أبرزها خفض سعر الفائدة.. متحدث الحكومة: انخفاض معدل التضخم يمهد لنتائج إيجابية على الاقتصاد    حملة مكبرة لإزالة مخالفات البناء في مدينة دمياط الجديدة    شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على شقة سكنية وسط رفح    إصابة فلسطينيين برصاص الاحتلال في الضفة الغربية    بدون تريزيجيه| طرابزون سبور يفوز على باشاك شهير بالدوري التركي    رحلة من العطاء.. بريميرليج يودع محمد النني (فيديو)    نوران جوهر بطلة العالم للإسكواش للمرة الأولى في تاريخها    منتخب مصر للساق الواحدة يتعادل مع نيجيريا في افتتاح بطولة أمم إفريقيا    فيديو.. الأرصاد: الموجة شديدة الحرارة مستمرة حتى نهاية الأسبوع    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث مروري بالوادي الجديد    عمرو دوارة: فتحية العسال ابنة الحارة الشعبية وصاحبة الأعمال الإنسانية    أدعية مستحبة خلال مناسك الحج.. تعرف عليها    مدير «القاهرة للدراسات الاقتصادية»: الدولة تسعى لزيادة تمكين القطاع الخاص    أسعار سيارات شانجان 2024 في مصر.. الأسعار والمواصفات والمزايا (التفاصيل كاملة)    " كاد ماسترز" تستعرض تفعيل الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياءفي التشييد والبناء    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    خسر نصف البطولات.. الترجي يخوض نهائي دوري الأبطال بدون مدرب تونسي لأول مرة    مهاجم الترجي السابق يوضح ل "مصراوي" نقاط قوة وضعف الأهلي    صدمة جديدة ل تشواميني بسبب إصابته مع ريال مدريد    وزير الأوقاف يوجه الشكر للرئيس السيسي لاهتمامه بعمارة بيوت الله    حزب «الجيل الديمقراطي»: مصر سخرت كل جهودها لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني    تعديل مواعيد مترو الأنفاق.. بسبب مباراة الزمالك ونهضة بركان    الدفاع الروسية: خسائر الجيش الأوكراني خلال 24 ساعة 1725 جنديا    بينى جانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف إذا لم يلب نتنياهو التوقعات    أشرف زكي ومنير مكرم في عزاء زوجة أحمد عدوية    الأورومتوسطي: وفاة عشرات الجرحى والمرضى جراء إغلاق إسرائيل معبر رفح    موعد عيد الأضحى ووقفة عرفات 2024 في مصر.. ومواعيد الإجازات الرسمية يونيو 2024    رئيس «الرقابة الصحية»: التمريض المصري يتميز بالكفاءة والتفاني في العمل    نموذج إجابة امتحان اللغة العربية للصف الثالث الإعدادي محافظة الجيزة    منها تعديل الزي.. إجراءات وزارة الصحة لتحسين الصورة الذهنية عن التمريض    في عيد ميلاد الزعيم.. المكلف باغتيال عادل إمام يروي كواليس مخطط الجماعة الإرهابية    التليفزيون هذا المساء.. إلهام شاهين: عادل إمام حالة خاصة وله فضل فى وجودي الفني    إطلاق أول صندوق للطوارئ للمصريين بالخارج قريبًا    نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يتفقد مشروعات العلمين الجديدة    من بينهم أجنبى.. التحقيقات مع تشكيل عصابى بحلوان: أوهموا ضحايهم بتغير العملة بثمن أقل    الدواء المصرى الأقل سعرا عالميا والأكثر تطبيقا لمعايير التصنيع الجيد    وزير التعليم ومحافظ بورسعيد يعقدان اجتماعا مع القيادات التعليمية بالمحافظة    19 صورة لاكتشاف نهر بجوار الهرم الأكبر.. كيف بنى المصريون القدماء حضارتهم    «الأوقاف» تفتتح 10 مساجد بعد تجديدها الجمعة المقبلة    مذكرة قواعد اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي 2024.. لا يخرج عنها الامتحان    حصاد تريزيجيه مع طرابزون قبل مواجهة إسطنبول باشاك شهير فى الدوري التركي    كوكا يقود تشكيل ألانيا أمام سامسون سبور في الدوري التركي    برج الثور.. حظك اليوم السبت 18 مايو: عبر عن أفكارك    العلاج على نفقة الدولة.. صحة دمياط تقدم الدعم الطبي ل 1797 مواطن    معلومات عن متحور كورونا الجديد FLiRT .. انتشر أواخر الربيع فما أعراضه؟    حبس المتهم بسرقة مبالغ مالية من داخل مسكن في الشيخ زايد    هل مواقيت الحج والعمرة ثابتة بالنص أم بالاجتهاد؟ فتوى البحوث الإسلامية تجيب    حزب الله يعلن استهداف تجمعا لجنود الاحتلال بثكنة راميم    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    «الصحة»: وضع خطط عادلة لتوزيع المُكلفين الجدد من الهيئات التمريضية    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مغامرة صحفية نكشف :" سايس السيارات " ..إمبراطورية بلطجة في شوارع القاهرة

علي أصوات أبواق السيارات التي يبحث أصحابها عن مكان للركن..وضوء الشمس الذي يتلألأ بين منطقة وأخري..يقف "سياس السيارات " في مناطق مختلفة . منهم من يضع قطعة نحاسية علي صدره بما يوحي انه يحمل ترخيصا بذلك ومنهم من يرتدي زيا بنيا وكأنه الزي الرسمي للسايس .
