكيفية الوقاية منه    حبس 4 مسجلين خطر بحوزتهم 16 كيلو هيروين بالقاهرة    هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟.. دار الإفتاء تجيب    العميد محمود محيي الدين: الجنائية الدولية أصدرت أمر اعتقال ل نتنياهو ووزير دفاعه    السيطرة على حريق هائل داخل مطعم مأكولات شهير بالمعادي    نيويورك تايمز: إسرائيل خفضت عدد الرهائن الذين تريد حركة حماس إطلاق سراحهم    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    د. محمود حسين: تصاعد الحملة ضد الإخوان هدفه صرف الأنظار عن فشل السيسى ونظامه الانقلابى    لتلوثها ببكتيريا برازية، إتلاف مليوني عبوة مياه معدنية في فرنسا    محلل سياسي: أمريكا تحتاج صفقة الهدنة مع المقاومة الفلسطينية أكثر من اسرائيل نفسها    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    فتوى تحسم جدل زاهي حواس حول وجود سيدنا موسى في مصر.. هل عاصر الفراعنة؟    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    حماية المستهلك: الزيت وصل سعره 65 جنيها.. والدقيق ب19 جنيها    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 أبريل في محافظات مصر    تعرف على موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم للعاملين بالقطاع الخاص    نظافة القاهرة تطلق أكبر خطة تشغيل على مدار الساعة للتعامل الفوري مع المخلفات    أستاذ بجامعة عين شمس: الدواء المصرى مُصنع بشكل جيد وأثبت كفاءته مع المريض    مفاجأة صادمة.. جميع تطعيمات كورونا لها أعراض جانبية ورفع ضدها قضايا    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    رسميا.. بدء إجازة نهاية العام لطلاب الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية بهذا الموعد    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    حكم الشرع في الوصية الواجبة.. دار الإفتاء تجيب    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    عيار 21 الآن يسجل تراجعًا جديدًا.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 30 أبريل بالمصنعية (التفاصيل)    مصدران: محققون من المحكمة الجنائية الدولية حصلوا على شهادات من طواقم طبية بغزة    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    «هربت من مصر».. لميس الحديدي تكشف مفاجأة عن نعمت شفيق (فيديو)    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    ضبط 575 مخالفة بائع متحول ب الإسكندرية.. و46 قضية تسول ب جنوب سيناء    بعد اعتراف أسترازينيكا بآثار لقاح كورونا المميتة.. ما مصير من حصلوا على الجرعات؟ (فيديو)    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    توفيق السيد: لن يتم إعادة مباراة المقاولون العرب وسموحة لهذا السبب    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    برلماني يطالب بالتوقف عن إنشاء كليات جديدة غير مرتبطة بسوق العمل    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    خليل شمام: نهائى أفريقيا خارج التوقعات.. والأهلى لديه أفضلية صغيرة عن الترجى    تقديم موعد مران الأهلى الأخير قبل مباراة الإسماعيلى    درجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 30/4/2024 في مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الحكيم: عبد الناصر أيقونة ثورتي يناير و30 يونيو..ووفاته يحيطها الغموض

في منزله الأنيق بمصر الجديدة استقبلني مرحبا بوجهه البشوش وأدبه الجم.. الذوق الراقي والألوان الدافئة أكثر ما يميز شقته الخالية من البذخ والمبالغة..اللوحات الزيتية التي تزين الحائط تتصدرها صورة مرسومة بإتقان لوالده ومثله الأعلى الزعيم جمال عبد الناصر.. وفي أحد الأركان بيانو أسود اللون في الغالب هو نفس البيانو الذي كانت تقتنيه والدته.. فوقه مجموعة من الصور العائلية تتقدمها صورة والدته السيدة تحية كاظم، وصور أخوته في مراحل مختلفة من أعمارهم مع الوالد الزعيم وصور عبد الناصر مع أشهر زعماء العالم في زمانه.
هو أصغر أبناء الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، سماه عبد الحكيم على اسم صديق عمره المشير عبد الحكيم عامر.. ولهذا ابتسم أمام سؤالي عن الاتهام المتكرر لعبد الناصر بمسئوليته عن موت المشير معلقا: لقد كان في مكانة العم بالنسبة لنا وسميت على اسمه ولكن هزيمة 1967 كانت مسئوليته كقائد للقوات المسلحة ومسئولية رئيس الجمهورية بالطبع فلماذا يتعجبون من إقدام قائد مهزوم على الانتحار خاصة أنه صعيدي ومعتز بنفسه؟.
حواري مع المهندس عبد الحكيم عبد الناصر يجمع ما بين ذكرياته العائلية والسياسة التي لا يعمل بها لكنها تشغله كمواطن وابن زعيم كبير..شارك في ثورة يناير و30 يونيو..صندوق ذكرياته يحوى الكثير لكنه حديث يثير شجونه ولهذا بدأت حواري معه بالأهداف المشتركة بين ثورة يوليو وثورة يناير:
o هناك أهدف مشتركة بين ثورة 23 يوليو الأم وثورة 25 يناير كيف وجدت هذا التشابه ؟
هي نفس أهداف ثورة يناير فثورة 1952 قامت لتحرير مصر من الاحتلال البريطاني وفي يناير أراد الشعب تحرير مصر من الهيمنة الأمريكية التي أعطاها بعض حكام مصر 99% من أوراق قضايا العرب طواعية، أما العدالة الاجتماعية فقد قامت ثورة 1952 للقضاء على مجتمع النصف بالمائة وعندما ارتفع عدد المليارديرات وازداد الفقر وانكمشت الطبقة الوسطى قام الشعب مطالبا بحقه في ثروة بلاده واستعادة كرامته الإنسانية بتطبيق القانون على الجميع بدون تمييز، واستقلال الإرادة الوطنية التي كرستها ثورة 30 يونيو بحيث لا تملي علينا أي دولة قرارات تمس سيادتنا بعد أن اكتشفنا أن مبارك كان كنزا استراتيجيا للعدو الصهيوني ولكننا شعب يستجيب للتحديات بدليل عندما حاصر الاستعمار مصر بأكبر أساطيل العالم فتحديناهم وبنينا أكبر مشروع وهو السد العالي وبنينا أكبر قلعة صناعية وأدخلنا صناعات ثقيلة مثل الحديد والصلب والألمونيوم والمراجل البخارية والمنسوجات وحققنا نسب نمو اقتصادي غير مسبوقة ولولا هذا لما استطعنا اجتياز الهزيمة العسكرية في 1967 ثم بدأت حرب الاستنزاف التي كانت مقدمة لانتصار 1973.
