تدريب أعضاء التدريس بجامعة بنها على «التقويم الذاتي للبرامج التعليمية»    مجلس النواب يوافق على تشكيل المجلس القومي للطفولة والأمومة    بدء تنفيذ أعمال مبادرة "شجرها" بسكن مصر في العبور الجديدة    رئيس المركزي للمحاسبات: الجهاز يباشر دوره على أكمل وجه في نظر الحساب الختامي للموازنة    مؤشر الدولار يرتفع عالميا إلى أعلى مستوى في أسبوع    15 و16 مايو.. قرعة علنية للحاجزين بالمرحلة التكميلية لمشروعات جنة والإسكان المتميز    لجنة رئاسية بموانئ السويس والزيتيات لفحص إجراءات التخلص من البضائع الخطيرة    بنك مصر يحصد 5 جوائز من مجلة ذا يوربيان البريطانية لعام 2024    لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية: نرفض الوصاية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح    الطيران الحربي الإسرائيلي يشن 18 غارة على بلدات جنوب لبنان    وزير الرياضة يكشف موقف صلاح من معسكر المنتخب    «التعليم»: طلاب الصف الأول الثانوي أدوا امتحانات اللغة العربية دون مشكلات    جريمة بشعة في شبرا الخيمة: مقتل ربة منزل على يد عاطل حاول سرقة شقتها    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    خلاف على الجيرة.. إصابة 3 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    «إزازة البيرة بتاعت مين؟».. علاء مبارك يهاجم مركز «تكوين الفكر العربي»    عبير فؤاد تحذر مواليد 5 أبراج.. ماذا سيحدث لهم في شهر مايو؟    مهرجان المسرح العالمي يحمل اسم الفنان أشرف عبد الغفور في دورته الثالثة    الذكري ال 22 لرحيل أحمد مظهر فارس السينما .. أسرته تحيي ذكراه في مقابر العائلة    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    أتربة ورمال وتحذير للمواطنين.. الأرصاد: تقلبات جوية وارتفاع الحرارة لمدة 72 ساعة    "لابد من وقفة".. متحدث الزمالك يكشف مفاجأة كارثية بشأن إيقاف القيد    فيراري تطلق أيقونتها 12Cilindri الجديدة.. بقوة 830 حصان    كييف: روسيا تفقد 477 ألفا و430 جنديا في أوكرانيا منذ بدء الحرب    زعيم كوريا الشمالية يرسل رسالة تهنئة إلى بوتين    بعد بكائها في "صاحبة السعادة".. طارق الشناوي: "المكان الوحيد لحكاية ياسمين والعوضي مكتب المأذون"    مرصد الأزهر :السوشيال ميديا سلاح الدواعش والتنظيمات المتطرفة    الصحة: علاج 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية خلال 3 أشهر    صحة مطروح تطلق قافلة طبية مجانية بمنطقة وادى ماجد غرب مطروح اليوم    يقظة.. ودقة.. وبحث علمى    صفحات غش تتداول أسئلة الامتحان الإلكتروني للصف الأول الثانوي    مواد البناء: أكثر من 20 ألف جنيه تراجعًا بأسعار الحديد و200 جنيه للأسمنت    بايدن: لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية    «القاهرة الإخبارية»: إصابة شخصين في غارة إسرائيلية غرب رفح الفلسطينية    مجدي شطة يهرب من على سلالم النيابة بعد ضبطه بمخدرات    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    تقرير: مشرعون أمريكيون يعدون مشروع قانون لمعاقبة مسئولي المحكمة الجنائية الدولية    "تجميد اتفاقية السلام مع إسرائيل".. بين العدوان المباشر والتهديد الغير مباشر    البورصة المصرية تستهل بارتفاع رأس المال السوقي 20 مليار جنيه    سها جندي: نحرص على تعزيز الانتماء في نفوس أبناء الوطن بالخارج    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    قصور الثقافة تحتفل بعيد العمال في الوادي الجديد    اليوم العالمي للمتاحف، قطاع الفنون التشكيلة يعلن فتح أبواب متاحفه بالمجان    «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة في «ذي القعدة».. وفضل الأشهر الأحرم (فيديو)    شوبير يوجه الشكر لوزير الشباب والرياضة لهذا السبب| تفاصيل    "لم يسبق التعامل بها".. بيان من نادي الكرخ بشأن عقوبة صالح جمعة    تعرف على قيمة المكافآة الخاصة للاعبي الزمالك من أجل التتويج بكأس الكونفدرالية (خاص)    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    تتخلص من ابنها في نهر مليء بالتماسيح.. اعرف التفاصيل    "المحظورات في الحج".. دليل لحجاج بيت الله الحرام في موسم الحج 2024    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    للمقبلين على الزواج.. تعرف على سعر الذهب اليوم    "كفارة اليمين الغموس".. بين الكبيرة والتوبة الصادقة    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العقد شريعة المتعاقدين
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 03 - 03 - 2013


حسام حربي
لا تتعجب يا عزيزي القارئ فلم يقع خطأ مطبعي.. فهذا هو الحل بكل بساطة.