بعضهم يحمل صفارة لإرشاد السائقين الباحثين عن مكان لسياراتهم والبعض الأخر يكتفي بالإشارة بيديه والوقوف بجسمه الضخم المخيف. الكل يبحث عنه في ظل ندرة مواقف السيارات خاصة في وسط المدن الكبري وعلي رأسها القاهرة . يفرضون شروطهم علي أصحاب السيارات ويضعون التسعيرة التي يريدونها وفقا لنظرتهم للشخص ونوع السيارة والدفع مقدما !!
المهنة سايس سيارات والنهج بلطجة غالبا، في ظل غياب تام للأجهزة الرسمية التي لم تكلف نفسها عناء تنظيم هذه المهنة وتقنينها أو استغلال شوارع المدن من خلال شركات متخصصة وتحقيق عائد كبير يمكن استغلاله في تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين .
خلف ستار البحث عن لقمة العيش ..انتشرت مملكة ساسة السيارات في الشارع المصري.. " تعالي يا باشا أركن هنا " كلمه يسمعها كل من يقود سيارته ..سببت استياء للكثيرين ..فمع كل اشراقة جديدة يستيقظ رب البيت قاصدا عمله الذي لا يتوافر به جراج خاص.
ابتسامة تحمل بين طياتها علامات الخبث والمكر وقلة الحيلة يستقبل بها السائس صاحب السيارة أمام مقر عمله أثناء ركن سيارته ويصرخ بأعلي صوت " ب 5 جنيه الركنة يا باشا " يضع قائد السيارة يده مرغما في جيبه ولا يجد مفرا من دفع الاتاوة المقررة لركن السيارة فالرفض لا يفيد مع السايس لان النتيجة معروفة .. خناقة وبهدلة أو إلحاق الضرر بالسيارة التي "دفع فيها دم قلبه " وربما تعرضها للسرقة والنهب وأحيانا التدمير.
فرض أعضاء مملكة ساسة السيارات قوانينهم ورضخ الكل لها.وسط فرجة الحكومة . وباتت مدخلا للكسب السريع وملاذا للبلطجية وأصحاب السوابق الذين يستخدمون عضلاتهم في فرض شروطهم علي قائدي السيارات .
.قررنا القيام بمغامرة صحفية لكشف أسرار مهنة سايس السيارات وما يقوم به أعضاء هذه المملكة للاستيلاء علي شوارع العاصمة والأرض الفضاء بها وتحويلها إلي جراجات يحققون من ورائها مبالغ طائلة بعيدا عن أعين الدولة وأجهزتها الرسمية .
خرجنا من مقر مؤسسة " أخبار اليوم " بعد أن اعددنا الملابس والأدوات اللازمة للمهمة في اتجاه منطقة وسط البلد وأمام أحد الجراجات العشوائية استقر الأمر بيننا علي أن نبدأ مهمتنا كساسة سيارات من هنا وبالفعل بدأنا المهمة بتنظيم حركة ركن السيارات بعد أن حددنا التسعيرة ب 3 جنيهات لكل سيارة وقمنا بإيقاف السيارات مصطفة بجانب بعضها البعض حاملين في أيدينا «الفوطه الزفره والصفاره» حتي لا يشك فينا احد.