حملات التشويه
o ما سبب حملة التشويه التي تعرض لها الزعيم جمال عبد الناصر بعد وفاته ؟
كانت حملة مدروسة قادها أعدائه وعلى رأسهم الصهيونية العالمية والامبريالية والبلاد العربية الرجعية التي رأت أن مشروعاته ضد مصالحها ولكن الشعب المصري في ثورة 25 يناير و30 يونيو أنصف جمال عبد الناصر أمام محاولات تزوير تاريخه ورفعوا صوره بعد أكثر من أربعين عاما من وفاته والغريب أن أكثرهم كانوا من الشباب الذين ولدوا بعد وفاته وهذا دليل على أن المبادئ لا تموت.
o لماذا تشعر بأن عيد الفلاح مناسبة هامة؟
عيد الفلاح 9 سبتمبر كان مناسبة فارقة في تاريخ مصر هو يوم صدور قانون الإصلاح الزراعي واعتبره يوم عيد ثورة 23 يوليو فالتطبيق الرئيسي هو الإصلاح الزراعي الذي جعل الانجليز يعترفون انه ليس انقلابا ولكنها ثورة لأنها بدأت تحقق أهدافها على الأرض وأظهرت انحيازها للفقراء والمهمشين، وكانت المرة الأولى التي يتملك فيها الفلاح أرضه .
o وكم فلاحا استفاد من قوانين الإصلاح الزراعي ؟
في القانون الأول تم توزيع حوالي مليون فدان استفاد من مليون إلى مليون ونصف مليون فلاح وكل المساحات المستصلحة وزعت بنفس الطريقة وكذلك مشروع مديرية التحرير وفي مقابل ملايين المستفيدين نجد أن عدد المصريين الذين تأثروا من قوانين الإصلاح الزراعي عندما قلت ملكياتهم الزراعية من ألاف الأفدنة إلى 200 فدان كانوا حوالي 350 شخص فقط ومجموع من تأثروا بالقرارات الاشتراكية في مصر 7500 شخص في عام 1961 وكان تعداد مصر 29 مليون نسمة.
o وما هي أهم ايجابيات فترة حكم الزعيم جمال عبد الناصر ؟
الفترة من 1952 إلى 1970 لو لم تكن ايجابياتها أعلى من سلبياتها بالنسبة للأغلبية العظمى من الشعب لما كانوا رفعوا صورته أثناء ثورة يناير و30 يونيو، ولما كان جمال عبد الناصر قد أصبح أيقونة الثورة ضد الأخوان المسلمين، فهم الأعداء التقليديون لجمال عبد الناصر وهذا ما يثبته التاريخ لأن ما يميز الإنسان عن باقي الكائنات أنه كائن له تاريخ.
o وصل الإخوان إلى الحكم بعد الثورة مستعطفين الناس لأنهم ظلموا وسجنوا بعد محاولة اغتيال عبد الناصر في المنشية فوجدنا من يلومه على سجنهم حتى ظهرت حقيقتهم فيما بعد ؟
كل تصرفات الرئيس عبد الناصر مع الإخوان المسلمين كانت رد فعل وأثبتت الأيام أن كل ما قاله عنهم صحيحا بل بالعكس لقد كان طويل البال معهم وما يقومون به هذه الأيام هو ما حاولوا القيام به منذ عام 1953 من الفوضى والحرائق لدرجة أن الرئيس عبد الناصر وجه حديثه للإخوان في احد خطاباته قائلا: (لا تتصوروا أن ثورتنا البيضاء نوع من الضعف لأننا يمكن أن نحولها إلى ثورة حمراء) فهم تنظيم دولي هدفهم الاستيلاء على كرسي الحكم لتنفيذ مخطط من خارج مصر والحمد لله أن شعبنا استطاع أن يفسد مخططهم ورغم أن الثورة كانت ذراعيها مفتوحتين لهم كفصيل ولكن في أول وزارة شكلتها ثورة 1952 كان فيها بعض الوزراء من الإخوان رفضت قيادتهم وفصلتهم ومنهم حسن الباقوري وأصروا على موافقة الجماعة مسبقا قبل تعيين أي من أعضائها وهذا ما رفضه الرئيس، وقال إننا نرحب بالمشاركة ونرفض الوصاية وبدأ الصدام وعملوا ضده أثناء المقاومة ضد الانجليز عن طريق اتصالاتهم السرية معهم كما عملوا ضد اتفاقية الجلاء ثم حاولوا اغتياله عام 1954 بعد أيام من توقيع اتفاقية الجلاء وحتى من استطاع منهم الهرب للخارج استمرت اتصالاتهم بالانجليز وقت عدوان 1956 وفي عام 1964 بعد انتهاء الخطة الخمسية وتحويل مجرى النيل وبدء المردود الثوري قال عبد الناصر سنبدأ صفحة جديدة وأخرجهم من السجون وعلى رأسهم سيد قطب وعادوا إلى وظائفهم بنفس أقدميتهم لكنهم أنشئوا التنظيم المسلح وكانت خطتهم اغتيال الرئيس والوزراء والنواب وتفجير المسارح وتفجير القناطر الخيرية حتى تغرق الدلتا وتفجير المفاعل النووي في أنشاص ليسبب كارثة بيئية وتم ضبطهم، ولكن في الثمانينات والتسعينات وجدناهم يتحدثون عن السجون والمعتقلات رغم أنهم حوكموا طبقا للقانون والآن يقتلون الناس الأبرياء في الشوارع بدم بارد ويخربون منشآتنا فهي حرب على الإرهاب ولكننا انتصرنا فيها ولو بقيت بعض التوابع فسوف ننتصر عليها أيضا.
