حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعجبني هؤلاء
يسألونك عن العلماء.. »أحمد زويل« و »دارون«
نشر في أخبار اليوم يوم 10 - 02 - 2012


السادات/ د. زويل/ د. مشرفة/ د. الباز
قرأت في المجلات العلمية الأمريكية والإنجليزية والفرنسية اسم عالم يقال انه مصري: أحمد زويل.. وعندما قرأت الاسم قلت لعله سوداني.. ففي السودان يقال »الزول« وهو الرجل المهذب. وقد يكون زويل تدليلا له. ولما رأيت ملامحه وشعره الأكرت قلت ربما كان سودانيا.. قرأت له ولم أر له صورة، ولذلك اندهشت من الاطراء الشديد الذي يلقاه زويل.
قرأت إحدي المجلات تصفه بأنه فرويد الكيمياء. وأنه مثل اينشتاين أطلق من الذرة آلاف الملايين من جزئيات الذرة.
أقصد أن مجال البحث عنده هو واحد علي ألف مليون من الذرة. وواحد علي ألف مليون من الثانية كيف؟
وإذا ذهب زويل إلي أوروبا كانت الحفاوة به هائلة. إن عالما مجهولا لدينا يلقي التكريم العظيم لابد أنه عظيم فعلا، ولكننا لا ندري. إن موهبته لم تظهر إلا في أمريكا ونحن لا نستطيع في مصر أن نحقق له ذلك.
تماما كما أننا لم نستطع أن نوفر لفاروق الباز رحلات إلي القمر، وهو كرجل متخصص في جيولوجيا القمر يعتمد علي الصور التي التقطت للقمر من المراصد الفلكية، وهي تلك الصور التي أخذتها سفن الفضاء وأجهزتها التي هبطت واستقرت علي سطح القمر. وكذلك الجراح العالمي مجدي يعقوب.. إنهم أصحاب مواهب لا نستطيع أن نقدرها. ولكن عندما توافرت لهم وسائل البحث العلمي كشفت عن مواهبهم.
وكتبت عشرة مقالات عن العالم المصري أحمد زويل. ولا أعرف بالضبط ما هي عظمته. فالكلام الذي يقال عنه سريع موجز فرصدت المعلومات القليلة التي ينشرونها عنه. وتمنيت لو أعرف مفردات هذه العظمة.
وفوجئت بأنه في القاهرة. وشكرني علي ما قلت له. ودعاني وزوجتي للعشاء في فندق مينا هاوس. وكانت معه أستاذة مصرية هي د. لطيفة النادي المتخصصة في الليزر. وكأنني أريد أن أطمئن أحمد زويل علي مدي علمي في الفيزياء والكيمياء والفلك ونظريات النسبية العامة والخاصة ونظرية الحكم في الفيزياء، مع ذكر اسم اينشتاين وماكس بلانك وهيزنبرغ.
وقلت ان هيزنبرغ لا يقل عظمة عن اينشتاين وأيدني وأدهشه انني أعرف هذا الكم من نظريات الفيزياء والفلك ومتابعتي لرحلات الفضاء، ويوم تطوعت لأن أكون أحد الأفارقة المسافرين بسفن الفضاء، ولأن الرواد لا يحسنون التعبير، كان المطلوب ايفاد كاتب ليري ويقول. وتقدمت وزكاني د. فاروق الباز. وكان فاروق الباز أيضا يريد أن يرافقني حول الأرض ورفضوا فاروق ورفضوني أيضا. فاروق لأنه صاحب قلب مفتوح.. وأنا لأنني لا أعرف السباحة ولا أستطيع أن أنام في اليوم من ثماني ساعات إلي عشر ساعات بغير منومات؟!
ألقي زويل محاضرات في الجامعات فعرف المتخصصون قيمته العلمية. وبدأ هو يقول عن الذي اهتدي إليه. واستحق تكريم الهيئات العلمية العالمية، وقال لي انه سوف يحصل علي جائزة نوبل.. وقد يفوز بها مرة أخري!
وفاز بجائزة نوبل في الكيمياء وحده لا يشاركه أحد.. عظمة علمية. عبقرية لاشك في ذلك!