وبعد مرور ما يقرب من حوالي ساعة ونصف اكتشفنا أننا جمعنا أكثر من 80 جنيه .. أصابنا الاستغراب والدهشة ودخلنا في مناقشه فيما بيننا بأننا لو جلسنا في هذه المنطقة لمدة شهر كامل سيصبح دخلنا ما يقرب من 2600 جنيه ..ثم عدنا نذكر أنفسنا أننا في مهمة صحفية لكن سؤالا فرض نفسه علينا إذا كان مكسب سايس السيارات بهذا الشكل فلماذا يبحث هؤلاء عن عمل أخر !..هو يكسب مالا كثيرا في اقصر وقت وبأقل جهد ممكن..وبسبب حرارة الشمس الحارقة جلسنا أسفل كوبري 6 أكتوبر لأخذ قسط من الراحة .
وبعد أن انتهت رحلتنا بهذا الجراج العشوائي ظننا أن الأمر بهذا اليسر والسهولة ..انتقلنا إلي منطقه أخري وهي أحد الشوارع الرئيسية المتفرعة من شارع الجلاء وقفنا بها لمده تجاوزت ال3ساعات قمنا خلالها بتنظيف الشارع من الطوب والحجارة لإفساح الطريق أمام السيارات الراغبة في الركن.
وعلي بعد 5 أمتار سمعنا أحد أصحاب السيارات ينادي بأعلي صوت له :»فين السايس اللي هنا»هرولت نحوه وفوجئت به يسألني:»العربية مش نضيفه ليه» في نظرات عتاب شديدة لعدم تنظيف سيارته علي الرغم أنه قام بدفع 5 جنيهات أثنا ء ركنها.. كما يزعم ..فجاوبته :»يا باشا أنا أول مره أشوفك»..وبسرعة شديدة قمت بمسح سيارته باستخدام فوطه صفراء اللون..فأخرج 5 جنيهات أخري وأعطاها لي وهوي قول «أمسح كويس..حرام عليكوا» ثم ذهب حيث كان يريد.
وطيلة ال 180 دقيقه التي قضيناها جمعنا ما يقرب من 150 جنيها بما يعادل 1050 جنيها أسبوعيا و4200 شهريا.. أسلوب سهل يحمل بين ثناياه فرض سياسة الأمر الواقع علي المواطن الذي تم وضعه يا الدفع يا البلطجة.
ومن أمام محطة مترو الإسعاف استطعنا أن نكسب اكثر من 60 جنيها في ساعات قليله «الزباين كتيير» ولكن ..» محدش بياكولها بالساهل» ..فوجئنا ب5 أشخاص علي وجههم ملامح قسوة الحياة والغضب الشديد وحالاتهم لا تختلف كثيرا عن حالتنا ثم قال لنا أحدهم :» انتوا بتعملوا ايه هنا» ..أجبنا عليه بأنه نبحث عن مصدر رزق ولقمه عيش بالحلال ..رد الأخر والشر يملأ عينيه :» ملكوش عيش هنا روحوا شوفولكوا حته تانيه» .
انصرفنا في هدوء خوفا مما لا يحمد عقباه وبعد دقائق عدنا إلي نفس المكان لنتفق معه فرحب بشرط أن يأخذ ثلث الإيجار اليومي والعمل بالتناوب وقال :يستلم كل سايس فترته كل 7 ساعات ومن يعمل أكثر «حلال عليه الباقي» .. وافقنا علي شروطه لكي نبدأ العمل في هذه المنطقة علي أن ننتهي منها سريعا لكي نعاود المحاولة في مكان اخر. وعرفنا أن هذا الشخص وغيره كثيرون يستولون علي الشوارع ويوزعون رجالتهم علي مناطقها لركن السيارات والحصول علي نسبة منهم تقارب النصف أما الغرباء أمثالنا فالنسبة تقل قليلا .
بدأنا العمل بحماس واجتهاد للفت نظر المعلم «م.ش» كبير سياس منطقة دار القضاء العالي ورغم ذلك لم نسلم من الألفاظ الجارحة .»كلمة من ده علي شتيمه من التاني « وأخر يقول انتوا إشتريتو الشارع ولا إيه «
مرت ساعتان والأموال تتدفق علينا حتي وصل المبلغ الذي معنا إلي 150 جنيها؛» كسبناهم بعرق جيبنا» وعند أخر «زبون ملاكي» توقف لكي يأخذ »فوطه» لتلميع سيارته التي بدا عليها انها لم تنظف أو تغسل منذ مايقرب من 5سنوات، وبعد عمل دؤوب والعرق يملأ جبهتينا أعطانا الرجل الستيني 3 جنيهات، نظرنا إليه نظرة غضب وقلنا له ..»ايه ده ياحاج».. قال «مش عجبينك هاات» ..تعالت أصواتنا وقمنا بالتخبيط علي صاج سيارته كما يفعل الساسة زملاؤنا مما جعله مضطربا في الحديث ؛ تغيرت لغته وقام بإعطائنا أكثر من 5 جنيهات أخري وسارع بالفرار.، ما نود أن نقوله بعد هذا الموقف أن الشارع أصبح تحت سطوة البطجية والميكروباص ومافيا «السياس» أو ساسة السيارات والمتسولين والحكومة «ولا هي هنا».