مؤامرة 1967
o نكسة 1967 تحمل المسئولية الأولى عنها الزعيم جمال عبد الناصر كيف رأيتها من خلال معلوماتك عن تلك الفترة؟
هزيمة 1967 هي مؤامرة بكل ما تعنيه الكلمة من معاني بهدف ضرب النظام الصاعد الذي جمع حوله كل أحرار العالم وحرر مصر من التبعية وخاض معركته ضد الفقر والجهل والمرض ولهذا كان رد فعل الشعب مثل 30 يونيو وهو خروج الناس في 9 و 10 يونيو ليعترضوا على قرار التنحي وهو بالتأكيد يتحمل المسئولية الأولى باعتباره أكبر مسئول في الدولة و بكل شجاعة ورجولة تحمل المسئولية وتنحى عن الحكم ولكن الشعب الواعي خرج بشكل عفوي في مصر و ليبيا وتونس ولبنان والسعودية لأن جمال عبد الناصر الذي خرج من طينة هذا البلد وعاش أمالها وآلامها استطاع أن يصيغ آمال الغالبية العظمى من المصريين في مشروع قومي فتحولت الهزيمة إلى خسارة معركة ولم نخسر إرادتنا وتم تعيين قيادات عسكرية جديدة ومحترفة وكانت معركة رأس العش حتى وقف إطلاق النار عام 1970 التي استغلها الجيش لتحريك حائط الصواريخ مما مهد لانتصار 1973.
o وهل أثرت هزيمة 1967 على تنفيذ المشروعات الكبرى بالداخل ؟
بالعكس استمرت حركة التصنيع وأنشئنا مجمع ألومونيوم نجع حمادي وهو من أكبر قلاع هذا الصناعة وتم الانتهاء من السد العالي في موعده وحققنا شعار يد تبني ويد تحمل السلاح ومن تجاربنا تعلمنا أننا عندما نلقي السلاح نلقي معه الفأس أيضا وهذا ما حدث خلال الأربعين عاما الماضية.
o ترددت أقاويل عن ضلوع المخابرات الإسرائيلية والأمريكية في وفاة الزعيم جمال عبد الناصر بأساليبهم الخاصة؟
من خلال الوثائق الرسمية التي تم الإفراج عنها في الولايات المتحدة الأمريكية وجدت أوامر أمريكية بضرورة اغتياله للقضاء على المشروع العربي، مما يجعل احتمال الاغتيال شيء وارد خاصة أن توقيت وفاته من الصعب أن يكون قدريا ففي مذكرات هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق مناقشة مجلس الأمن القومي حول اتفاقية روجرز ووقف إطلاق النار تساءل أحد الحاضرين كيف ستمر هذه الفترة دون حل المشكلة خاصة أن قوة عبد الناصر سوف تزداد فرد آخر ربما بعد 90 يوما يكون المسرح السياسي العربي قد تغير - وقد كان- ففي 5 نوفمبر مع انتهاء وقف إطلاق النار كانت الذكرى الأربعين لوفاة الزعيم ! أما قصة المدلك الذي استخدم زيتا ساما ليتشربه جلد الرئيس فهي قصة غير صحيحة فقد كنت في المرحلة الثانوية وقت وفاته ولم يكن هناك غرباء يدخلون بيتنا ولكن هناك دائما احتمال أن تستخدم المخابرات أساليب متطورة لتسبب أعراضا تشبه الأزمة القلبية أو تخلق ظروفا ضاغطة عصبيا على الرئيس خلال مرضه ليصل إلى مرحلة الأزمة وقد تحمل الكثير ليعالج أزمة "أيلول الأسود" وأنا واثق أن الحقيقة سوف تظهر فيما بعد فنابليون اكتشفوا بعد 150 سنة أنه مات مسموما.
o علقت : وتوت عنخ أمون وجدوا جمجمته مكسورة بعد ألاف السنين ، ولكن احكي لي عن اليوم الحزين يوم وفاة الوالد الزعيم جمال عبد الناصر ؟
كنا في بداية العام الدراسي وانصرفنا من المدرسة مبكرا وعدت للبيت وكان يرتدي ثيابه ليذهب لوداع أمير الكويت وكان في كامل صحته وضحك معي ونصحني بالاهتمام بالمذاكرة لأني في الثانوية العامة وكلية الهندسة التي أريد الالتحاق بها تحتاج مجموعا كبيرا ، وخرج وعاد متعبا وحاول الأطباء إنقاذه ولكنهم لم ينجحوا وقضاء الله نفذ.. ثم دمعت عيناه واختنق صوته ثم غير الموضوع .
