سيدتي.. لم أجد سوي صفحتك المميزة »رسائل خاصة جداً« لأبوح لها، فأنا شابة في الثالثة والعشرين من عمري، والحقيقة وليسامحني الله أن سبب تعاستي وشقائي في الحياة هي أمي! حرمت من حنانها واحتوائها منذ صغري، فهي تعاملني بالضرب والإهانة أمام أي شخص.. تربيت علي الرعب منها لأن صوتها العالي يلاحقني في كل مكان، وإهانتها ترن في أذني دائماً. هي لا تعرف عني شيئاً تقريباً بسبب إهمالها لي، حتي أصبحت لا أشعر بأية عاطفة من ناحيتها، سئمت حياتي وأصبحت أشعر بكره شديد تجاه البيت، فهي تحاول قلب والدي عليّ، وليعلم الله أني والحمد لله متدينة وأعاملها بما يرضي الله، لكن دائماً أشعر بكرهها لي. علاوة علي ذلك فهي تعامل إخوتي بشكل أفضل مني بكثير، تقسو عليّ بشدة وتترك لهم الحبل علي الغارب، فطوال حياتي لم تحاول أن تفهمني الحرام والحلال، لم تفتح معي باب الحوار، لم تحتضنني وتشعرني بأننا صديقتان، لا يوجد بيننا سوي الصوت العالي والإهانات الدائمة، حتي إنها غصبت عليّ دخول كلية معينة هي تريدها لي، وهذا تسبب في فشلي بالكلية التي لا أريدها. أنا لا أريد منها سوي الحنان، أبحث عنه عندها فلا أجده، علماً بأن رسالتي هذه هي المرة الأولي في حياتي التي أحاول أن أشكو لأحد، أري في عيون صديقاتي السعادة بحسن علاقتهن مع أمهاتهن، وشعورهن بالاحتواء والحنان المتدفق مما يجعلني أشعر أنني يتيمة الأم. سيدتي.. أرجو أن تساعديني فأنا في أشد الحاجة لأن أتكلم وأبوح وأحكي، وقد فعلت ذلك الآن. المدمرة نفسياً »ع. ع« الكاتبة: عزيزتي الآنسة »ع« آلمتني رسالتك، وأحزنتني! فليس هناك علاقة في الدنيا أقوي من علاقة الأم بابنتها. أو هكذا يجب أن تكون. وعندما أسمع أو أقرأ قصصا يحدث فيها عكس ذلك، أتألم، وأتعاطف بشدة مع الطرف الذي يشعر بالمشكلة، ويتمني لو كان الأمر غير ما صار عليه. أنت يا صديقتي تعانين من قسوة الأم، وعدم وجود جسور حقيقية وقوية بينكما، وأنت الآن قد وصلت إلي سن النضج والفهم للحياة بصورة أعمق، ولذلك ربما يزداد شعورك بالألم والحسرة من أسلوب أمك في التعامل معك. أنت تعانين من انقطاع الحوار الحميم بينكما، وافتقاد الحنان معها ومنها. بالإضافة إلي أنك تعتقدين أن تشبثها بدخولك الكلية التي ترغب هي فيها لا أنت! حاولي أن تجلسي معها مرة.. بشرط أن تختاري التوقيت المناسب.. أي الوقت والمكان الذي يمكنكما أن تتحدثا فيه علي راحتكما، اسمعيها عندئذ، ربما تكون مخاوفك أو مشاعرك مبالغا فيها.. واشرحي لها بحب وهدوء كم أنت محتاجة إلي حنانها.. كم أنت تحبينها، وتتمنين أن تصير العلاقة بينكما قوية، والمشاعر التي تربطكما حميمة ومتدفقة. حاولي أن تتقدمي بخطوة ثم خطوات نحوها، اشعريها أنك بحاجة إليها أكثر من أي شيء آخر أو شخص آخر في الدنيا. أما أنت أيتها الأم.. فأرجو أن تراجعي نفسك، وأن تتيقظ مشاعر الأمومة الطبيعية في وجدانك. الأمومة سيدتي هي أسمي العواطف وأروعها، فلا تفرطي في تلك الهبة الإلهية ولا تنعمي بأمومتك. إنها العاطفة التي يولد منها العطاء في كل شيء وأي شيء.. وهي النهر الذي يستلهم منه الجميع معني الخير والإنسانية والحق. فلا تحرمي نفسك من الاستمتاع بتلك العاطفة السماوية، المحلقة، التي تسمو بنا إلي أرفع المستويات الإنسانية، فنتمني أن نري أولادنا أفضل منا، وأغني منا، وأنجح منا، وأسعد منا! هل تخبريني عن عاطفة أخري في العالم تحيل الإنسان إلي ما يشبه الملاك غير تلك العاطفة؟! راجعي نفسك أيتها الأم العزيزة.. واصلحي مسار أمومتك، واستعيدي ابنتك قبل فوات الأوان!