خلصنا من مهمتنا حتي الأن إلي أن ساسة السيارات امبراطورية يديرها بلطجية او معلمون في غياب تام للحكومة . كل المطلوب ان تقف في اي مكان مرتديا بدلة بنية مزيته وحبذا لو وضعت بادج نحاسي علي صدرك تستطيع أن تصنعه بخمس جنيهات في شارع شريف وفوطة صفراء زفزة وتبدأ الأموال تتدفق عليك من كل جانب وطبعا سوف يأتيك من يفرض عليك اتاوة ويطلب نسبة من الربح ولا مفر من الدفع له حتي تأمن شره .
فكرنا تكرار التجربة في أحد الأحياء الراقية واخترنا منطقة مصر الجديده وعلي ضوء الشمس الساطع ووسط زحام الماره في عبور الطريق وأصوات «كلاكسات» السيارات فكرنا في أن نقود أحدي السيارات لنري كيف سيتعامل معنا السايس المسئول عن تلك المنطقة..ركنا السيارة أمام أحد المخابز..وبعد مرور ما يقرب من 10 دقائق بدأنا في التحرك ونظرنا حولنا لم نجد أي سايس.. ثم نظرنا علي الاتجاه الثاني من الطريق فوجدنا صبيا يجري نحونا مسرعا وهو يردد «ايوه يا باشا جايلك».
عبر الطريق ثم شريط الترام ثم وصل إلينا..وأخرجت يدي من السياره وأعطيته 3 جنيهات وما أن أخذها حتي أختفي من امامنا تماما في ثوان وأعطي الفلوس لأحد الأطفال وقال له»أدي دول للمعلم» وأتجه الي مجموعه أخري من السيارات الواقفة لجمع أموال أكثر فقط دون أي اهتمام بإخراج السياره بعيدا عن الزحام أو حتي تلميعها باستخدام »الفوطة الزفره».
وبسبب الزحام الشديد في تلك المنطقة واجهنا صعوبة بالغة في التحرك بالسيارة بعد أن وجدنا أن مهمة السائس الرئيسية في مصر الجديدة هي جمع الأموال دون أن يمارس اقل مهام عمله مثل تنظيف السيارة بالفوطة الزفرة أو حتي المساعدة في إخراج السيارة من الركنة إلي نهر الطريق.
دفعنا الفضول للتعرف علي أراء قائدي السيارات ومعاناتهم مع ساسة السيارات .. ففي منطقة وسط البلد ومن نافذه سيارته الفخمه والتي تمثل مطمعا كبيرا للسياس لأخذ أكبر إتاوة ممكنة من صاحبها محمود إبراهيم 45 عاما والذي نظر إلينا نظرات أظهرت ما بداخله من غضب من هذه الفئة التي تستنفذ أموالا دون أي وجه حق..ثم وجه نظراته في اتجاه آخر بعيد مرمانا ..وبعد أن اقتربنا من باب سيارته بدأ يغلق «شباك سيارته».. لوحنا بأيدينا..وبدأ يعيد فتح «شباك سيارته» مرة أخري وعرفناه علي أنفسنا وتجاوب معنا في الحديث.
وقال ، إن ظاهرة سايس السيارات أصبحت تملأ شوارع القاهرة دون رادع لهم من قبل الأمن.. ولم يعد هناك شارع أو ميدان خال من سطوة البلطجية عليه والذين يفرضون رسوم علي ركن السيارات كما يشاءون..ميزانيه جديدة أصبحنا نضعها في اعتبارنا.. ندفعها دون أي وجه حق لمن يحصل عليها.