وفي جلسة في بيت د. صوفي أبوطالب الذي كان رئيسا للجمهورية أثناء انتقال السلطة من السادات إلي الرئيس مبارك. ورئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الجامعات. انه واحد من عظماء مصر، في هذه الجلسة كان هناك رئيس مجلسي الشعب والشوري وعدد من الوزراء عندما تقدم أحد الحاضرين، وقال: كنت زميل د. زويل في كلية العلوم بجامعة الإسكندرية أربع سنوات. وقبل أن يسافر زويل إلي أمريكا طلب منه أن يبعث إلي أخيه في أمريكا بأن يساعده.
وجاء خطاب من أخيه بأنه ساعده. وقال له: انه شاب سوف يكون له مستقبل لولا انه...

وحكي لنا زميل د. أحمد زويل انه التقي به في مطار القاهرة. وذهب إليه مهللا: ازيك يا أحمد. فكشف أحمد زويل عن وجه من الجليد قائلا: أهلا وسهلا. أنا.. أنت نسيت؟ كنا زملاء وطلبت مني خطابا لأخي بسرعة نسيت من أنا.
ولم تنفرج أسارير أحمد زويل وزادت دهشة زميله. ولكن زويل يؤكد انه لا يذكره!
لقد تغير تماما. هو الذي يقول. وراح يقول ويزيد.. يريد منا مزيدا من الاستنكار له.
وراجعت د. زويل في هذه الواقعة فقال انها لم تحدث وانه لا يذكر ان له زميلا ساعده بخطاب إلي أخيه.
واندهشت د. لطيفة النادي ورددت هذه الحكاية ثم رفضتها لأنه عالم مهذب وقد ساعدها علميا كثيرا. وتستبعد أن يحدث شيء من ذلك. وإذا حدث فلعله قد نسي لاستغراقه في البحث.
وفوز د. زويل بجائزة نوبل في الكيمياء خبر عظيم ومفخرة. وتضايق الأمريكان مما نشرته الصحف لأنهم ذكروا أن الفضل لمصر التي أنجبته. فقال السفير الأمريكي: ولكنه ما كان من الممكن أن يظل عالما دون التيسيرات العلمية والمعملية وملايين الدولارات التي يتكلفها مشروعه العلمي. فهو ولد في مصر وترعرع في أمريكا والفضل لهما ثم انه أمريكي الجنسية أيضا. إنه عالم عظيم. يستوي إن كان مصريا أو أمريكيا.
وفجأة سمعت قصة من الفنان سمير صبري..
وقصة من المحاور مفيد فوزي وأدهشني وتضايقت مما سمعته.
قبل أن يفوز بجائزة نوبل كان الكلام كثيرا عنه ولكن بعد الجائزة فأي كلام قليل عليه.. وظهر في كل المجالس الاجتماعية والفنية والأمنية. ومن المؤكد أنه كان من الصعب عليه أن يشرح. والناس لم تفهم الكثير مما يقول. ولكنهم سعداء به. وظهر في البلاد العربية ويقال لقي حفاوة في إسرائيل. ليس غريبا.
وأنا كرجل ريفي لا أزال أحتفظ ببعض الخصال الريفية. وكثيرا ما تلقيت الصدمات في هذه الخصال. وأعيب علي نفسي أن أتأثر كثيرا وعميقا إذا صدمت في أخلاقيات أبناء الريف. فأنا لا أتصور ان أحدا يغضب أمه أو يرفع صوته عليها.
وقد نفي لي أحمد زويل ما سمعت. وما سمع أيضا.