علامات استفهام
o لماذا ترى أن وفاة عبد الناصر في هذا الوقت عليها الكثير من علامات الاستفهام ؟
لأننا رأينا تبعات اختفائه وما حدث بعد انتصار أكتوبر العظيم من تفرق العرب وقرارات الانفتاح ، هناك خطاب لعبد الناصر في 24 ابريل في جامعة القاهرة بعد أحداث الطلبة وقبل الاستفتاء على بيان 30 مارس قال فيه لو أن المشكلة سيناء فقط فمن السهل أن تعود فصفقت القاعة فنظر إليهم في استياء شديد، وقال:" كنت أتصور أن المثقفين يفكرون ولا ينفعلون فلابد من تنازلات من جانبنا وهي قبول شروط أمريكا وإسرائيل والتخلي عن موقفنا العربي وإعطاء إسرائيل اليد الطولى في القدس والدول العربية والسماح لهم بتنفيذ مخططهم من النيل إلى الفرات والسماح لهم بعبور قناة السويس.. لكن المسألة هي مصير الأمة العربية واستعار تعبير شكسبير (نكون أو لا نكون) وفي خطاب آخر في عيد الثورة عام 1968 قال :((إن إسرائيل لن تترك سيناء لأنها تعلم أن الاحتلال شيء ثقيل على كل مصري وسيخلق حالة من الغضب الشعبي ويؤدي إلى زعزعة الجبهة الداخلية وستظل إسرائيل موجودة حتى يأتي نظام يقبل بعقد اتفاق صلح معها )وهو ما حدث فيما بعد.
o ولكن اتفاقية السلام أعادت سيناء إلى مصر بعد احتلال دام 6 سنوات ؟
في رأييّ إن سيناء لم تعد إلى مصر إلا في العام الماضي فقط بعد أن فرض جيشنا العظيم سيطرته عليها بالكامل ، ولم تعد هناك مناطق ( أ و ب وج ) التي كانت محددة بعدد معين من الجنود والسلاح ورغم العمليات الإرهابية الخسيسة التي تقع بين فترة وأخرى ضد رجال الجيش والشرطة والشعب لكنها في طريقها للزوال.
o وكيف شعرت أسرة الزعيم عبد الناصر أمام الاتهامات التي وجهت له انه مسئول عن وفاة عبد الحكيم عامر؟
ابتسم ..وكأنه كان يتوقع السؤال وأجاب: كان قائدا للقوات المسلحة وقت كارثة الهزيمة والرئيس عبد الناصر مسئول أيضا باعتباره رئيس الجمهورية ونحن كأبناء عبد الناصر كان المشير بالنسبة لنا أكثر من عم ولهذا سماني أبي عبد الحكيم على اسمه ولكن لماذا يستغرب الناس أن قائدا عسكريا ينتحر لأنه مسئول عن هزيمة بلده واحتلال جزء من أراضيها ؟ فقد كان كصعيدي يتمتع بالكبرياء وعزة النفس !.
o أعربت عن عدم رضائك عن مسلسل "صديق العمر" الذي يناقش علاقة الرئيس عبد الناصر والمشير فلماذا ؟
هو مسلسل يوحي بسوء النية، ومحاولة لتشويه شخصية عبد الناصر وهناك كثيرون مجرد ذكر اسم عبد الناصر يمثل لهم قلقا على مصالحهم ولم أتعجب عندما علمت بهوية الشركة المنتجة للمسلسل ولكنها كسابقاتها سيكون مصيرها الفشل، طبعا جمال سليمان ممثل قدير ولكن لهجته وصوته كانت غريبة كما انه مقيد بسيناريو وحوار ليس مسئولا عنهما لهذا اعتبره مشوها للوالد وللمشير أيضا نظرا للطريقة التي ظهر بها المسلسل فمسيرة علاقتهما بها الكثير من الايجابيات ولكن الأحداث تبدأ بالهزيمة ثم فلاش باك على الأحداث وهكذا عدة مرات والتركيز على المشاكل مثل الوحدة بين مصر وسوريا وحرب اليمن فهو يتصيد سلبيات مسيرة عبد الناصر ولو كان حكمه سلبيا فلماذا خرجت الناس في 9 و 10 يونيو ؟ وجنازته التي تعتبر أكبر جنازة في تاريخ البشرية ولكن الشعب عندما تظاهر ضد الفساد وطلبا للحرية والعدالة والكرامة الإنسانية في ثورة يناير و30 يونيو رفع صور جمال عبد الناصر.
o مجال عملك الأساسي هو الهندسة فهل اهتمامك بالسياسة راجع لكونك ابن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر؟
الهندسة مجال عملي لكن كل من يقابلني يكلمني في السياسة بحكم اسمي وتشرفي بانتمائي للزعيم عبد الناصر وكنت في المرحلة الثانوية عند وفاته لكني اكتسبت معلوماتي السياسية بالقراءة ومن أحاديث من شاركوا أبي في الحكم ولكني بدأت أتفاعل سياسيا منذ بداية ثورة 25 يناير لأن الشعب خرج واعيا معربا عن غضبه وعدم رضاه عما يحدث خلال الأربعين عاما الماضية من هدم انجازات عبد الناصر فنزلت يوم 29 يناير لأرى بنفسي هزيمة الحزب الوطني ويوم 30 يونيو ذهبت للتحرير وصرحت لوكالات الأنباء بمطالبتي لمبارك أن ينزل على مطالب الشعب الرافض لنظامه ومعناه فشل تجربته والمفروض أن يتنحى كما تنحى عبد الناصر بعد هزيمة 1967 ويترك القرار للشعب.. وكانت بداية اهتمامي بالسياسة.
الدبلوماسية الشعبية
o هل انضممت لأي حزب أو حركة سياسية ؟
لا.. إطلاقا ، ولكن أول عمل إيجابي هو مشاركتي مع وفد الدبلوماسية الشعبية الذين دعوني للسفر معهم إلى أفريقيا من أجل مياه النيل وفي أوغندا استقبلنا الرئيس يوري موسيفيني استقبالا حافلا وفوجئت أن أكبر شارع لديهم أسمه جمال عبد الناصر وأكبر محطات الكهرباء كانت هدية من مصر في الستينيات وحدثنا موسيفيني عن مساعدات مصر لبلاده، وقال:"نحن نريد العودة إلى الستينات فكان عبد الناصر كعادته معنا الغائب الحاضر وفي إثيوبيا أيضا وجدنا استقبالا جيدا و لما ذهبنا إلى كنيسة إثيوبيا قابلنا المطارنة الذين جاءوا لمصر في شبابهم مع الإمبراطور هيلاسي لاسي".