وأضاف وعلامات الغضب تخرج من عينيه كالسهام المضيئه ، أن المبلغ الذي ندفعه ليس نظير حماية السياره فقط ولكن نظير حمايه قائد السيارة ايضا من بطشهم والتعدي عليه ..نزل من سيارته ووقف بجانبنا وبدأ يشير إلي المبالغ التي يدفعها يوميا كاتاوة مقنعة لهؤلاء البلطجية علي حد وصفه ..مؤكدا انه يصرف يومياً اكثر من 30 جنيها كاتاوات للسائس والذي يحصل اقل واحد منهم علي 5 جنيهات وتزيد حسب حيوية المنطقة والمستوي الاجتماعي فيها .
علامات الزمن ظهرت علي وجهه..شاب يبلغ من العمر 25 عاما..النظرة إليه تعطيك إيحاء انه يبلغ نصف قرن من الزمان ..حرارة الشمس الحارقة بدلت لون جسده..همومه تخرج من عينيه تحاصره من كل اتجاه..وقف ينادي علي السيارات» اتفضل هنا ياباشا المكان ده فاضي»..ويمسك بيده كتاب مكتوب عليه» إدارة الأعمال».. بدلا من «الفوطة الصفراء».. اقتربنا منه في خطوات ثابتة ..ولم يهتم بالنظر إلينا ونعتقد أن ذلك بسبب ملابسنا المتسخه .
نظرنا إليه وهو يقوم بإخراج سياره من ركنتها والتي كانت تستقلها فتاه جميله أخرجت 5 جنيهات من حقيبتها وأعطتها له ..وأثناء انطلاقها بسيارتها التي لا تقل عنها جمالا قال لها «ربنا يستر طريقك يا هانم «..ثم نظر إلينا فجأة وقال «عايزين حاجة يا بهوات « عرفناه بأنفسنا ..وجلسنا معه علي عدد من الكراسي التي وضعها علي الرصيف الذي أختاره ليكون مقره كسائس سيارات.
وبدأ «محمود.س» يسرد لنا حكايته مع مأساته في هذا الزمان حيث قال أنه يدرس في كلية التجارة بجامعة عين شمس ولديه 3 أشقاء بنات في مراحل التعليم المختلفة وكان والده يعمل محصل فواتير كهرباء.. وفجأة تعرض لأزمة قلبية وتوفي في الحال..وكان لابد أن أوفر لأسرتي متطلبات الحياة ..ولم أجد وظيفة بجانب دراستي سوي هذه الوظيفة التي تتنافي مع الإنسانية..مضيفا أنهم يكسبون يوميا ما يقرب من 1000 جنيه يتم اعطاؤها للشخص المسئول عن أكثر من منطقة ويكون هناك أكثر من سائس نعطي الإيراد اليومي لهذا المسئول ثم يقوم هو بتوزيع «اليومية» علينا جميعا.
علي أصوات أبواق السيارات التي يبحث أصحابها عن مكان للركن..وضوء الشمس الذي يتلألأ بين منطقة وأخري..يقف "سياس السيارات " في مناطق مختلفة . منهم من يضع قطعة نحاسية علي صدره بما يوحي انه يحمل ترخيصا بذلك ومنهم من يرتدي زيا بنيا وكأنه الزي الرسمي للسايس .
بعضهم يحمل صفارة لإرشاد السائقين الباحثين عن مكان لسياراتهم والبعض الأخر يكتفي بالإشارة بيديه والوقوف بجسمه الضخم المخيف. الكل يبحث عنه في ظل ندرة مواقف السيارات خاصة في وسط المدن الكبري وعلي رأسها القاهرة . يفرضون شروطهم علي أصحاب السيارات ويضعون التسعيرة التي يريدونها وفقا لنظرتهم للشخص ونوع السيارة والدفع مقدما !!
المهنة سايس سيارات والنهج بلطجة غالبا، في ظل غياب تام للأجهزة الرسمية التي لم تكلف نفسها عناء تنظيم هذه المهنة وتقنينها أو استغلال شوارع المدن من خلال شركات متخصصة وتحقيق عائد كبير يمكن استغلاله في تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين .
خلف ستار البحث عن لقمة العيش ..انتشرت مملكة ساسة السيارات في الشارع المصري.. " تعالي يا باشا أركن هنا " كلمه يسمعها كل من يقود سيارته ..سببت استياء للكثيرين ..فمع كل اشراقة جديدة يستيقظ رب البيت قاصدا عمله الذي لا يتوافر به جراج خاص.