أنا أول من كتب عنه. عشر مرات.. قبل أن يعرف الناس اسمه ولا من هو ولا من أين جاء. وقد شكرني علي ذلك. ولا أنكر عليه موهبته العلمية وهو شرف لمصر.. وليس في حاجة إلي ما أكتبه. فقد كتب عنه كل الكتاب والعلماء والفنانين. وكان شيئا غريبا حقا أن يظهر زويل في الحفلات العامة يشرح ما اهتدي إليه وهو كلام صعب. وهو ليس أستاذا في الجامعة يقول ويشرح ويجيب عن أسئلة من يسأله ولكن في الحفلات الفنية التي يتوقع منها الطبل والزمر والرقص، وليست الفيزياء والكيمياء.. ولكنه كان سعيدا وكان الناس أيضا. وليس مفهوما لأنه من الصعب أن يكون مفهوما. ولكن الناس سعداء به وبرؤيته وحضوره شيء غريب: مصري يفوز بجائزة نوبل في الكيمياء وإلي جانب نجيب محفوظ وزميله في جائزة نوبل في الأدب والسادات الفائز بنوبل في السلام.
لم أر في حياتي عالما كبيرا فذا. ولا أعرف كيف يكون. رأيت أساتذة علماء، ولكن ليست لهم سمعة عالمية. رأيت واستمعت إلي محاضرة للدكتور علي مصطفي مشرفة عميد كلية العلوم. المحاضرة لم أفهم منها شيئا. انها للمتخصصين. سألني: فهمت؟ قلت: ولا كلمة. وسألني: كيف احتملت هذه المحاضرة؟ قلت: اعجابا بك.
وأصدر كتابا عن الطاقة الذرية وكيف تنبعث الطاقة، وحتي هذا الكلام لم يكن واضحا تماما. ولكن أعجبني من كلام د. مشرفة دعوته إلي ضرورة أن نتوسع في الدراسات العلمية. إن عدد المحامين في بلدنا أضعاف عدد المجرمين.. يقول د. مشرفة: وكما أننا لسنا في حاجة إلي مجرمين بهذا الحجم فلسنا في حاجة إلي محامين. ولا هذا العدد الكبير من الأدباء.. العلم ثم العلم ثم العلم!
هذا الكلام الذي يقوله في كل محاضرة. وكان يعاب علي د. مشرفة أنه مغرور.. وأنا أري انه معه حق.. فهو حصل شيئا يعذبه ويتعسه. وكذلك قيل عن زويل.. انه يريد قصرا يسكنه أو يجعله مكتبا إذا جاء إلي مصر، وأنه أرسل خطابا لرئيس الجمهورية يطالب بتعديل وزارة البحث العلمي وأنه يريد أن يشكل الوزارة علي مزاجه وأنه وأنه...!!
وأنا أري انه معه الحق فإن ما أنجزه في مجال العلم شيء عظيم. ومن غير العلم لن نتقدم في أي مجال.
ثم هذه العبارة التقليدية: لقد بدأنا مشوار النهضة مع اليابان في نهاية القرن التاسع عشر. وهذه العبارة نقولها في مجال الفخر. والحقيقة انها ادانة لأنفسنا. فأين نحن من اليابان. هي في السماء ونحن لانزال نتساءل إن كنا ندخل الحمام باليمني أو اليسري.
سألني مرة صحافي ياباني: لماذا في كل مرة يجئ رئيس جديد لمصر يتحدث عن مصر واليابان ويكرر هذه الحكاية!
السؤال معناه أنه لا داعي لذلك لأنه لا وجه للشبه بيننا وبين اليابان. ومعه حق.

نوفمبر.. شهر العالم دارون!
لا ادعي انني قرأت كتاب (أصل الأنواع) للعالم الكبير دارون.. وإنما قرأته عابرا أحيانا وتلخيصا أحيانا أخري. وعندي فكرة عن فلسفته في التطور.
وأهم ما فهمت أن الحيوان قد عاش لانه استطاع أن يتكيف مع البيئة مع الحرارة والبرودة والأمطار والجفاف ومواجهة الحيوانات الأخري والإنسان.. وعندي صورة بسيطة جدا صادفتها في غابات ولاية كيرالا في الهند.. هذه الصورة لا أنساها وقد استخدمتها اجتماعيا وأخلاقيا.