o لكنك شاركت حركة تمرد التي طالبت بانتخابات رئاسية مبكرة؟
حكم الإخوان لو استمر فستكون نهاية كل شيء بحكم عدائهم لعبد الناصر وحركاتهم الخسيسة التي وصلت إلى درجة سرقة مكتب من ضريح عبد الناصر حتى ظهرت حركة (تمرد) التي تعبر فعلا عن الشعب فالتف حولها وانضممت إليهم وقلت حتى لو فشلت فسنموت جميعا فكنت موجودا بالميدان حتى 30 يونيو حتى تخلصنا من حكم الإخوان.
o هل أيدت الرئيس السيسي لوجود أوجه تشابه بينه وبين الرئيس عبد الناصر ؟
كل زمن له رجاله والسيسي هو رجل هذه المرحلة، وأنا فعلا أحسست انه مخلص وصادق وموقفه في 3 يوليو جعله شريكا حقيقيا في الثورة لأنه غامر بحياته واستجاب لإرادة الشعب وخلع رئيس الإخوان ولولاه لكنا جميعا جيران مشانق ولهذا أرسلت له أختي الدكتورة هدى عبد الناصر رسالة عبر الصحف تشكره على تقدمه للترشح وعندما قابلناه في الذكرى السنوية للزعيم قلنا له: أنت في موقف ليس لديك رفاهية الاختيار والإجماع الشعبي هو الذي يعطي القوة فكان لابد أن نستدعيه ونؤيده بكل قوة .
في منزله الأنيق بمصر الجديدة استقبلني مرحبا بوجهه البشوش وأدبه الجم.. الذوق الراقي والألوان الدافئة أكثر ما يميز شقته الخالية من البذخ والمبالغة..اللوحات الزيتية التي تزين الحائط تتصدرها صورة مرسومة بإتقان لوالده ومثله الأعلى الزعيم جمال عبد الناصر.. وفي أحد الأركان بيانو أسود اللون في الغالب هو نفس البيانو الذي كانت تقتنيه والدته.. فوقه مجموعة من الصور العائلية تتقدمها صورة والدته السيدة تحية كاظم، وصور أخوته في مراحل مختلفة من أعمارهم مع الوالد الزعيم وصور عبد الناصر مع أشهر زعماء العالم في زمانه.
هو أصغر أبناء الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، سماه عبد الحكيم على اسم صديق عمره المشير عبد الحكيم عامر.. ولهذا ابتسم أمام سؤالي عن الاتهام المتكرر لعبد الناصر بمسئوليته عن موت المشير معلقا: لقد كان في مكانة العم بالنسبة لنا وسميت على اسمه ولكن هزيمة 1967 كانت مسئوليته كقائد للقوات المسلحة ومسئولية رئيس الجمهورية بالطبع فلماذا يتعجبون من إقدام قائد مهزوم على الانتحار خاصة أنه صعيدي ومعتز بنفسه؟.
حواري مع المهندس عبد الحكيم عبد الناصر يجمع ما بين ذكرياته العائلية والسياسة التي لا يعمل بها لكنها تشغله كمواطن وابن زعيم كبير..شارك في ثورة يناير و30 يونيو..صندوق ذكرياته يحوى الكثير لكنه حديث يثير شجونه ولهذا بدأت حواري معه بالأهداف المشتركة بين ثورة يوليو وثورة يناير:
o هناك أهدف مشتركة بين ثورة 23 يوليو الأم وثورة 25 يناير كيف وجدت هذا التشابه ؟
هي نفس أهداف ثورة يناير فثورة 1952 قامت لتحرير مصر من الاحتلال البريطاني وفي يناير أراد الشعب تحرير مصر من الهيمنة الأمريكية التي أعطاها بعض حكام مصر 99% من أوراق قضايا العرب طواعية، أما العدالة الاجتماعية فقد قامت ثورة 1952 للقضاء على مجتمع النصف بالمائة وعندما ارتفع عدد المليارديرات وازداد الفقر وانكمشت الطبقة الوسطى قام الشعب مطالبا بحقه في ثروة بلاده واستعادة كرامته الإنسانية بتطبيق القانون على الجميع بدون تمييز، واستقلال الإرادة الوطنية التي كرستها ثورة 30 يونيو بحيث لا تملي علينا أي دولة قرارات تمس سيادتنا بعد أن اكتشفنا أن مبارك كان كنزا استراتيجيا للعدو الصهيوني ولكننا شعب يستجيب للتحديات بدليل عندما حاصر الاستعمار مصر بأكبر أساطيل العالم فتحديناهم وبنينا أكبر مشروع وهو السد العالي وبنينا أكبر قلعة صناعية وأدخلنا صناعات ثقيلة مثل الحديد والصلب والألمونيوم والمراجل البخارية والمنسوجات وحققنا نسب نمو اقتصادي غير مسبوقة ولولا هذا لما استطعنا اجتياز الهزيمة العسكرية في 1967 ثم بدأت حرب الاستنزاف التي كانت مقدمة لانتصار 1973.
