عرف بانضباطه العسكري وإرادته القوية في اتخاذ القرارات، أنه المشير عبد الحليم أبو غزالة القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي منذ عام 1981 حتى 1989. استطاع المشير أبو غزالة بفكره المتقدم أن ينشئ مشروعات الخدمة الوطنية ومصانع الإنتاج الحربي وإدخال أحدث أنظمة التدريب والتطوير داخل القوات المسلحة بما يرفع من مستوى مهارة الجيش وقدرته القتالية. ولد محمد عبد الحليم أبو غزالة في 15 يناير 1930 في قرية زهور الأمراء مركز الدلنجات محافظة البحيرة، تخرج في الكلية الحربية عام 1949 دفعة الرئيس السابق حسني مبارك، والتحق أبو غزالة بسلاح المدفعية. شارك في كل الحروب المعاصرة مع إسرائيل، شارك في حرب 1948 وهو طالب بالكلية الحربية، كما شارك في ثورة 23 يوليو 1952، وأيضا في حرب 56 ثم حرب الاستنزاف ثم حرب أكتوبر 1973 الذي كان وقتها قائدًا للمدفعية بالجيش الثاني التي زلزلت حصون العدو مع القوات الجوية تمهيدا لعبور القوات إلى الجبهة الشرقية. اختير المشير أبو غزالة ملحقا عسكريا للولايات المتحدة عام 1978، وأثناء عمله حصل على دبلوم الشرف من كلية الحرب الأمريكية "كارلايل" ليكون كأول شخص غير أمريكي يحصل عليها وعاد إلى مصر، وعين مديرًا لإدارة المخابرات الحربية والاستطلاع عام 1979 حتى عين رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة عام 1980 ثم وزيرا للدفاع عام 1981 وترقى إلى رتبة مشير عام 1982. التحق بمعهد المدفعية والهندسة في مدينة "بينزا" ثم التحق بأكاديمية ستالين بالاتحاد السوفيتي وحصل على إجازة القادة لتشكيلات المدفعية "دكتوراه" عام 1961، كما تخرج في أكاديمية ناصر العسكرية العليا، وحصل على درجة بكالويوس التجارة، وماجستير إدارة الأعمال من جامعة القاهرة. وضع اسمه بكشف المعاشات، عندما انتقد هزيمة 67 وأخذ يوضح أسباب الهزيمة أمام كل من يزور الجبهة غرب القناة من أعضاء مجلس الشعب والكتاب والصحفيين، وتم وضع اسمه للخروج بالمعاش عام 1969، وعندما عرض الفريق محمد فوزي وزير الحربية، النشرة على الرئيس جمال عبد الناصر شطب اسمه، وقال لمحمد فوزي أنا أعرف هذا الضابط وأعلم ما يقوله عني وعن المشير عامر وعنك، ولكنني لن أحيله للمعاش لأنه من الضباط القلائل الذين يقولون الصدق. وظل حلم أبو غزالة أن يكون الجيش المصري من أكبر الجيوش العالمية من حيث التجهيز والتكنولوجيا، وكان يؤمن بضرورة تصنيع السلاح محليًا حتى لا يواجه العنجهية من الدول المصدرة للسلاح ومنذ بداية توليه منصب رئيس أركان القوات المسلحة شرع في إعادة بناء القوات المسلحة بأحدث الأسلحة والمعدات، ولعل صفقة الدبابة "الإبرامز" خير دليل على الاستعانة بأحدث الأسلحة الموجودة في العالم الصفقة التي راوغ بها الأمريكان عندما أقيمت مناقصة دولية لإدخال دبابة قتالية عالية التكنولوجيا إلى الجيش المصري، فرفضت أمريكا دخول المناقصة حتى لا تمتلك مصر تلك الدبابة وتتفوق على إسرائيل، وظنت أمريكا أن دول أوربا لن يساعدوا مصر في الحصول على الصفقة ولكن حدث العكس تسابقت الدول إلى الفوز بالمناقصة ومنها بريطانيا ودبابتها "تشالينجر"، فقررت أمريكا عرض الدبابة "الإبرامز" على مصر بنسبة إنتاج ومكون محلي محدود يزداد كلما تجدد التعاقد، فوافقت مصر ودخلت "الإبرامز" العالمية إلى صفوف السلاح بالجيش المصري. كما أسس برنامجا سريا لصناعة الصواريخ الباليستية بالتعاون مع الأرجنتين وبدعم عراقي لمشروع برنامج صاروخ بدر 2000 "كوندور 2"، إلا أن المخابرات الأمريكية اكتشفت تهريب أجزاء تستخدم في صناعة الصواريخ من أمريكا خلافًا لقوانين حظر التصدير، وحاول الحصول على برامج تكنولوجيا الصواريخ الأمريكية بطريقة غير شرعية. وفي عام 1988، ألقت السلطات الأمريكية بكاليفورنيا القبض على عالم الصواريخ الأمريكي المصري عميد أ.