ابتسامة تحمل بين طياتها علامات الخبث والمكر وقلة الحيلة يستقبل بها السائس صاحب السيارة أمام مقر عمله أثناء ركن سيارته ويصرخ بأعلي صوت " ب 5 جنيه الركنة يا باشا " يضع قائد السيارة يده مرغما في جيبه ولا يجد مفرا من دفع الاتاوة المقررة لركن السيارة فالرفض لا يفيد مع السايس لان النتيجة معروفة .. خناقة وبهدلة أو إلحاق الضرر بالسيارة التي "دفع فيها دم قلبه " وربما تعرضها للسرقة والنهب وأحيانا التدمير.
فرض أعضاء مملكة ساسة السيارات قوانينهم ورضخ الكل لها.وسط فرجة الحكومة . وباتت مدخلا للكسب السريع وملاذا للبلطجية وأصحاب السوابق الذين يستخدمون عضلاتهم في فرض شروطهم علي قائدي السيارات .
.قررنا القيام بمغامرة صحفية لكشف أسرار مهنة سايس السيارات وما يقوم به أعضاء هذه المملكة للاستيلاء علي شوارع العاصمة والأرض الفضاء بها وتحويلها إلي جراجات يحققون من ورائها مبالغ طائلة بعيدا عن أعين الدولة وأجهزتها الرسمية .
خرجنا من مقر مؤسسة " أخبار اليوم " بعد أن اعددنا الملابس والأدوات اللازمة للمهمة في اتجاه منطقة وسط البلد وأمام أحد الجراجات العشوائية استقر الأمر بيننا علي أن نبدأ مهمتنا كساسة سيارات من هنا وبالفعل بدأنا المهمة بتنظيم حركة ركن السيارات بعد أن حددنا التسعيرة ب 3 جنيهات لكل سيارة وقمنا بإيقاف السيارات مصطفة بجانب بعضها البعض حاملين في أيدينا «الفوطه الزفره والصفاره» حتي لا يشك فينا احد.
وبعد مرور ما يقرب من حوالي ساعة ونصف اكتشفنا أننا جمعنا أكثر من 80 جنيه .. أصابنا الاستغراب والدهشة ودخلنا في مناقشه فيما بيننا بأننا لو جلسنا في هذه المنطقة لمدة شهر كامل سيصبح دخلنا ما يقرب من 2600 جنيه ..ثم عدنا نذكر أنفسنا أننا في مهمة صحفية لكن سؤالا فرض نفسه علينا إذا كان مكسب سايس السيارات بهذا الشكل فلماذا يبحث هؤلاء عن عمل أخر !..هو يكسب مالا كثيرا في اقصر وقت وبأقل جهد ممكن..وبسبب حرارة الشمس الحارقة جلسنا أسفل كوبري 6 أكتوبر لأخذ قسط من الراحة .
وبعد أن انتهت رحلتنا بهذا الجراج العشوائي ظننا أن الأمر بهذا اليسر والسهولة ..انتقلنا إلي منطقه أخري وهي أحد الشوارع الرئيسية المتفرعة من شارع الجلاء وقفنا بها لمده تجاوزت ال3ساعات قمنا خلالها بتنظيف الشارع من الطوب والحجارة لإفساح الطريق أمام السيارات الراغبة في الركن.
وعلي بعد 5 أمتار سمعنا أحد أصحاب السيارات ينادي بأعلي صوت له :»فين السايس اللي هنا»هرولت نحوه وفوجئت به يسألني:»العربية مش نضيفه ليه» في نظرات عتاب شديدة لعدم تنظيف سيارته علي الرغم أنه قام بدفع 5 جنيهات أثنا ء ركنها.. كما يزعم ..فجاوبته :»يا باشا أنا أول مره أشوفك»..وبسرعة شديدة قمت بمسح سيارته باستخدام فوطه صفراء اللون..فأخرج 5 جنيهات أخري وأعطاها لي وهوي قول «أمسح كويس..حرام عليكوا» ثم ذهب حيث كان يريد.
وطيلة ال 180 دقيقه التي قضيناها جمعنا ما يقرب من 150 جنيها بما يعادل 1050 جنيها أسبوعيا و4200 شهريا.. أسلوب سهل يحمل بين ثناياه فرض سياسة الأمر الواقع علي المواطن الذي تم وضعه يا الدفع يا البلطجة.
ومن أمام محطة مترو الإسعاف استطعنا أن نكسب اكثر من 60 جنيها في ساعات قليله «الزباين كتيير» ولكن ..» محدش بياكولها بالساهل» ..فوجئنا ب5 أشخاص علي وجههم ملامح قسوة الحياة والغضب الشديد وحالاتهم لا تختلف كثيرا عن حالتنا ثم قال لنا أحدهم :» انتوا بتعملوا ايه هنا» ..أجبنا عليه بأنه نبحث عن مصدر رزق ولقمه عيش بالحلال ..رد الأخر والشر يملأ عينيه :» ملكوش عيش هنا روحوا شوفولكوا حته تانيه» .