حملات التشويه
o ما سبب حملة التشويه التي تعرض لها الزعيم جمال عبد الناصر بعد وفاته ؟
كانت حملة مدروسة قادها أعدائه وعلى رأسهم الصهيونية العالمية والامبريالية والبلاد العربية الرجعية التي رأت أن مشروعاته ضد مصالحها ولكن الشعب المصري في ثورة 25 يناير و30 يونيو أنصف جمال عبد الناصر أمام محاولات تزوير تاريخه ورفعوا صوره بعد أكثر من أربعين عاما من وفاته والغريب أن أكثرهم كانوا من الشباب الذين ولدوا بعد وفاته وهذا دليل على أن المبادئ لا تموت.
o لماذا تشعر بأن عيد الفلاح مناسبة هامة؟
عيد الفلاح 9 سبتمبر كان مناسبة فارقة في تاريخ مصر هو يوم صدور قانون الإصلاح الزراعي واعتبره يوم عيد ثورة 23 يوليو فالتطبيق الرئيسي هو الإصلاح الزراعي الذي جعل الانجليز يعترفون انه ليس انقلابا ولكنها ثورة لأنها بدأت تحقق أهدافها على الأرض وأظهرت انحيازها للفقراء والمهمشين، وكانت المرة الأولى التي يتملك فيها الفلاح أرضه .
o وكم فلاحا استفاد من قوانين الإصلاح الزراعي ؟
في القانون الأول تم توزيع حوالي مليون فدان استفاد من مليون إلى مليون ونصف مليون فلاح وكل المساحات المستصلحة وزعت بنفس الطريقة وكذلك مشروع مديرية التحرير وفي مقابل ملايين المستفيدين نجد أن عدد المصريين الذين تأثروا من قوانين الإصلاح الزراعي عندما قلت ملكياتهم الزراعية من ألاف الأفدنة إلى 200 فدان كانوا حوالي 350 شخص فقط ومجموع من تأثروا بالقرارات الاشتراكية في مصر 7500 شخص في عام 1961 وكان تعداد مصر 29 مليون نسمة.
o وما هي أهم ايجابيات فترة حكم الزعيم جمال عبد الناصر ؟
الفترة من 1952 إلى 1970 لو لم تكن ايجابياتها أعلى من سلبياتها بالنسبة للأغلبية العظمى من الشعب لما كانوا رفعوا صورته أثناء ثورة يناير و30 يونيو، ولما كان جمال عبد الناصر قد أصبح أيقونة الثورة ضد الأخوان المسلمين، فهم الأعداء التقليديون لجمال عبد الناصر وهذا ما يثبته التاريخ لأن ما يميز الإنسان عن باقي الكائنات أنه كائن له تاريخ.
o وصل الإخوان إلى الحكم بعد الثورة مستعطفين الناس لأنهم ظلموا وسجنوا بعد محاولة اغتيال عبد الناصر في المنشية فوجدنا من يلومه على سجنهم حتى ظهرت حقيقتهم فيما بعد ؟
كل تصرفات الرئيس عبد الناصر مع الإخوان المسلمين كانت رد فعل وأثبتت الأيام أن كل ما قاله عنهم صحيحا بل بالعكس لقد كان طويل البال معهم وما يقومون به هذه الأيام هو ما حاولوا القيام به منذ عام 1953 من الفوضى والحرائق لدرجة أن الرئيس عبد الناصر وجه حديثه للإخوان في احد خطاباته قائلا: (لا تتصوروا أن ثورتنا البيضاء نوع من الضعف لأننا يمكن أن نحولها إلى ثورة حمراء) فهم تنظيم دولي هدفهم الاستيلاء على كرسي الحكم لتنفيذ مخطط من خارج مصر والحمد لله أن شعبنا استطاع أن يفسد مخططهم ورغم أن الثورة كانت ذراعيها مفتوحتين لهم كفصيل ولكن في أول وزارة شكلتها ثورة 1952 كان فيها بعض الوزراء من الإخوان رفضت قيادتهم وفصلتهم ومنهم حسن الباقوري وأصروا على موافقة الجماعة مسبقا قبل تعيين أي من أعضائها وهذا ما رفضه الرئيس، وقال إننا نرحب بالمشاركة ونرفض الوصاية وبدأ الصدام وعملوا ضده أثناء المقاومة ضد الانجليز عن طريق اتصالاتهم السرية معهم كما عملوا ضد اتفاقية الجلاء ثم حاولوا اغتياله عام 1954 بعد أيام من توقيع اتفاقية الجلاء وحتى من استطاع منهم الهرب للخارج استمرت اتصالاتهم بالانجليز وقت عدوان 1956 وفي عام 1964 بعد انتهاء الخطة الخمسية وتحويل مجرى النيل وبدء المردود الثوري قال عبد الناصر سنبدأ صفحة جديدة وأخرجهم من السجون وعلى رأسهم سيد قطب وعادوا إلى وظائفهم بنفس أقدميتهم لكنهم أنشئوا التنظيم المسلح وكانت خطتهم اغتيال الرئيس والوزراء والنواب وتفجير المسارح وتفجير القناطر الخيرية حتى تغرق الدلتا وتفجير المفاعل النووي في أنشاص ليسبب كارثة بيئية وتم ضبطهم، ولكن في الثمانينات والتسعينات وجدناهم يتحدثون عن السجون والمعتقلات رغم أنهم حوكموا طبقا للقانون والآن يقتلون الناس الأبرياء في الشوارع بدم بارد ويخربون منشآتنا فهي حرب على الإرهاب ولكننا انتصرنا فيها ولو بقيت بعض التوابع فسوف ننتصر عليها أيضا.
مؤامرة 1967
o نكسة 1967 تحمل المسئولية الأولى عنها الزعيم جمال عبد الناصر كيف رأيتها من خلال معلوماتك عن تلك الفترة؟
هزيمة 1967 هي مؤامرة بكل ما تعنيه الكلمة من معاني بهدف ضرب النظام الصاعد الذي جمع حوله كل أحرار العالم وحرر مصر من التبعية وخاض معركته ضد الفقر والجهل والمرض ولهذا كان رد فعل الشعب مثل 30 يونيو وهو خروج الناس في 9 و 10 يونيو ليعترضوا على قرار التنحي وهو بالتأكيد يتحمل المسئولية الأولى باعتباره أكبر مسئول في الدولة و بكل شجاعة ورجولة تحمل المسئولية وتنحى عن الحكم ولكن الشعب الواعي خرج بشكل عفوي في مصر و ليبيا وتونس ولبنان والسعودية لأن جمال عبد الناصر الذي خرج من طينة هذا البلد وعاش أمالها وآلامها استطاع أن يصيغ آمال الغالبية العظمى من المصريين في مشروع قومي فتحولت الهزيمة إلى خسارة معركة ولم نخسر إرادتنا وتم تعيين قيادات عسكرية جديدة ومحترفة وكانت معركة رأس العش حتى وقف إطلاق النار عام 1970 التي استغلها الجيش لتحريك حائط الصواريخ مما مهد لانتصار 1973.
