عندما شاهد المدرب الإيطالي"ترباتوني" بيرلو وهو يمرر الكرة قال كلمته الشهيرة " أخيراً إيطاليا وجدت ضالتها". بيرلو المتألق دائما في كرة القدم أراد النجاح في عالم آخر، وهو عالم الكتابة حينما قرر أن يسجل مسيرته الناجحة في كرة القدم من خلال كتابة الأول، والذي وضع له عنوان" أفكر إذاً ألعب". يكشف بيرلو في كتابه العديد من الأسرار، وأجواء غرف الملابس، وتقوم بوابة أخبار اليوم بنشر فصول الكتاب، بموجب كل يوم فصل من الكتاب، وإليكم الفصل الثاني منه- - مُحبط، مُبعد، محذوف،مهزوم، منزوع الفتيل وموضوع جانبا..إذا كان هناك شخص ما في الميلان حاول إثبات إنني أمر بهذه الحالات وعلي وشك نهايتي فقد فشل، مثل سفينة تايتنك صغيرة، لكن شكراً لمن أخطأ الحسابات، هذا ما أقوله.. إذا لم يكن الرجل الذي قام بتلك الحسابات مجنوناً، أو أن الكرة التي تتنبأ بالمستقبل تمت معاملتها بقسوة، فأنا أبدا لم أشعر بأنني مثل الآخرين ..كنت أندريا بيرلو آخر لفترة من الزمن، كنت كما كانوا يريدوني أن أكون، لكن في النهاية لم أكن كذلك..لهذا شعرت أنني أبعدت أكثر بقليل. - منذ أن كنت طفلاً، مروراً بمرحلة الشباب، حاربت ضد عدة مفاهيم كانت تدور حولي: فريد، مميز، مُقدر..لكن لاحقاً تعلمت كيف أتعايش مع كل ما يقال عني، واستفيد منه..لم يكن الأمر سهلاً، سواءً علي أو على أولئك الذين يحبوني..منذ الصغر كنت أعرف إنني أفضل من البقية لهذا الكل كان يتحدث عني بشكل أكثر من الآخرين..لا يتحدثون دائماً بأشياء إيجابيه، العكس أحياناً..كانوا يتحدثون عني بشكل كبير جداً لدرجة أن والدي لويجي كان يهرب من المنصة أثناء مبارياتي لكي لا يستمع لتعليقات الآباء الآخرين، كان يهرب لكي لا تكون لديه ردة فعل سلبية ضدهم. يمشي بسرعة ولا يستمع لأي شخص ولا يتوقف إلا في مكان آمن وهادئ. - حتي أمي "ليديا" لم تنجح في تفادي كل تلك المضايقات "من تعتقدين أن ابنك سيكون مثله؟ مارادونا؟"..كان السؤال الذي يتكرر يومياً على مسامع أمي، كانوا يسألون بدافع الحسد، لكنهم لم يعلموا إنهم كانوا يمنحوني اكبر إشادة في حياتي: مارادونا! اللعنة..كأنك تتحدث عن كيشي في الجمنازيوم او جوردن في كرة السلة وغيرهم..الكبار ضد طفل مثلي، لم يكن تحدي عادل، لم أتمكن من الدفاع عن نفسي جيداً وكنت افعل تماماً كل ما أتهم به، كنت أحاسب على خطأ لم أفعله وتتم حراساتي بدرع لا يمكن رؤيته..تعرضت للعديد من الطعنات والعديد من السموم، منذ أن كنت في عمر 14 عام. - أتذكر انه في أحد مباريات فئة الناشئين، كنت ألعب في بريشيا لكن في تلك المباراة فريق بريشيا لعب كله ضدي، كنت اصرخ: " مرر لي الكرة " لكنه لم يرد علي..ثم أصرخ مرة أخرى:" أنت، مرر لي الكرة "..وأيضا الأخر كان صامتاً ولم يرد.." حسناً، ما الأمر؟" ولازال كل الفريق صامت ولا يرد على صراخي..