حالة من التخبط الواضح تشهدها الإدارة الأمريكية حول استمرار تقديم المعونة العسكرية لمصر . قالت الولاياتالمتحدة الأربعاء 9 أكتوبر، إنها ستحجب تسليم دبابات وطائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر وصواريخ وأيضا مساعدة نقدية قيمتها 260 مليون دولار إلي الحكومة المصرية المدعومة من الجيش انتظارا للتقدم بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان. ويظهر القرار الذي تحدث عنه مسؤولون أمريكيون عدم رضا الولاياتالمتحدة عن المسار الذي تمضي فيه مصر منذ عزل الجيش في الثالث من يوليو تموز الرئيس محمد مرسي أول رئيس للبلاد يأتي عبر انتخابات حرة. لكن وزارة الخارجية أصدرت بيانا مكتوبا أوضح أنها لن تقطع كل المساعدات وستواصل الدعم العسكري لجهود مكافحة الإرهاب والأمن في سيناء وحظر انتشار الأسلحة. وقالت انها ستواصل أيضا تقديم تمويل يفيد الشعب المصري في مجالات مثل التعليم والصحة وتطوير القطاع الخاص. ويظهر القرار المأزق الذي تواجهه الولاياتالمتحدة في مصر الرغبة في أن تساند الديمقراطية وحقوق الإنسان إلي جانب الحاجة إلى الحفاظ على التعاون مع دولة ذات أهمية إستراتيجية نظرا لسيطرتها على قناة السويس ومعاهدة السلام التي أبرمتها مع إسرائيل عام 1979 ووضعها أكبر دولة سكانا في العالم العربي. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جين ساكي "سنواصل -رغم ذلك- حجب تسليم أنظمة عسكرية كبيرة معينة ومساعدة نقدية للحكومة بانتظار تقدم موثوق به تجاه حكومة مدنية لا تقصي أحدا منتخبة انتخابا ديمقراطيا من خلال انتخابات حرة ونزيهة." وقال جون ألترمان مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن إنه من المشكوك فيه أن تحوز واشنطن أي تأثير على القاهرة بحجبها المساعدات. وقال "إنه قد يجعل بعض الأمريكيين يشعرون بالرضا عن الدور الأمريكي في العالم لكن من الصعب تصور كيف يمكن أن يغير من الطريقة التي تتصرف بها الحكومة المصرية." وانتقد بعض المشرعين قرار الحكومة الأمريكية. وقال السناتور باتريك ليهي الديمقراطي عن ولاية فيرمونت الذي يرأس لجنة الاعتماد المالية بمجلس الشيوخ "الحكومة الأمريكية تحاول ان تجمع بين الشئ ونقيضه بحجبها بعض المساعدات وإبقائها على مساعدات أخرى ... الرسالة التي تبعث بها مشوشة." وقال النائب كاي جرانجر الجمهوري عن تكساس الذي يرأس لجنة المساعدات الخارجية المنبثقة عن لجنة الاعتماد المالية بمجلس النواب "التراجع الآن قد يضعف قدرة الولاياتالمتحدة على العمل مع شريك حيوي." وكشف موقف الولاياتالمتحدة أيضا عن اختلافات بينها وبين حليفتها الرئيسية في الخليج السعودية التي رحبت بعزل مرسي ووعدت بتقديم مساندة مالية كبيرة للحكومة الجديدة في مصر. وفي خطوة تبدو وكأنها تؤكد هذا الانقسام أصدرت السفارة السعودية في واشنطن بيانا اشار إلى أن العاهل السعودي الملك عبد الله اجتمع مع الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور في جدة. ونقل البيان عن الملك عبد الله قوله خلال الاجتماع "سنساند مصر ضد الإرهاب والفتنة ومن يحاولون تقويض أمنها." وقال المسؤولون الأمريكيون للصحفيين في مؤتمر عبر الهاتف أن الولاياتالمتحدة ستوقف تسليم دبابات ابرامز ام1 ايه1 وأطقم دبابات تنتجها شركة جنرال ديناميكس وطائرات اف 16 إنتاج شركة لوكهيد مارتن وطائرات هليكوبتر اباتشي وصواريخ هاربون إنتاج شركة بوينج. في الوقت نفسه قال مسئول بالإدارة الأمريكية إن وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيجل أجرى اتصالا هاتفيا بالفريق أول عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الدفاع لبحث مسالة المساعدات الأمريكية لمصر. وأكد هيجل للسيسي أن العلاقات والمساعدات الأمريكية لمصر مستمرة، وقال "إن الولاياتالمتحدة ستواصل المساعدة في القضايا التي تخدم الأهداف الأمنية الحيوية للجانبين بما في ذلك مكافحة الإرهاب وانتشار الأسلحة وتأمين الحدود والأمن في سيناء". وشدد علي أهمية العلاقات بين واشنطنوالقاهرة لتدعيم الأمن والاستقرار ليس فقط بالنسبة لمصر بل الولاياتالمتحدة ولمنطقة الشرق الأوسط أيضا. واتفق الجانبان على اتخاذ الخطوات اللازمة لاستئناف المساعدات وكذلك أهمية التزام مصر بخارطة الطريق لإقامة نظام ديمقراطي يشمل كافة الأطياف. ووصف المسئول الأمريكي الاتصال الذي استغرق أكثر من ثلاثين دقيقية ب"الجيد جدا والودي"، ونوه إلي أن هيجل تحدث مع الفريق السيسي أكثر من عشرين مرة خلال الأشهر الأخيرة، مما يؤكد أهمية العلاقات المصرية-الأمريكية. وفي الوقت نفسه، قال المسئول بالإدارة الأمريكية إن هيجل أشار خلال الاتصال الهاتفي إلي أن الولاياتالمتحدة في حاجة لإعادة فحص علاقات المساعدات مع مصر ومن بين ذلك بعض الأنظمة العسكرية الرئيسية. وأضاف المسئول: أن الاتصال تطرق كذلك إلى تعليق وصول طائرات (إف 16) كما ستضمن بعض الأنظمة الإضافية تشمل طائرات الأباتشي وصواريخ من طراز هاربون والدبابات" ام 1 ايه 1". وشدد المسؤولون على أن قرار الولاياتالمتحدة بحجب مساعدات عن مصر ليس مقصودا أن يكون دائما وانه سيجري مراجعته بصورة دورية إلى جانب التقدم الذي تحرزه مصر بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان. وقال مسؤول أن وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل اتصل بقائد الجيش المصري الفريق عبد الفتاح السيسي لإبلاغه بالقرارات الأمريكية. ووصف المسؤول الحديث الذي استمر 40 دقيقة بأنه محادثة ودية. وأكد هاجل على أهمية العلاقات بين الولاياتالمتحدة ومصر ولكنه شدد أيضا على وجهة النظر الأمريكية القائلة بأنه يجب ان تحرز مصر تقدما نحو إرساء الديمقراطية. ورفض مسؤولون في لوكهيد مارتن وبوينج وجنرال دايناميكس كورب التعقيب وأحالوا أي أسئلة على الحكومة الأمريكية أو المسؤولين العسكريين الذين يتولون أمور مبيعات السلاح.