انصرفنا في هدوء خوفا مما لا يحمد عقباه وبعد دقائق عدنا إلي نفس المكان لنتفق معه فرحب بشرط أن يأخذ ثلث الإيجار اليومي والعمل بالتناوب وقال :يستلم كل سايس فترته كل 7 ساعات ومن يعمل أكثر «حلال عليه الباقي» .. وافقنا علي شروطه لكي نبدأ العمل في هذه المنطقة علي أن ننتهي منها سريعا لكي نعاود المحاولة في مكان اخر. وعرفنا أن هذا الشخص وغيره كثيرون يستولون علي الشوارع ويوزعون رجالتهم علي مناطقها لركن السيارات والحصول علي نسبة منهم تقارب النصف أما الغرباء أمثالنا فالنسبة تقل قليلا .
بدأنا العمل بحماس واجتهاد للفت نظر المعلم «م.ش» كبير سياس منطقة دار القضاء العالي ورغم ذلك لم نسلم من الألفاظ الجارحة .»كلمة من ده علي شتيمه من التاني « وأخر يقول انتوا إشتريتو الشارع ولا إيه «
مرت ساعتان والأموال تتدفق علينا حتي وصل المبلغ الذي معنا إلي 150 جنيها؛» كسبناهم بعرق جيبنا» وعند أخر «زبون ملاكي» توقف لكي يأخذ »فوطه» لتلميع سيارته التي بدا عليها انها لم تنظف أو تغسل منذ مايقرب من 5سنوات، وبعد عمل دؤوب والعرق يملأ جبهتينا أعطانا الرجل الستيني 3 جنيهات، نظرنا إليه نظرة غضب وقلنا له ..»ايه ده ياحاج».. قال «مش عجبينك هاات» ..تعالت أصواتنا وقمنا بالتخبيط علي صاج سيارته كما يفعل الساسة زملاؤنا مما جعله مضطربا في الحديث ؛ تغيرت لغته وقام بإعطائنا أكثر من 5 جنيهات أخري وسارع بالفرار.، ما نود أن نقوله بعد هذا الموقف أن الشارع أصبح تحت سطوة البطجية والميكروباص ومافيا «السياس» أو ساسة السيارات والمتسولين والحكومة «ولا هي هنا».
خلصنا من مهمتنا حتي الأن إلي أن ساسة السيارات امبراطورية يديرها بلطجية او معلمون في غياب تام للحكومة . كل المطلوب ان تقف في اي مكان مرتديا بدلة بنية مزيته وحبذا لو وضعت بادج نحاسي علي صدرك تستطيع أن تصنعه بخمس جنيهات في شارع شريف وفوطة صفراء زفزة وتبدأ الأموال تتدفق عليك من كل جانب وطبعا سوف يأتيك من يفرض عليك اتاوة ويطلب نسبة من الربح ولا مفر من الدفع له حتي تأمن شره .
فكرنا تكرار التجربة في أحد الأحياء الراقية واخترنا منطقة مصر الجديده وعلي ضوء الشمس الساطع ووسط زحام الماره في عبور الطريق وأصوات «كلاكسات» السيارات فكرنا في أن نقود أحدي السيارات لنري كيف سيتعامل معنا السايس المسئول عن تلك المنطقة..ركنا السيارة أمام أحد المخابز..وبعد مرور ما يقرب من 10 دقائق بدأنا في التحرك ونظرنا حولنا لم نجد أي سايس.. ثم نظرنا علي الاتجاه الثاني من الطريق فوجدنا صبيا يجري نحونا مسرعا وهو يردد «ايوه يا باشا جايلك».
عبر الطريق ثم شريط الترام ثم وصل إلينا..وأخرجت يدي من السياره وأعطيته 3 جنيهات وما أن أخذها حتي أختفي من امامنا تماما في ثوان وأعطي الفلوس لأحد الأطفال وقال له»أدي دول للمعلم» وأتجه الي مجموعه أخري من السيارات الواقفة لجمع أموال أكثر فقط دون أي اهتمام بإخراج السياره بعيدا عن الزحام أو حتي تلميعها باستخدام »الفوطة الزفره».