o وهل أثرت هزيمة 1967 على تنفيذ المشروعات الكبرى بالداخل ؟
بالعكس استمرت حركة التصنيع وأنشئنا مجمع ألومونيوم نجع حمادي وهو من أكبر قلاع هذا الصناعة وتم الانتهاء من السد العالي في موعده وحققنا شعار يد تبني ويد تحمل السلاح ومن تجاربنا تعلمنا أننا عندما نلقي السلاح نلقي معه الفأس أيضا وهذا ما حدث خلال الأربعين عاما الماضية.
o ترددت أقاويل عن ضلوع المخابرات الإسرائيلية والأمريكية في وفاة الزعيم جمال عبد الناصر بأساليبهم الخاصة؟
من خلال الوثائق الرسمية التي تم الإفراج عنها في الولايات المتحدة الأمريكية وجدت أوامر أمريكية بضرورة اغتياله للقضاء على المشروع العربي، مما يجعل احتمال الاغتيال شيء وارد خاصة أن توقيت وفاته من الصعب أن يكون قدريا ففي مذكرات هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق مناقشة مجلس الأمن القومي حول اتفاقية روجرز ووقف إطلاق النار تساءل أحد الحاضرين كيف ستمر هذه الفترة دون حل المشكلة خاصة أن قوة عبد الناصر سوف تزداد فرد آخر ربما بعد 90 يوما يكون المسرح السياسي العربي قد تغير - وقد كان- ففي 5 نوفمبر مع انتهاء وقف إطلاق النار كانت الذكرى الأربعين لوفاة الزعيم ! أما قصة المدلك الذي استخدم زيتا ساما ليتشربه جلد الرئيس فهي قصة غير صحيحة فقد كنت في المرحلة الثانوية وقت وفاته ولم يكن هناك غرباء يدخلون بيتنا ولكن هناك دائما احتمال أن تستخدم المخابرات أساليب متطورة لتسبب أعراضا تشبه الأزمة القلبية أو تخلق ظروفا ضاغطة عصبيا على الرئيس خلال مرضه ليصل إلى مرحلة الأزمة وقد تحمل الكثير ليعالج أزمة "أيلول الأسود" وأنا واثق أن الحقيقة سوف تظهر فيما بعد فنابليون اكتشفوا بعد 150 سنة أنه مات مسموما.
o علقت : وتوت عنخ أمون وجدوا جمجمته مكسورة بعد ألاف السنين ، ولكن احكي لي عن اليوم الحزين يوم وفاة الوالد الزعيم جمال عبد الناصر ؟
كنا في بداية العام الدراسي وانصرفنا من المدرسة مبكرا وعدت للبيت وكان يرتدي ثيابه ليذهب لوداع أمير الكويت وكان في كامل صحته وضحك معي ونصحني بالاهتمام بالمذاكرة لأني في الثانوية العامة وكلية الهندسة التي أريد الالتحاق بها تحتاج مجموعا كبيرا ، وخرج وعاد متعبا وحاول الأطباء إنقاذه ولكنهم لم ينجحوا وقضاء الله نفذ.. ثم دمعت عيناه واختنق صوته ثم غير الموضوع .
علامات استفهام
o لماذا ترى أن وفاة عبد الناصر في هذا الوقت عليها الكثير من علامات الاستفهام ؟
لأننا رأينا تبعات اختفائه وما حدث بعد انتصار أكتوبر العظيم من تفرق العرب وقرارات الانفتاح ، هناك خطاب لعبد الناصر في 24 ابريل في جامعة القاهرة بعد أحداث الطلبة وقبل الاستفتاء على بيان 30 مارس قال فيه لو أن المشكلة سيناء فقط فمن السهل أن تعود فصفقت القاعة فنظر إليهم في استياء شديد، وقال:" كنت أتصور أن المثقفين يفكرون ولا ينفعلون فلابد من تنازلات من جانبنا وهي قبول شروط أمريكا وإسرائيل والتخلي عن موقفنا العربي وإعطاء إسرائيل اليد الطولى في القدس والدول العربية والسماح لهم بتنفيذ مخططهم من النيل إلى الفرات والسماح لهم بعبور قناة السويس.. لكن المسألة هي مصير الأمة العربية واستعار تعبير شكسبير (نكون أو لا نكون) وفي خطاب آخر في عيد الثورة عام 1968 قال :((إن إسرائيل لن تترك سيناء لأنها تعلم أن الاحتلال شيء ثقيل على كل مصري وسيخلق حالة من الغضب الشعبي ويؤدي إلى زعزعة الجبهة الداخلية وستظل إسرائيل موجودة حتى يأتي نظام يقبل بعقد اتفاق صلح معها )وهو ما حدث فيما بعد.
o ولكن اتفاقية السلام أعادت سيناء إلى مصر بعد احتلال دام 6 سنوات ؟
في رأييّ إن سيناء لم تعد إلى مصر إلا في العام الماضي فقط بعد أن فرض جيشنا العظيم سيطرته عليها بالكامل ، ولم تعد هناك مناطق ( أ و ب وج ) التي كانت محددة بعدد معين من الجنود والسلاح ورغم العمليات الإرهابية الخسيسة التي تقع بين فترة وأخرى ضد رجال الجيش والشرطة والشعب لكنها في طريقها للزوال.