قد ضقنا ذرعاً برؤية طرفَي صراع حقوق المرأة وحقوق الرجل يتحاربون في قاعات المحاكم ويتنافسون في ساحات الجرائد ويتبارزون في جلسات القنوات حول رفع سن الحضانة أو تخفيضه.. وتقصير مدة الاستضافة أو تطويل مدة الرؤية.. وإقرار الخُلع أو إلغاؤه. وإنشغل كل منا بموقفه ورأيه في تلك المعركة حتى نسينا جميعاً القاعدة الذهبية "العقد شريعة المتعاقدين".
إن عقد الزواج مثله مثل أي عقد اجتماعي أو اقتصادي آخر.. ونحن في بلد يزحف تعدادها نحو المائة مليون إنسان يعيشون مقَسمين بين طبقات اجتماعية وثقافية ودينية شديدة التباين، فلا يمكن بأي حال من الأحوال تفصيل قانون للأحوال الشخصية على مقاس كل هذه الجموع الغفيرة، فالقانون الذي سيتم فرضه عليهم أياً كان لن يرضيهم جميعاً.. فإنْ أعجب ساكن الزمالك سيعترض عليه النوبي، وإن أرضى النجار فسيُجَن منه الطبيب، وإن طمأن الغرب أقصى الإسلاميين، وإن حكَم الشريعة أثار العلمانيين. وكما نعلم فإنْ شعرَت فئة بالظلم من قانونٍ ما لجأت فوراً للتحايل عليه بكافة الطرق، وزاد الضغط على المحاكم، بل ووصل الأمر إلى استخدام التهديد والعنف والبلطجة.
فلماذا لا نترك الإختيار للناس؟ فبترك الحرية الكاملة لكل زوجين على حِدْة لتحديد شروط العقد الذي سيرتبطان به وينجبان على أساسه تخلع الحكومة يدها وتريح نفسها من المشاجرات والمشاحنات والضغوط السياسية الآتية من الداخل والخارج، فلن يجرؤ أحد على الشكوى من شروط عقد مهما كان مجحفاً مادام قد وقَع عليه بيده دون إكراه ولا تدليس. وفي كل الأحوال فليس من حق ولا حتى من شأن الدولة إملاء شروط الزواج والطلاق والحضانة والرؤية التي تراها مناسبة على عشرات الملايين من الناس المختلفة تمام الاختلاف.
اقتراحنا ببساطة هو تعديل إستمارة الزواج لتحوى كافة التفاصيل المتعلقة بحقوق الزوج والزوجة إبان الإرتباط والطلاق إن وقع (وإحتمال وقوعه كما تؤكد آخر الإحصاءات صار الآن 45% في مصر). فكما احتوت الإستمارة القديمة على شروط المهر والمؤخر والعصمة وربما أُرفق بها قائمة الأثاث والمنقولات، فستحتوي الجديدة بالإضافة لذلك على شروط الطلاق والذي يشمل حق المرأة في الخلع من عدمه وما يُفعل بالشقة في هذه الحالة ومدة حضانة الأبناء إن وُجدوا ومدة الرؤية أو الإستضافة إبان فترة الحضانة وحق الولاية التعليمية، إلى جانب حق المرأة في السفر دون إذن الزوج وحق المرأة في الدراسة أو في الطلاق إن تزوج الرجل من أخرى وهكذا.