رأيت عند أطراف الغابة شجرة واقفة وحدها.. شكلها أدهشني أفزعني أثارني. جلست أتأمل الشجرة: شكلها غريب. فبعض فروعها تمتد بالعرض ثم تعود رأسيا ثم عرضيا ثم رأسيا. كيف؟ وما المعني؟
المعني الذي اهتديت إليه بعد تفكير هو ان هذه الشجرة عندما نمت اصطدمت بشجرة كبيرة فبدلا من أن يقف نموها اتخذت شكلا آخر واتجاها آخر. ولما مضي عليها بعض الوقت وحاولت أن تستقيم اصطدمت بفروع شجرة أخري فكان لابد أن تلتوي والتوت. ثم امتدت واصطدمت بشجرة أخري.. وقطعت كل الأشجار حولها.. ولسبب ما لم يقطعوا هذه الشجرة فبقيت علي هذه الصورة علامة استفهام وتعجب حتي رأيتها.
والمعني: أن هذه الشجرة نموذج بسيط لمحاولة التكيف مع الظروف.
فكل الأشجار وكل الحيوانات صغيرها وكبيرها تفعل ذلك من أجل أن تعيش.. تهرب من الحر إلي البرد ومن البر إلي البحر.. ومن السفح إلي القمة.. كذلك تفعل الطيور والأسماك من ملايين السنين. كذلك فعل الإنسان.. وفي الحياة الاجتماعية والأخلاقية تلتوي سلوكيات الناس والسبب: الظروف البيئية وتكوين الإنسان.
ويختلف العلماء: أناس يقولون انها الظروف وحدها هي »خالقة كل شيء.. وأناس يقولون بل الإنسان: عقله وإرادته ودينه«.
وعلماء يرون أن التفاعل بين البيئة والقيم الأخلاقية والاجتماعية هو الذي يشكل سلوكيات الإنسان.
في كل مراحل التاريخ: البقاء للأقدر علي التكيف والتواؤم والانسجام.. ولابد أن هناك أفكارا أهم وأخطر، ولكن هذا كل ما اهتديت إليه من هذا المذهب الفلسفي في تطور الحيوان والإنسان!

شهر فبراير هو شهر العالم البريطاني العظيم تشارلز دارون (2881 9081) بمناسبة مرور قرنين علي ميلاده، وقرن ونصف علي صدور قنبلته العلمية، كتابه »أصل الأنواع«.. ولم يخطر علي بال أحد أن ذلك الشاب الصغير الذي تطوع للعمل في سفينة سوف تدور حول العالم بعد أن فشل والده في ادخاله النظام الكنسي، سوف يكون صاحب ثورة في كل نشاط إنساني. فهو هز العقول وفتحها عليه وضده. انه أتي بشيء جديد في تطور الحياة علي الأرض.
الكائنات المجهرية والحيوانات والنبات والإنسان تتطور وتتغير، مادامت قادرة علي التكيف مع البيئة. فأعظم صفات الإنسان هي قدرته علي أن يتكيف مع الظروف. والبقاء للأصلح، أي الذي يصلح أن يكون معايشا للبيئة وتغلب عليها، فيكون خطوة في تطور جديد.. واصطدم بالأديان.
وهناك ثورتان أخريان لهما نفس الخطورة: ثورة العالم النمساوي فرويد (6581 9391)، فقد أصدر كتابه »تفسير الأحلام« سنة 9981.. وفي هذا الكتاب لم يستخدم التنويم المغناطيسي، وإنما طلب من المريض أن يقول، وأن يسرد ويستطرد. وعن طريق ذلك، عرف الأعماق المخيفة والجامحة في كل إنسان. فقد فتح القفص الصدري، وكأنه فتح أقفاص حديقة الحيوان المفترسة.
أما الثورة الأخري، فهي ثورة أينشتاين (9781 5591)، ففي سنة 5091 فاجأ علماء الفيزياء والرياضيات بنظرية النسبية، وقلب كل نظريات الفيزياء في معني الزمان والمكان.. ولا انفصال بينهما، فهما »الزمكان«.
وبيَّن أن المكان له ثلاثة أبعاد، والزمان هو البعد الرابع، وأن هناك تفاعلا وتداخلا بين المادة والطاقة في الكون؛ فوضع لها المعادلة الجميلة: الطاقة= الكتلة* مربع سرعة الضوء (681 ألف ميل في الثانية). وفي سنة 2591 رفض أن يكون رئيسا لإسرائيل، قائلا: »اني بصعوبة أعرف طبيعة الإنسان، فكيف أعرف طبائع شعب؟!«

التفت العالم الكبير دارون إلي سلوك بعض الحيوانات وأدهشه ذلك..