o وكيف شعرت أسرة الزعيم عبد الناصر أمام الاتهامات التي وجهت له انه مسئول عن وفاة عبد الحكيم عامر؟
ابتسم ..وكأنه كان يتوقع السؤال وأجاب: كان قائدا للقوات المسلحة وقت كارثة الهزيمة والرئيس عبد الناصر مسئول أيضا باعتباره رئيس الجمهورية ونحن كأبناء عبد الناصر كان المشير بالنسبة لنا أكثر من عم ولهذا سماني أبي عبد الحكيم على اسمه ولكن لماذا يستغرب الناس أن قائدا عسكريا ينتحر لأنه مسئول عن هزيمة بلده واحتلال جزء من أراضيها ؟ فقد كان كصعيدي يتمتع بالكبرياء وعزة النفس !.
o أعربت عن عدم رضائك عن مسلسل "صديق العمر" الذي يناقش علاقة الرئيس عبد الناصر والمشير فلماذا ؟
هو مسلسل يوحي بسوء النية، ومحاولة لتشويه شخصية عبد الناصر وهناك كثيرون مجرد ذكر اسم عبد الناصر يمثل لهم قلقا على مصالحهم ولم أتعجب عندما علمت بهوية الشركة المنتجة للمسلسل ولكنها كسابقاتها سيكون مصيرها الفشل، طبعا جمال سليمان ممثل قدير ولكن لهجته وصوته كانت غريبة كما انه مقيد بسيناريو وحوار ليس مسئولا عنهما لهذا اعتبره مشوها للوالد وللمشير أيضا نظرا للطريقة التي ظهر بها المسلسل فمسيرة علاقتهما بها الكثير من الايجابيات ولكن الأحداث تبدأ بالهزيمة ثم فلاش باك على الأحداث وهكذا عدة مرات والتركيز على المشاكل مثل الوحدة بين مصر وسوريا وحرب اليمن فهو يتصيد سلبيات مسيرة عبد الناصر ولو كان حكمه سلبيا فلماذا خرجت الناس في 9 و 10 يونيو ؟ وجنازته التي تعتبر أكبر جنازة في تاريخ البشرية ولكن الشعب عندما تظاهر ضد الفساد وطلبا للحرية والعدالة والكرامة الإنسانية في ثورة يناير و30 يونيو رفع صور جمال عبد الناصر.
o مجال عملك الأساسي هو الهندسة فهل اهتمامك بالسياسة راجع لكونك ابن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر؟
الهندسة مجال عملي لكن كل من يقابلني يكلمني في السياسة بحكم اسمي وتشرفي بانتمائي للزعيم عبد الناصر وكنت في المرحلة الثانوية عند وفاته لكني اكتسبت معلوماتي السياسية بالقراءة ومن أحاديث من شاركوا أبي في الحكم ولكني بدأت أتفاعل سياسيا منذ بداية ثورة 25 يناير لأن الشعب خرج واعيا معربا عن غضبه وعدم رضاه عما يحدث خلال الأربعين عاما الماضية من هدم انجازات عبد الناصر فنزلت يوم 29 يناير لأرى بنفسي هزيمة الحزب الوطني ويوم 30 يونيو ذهبت للتحرير وصرحت لوكالات الأنباء بمطالبتي لمبارك أن ينزل على مطالب الشعب الرافض لنظامه ومعناه فشل تجربته والمفروض أن يتنحى كما تنحى عبد الناصر بعد هزيمة 1967 ويترك القرار للشعب.. وكانت بداية اهتمامي بالسياسة.
الدبلوماسية الشعبية
o هل انضممت لأي حزب أو حركة سياسية ؟
لا.. إطلاقا ، ولكن أول عمل إيجابي هو مشاركتي مع وفد الدبلوماسية الشعبية الذين دعوني للسفر معهم إلى أفريقيا من أجل مياه النيل وفي أوغندا استقبلنا الرئيس يوري موسيفيني استقبالا حافلا وفوجئت أن أكبر شارع لديهم أسمه جمال عبد الناصر وأكبر محطات الكهرباء كانت هدية من مصر في الستينيات وحدثنا موسيفيني عن مساعدات مصر لبلاده، وقال:"نحن نريد العودة إلى الستينات فكان عبد الناصر كعادته معنا الغائب الحاضر وفي إثيوبيا أيضا وجدنا استقبالا جيدا و لما ذهبنا إلى كنيسة إثيوبيا قابلنا المطارنة الذين جاءوا لمصر في شبابهم مع الإمبراطور هيلاسي لاسي".
o لكنك شاركت حركة تمرد التي طالبت بانتخابات رئاسية مبكرة؟
حكم الإخوان لو استمر فستكون نهاية كل شيء بحكم عدائهم لعبد الناصر وحركاتهم الخسيسة التي وصلت إلى درجة سرقة مكتب من ضريح عبد الناصر حتى ظهرت حركة (تمرد) التي تعبر فعلا عن الشعب فالتف حولها وانضممت إليهم وقلت حتى لو فشلت فسنموت جميعا فكنت موجودا بالميدان حتى 30 يونيو حتى تخلصنا من حكم الإخوان.
o هل أيدت الرئيس السيسي لوجود أوجه تشابه بينه وبين الرئيس عبد الناصر ؟
كل زمن له رجاله والسيسي هو رجل هذه المرحلة، وأنا فعلا أحسست انه مخلص وصادق وموقفه في 3 يوليو جعله شريكا حقيقيا في الثورة لأنه غامر بحياته واستجاب لإرادة الشعب وخلع رئيس الإخوان ولولاه لكنا جميعا جيران مشانق ولهذا أرسلت له أختي الدكتورة هدى عبد الناصر رسالة عبر الصحف تشكره على تقدمه للترشح وعندما قابلناه في الذكرى السنوية للزعيم قلنا له: أنت في موقف ليس لديك رفاهية الاختيار والإجماع الشعبي هو الذي يعطي القوة فكان لابد أن نستدعيه ونؤيده بكل قوة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.