فهل إتفقا على أن للزوجة حق الخلع إلى جانب شقة الزوجية ونصف ثروة الزوج وثلاثة أرباع دخله وحضانة الأطفال حتى يبلغوا 21 عاماً؟ بالتوفيق. هل تفاوضا على أنه ليس للمرأة حق الخلع ولا السفر ولا الحضانة حال الطلاق؟ ألف مبروك. هل إرتئيا أن الرجل هو الذي ليس من حقه السفر ولا العمل ولا الزواج دون موافقة زوجته وعلى تقسيم ما تبقى من سنوات الحضانة مناصفة حال الإنفصال؟ بالرفاء والبنين. هل إرتضيا إتباع رأي أحد المذاهب الفقهية بعينها بتنفيذ ما ينص عليه في كافة التفاصيل؟ أو ربما الإحتكام للقاضي الشرعي (أو للكنيسة في حالة المسيحيين) والإلتزام بالحكم الصادر أياً كان؟ ربنا يتمم يخير.
نعم يا سادة.. فالأمر الذي أضعنا فيه سنوات من الجدل وربما نضيع فيه عقود حسْمُه بهذه السهولة. ليس من شأن أحد أن يملي على الزوجين شروط حياتهما الخاصة وفقاً لما يراه هو مناسباً، بل لكل إنسان حرية إلزام نفسه بالشروط التي يراها هو مناسبة. والحق أن المرء ليعجب مِن عدم تطبيق هذا الحَل شديد البساطة حتى أن الكاتب ليستحي من تسميته حلاً.
قد يعترض البعض على جزئية تحديد شروط الحضانة سلفاً بحجة أن هذا حق للأطفال ولا يجوز لأحد الأبوين التفريط فيه.. لكن الرد البسيط على هذه الأطروحة هو أن الشرع والقانون لا يمنعا الأبوين من ترك أبناءهما لأحد أقاربهم أو لخادمة لديهم مثلاً لتربيتهم بدلاً منهما لأي سبب من الأسباب، فمن باب أولى أن يُسمح لهما بترك الأبناء لأحدهما إن إتفقا على ذلك سلفاً بالتراضي. كما أنه في حالة الطلاق لابد وأن يُحرم الطفل من أحد أبويه ولو مؤقتاً بطبيعة الحال لأنهما لم يعودا يعيشا معاً، لكن السؤال هو أيهما؟ وإلى متى؟ ومتى سيرى الطفل الطرف الغير حاضن؟ ولمدة كم ساعة أو كم يوم أو كم شهر؟ وهل من حقه الإختيار؟ وهل يختلف الحال في الخلع عنه في الطلاق؟ وإن كانت إقامة الطفل مع الأم فهل يُلزم الأب بتوفير المسكن؟ وهل هناك شروط وحد أدنى لهذا المسكن؟ وماذا عن قدر النفقة؟ وهل من حق الأم أن تعمل إن كانت تأخذ النفقة مقابل تربية الأبناء؟ وكما أسلفنا.. لا يوجد أفضل من الزوجين نفسهما لإجابة كل تلك الأسئلة لأنهما أقدر الناس على معرفة ظروفهما وعادات كل منطقة وكل عائلة وطريقة حياة وأعراف الطبقة الإجتماعية والثقافية التي ينتميان إليها، فلا يوجد قانون مهما كان عادلاً وشاملاً يسع كل تلك الإختلافات في قرية صغيرة تعداد سكانها بضعة آلاف فما بالك بدولة يقطنها عشرات الملايين.
أما الإنحياز القانوني الكامل للأم بحجة أن هذا في مصلحة الأطفال فهو لا يمثل فقط ظلماً للأب -والذي يُعتبَر إنساناً أيضاً ينبغي مراعاة مصلحته- ويخالف المبدأ الخامس من الدستور والمادة 33 التي تحظر التمييز بين المواطنين، بل أيضاً يحرض الأمهات على التذرع بأتفه الأسباب لطلب الطلاق مما يعود بالضرر الأكبر على الأبناء أنفسهم. ومصداق ذلك ما وصلت إليه نِسَب الطلاق من أرقام فلكية أهلتنا لمنافسة الغرب في مضمار خراب البيوت.
ولنا هنا وقفة مع نظرية اقتصادية، وتحديداً قانون العرض والطلب..
