عندما شاهد المدرب الإيطالي"ترباتوني" بيرلو وهو يمرر الكرة قال كلمته الشهيرة " أخيراً إيطاليا وجدت ضالتها". بيرلو المتألق دائما في كرة القدم أراد النجاح في عالم آخر، وهو عالم الكتابة حينما قرر أن يسجل مسيرته الناجحة في كرة القدم من خلال كتابة الأول، والذي وضع له عنوان" أفكر عندما ألعب". يكشف بيرلو في كتابه العديد من الأسرار، وأجواء غرف الملابس، وتقوم بوابة أخبار اليوم بنشر فصول الكتاب، بموجب كل يوم فصل من الكتاب، وإليكم" الجزء الثاني" من الفصل الثاني- -أولئك الأطفال الذين لعبت معهم في ناشئ بريشيا لم يكونوا أطفال سيئين بل كانوا أطفال يعانون من مشكلة خطير: إنهم يخافون من أحلامهم .. يخافون من ثقلها الذي قد يسحقهم..كنت اعتبر الرجل الأسود بالنسبة لهم، الرجل الذي حطم مستقبلهم، حاولت مد يدي لهم كزملاء لكنهم في المقابل رفضوني..في النهاية تركتهم خلفي متجهاً إلي عالم الاحتراف..بكل الأحوال: كنت أعرف ما الذي كانوا يفكرون به عندما مرت بهم عاصفة الغيرة والحسد تلك..وكأنهم لازالوا يعانون من أثارها إلى هذا اليوم. -كنت أعرف إنهم كانوا يصرخون" نريد اللعب لبرشلونة أو ريال مدريد" أعرف ذلك لأنهم قالوا ذلك لي، ولأنني قلت ذلك لهم..أن تكون لاعب كرة قدم، فهذا هو فقط الطلب الأول الذي يصدح به أي طفل إلى السماء، أو يكتبه أي طالب في المدرسة الابتدائية لمدرسه، ولاحقاً يكتب أسمه الفريق الذي يريده..إسبانيا كانت هي الدولة المهيمنة على أحلامنا، كانت لدينا رغبة ملحة، طموحات وأحلام حولها .. كنا نبني عدة مشاريع ببعض الكلمات حتى ونحن نتناول وجبة خفيفة..تلك الأحلام المعجزة، نجحت في تحقيقها -تقريباً - مرتين. -في صيف 2006 بعد الحملة الناجحة في الحصول لقب كأس العالم، كنت أتمشى في شوارع فورتي دي مارمي الداخلية بالدراجة، ثم أذهب إلى الواجهة البحرية، الناس تقوم بتهنئتي وتحيتي وتربت على كتفي.. الناس كانت تتحدث معي، وأنا كنت فقط أرد عليهم . -كانوا يعتقدون أن الفوز في نهائي كأس العالم على فرنسا بضربات الجزاء قد أفسد تفكيري، لكنهم لم يعرفوا أي شيء، كانوا جميعاً لا يعرفون شيء جديد ومهم: لم أعد لاعباً للميلان في تلك اللحظة ..كنت لاعباً لريال مدريد، بعقلي، بقلبي وبروحي..مع عقد لمدة 5 سنوات ومرتب يتجاوز الخير والشر..ميلان كان يبدو بأنه قد وقع أو تم إيقاعه ببعض المشاكل كما يقال، الكالتشيو بولي كان العنوان التالي في ذلك الصيف بعد الفوز بكأس العالم.. في أحد الأيام كنا نقرأ إمكانية هبوط الميلان إلى الدرجة الثانية، في اليوم الثاني صدر قرار خصم 15 نقطة.. بعد ذلك ظهرت إمكانية إلغاء بعض البطولات والألقاب..في تلك اللحظة كان لدي ذلك الاشتباه: ربما جون لينون لم يقتل من قبل مارك شابمان بل من احد إداريي الميلان ! -مستقبل النادي لم يكن يعرفه أحد، خاصة أنا..لم أكن اعرف شيء لكني كنت متأكد من شيء واحد: لا يمكن أبداً أن ألعب في السيريا بي مع أي نادي..ولو رحلت عن النادي في تلك اللحظة لما كنت سأفكر بأنني خائن لأن اللاعب دائماً يبحث عن اللعب في مستويات عالية ومن اجل أهداف أكبر..بالإضافة إلى نقطة مهمة: أنا شخص ليست لدي الرغبة في دفع ثمن أخطاء الآخرين..عندما تقوم بكسر أي شيء فأنت من تدفع الثمن، وأنت من تتحمل العواقب ! -اتصل بي فابيو كابيلو، واتصل بي المدير الرياضي فرانكو بالديني، الجميع كان يتصل بي من ريال مدريد ، في تلك الأثناء قمت بالاتصال بوكيل أعمالي وقلت له: "استمع لما يقوله الميلان"..في تلك الأثناء كان يجب علي العودة إلى الميلان، في ذلك الوقت كان يبدو أن ميلان سينجو ومن ثم سيلعب الأدوار التمهيدية في دوري الأبطال ضد النجم الأحمر..نحن بعد الاحتفال بلقب كأس العالم استمرت إجازتنا لمدة 10 أيام فقط. كنت على وشك العودة للميلان لكن توليو تينتي أوقفني: أنتظر قبل العودة، سأستمع للريال مجدداً..إذا كنت ستخرج من فورتي "دي مارمي" فأذهب إلى بيتك في بريشيا ولا تغلق هاتفك..سيرن قريباً . -فعلت ذلك..