لم يرد علي أي شخص، زملائي كان يلعبون مع بعضهم دون أن يروني، أو بالأحرى كانوا يروني جيداً لكنهم تظاهروا إنهم لم يفعلوا..تجاهلوني، فقط لأنني أفضل منهم. - وقفت أتسائل كالشبح، شعرت بأنني سأموت..كان هناك تمرد ضدي..لم يتحدثون معي ولم ينظروا أبدا في اتجاهي.." هل ستعطونني الكرة أم لا؟"..لم يردوا علي في المرة الأخيرة، انفجرت أعصابي وبدأت بالبكاء..في وسط الملعب بدون تردد، بكيت أمام 11 من الفريق الخصم و10 لاعبين من فريقي..أستميت بالبكاء حتى وأنا اركض، ثم توقفت أيضا وبكيت..شعرت بالإحباط واليأس، خاصة وإنني كنت في سن الطفولة والمراهقة..هذه الأمور لا يجب أن تحدث أبداً لمن هو في عمري..من هو بعمر 14 عام يجب أن يحقق الأهداف ويفرح، لكن حقيقة إنني كنت مختلف، أزعجت الكثيرين. - في تلك المرحلة، كنت أعيش بدايات مسيرتي التي كان يمكن أن تأخذ منحنى أخر، في الواقع كان لدي خيارين: الأول أن اغضب واترك الكرة، والثاني هو أن أغضب وأستمر باللعب، لكن بطريقتي الخاصة..الخيار الثاني كان يبدو أكثر ذكاء بالنسبة لي، وأكثر تأثيرا على المدى القريب..انطلقت لأخذ الكرة بنفسي في المرة التالية، مرة ومرتين و100 مرة.. أنا ضد كل العالم، لا يريدون اللعب معي؟ حسناً سألعب لوحدي .. لدي الأسلحة للقيام بذلك بالطبع ..عشرة لاعبين لم يتمكنوا من التسجيل، بينما أنا لوحدي أستطيع فعل ذلك، كنت أراوغ كل من في الملعب، بما فيهم أولئك الذين يلعبون بنفس قميصي، لم أكن انوي أن أكون ظاهرة جديدة، الحقيقة ابسط من ذلك بكثير: لقد كنت أتعامل مع الأمر بغريزتي، ألعب، أمرر، أسجل واركض أسرع حتى من نفسي أحيانا. - كنت مُجبراً من ذلك الوقت في كل مرة العب فيها أن اثبت شيئاً، أن العب وفقاً لمقاييس عالية..بالنسبة للآخرين عندما يلعبون مباراة عادية فإن الأمر مقبول، لكن عندما العب مثلهم فإنني أعتبرها خسارة ..كنت اتعب بعض الشيء، من طريقة تحركاتي وبعض خطواتي الصغيرة "خطواتي الصغيرة تعني خطوات كبيرة للبقية". - تلك الانتفاضة كانت هي قوتي الدافعة: عادة لا أتحدث لمن حولي، لكن في أحد تلك الأيام حدث شيء مختلف وبدأت أتحدث مع نفسي خطبة مطولة، أقول في داخلي: " أندريا، لديك قيمة لا يمكن اعتبارها كعبء..أنت أفضل من البقية ويجب أن تكون فخوراً، الطبيعة الأم كانت سخية معك لأنك ولدت وأنت جيداً، لديك تلك اللمسة السحرية..هل تريد أن تصبح لاعب كرة القدم؟ هل هذا هو الحلم؟ إذا أذهب واحصل على تلك الكرة وأهتم بها، إنها تنتمي لك، الحاسدون لا يستحقونها..لأنهم سارقي المشاعر..يجب أن تعيد امتلاك هذا الجزء في داخلك..كن سعيداً، أصنع من هذا لحظة مميزة.. أقفز مع والدك للناحية المثالية الأخرى..أنطلق أندريا..أنطلق".