فقد يظن البعض أن وضع شروطاً قانونية إجبارية "تحمي" الزوجة في عقد الزواج هو أمر نافع لها، إذ يمنع الزوج من التملص من تلك الشروط حتى لو وافقت العروس وأهلها على ذلك. لكننا نُشبّه تلك الشروط -مع الفارق- بوضع تسعيرة إجبارية غالية الثمن على سلعة من السلع. فهبْ أن ثمن السلعة العادي هو عشرة جنيهات، لكن لأن الحكومة تود "تكريمها" و"حماية منتجيها من الإستغلال" قامت بتجريم بيعها بأقل من عشرين جنيها. فهل هكذا قرار ينفع منتجي وبائعي السلعة أم يضرهم؟ قد يُصفق السُذّج منهم مهللين للوهلة الأولى، لكن المتفحص للأمر يعلم جيداً أنه لا يمكن الإلتفاف على قواعد العرض والطلب، وأن القانون الجديد وإنْ نفع بعض البائعين فسيدمر البعض الآخر لأن المشترين الذين ليس لديهم استعداد لدفع أكثر من عشرة جنيهات سيلجأون مضطرين للبدائل المتاحة أو يُحجموا عن الشراء بالمرة مما يعود بالضرر على البائع والمشترى على السواء.
وهذا -للأسف الشديد- ما بدأنا نلحظه من إحجام الشباب اليوم عن الزواج. فهم يتخوفون ليس فقط من الكلفة المادية الباهظة التي يفرضها العصر الحديث، لكن أيضاً من ضياع الكرامة والرجولة والأمان الذين انتزعتهم قوانين سوزان نزعاً، حيث يحق حالياً لأي زوجة حاضن أن تتخلص من زوجها بخلعه وطرده من منزله ومصادرة أمواله وأولاده. فيحجم بعض الشباب عن الأمر برمته لاجئين للبدائل المُحرّمة، والنساء هن أول المتضررات والشاكيات من العنوسة، فلصالح مَن استمرار هذا الوضع؟
إننا نعيد خطأ الأجندة الإشتراكية التى ظنت أنها بتخفيض أسعار الإيجار إجبارياً "لمنع استغلال الساكنين" ستحل أزمة الإسكان بجرّة قلم، فإذا بها تخلق أزمة إسكان أشد لإحجام المستثمرين عن بناء العقارات.. ولم تنته حتى عاد التوازن للسوق عن طريق التحايل على القانون بفكرة "خلوّ الرِجل". لا يمكن الإلتفاف حول قواعد العرض والطلب، ولا يمكن ضبط العلاقات التجارية فضلاً عن الاجتماعية بجرة قلم وقوانين جبرية، بل هى علاقات خُلقت لتُترك حرة يديرها أصحابها كيفما شاءوا بعيداً عن تدخل الدولة الشمولي.
وقد لا تروق للبعض فكرة مطالبة جميع المتزوجين بكتابة عقود شديدة الطول والتفصيل لتشمل كل كبيرة وصغيرة، لكن هذا لن يكون إلزامياً لأننا سنستعين فيما لم يتم الإتفاق عليه بقانون شبيه بالقانون التجارى، حيث توجد مجموعة قواعد افتراضية يُعمل بها تلقائياً فى حالة غياب اتفاق مسبق عليها بين الشركاء (كتقسيم الربح بنسبة الثلثين لصاحب المال والثلث لصاحب العمل ما لم يذكر العقد خلاف ذلك). إلا أن يقيننا أن إعطاء الأولوية للعقود على القانون كما فى المعاملات التجارية سيحث الأزواج على تدبر كافة التفاصيل فى العقد بأنفسهم سلفاً، تماماً كما يفعل الشركاء التجاريون الذين يتحرّون كل صغيرة وكبيرة فى صفقاتهم الهامة، مما يخفف الضغط على المحاكم مع ضمان مرونة وحرية الإختيار كما أسلفنا.
ونذكر أخيراً بأن شروط العقد المقترَح لن تُنحت فى الصخر، بل سيكون مثله مثل أى عقد آخر للشريكين حق تعديله متى شاءا إن إرتئيا معاً تغَيُّراً فى الظروف أو إهتديا لفكرة أفضل لجميع الأطراف إعمالاً بالآية الكريمة {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح}.
وختاماً نحيى أرواح أسلافنا العظماء أصحاب الحكمة الخالدة: كل واحد ينام علجنب إلّى يريحه!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.