ح عبد القادر حلمي، بتهمة تجنيده من قِبل المشير عبد الحليم أبو غزالة للحصول على مواد هندسية محظورة لبرنامج الصواريخ المصري بدر 2000، وتحميل الكربون على متن طائرة عسكرية متجهة للقاهرة، التي حوكم بسببها حلمي بالسجن لمدة 46 شهرا وغرامة مالية ومصادرة أمواله.. وأحيل على إثرها المشير أبو غزالة إلى المعاش عندما طلب بوش الأب ذلك من مبارك. وقال رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق اللواء نصر سالم إن المشير أبو غزالة أول من فكر في إنشاء جهاز الخدمة الوطنية في القوات المسلحة وأنشأ مصانع المواد الغذائية لعمل الاكتفاء الذاتي للجيش والفائض يتم بيعه للجمهور بأسعار مخفضة، ومن أفكاره أيضا تجنيد الشباب الذين يزيد عددهم على احتياجات القوات المسلحة في مشروعات الخدمة الوطنية للتخفيف من حجم البطالة، وأيضا لتعليم هؤلاء الشباب حرفة يستطيعون ممارستها بعد خروجهم من الخدمة العسكرية. وأضاف سالم: أبو غزالة أيضا صاحب فكرة إسكان الضباط فأنشأ العديد من المدن السكنية لخدمة الضباط وضباط الصف بالقوات المسلحة التي حذا حذوها باقي النقابات والهيئات مما قلل من حجم المضاربة في سوق العقارات. وقال رئيس هيئة العمليات الأسبق اللواء عبد المنعم سعيد: "إن المشير أبو غزالة أنشأ مشروع الخدمة الوطنية بعد أن رفضت فرنسا إعطاء مصر بعض الطائرات إلا بعد سداد أموال كثيرة لم تستطع مصر سدادها في هذا الوقت فقام بإنشاء الجهاز لتوفير بعض المنتجات الزراعية وتصديرها لفرنسا مقابل الطائرات، وبعد ذلك أنشأ المخابز لخدمة المواطنين". وأوضح أنه فتح مستشفيات القوات المسلحة لمعالجة المدنيين، كما أنشئ في عهده بعض مصانع الإنتاج الحربي مثل مصنع 200 الحربي لإنتاج الدبابات ومصنع 99، وأنشئت الهيئة العربية للتصنيع في أعقاب الحرب العراقية الإيرانية والحرب بين روسيا وأفغانستان؛ حيث ازدهرت الصناعات الحربية المصرية وتصديرها للدول العربية والأفريقية. وعن الأوسمة والنياشين والأنواط التي حصل عليها وسام التحرير عام 1952 – وسام ذكرى قيام الجمهورية العربية المتحدة - وسام نجمة الشرف عام 1974 - وسام الجمهورية من الطبقة الأولى في نفس العام – قلادة النيل عام 1989- نوط الجلاء 1955- نوط الاستقلال 1956 – نوط النصر 1957- نوط التدريب من الطبقة الأولى 1971- نوط الخدمة والمهارة عام 1979. توفي المشير أبو غزالة بعد حرب مع مرض سرطان الحنجرة يوم السادس من سبتمبر 2008، عن عمر يناهز 78، وتم تشييع جنازته من مسجد آل رشدان.. وتقدم الجنازة العسكرية الرئيس الأسبق مبارك وكبار المسئولين حينذاك. يذكر أن المشير أبو غزالة كانت أمامه أكثر من فرصة للوصول للرئاسة، منها أنه بعد انتشار الجيش وسيطرته على الأوضاع في سائر أنحاء مصر بعد أحداث الأمن المركزي عام 1986، ذهب إليه 4 من الوزراء وطلبوا منه أن يخلع الرئيس حسنى مبارك، وينصب نفسه رئيسا للبلاد. أبو غزالة هو الذي تقدم باستقالته، وكانت المرة الثالثة التي يقدم استقالته، وأن الاستقالة كانت خطية وتتكون من 5 ورقات، وكانت استقالة قوية للغاية، تضمنت اعتراضه على الكثير من الأمور التي تجرى، كالأوضاع الاقتصادية وسيطرة الحزب الوطني، وغياب الديمقراطية، لدرجة أن رئيس الوزراء آنذاك عاطف صدقي، عندما قرأها أصابه الهلع، وأرسلها للرئاسة، والتي حاولت إقناعه بالتراجع عن قرار الاستقالة، وعرضت الرئاسة عليه منصب مساعد الرئيس فوافق فضلا عن قيام مبارك بالاتصال به قبل انتخابات 2005، وسأله هل سيخوض الانتخابات، فأعلن له أبو غزالة أنه لن يفعل ذلك، رغم أن جماعة الإخوان أرسلت له رسائل تطالبه بالترشح للرئاسة وبأن الجماعة ستدعمه بقوة فرفض.