وبسبب الزحام الشديد في تلك المنطقة واجهنا صعوبة بالغة في التحرك بالسيارة بعد أن وجدنا أن مهمة السائس الرئيسية في مصر الجديدة هي جمع الأموال دون أن يمارس اقل مهام عمله مثل تنظيف السيارة بالفوطة الزفرة أو حتي المساعدة في إخراج السيارة من الركنة إلي نهر الطريق.
دفعنا الفضول للتعرف علي أراء قائدي السيارات ومعاناتهم مع ساسة السيارات .. ففي منطقة وسط البلد ومن نافذه سيارته الفخمه والتي تمثل مطمعا كبيرا للسياس لأخذ أكبر إتاوة ممكنة من صاحبها محمود إبراهيم 45 عاما والذي نظر إلينا نظرات أظهرت ما بداخله من غضب من هذه الفئة التي تستنفذ أموالا دون أي وجه حق..ثم وجه نظراته في اتجاه آخر بعيد مرمانا ..وبعد أن اقتربنا من باب سيارته بدأ يغلق «شباك سيارته».. لوحنا بأيدينا..وبدأ يعيد فتح «شباك سيارته» مرة أخري وعرفناه علي أنفسنا وتجاوب معنا في الحديث.
وقال ، إن ظاهرة سايس السيارات أصبحت تملأ شوارع القاهرة دون رادع لهم من قبل الأمن.. ولم يعد هناك شارع أو ميدان خال من سطوة البلطجية عليه والذين يفرضون رسوم علي ركن السيارات كما يشاءون..ميزانيه جديدة أصبحنا نضعها في اعتبارنا.. ندفعها دون أي وجه حق لمن يحصل عليها.
وأضاف وعلامات الغضب تخرج من عينيه كالسهام المضيئه ، أن المبلغ الذي ندفعه ليس نظير حماية السياره فقط ولكن نظير حمايه قائد السيارة ايضا من بطشهم والتعدي عليه ..نزل من سيارته ووقف بجانبنا وبدأ يشير إلي المبالغ التي يدفعها يوميا كاتاوة مقنعة لهؤلاء البلطجية علي حد وصفه ..مؤكدا انه يصرف يومياً اكثر من 30 جنيها كاتاوات للسائس والذي يحصل اقل واحد منهم علي 5 جنيهات وتزيد حسب حيوية المنطقة والمستوي الاجتماعي فيها .
علامات الزمن ظهرت علي وجهه..شاب يبلغ من العمر 25 عاما..النظرة إليه تعطيك إيحاء انه يبلغ نصف قرن من الزمان ..حرارة الشمس الحارقة بدلت لون جسده..همومه تخرج من عينيه تحاصره من كل اتجاه..وقف ينادي علي السيارات» اتفضل هنا ياباشا المكان ده فاضي»..ويمسك بيده كتاب مكتوب عليه» إدارة الأعمال».. بدلا من «الفوطة الصفراء».. اقتربنا منه في خطوات ثابتة ..ولم يهتم بالنظر إلينا ونعتقد أن ذلك بسبب ملابسنا المتسخه .
نظرنا إليه وهو يقوم بإخراج سياره من ركنتها والتي كانت تستقلها فتاه جميله أخرجت 5 جنيهات من حقيبتها وأعطتها له ..وأثناء انطلاقها بسيارتها التي لا تقل عنها جمالا قال لها «ربنا يستر طريقك يا هانم «..ثم نظر إلينا فجأة وقال «عايزين حاجة يا بهوات « عرفناه بأنفسنا ..وجلسنا معه علي عدد من الكراسي التي وضعها علي الرصيف الذي أختاره ليكون مقره كسائس سيارات.
وبدأ «محمود.س» يسرد لنا حكايته مع مأساته في هذا الزمان حيث قال أنه يدرس في كلية التجارة بجامعة عين شمس ولديه 3 أشقاء بنات في مراحل التعليم المختلفة وكان والده يعمل محصل فواتير كهرباء.. وفجأة تعرض لأزمة قلبية وتوفي في الحال..وكان لابد أن أوفر لأسرتي متطلبات الحياة ..ولم أجد وظيفة بجانب دراستي سوي هذه الوظيفة التي تتنافي مع الإنسانية..مضيفا أنهم يكسبون يوميا ما يقرب من 1000 جنيه يتم اعطاؤها للشخص المسئول عن أكثر من منطقة ويكون هناك أكثر من سائس نعطي الإيراد اليومي لهذا المسئول ثم يقوم هو بتوزيع «اليومية» علينا جميعا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.