هذا السلوك هو الذي نسميه ب»الغيرية« في مقابل »الأنانية«، والأنانية هي الاهتمام بالذات أكثر من الغير. والغيرية هي الاهتمام بالغير أكثر من الذات. وهي سلوكيات أخلاقية بين البشر.
ولكنه وجد هذا السلوك عند الحيوانات والطيور.. فقد لاحظ أن أنثي الطيور تجمع الطعام ثم تعود به إلي العش تطعم صغارها. وقد لاحظ أن بعض الأمهات تفرغ ما في بطونها من طعام.. وقد لا يبقي لها شيء. وقد تمرض وقد تموت.. ولكن لماذا؟!
ومن الملاحظات أيضا في عالم الحيوان أن نجد الغزالة التي ولدت أخيرا. فكانت قد اختفت بعيدا عن الحيوانات المفترسة وهي طول الوقت تلعق صغارها حتي لا تكون لها رائحة ترشد الوحوش إليها.. فإذا جاء أسد أو لبؤة أو ضبع فإن الأم تتصدي له. وهي معركة من أولها لآخرها ليست في صالح الأم. ويحدث كثيرا أن تتكاثر الذئاب أو الضباع وتخطف صغيرها وتقاوم الأم. بعض العلماء رأوا الدموع في عيني الأم. فهذا السلوك الانتحاري عند الأم. لماذا؟
ولاحظ العالم الكبير دزموند موريس انه في بعض الأحيان تموت الأم في الطيور. ويبقي الذكر، ويقوم الذكر بالدور وينام علي البيض. وتتطوع أنثي أخري لتنام علي البيض. وبعد أن يفقس البيض تترك الأنثي العش إلي حيث لا تدري. فقد تطوعت.. أو تعرضت لأفعي فلدغتها. تموت وهي فوق البيض. فما المعني؟
يري دارون وعلماء آخرون كبار ان (الغيرية) هذه غريزة في عالم الحيوان. وأن الهدف هو أن تستمر الحياة للأصغر أو الأكثر شبابا وحيوية. فالبقاء للأقوي والأنسب والأفضل.
ومن المشاهد العجيبة أن نري عصفورا صغيرا قد باض علي الأرض وفجأة وجد فيلا. فإذا بالعصفور الصغير ينفخ ريشه ليبدو أكبر حجما. انه يدافع عن بيضة لا يكاد يراها الإنسان، فما بالك بالفيل، ويدوسه الفيل وتبقي البيضة لتنام عليها أنثي أخري.
المعني: الحياة يجب أن تستمر إلي الأفضل والأقوي!
لم يقل العالم البريطاني الكبير تشارلز دارون ان الإنسان أصله قرد.. وإننا يجب أن نبحث عن المرحلة التي بدأ فيها التحول من حالة القرد إلي صورة الإنسان.. أي البحث عن الحلقة المفقودة بين القرد والإنسان.
ولكن بعض العلماء يريدون أن يعثروا علي هذه الحلقة المفقودة. وقد اقترب العلماء من هذا اليقين عندما اكتشفوا في جنوب افريقيا هيكلا عظميا كاملا لإنسان عاش أربعة ملايين سنة.. وكانت العادة أن يعثر العلماء علي قطعة من الجمجمة أو علي بعض الأسنان أو عظام الترقوة أو القدمين أو بعض الأصابع.
أما العثور علي واحد مستقيم الظهر عاش ومات منذ ثلاثة ملايين سنة وله هذا الهيكل العظمي الكامل.. فإنهم يريدون أن يعرفوا ان كان هذا الإنسان القرد مستقيم الظهر يمشي علي ساقين أو علي أربع.. ثم انهم بحثوا في أصابعه وان كان يمكن أن يطويها تماما كما نفعل الآن.. أو انه غير قادر كما يفعل القردة الآن.
الأسبوع
القادم
الملگة فريدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.