فجأة وصلني اتصال:"مرحباً أندريا، انا فابيو كابيلو" واحد من انجح المدربين في التاريخ على الهاتف معي .. قمت بالرد عليه بسرعة: "أهلاً مستر، هل أنت بخير؟"..ثم رد: " أنا بحالة عظيمة، وأنت ستكون كذلك أيضا..تعال إلى الريال معنا، سوف أجعلك تلعب في الوسط مع ايمرسون، للتو اشتريناه من اليوفنتوس"..قلت له: " حسناً"..لم يستغرق وقتاً طويلاً لإقناعي بذلك .. فقط اقل من دقيقة. ربما لأنني رأيت العقد قبل ذلك..وكيلي توليو درس الأمر جيداً..ذهب إلى مدريد بعد ذلك وكنت على الهاتف معه، كنا أشبه بمراهقين والخط ساخن بيننا..كان يقول لي: " أندريا، الأمر على وشك أن يتم أنا متحمس لهذا، توليو". -فكرت في نفسي بالقميص الأبيض، النقي والعدواني في نفس الأمر، فكرت في المعبد، الملعب الكبير، برنابيو الذي لطالما كنت أرى بأنه مخيف للخصوم، ومرعب لهم..فجأة: - "مرحباً توليو، ماذا نفعل الآن ؟". - "أراك على الغداء بعد أيام". - " أين؟ في تكسيستو في قلعة انخيل كاربايو؟". - " لا أندريا .. في الميلانيلو " . - " ماذا ؟؟ في الميلانيلو؟ هل أنت مجنون ؟؟". - " نعم أندريا في الميلانيلو، جالياني لم يوافق بعد"..غالياني رجل الأقلام ! - وليكن كذلك، عدت إلى الميلانيلو واجتمعنا في تلك الغرفة التي يأكل فيها الفريق دائماً، قريب من المطبخ ومن تلك القاعة التي يأتي فيها بيرلسكوني ويلقي جميع أنواع النكت..ذلك المكان بين أفقر نقطة في الميلانيلو، وبين النقطة الأغنى..بين الإنسانية وبين القوة الظاهرة..كنت أتأرجح بين الميلان والريال في تلك اللحظة..تحدث وكيلي توليو تينتي أولا: "أندريا سيذهب إلى الريال".. قلت أنا: "نعم" -جالياني نظر إلي ثم قال:" لا يا عزيزي، لن تذهب إلى أي مكان"..ثم قام بسحب تلك الحقيبة الصغيرة من تحت طاولته بطريقة جعلتني أبتسم، لأنني اعتقدت انه يخبئ شيء كبير مثل مونيكا ليونيسكي تحت طاولة بيل كيلنتون "أحياناً تأتيني أفكار مجنونة من هذا النوع حقاً". -مستر bic "جالياني" قام بإخراج عقد من تلك الحقيبة وقال:"لن تذهب لأي مكان لأنك ستوقع على هذا العقد، مدته 5 سنوات وقيمة العقد غير مدونه، بإمكانك أن تكتب أي مرتب تريد"..شعرت بتوليو يسحب يدي تقريباً:" هذا العقد سيبقيني لو كنت مكانك"..احتجت للوقت، ذهبت إلى الكوفرشيانو لأنه قد تم استدعائي من قبل إدارة المنتخب وتركت توليو تينتي يفكر كثيراً في العقد..جلست عدة أيام لم أتحدث فيها مع أي شخص .. كنت أتحدث بالإسبانية، أحلم بإسبانيا، حتى عندما ركبت الطائرة حلمت أنني سأنزل في مدريد..فجأة أتصل وكيلي: - " ستوقع للميلان، حالياً لن يتركوك ترحل إطلاقاً". - " لا !". - "نعم ستوقع . - "حسنا ، لأبأس" . -الناس يعتقدون أن بعض القرارات قد يستغرق الأمر ساعات طويلة، أيام أو شهور لاتخاذها، لكن هذا ليس صحيح على الإطلاق، لأنه عندما تأمرك غريزتك بشيء، فإنك بنود ذلك العقد تجبرك على أمر آخر ثم بعد ذلك يجب أن تخرج وتتحدث للصحف وتقول لهم أنك اتخذت القرار الصحيح خاصة عندما يسألونك: هل صحيح انك وقعت عملياً للريال؟..يجب عليك أن تقول أمر أخر:" لا، أنا بخير مع الميلان..اللعنة! -من السيئ أن الأمور انتهت بهذا الشكل، كنت أود الرحيل إلى الريال، لديه سحر أكثر من الميلان، لديه مستقبل أفضل، يجذب بشكل أكثر ولديه كل شيء..بكل الأحوال: في نهاية الموسم فزت بلقب دوري الأبطال مع الميلان وهذا الأمر واساني، كان يمكن أن تكون الأمور أسوأ بكثير مما كانت عليه. - كابيلو وبالديني لم يكونوا سعداء مع الطريقة التي أعلن فيها وكيلي توليو تينتي إنني لن انتقل..بالديني خاصة التقيت به أكثر من مره وكان يقول لي: "لم انجح في جلبك لأي نادي عملت فيه، لكن عاجلاً أم أجلاً.."لاحقاً طلبني في روما، قبل أن انتقل إلى اليوفنتوس..لكنني لم أكن أثق بالظروف التي يعيش فيها النادي، بالديني شخص رائع كان يخبرني أشياء جيدة عن روما، لكن المشكلة إنني لم تحمس لمشروع المالك الأمريكي الجديد..شكراً لروما، وشكراً لإسبانيا..لأنه بعد الريال، حاول معي نادي برشلونة، الطرف الأخر من الحلم .